محتويات
الأدب عنوان المرء
الأدب هو الوعاء الشامل لكل الأخلاق الفاضلة في حياة الإنسان، ومن خلال الأدب يُحكم على الإنسان وعلى صفاته وخصاله، فإذا ما كان الأدب هو السمة التي تُميّز تعامُل الإنسان مع من حوله؛ فإذًا يدل هذا على عظم قدره ومكانته بين الناس، أمّا إذا كان العكس فمن البدهيّ أن يكون منبوذًا مرفوضًا من الأشخاص الذين يُحيطون به.
الأدب يعني التعامل الحسن، والأخلاق الفاضلة المتمثِّلة بالتسامح، والتعاطف، والتعاون، والكرم، والعطاء، والصدق، وغيرها الكثير من الصفات الحسنة التي تُزيّن الإنسان وتجلعه شامة بين الناس.
الأدب هو من يجعل الإنسان ساميًا
كُلنا يحب أن يكون مميزًا وله أثر في من يحيطون به، ونفكر بطرق كثيرة ووسائل مختلفة لتحقيق هذه الغاية، مع أنّ الوصول إليها لا يحتاج كل هذا التفكير والعناء، فعندما تكون ملتزمًا بالأدب الاجتماعي والمتعارف عليه في محيطك الاجتماعي؛ فإنّ هذا يُساعدك لتكون مميزًا بين الناس، ويدلّ على حسن تربيتك وعظيم أخلاقك التي تتسم بها.
ما أجملك عندما تُحافظ على مبادئ الأدب والأخلاق دون أيّ تنازل عنها مهما كانت الظروف والأحوال، ستكون كالشجرة المثمرة المزينة بألوان الربيع الجميلة، تزيّنك أخلاقك ومبادئك الصحيحة التي تحافظ عليها مهما كانت الظروف.
الأدب له تفاصيل كثيرة، فعندما نكون متواضعين في تعاملنا فهذا يدل على الأدب، ولا يُمكن أن ننظر إلى التواضع على أنّه يُقلل من شأننا أو مكانتنا، فالتواضع من الآداب والأخلاق التي ترفع قيمة الإنسان وتزيد من مكانته فينظر هو إلى نفسه بعين الرضا والاحترام أولًا، وينظر إليه الناس أيضًا بعين الاحترام والتقدير، ويكون قدوةً حسنةً لغيره.
الصدق أيضًا من الآداب المهمة والرئيسة في حياتنا؛ فمن اعتاد قول الصدق والوضوح والبعد عن المراوغة سيكون له الكثير من الأصدقاء المحبين له، وليس كما يُروّج من أن الذي يقول الحقيقة بوضوح سيخسر أصدقاءه ولا بُد له أن يراوغ الناس كي يكسب ودهم، فالصديق الحقيقي هو الذي يتقبل الكلام من صديقه؛ لأنّه كلام صادق وصريح.
الصدق في الأقوال لا يعني أبدًا أن يكون الإنسان لئيمًا أو مؤذيًا في كلماته، بل إن كل رأي أو موقف يُمكن أن يُعبر عنه بأسلوب لطيف، فالكلمة الطيبة لها أثرها في النفس البشرية، وهذا ما أوصى به ديننا.
كل كلمة طيبة تخرج من فمك أيّها الإنسان تدل على طيب أخلاقك وسمو أدبك، فلا تستخفن بأثر الكلمة الطيبة الصادقة في نفوس الناس وفي رفع مقامك أيضًا.
الأدب ما كان في شيء إلا زانه
مقولة أدبية نسمعها كثيرًا وهي: "الأدب ما كان في شيء إلا زانه"، والمعنى أنّ الأدب هو زينة تفاصيل حياتنا، فنحن عندما نُعامل أولادنا بالأدب والأخلاق نُزين علاقتنا ونجعلها سامية، ونكون قدوةً لهم في الحياة، ويتعلمون التعامل بأدب مع من يُحيطون بهم صغارًا كانوا أو كبارًا، ويكون هذا التعليم هو تعليم بالفعل لا بالقول، وهو الذي يُؤتي ثماره.
كذلك تعاملنا مع زملائنا في العمل بأدب وأخلاق عالية؛ من احترام وصدق وتواضع وتعاون ونصح، كلها ستزين حياتنا الاجتماعية وتنعكس على كل المجتمع وليس فقط علينا كأفراد؛ وذلك لأنّ الأخلاق الحسنة تنتشر بسرعة كبيرة، فلا يُمكن أن نُعامل شخصًا بلطف فيرد علينا بإساءة، إلا إذا كان هذا الإنسان لديه مشكلة معينة في التواصل الاجتماعي.
الغضب والانفعال يُسيء إلى العلاقات ويُشوهها؛ وذلك لأنّه يبعدنا عن الأدب والحكمة ورجاحة العقل، فليست الحكمة في الصراخ والكلام البذيء، إنّما في الصبر والتأني، والتفكير الحكيم في حل المشكلات، وهُنا يأتي دور الأدب كونه يُزين شخصياتنا بالهدوء والحكمة واتخاذ القرارات الصائبة والآراء الحكيمة في تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة.
الأدب لا يعني فقط تعاملنا مع البشر، فالأدب يشمل أيضًا احترامنا للأماكن العامة والحفاظ عليها، فعندما نحترم آداب الطريق ونُحافظ على الأماكن العامة ستتزين هذه الأماكن بنظافتها وينعكس جمالها على المجتمع كله، وما ذلك إلا لأنّ الأدب والأخلاق هما أساس التعامل في حياتنا، فكم هو كبير أثر الأدب في حياتنا.
الأدب في الدراسة والتحصيل العلمي أيضًا يرتقي بفكرنا وعقلنا، فأنتَ أيّها الطالب عندما تتعامل مع دراستك وموادك العلمية بأدب وأخلاق وتحترم الجهد المبذول في إيصال هذه المعلومات إليك، ستُثابر في دراستك وتحصيلك العلمي، وبالتالي ترتقي بفكرك أولًا.
تكون موضع احترام من أهلك ومعلميك ثانيًا، وتُصبح مميزًا بين زملائك بأخلاقك وأدبك وبعلمك ومعرفتك، وما ذلك إلّا لأنّ الأدب هو الجوهر الأساس في كل تفكيرك وتعاملك.
نعم، الأدب ما كان في شيء إلا زانه، هو الزينة وهو النجوم المضيئة والأقمار اللامعة في عتمة الدياجي، فاجعل كل أيامك مضيئة بالأدب، واجعل منه واسطة العقد واللب الأساس في كل تعاملاتك، فهذا ما أمرنا به ديننا الإسلامي، وديننا لم يأمرنا إلا بما فيه صلاح الأمة والخير لها ولأفرادها، فلنلتزم بالأدب بكل تفاصيله ولا نُقلّل من شأنه أبدًا.
إنّ الأدب لا يُزيّن جوهر الإنسان ومحيطه الاجتماعي فحسب، بل إنّ أثره ينتقل إلى المجتمعات المجاورة، فعندما يكون عماد العلاقات في المجتمع هو الأدب والأخلاق فإنّ هذا المجتمع سيكون قدوةً للمجتمعات الأخرى المحيطة به، وستحذو حذوه وتسير على طريقه، وبذلك تتسع دائرة الأدب وتنتشر في كل مكان.
الأدب نور يُقذَف في القلوب
ختامًا، إنّ الأدب هو ذلك الشعاع المضيء الذي يمتد بأشعته الحانية، ويُبعثر أجزاءها في قلوبنا، ويرسم لنا معالمَ واضحةً لطرقاتنا، ويجعلنا نرى الحياة بعين الأمل والصدق والتفاؤل.
نعم، إنّه الأدب، وما أعظم أثره على تفكيرنا وحياتنا وحياة من حولنا! فطوبى لمن كان الأدب الرفيع هو منهجه وشريعته في الحياة، وهنيئًا لمن قاوم كل المزالق وواجهها بسلاح الأدب والأخلاق الفاضلة النبيلة.