موضوع تعبير عن الابتسامة وأثرها على الفرد والمجتمع

كتابة:
موضوع تعبير عن الابتسامة وأثرها على الفرد والمجتمع


الابتسامة

الابتسامة جواز سفرٍ مجاني للقلوب، وهي البلسم لكلّ النفوس المتعبة، ووسيلة التواصل الأسمى على مستوى الأفراد والمجتمعات، والابتسامة الصادقة لا تحتاج أبدًا إلى أيّ مترجمٍ أو لغة، فهي بحدّ ذاتها لغة واضحة يفهمها الجميع وتُشير إلى الرضا والطاقة الإيجابية والقبول، وبمجرّد رؤية شخص مبتسم يشعر الشخص المقابل له بالطمأنينة والفرح، ولهذا فإنّ أقصر الطرق للوصول إلى قلب الإنسان هو الابتسامة في وجهه.


إنّ الكثير من الأشخاص يحتفظون بالابتسامات بشكلٍ طبيعي، لأنهم يعدّونها شعارهم في مقابلة الآخرين، وهي كفيلة بإزالة جميع الحواجز مع الناس والتقريب بينهم، ولهذا فقد حثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤمنين على الابتسامة في وجوه بعضهم البعض، وجعل الابتسامة صدقة، ولهذا فإنّ الابتسامة في الإسلام كفيلة بإسعاد الآخرين، ولها الكثير من الأجر والثواب، لأنّ الهدف منها عدم التجهم في وجوه الآخرين حتى لا يشعروا بالضيق أو الأذى، وفي الوقت نفسه يجب رسم الابتسامة على وجوه الآخرين، وترك الأثر الطيب في قلوبهم حتى يبتسموا من أعماقهم.


الإنسان المبتسم يكسب محبة الآخرين ويتمكّن من قلوبهم، ويرغب الناس دومًا في رؤيته والجلوس معه لأنهم يشعرون في حضرته بأنّ كلّ شيءٍ جميل، كما أنّ الابتسامة تنتقل بالعدوى، فالناس عندما يرون شخصًا مبتسمًا يبتسمون مثله بشكلٍ تلقائي، لهذا فإنّ أفضل ما يمكن تقديمه للآخرين سواء كان طفلًا أم شابًا أم مُسنًّا هو الابتسامة، وهي لا تّكلّف صاحبها شيئًا، بل على العكس تُكسبه أجرالصدقة، فالابتسامة التي تأخذ من الوجه مكانًا صغيرًا، تأخذ في القلوب والأرواح مكانًا كبيرًا، والإنسان الذي يحب أن ينشر الأمل في الناس عليه أن يُحافظ عليها في كلّ وقت ومهما كانت الظروف.

أثر الابتسامة على الفرد

للابتسامة أثرٌ جميل على الفرد والآخرين، ولهذا فإنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان ضحّاكًا بسّامًا، ولم يكن يراه الصحابة -رضوان الله عليهم- إلّا مبتسمًا حتى يكون قدوة لهم، وهذا يدلّ على مدى الأثر الإيجابي الذي تتركه الابتسامة في القلوب، ومهما كانت صعبة فيُمكن على الفرد أن يبتسم وينسى همومه ويتذكر أنّ أجرها عظيم، ومن المعروف أنّ الابتسامة فن لا يستطيع إتقانه الجميع، فالبعض يظن أنّ الابتسامة تقلل من الوقار والهيبة، لكنّها في الحقيقة تفعل عكس هذا تمامًا، وتُبعد الاستياء الذي يشعر به الناس تجاه الفرد، ممّا يقوي مكانته في قلوبهم ويحبونه أكثر، ويتوددون إليه بالحديث.


الابتسامة تُحسن مزاج الفرد وتجعله ينسى أسباب الحزن، كما أنها تزيد من إفراز هرمونات الراحة والسعادة في جسمه، وتقلل من الشعوربالتوتر والقلق، وتنظم ضربات القلب، وتُحافظ على إفراز الغدد بالشكل الصحيح، وتُقوي مناعة جسمه بشكلٍ عام، وتجعله أكثر قدرة على مقاومة الأمراض، لهذا يجب عدم الاستهانة بالأثر العضوي الذي تتركه الابتسامة في الفرد، فالمبتسم يستطيع أن يحتفظ بقوته ومناعته النفسية، ولا تؤثر به الأحزان كثيرًا، لأنه قادر على تخطّي كلّ شيء بها، وتُساعده على تخطّي الضغوطات اليومية مهما كانت، سواء الضغوط في العمل أم الضغوط العائلية، ولهذا فإنّ مَن يبتسم يفتح لنفسه بابًا من أبواب البهجة والسعادة.


الفرد الذي يبتسم يقي نفسه من الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري، لأنّ هذه الأمراض مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالضغط النفسي والكبت الذي يكون في القلب، وهذا الكبت يُمكن أن يتلاشى بالحفاظ على الابتسامة والاقتراب من الأشخاص المبتسمين مُثيري البهجة، الذين يتوكلون على الله دائمًا، ولا يُحاولون حلّ مشاكلهم وتجاوز ضغوطاتهم بالتجهم والحزن الذي لا يُفيد شيئًا، لهذا من الضروري أن يبحث الشخص عن الأصدقاء المبتسمين لأنهم أفضل الأصدقاء من الناحية النفسية، فهي كفيلة بتهدئة الأعصاب وإبعاد الهموم، والتفكير الدائم بالضحك، كما أنّها تقلل من الإصابة بالتجاعيد وتجعل الشخص أكثر جمالًا.


لا يوجد أي ذريعة للإنسان حتى يتخلّى عن ابتسامته مهما كانت الظروف، فالإرهاق يصبح أقل بمجرد أن ترتسم على الوجه ابتسامة، فالعبوس لن يُغيّر شيئًا من الواقع، لكن الابتسامة قادرة على إحداث هذا التغيير لأنّها تنشر الطاقة الإيجابية والتفاؤل، وتُبعد التشاؤم، بعكس الإنسان الذي يحمل تجهمه أينما ذهب، وهذا يُسبب نفور الآخرين بشكلٍ كبير، فالابتسامة بمثابة مسكن طبيعي للألم وطارد للأحزان، والتمسك بها واجب جميل يجب عدم التخلي عنه أبدًا، فابتسامتك هي الصورة التي يجب أن تكون دائمًا محفوظة في أذهان الآخرين، فالحياة لا تستحق أكثر من ابتسامة لكلّ المواقف حتى تكون أكثر خفة وتحملًا.

أثر الابتسامة على المجتمع

للابتسامة أثر إيجابي كبير على المجتمع، فالمجتمعات التي تضمّ أفرادًا مبتسمين هي مجتمعات مُتصالحة مع نفسها، تبدأ صباحها بابتسامة نقية تدفع للعمل والتطوّر، ويشعر أفراد هذا المجتمع بأنهم أكثر فرحًا وبهجة، ويقبلون على أعمالهم بسرور، فيبدأ يومهم وينتهي وهم لا يشعرون بالطاقة السلبية، كما أنّ الابتسامة طريقة لنشر الحب بين أفراد المجتمع، خاصة أنها من أهم أفعال الخير وتعود على المجتمع بأكمله بالخير والوئام، كما أنّ المجتمعات التي تشيع الابتسامة بين أفرادها تكون أفضل إنتاجية من غيرها، وأكثر تكافلًا وعطاءً، وتنتشر بها صلة الرحم والعلاقات الجميلة.


تترك الابتسامة في المجتمع أثرًا جميلًا في نفوس الأطفال الذين يعيشون فيه، فهم يكبرون وهم معتادون على رؤية الابتسامات من حولهم، فيعتبرون أنّها جزء أساسي من حياة الشخص، ويعتادون على فعلها بشكلٍ تلقائي، والابتسامة تقوّي من الترابط والإخاء بين الناس، ويُمكن للإنسان أن ينشر الابتسامة في مجتمعه بمجرّد أن يبدأ بنفسه، فمن يرى الابتسامة يبتسم دون وعي منه، وفي هذا يقول الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي في وصف الابتسامة والحث عليها مهما كانت الظروف والأحوال:[١]

قال السماء كئيبة وتجهما

قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما

قال الصبا ولّى فقلت له: ابتسم

لن يرجع الأسف الصبا المتصرما


الابتسامة لا تُغيّر المجتمع فحسب، فهي قادرة على تغيير العالم بأكمله، والشعوب المحتفظة بابتسامتها حتى أصبحت بمثابة هوية وطابع فيها معروفٌ عنها بأنّها شعوب تحب الفرح، وعمومًا فإنّ الناس يفضلون الالتقاء بأشخاص مبتسمين ولهذا فإنّ المجتمعات التي يؤمن أفرادها بضرورة الابتسامة تُعدّ شعوبًا مضيافة تتخذ الابتسامة كجزءٍ من ثقافتها، وعلى صعيدٍ آخر فإنّ الابتسامة تُحسن العديد من الظروف ومن بينها الظروف الاقتصادية في المجتمع، فالناس يقبلون على الشراء من صاحب المتجر المبتسم، ويرغبون في التداوي عند الطبيب الذي يُحافظ على ابتسامته دومًا، ويحبون شراء الدواء من الصيدلاني الذي يمنحهم العلاج مع ابتسامة لطيفة.


الناس عمومًا يبحثون عن أي شخص مبتسم حتى يقضي لهم أعمالهم، فالطلبة الذين لديهم معلمون مبتسمون يُقبلون على الدراسة بشكلٍ أفضل، ويدرسون بحب وتفاني لأنّهم يأخذون الطاقة الإيجابية والدافعية من معلميهم، وكذلك الأبناء الذين لديهم أم وأب مبتسمون يستطيعون أن يكونوا أكثر قربًا منهم وأكثر بوحًا بالأسرار، وبهذا فإنّ ترتبيتهم تكون أفضل، وهذا أيضًا يترك أثرًا رائعًا على المجتمع بأكمله، كما أنّ الشخص الذي يُقابل لأجل الحصول على وظيفة، تكون فرصته بالحصول عليها أكبر إن كان محافظًا على ابتسامته، لأنّ المديرين يعتبرون أن الابتسامة دليل على الثقة بالنفس وقوة الشخصية والقدرة على التأقلم مع ظروف العمل والحياة بصورة أفضل، وعمل بيئة إيجابية في العمل.


الابتسامة الحقيقية غير المتكلفة تكون نقية وتلقائية لأنها نابعة من الأعماق، ولهذا يكون لها أثر واضح في قلوب الآخرين، وتترك انطباعًا جميلًا في العيون التي تراها، لهذا كلّما حاول الإنسان أن تكون ابتسامته حقيقية كلّما صنع تغييرًا إيجابيًا في محيطه، وجعل الجميع يشعرون بالتفاؤل، وكلّما كان الشخص محافظًا على ابتسامته ويرسمها على وجهه، كلما انفتحت في وجهه الأبواب المغلقة، ولهذا وصف الشعراء والأدباء روعة الابتسامة وجمالها، وحتى أنها تُظهر الشخص أكثر جمالًا بمجرد أن تظهر أسنانه ويرى الآخرون أثر البهجة على وجهه، ووصفوا صاحبها بأنه ذو وجه جميل بهي ينشر الخير والأمان والسكينة في القلوب.


الابتسامة تزيد من القدرة على التركيز، لهذا فإنها تساعد في إنجاز الأعمال بصورة أفضل، وتجعل المراجعين ينتظرون برحابة صدر دون أن يتذمروا من الانتظار الطويل، لهذا يجب أن يُحافظ الموظفون في الدوائر الرسمية والخاصة على ابتساماتهم، وليس غريبًا أن العديد من الدول تشترط لعدد من الوظائف أن يكون الشخص مبتسمًا دومًا، كوظيفة مضيفة الطيران، لأنّ الابتسامة تخفف التعب والمشقة على المسافر، لهذا حافظوا على ابتساماتكم لأنها مفاتيح الحياة بالنسبة لكم، ولا تسمحوا بتعكيرها أبدًا، ولا تسمحوا لأي شيءٍ أن يسرقها منكم لأنها تعطي انطباعًا جميلًا عنكم أينما كنتم، ولا تنسوا أبدًا أنّ الابتسامة تستوجب الأجر من الله تعالى، لأنّها صدقة.

المراجع

  1. "إيليا أبو ماضي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 20/01/2021م.
3838 مشاهدة
للأعلى للسفل
×