موضوع تعبير عن التكافل الاجتماعي

كتابة:
موضوع تعبير عن التكافل الاجتماعي

التكافل الاجتماعي

إنّ التعاون هو أساس من أسُس الحياة الاجتماعية السليمة والصحيحة، وأحيانًا يكون هذا التعاون لتحقيق المنفعة الذاتية أولًا، ومنفعة الجماعة المتعاونة فيما بينها، وتزداد أهمية هذا التعاون إذا كان في سبيل مساعدة الآخر والعودة بالمنفعة على المجتمع، وعندها يُسمّى هذا التعاون بالتكافل الاجتماعي، ويُقصد به: التزام مجموعة من الأفراد وتعاونهم في سبيل تقديم المساعدة للأشخاص المضطرين والمحتاجين، والذين لا يستطيعون تأمين هذه المستلزمات لوحدهم، لسبب ما خارج عن إرادتهم.



بذلك يكون كلّ فرد ملتزمًا بالحفاظ على المصالح العامة والخاصة، ويُحاول بكل جهده درء المفاسد والأضرار عن المجتمع، وعندها يصلح بنيان المجتمع وتقوى أركانه ويتطاول بنيانه بين الأمم، وقد يكون معنويًا أو ماديًا ولكلٍّ أهميته ودوره، ولا يمكن إنكار ما أولاه الدين الإسلامي من أهمية لهذا التكافل الاجتماعي وحث عليه في كل موضع، وفي كثير من مواقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم-

إن التكافل الاجتماعي هذا من شأنه أن يجعل كل فرد في مجتمعه يشعر بالمسؤولية تجاه الأشخاص الآخرين، ويستشعر بقيمة دوره في تقديم المساعدة لكل من يحتاجها، وعندها سيعرف أنّه كما يتمتع بحقوق، فهو مُطالَب بواجبات تجاه المجتمع وأبناء المجتمع، وممّا يجدر ذكره أن الدين الإسلامي عندما حث على التكافل الاجتماعي لم يكن المقصد فقط أن يكون التكافل حكرًا على المسلمين، إنما هو مطلب يحتاجه كل مجتمع وكل أمة.



إلا أنّ وجود تكافل اجتماعي مع مبادئ إسلامية صحيحة وراسخة سيزيد من قوة الأفراد، وسيثبت عقيدتهم ويجعل أعمالهم أكثر تأثيرًا وأشد إتقانًا، لا سيما أن هذه الأعمال ستكون أعمالًا تطوعية خيرية، فيها منفعة مجتمعية، وتبتعد كل البعد عن المنفعة الفردية والشخصية، وهذا النوع من الأعمال يحتاج إلى النية الصادقة في القلب، وابتغاء وجه الله ونشر الخير عند القيام بها، ولذلك سيكون التكافل الاجتماعي أعظم في المجتمع الإسلامي.



البذرة الصحيحة التي لا بد من غرسها في عقل كل إنسان عن التكافل الاجتماعي تبدأ بتحديد مسؤوليته تجاه ذاته والحفاظ عليها، وإبعادها عن كل ما يضر بها ويؤذيها، وبعدها تتّسع الدائرة ليتعلم الإنسان مبادئ التكافل الاجتماعي في نطاق الأسرة، وبعدها في نطاق الأصدقاء والمدرسة، ثم ليشمل كل المجتمع وكل من يحتاج مساعدة، وكلما كانت البذرة الأولى صحيحة كلما كانت النتائج مثمرة نضرة.



أهمية التكافل الاجتماعي

قد يفكر الكثير من البشر -لا سيما في الظروف الراهنة وما في الحياة من مكابدة وتعب- أنّه عليه من نفسه، وأنّ كل إنسان بالكاد يستطيع تأمين مستلزمات حياته وحياة أسرته، وأنّه يُحقّق تكافلًا اجتماعيًا من خلال تلبية متطلبات أسرته، وهذا فيه شيء من الصحة بأنّه يُلبّي حاجات الأسرة، إلا أن توسيع دائرة هذا التكافل ولو شبرًا واحدًا سيحدث فرقًا كبيرًا في المجتمع، خاصةً إذا ما كان هذا الشبر من كل فرد من أفراد المجتمع.



إنّ التكافل الاجتماعي له أهمية كبيرة وعظيمة لا يمكن تجاهلها، ستؤدي حتمًا إلى تحسين هائل للأوضاع المعيشية، وسيغير من التعاملات بين البشر، وسيصير لعمل الخير لذة لا يمكن نسيانها، وسيبعد البشرية عن التعلق بالماديات والأمور الزائلة الفانية، إضافة إلى أنه يُكسب صاحبه الأجر والثواب عند الله ويرفع من درجته، ويجعله يشعر بالسعادة؛ إذ إن سعادة العطاء والجود لا توازيها سعادة أخرى.



إضافة إلى أنّ التكافل الاجتماعي وُجد أساسًأ للحفاظ على كرامة الإنسان وإنسانيته، وإبعاده عن الفقر وذل السؤال، واستعطاف الأغنياء وأرباب الأموال ليجودوا عليه بغَيضِ من فيض ما عندهم، ومن ناحية أخرى فإنّ التكافل الاجتماعي سيعود على المجتمع بحالة من الأمان والاستقرار والطمأنينة، ويُنهي الكثير من حالات السرقة والاختلاس وما تؤديه إلى عواقب وخيمة قد تنتهي بارتكاب جرائم القتل.



إنّ تكافل الأفراد فيما بينهم سيكون ذا أهمية كبيرة لا سيّما إذا كان الوضع المادي متوسّطًا، فهذا سيجعلهم يشعرون بمعاناة من هم أقل استطاعة منهم، ويُحاولون رفع سويتهم المادية ويُبعدونهم عن ذل السؤال ومهانة المتعجرفين لهم، ولولا أهمية التكافل الاجتماعي هذه لما حث عليه الإسلام، ولما كانت مواقف السيرة النبوية زاخرة بهذا التكافل وبأنواعه المختلفة وصوره المتعددة.



أنواع التكافل الاجتماعي

صُور التكافل الاجتماعي كثيرة ومتعددة، فمما هو موجود في الدين الإسلامي وتشريعاته: قانون الزكاة، فهذا يحقق نوعًا كبيرًا من التكافل الاجتماعي، ويؤدي إلى نوع من العدالة بين طبقات المجتمع وأفراده، ومثلها الصدقة، ويمكن أن يكون التكافل الاجتماعي بأمور أخرى غير المال.



التكافل المعيشي

والمقصود به محاولة تأمين مستلزمات المعيشة للأفراد الذين يحتاجونها، مثل الطعام والشراب والملبس ومكان الإقامة، ومستلزمات التعليم للأطفال، والأمور الأساسية للحياة، وهو نوع مهم لأنه أمر لا يمكن للإنسان أن يعيش حياته بدون هذه الأساسيات.



التكافل العلمي

وهو ما يُقصد به نشر العلم في المجتمعات دون مقابل، وإتاحة فرص التعليم للجميع دون استثناء، إضافة إلى القيام بحملات توعية لنشر العلم والحث عليه، وتشجيع الطلاب على اكتساب العلم وتوعيتهم بأهميته في حياتهم، وتشجيعهم على مساعدة الآخرين في تعلم الأمور الصعبة، ويمكن أيضًا إتاحة منح دراسية للطلاب المتميزين والذين تَحول الظروف المادية دون قدرتهم على متابعة تعليمهم.



التكافل السياسي

وهذا النوع من التكافل موجه إلى أصحاب المناصب والأمور الإدارية في كل أمة، فمن المهم أن يَعي كل شخص أنّ الدولة والأمة ليست ملكًا لشخص بعينه، إنما يجب أن يحقق نوعًا من التكافل، والقيام بالأعمال الصحيحة التي تصب في مصلحة الأمة وأفرادها، وأن يلتزم بأوامر الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحقاق الحق مهما كلفه ذلك، وألّا يتبع نفسه هواها فيضل وتضل معه الأمة، وتتفرق بهم السبل.



التكافل الأخلاقي

إنّ الأخلاق هي الركن الأول والأساس لبقاء أي مجتمع واستمراره، وبوجودها تقوى بنية المجتمع، وبضياعها تهدم ركائز المجتمع، وتُلغى كل المعايير التي يحتكم إليها الإنسان في أعماله، وتتحول الحياة إلى غابة لا قانوان فيها ولا مبدأ، ولذلك من المهم أن يقوم الأفراد في المجتمع بنوع من التكافل الأخلاقي، وهو يتجلى بمحاولة تعزيز الخلق القويم الصحيح ونشره وإذاعته، وردع المخطئ وتنبيهه لمخالفته للقيم والأخلاق، ونصحه وتأديبه.



التكافل الحضاري

قد يكون هذا النوع من التكافل واسعًا، ويشمل كثيرًا من أنواع التكافل الأخرى، إلا أنّ المقصد الدقيق له هو أن يتعاون الأفراد ويتكاتفوا ويتعاهدوا ويقوموا بتقديم أي خدمة تصب في مصلحة الأمة، مادية كانت أو معنوية، علمية أو معيشية، اقتصادية أو دينية أو أخلاقية، وذلك كل حسب قدراته وإمكانته المتاحة، ومن خلال هذا ستُحافظ الأمة على حضارتها وترتقي أعلى القمم بأبنائها وهممهم وأخلاقهم وتكافلهم.



وسائل التكافل الاجتماعي

عندما حثّ الإسلام على التكافل الاجتماعي ودعا إليه في كثير من المواقف والمواضع، كان قد فتح له الكثير من المنافذ والطرق التي يمكن تطبيقه من خلالها، ولذلك تعددت وسائل هذا التكافل الاجتماعي وتنوعت، وذلك لكي يتمكن كل فرد في المجتمع من القييم بهذا الأمر ويستطيع تقديم المساعدة لمن يحتاجها، وبالتالي يشعر بأهمية وجوده في الحياة، وما يقوم به من دور مهم.



النفقة على الأسرة والأقارب والأولاد والزوجة هو صورة من صورة التكافل الاجتماعي التي حث عليها الإسلام ونادى بها، وأمرَ الرجل بأن يُحسن الإنفاق على أسرته ويهتمّ بمأكلهم ومشربهم وكسوتهم، ورحمة بالمسلمين لم يُحدّد الإسلام قيمة هذه النفقة بل تركها لتقدير كل إنسان حسب ظروفه وإمكاناته ورزقه الذي قدره له الله تعالى، وبعد الاسرة يمكن أن يوسع الإنسان دائرة الإنفاق -إن استطاع- ليشمل الوالدين وباقي الأقارب ممّن هم بحاجة للمساعدة.



جعل الإسلام بعض صور التكافل الاجتماعي إلزامية وضرورية وفرضًا على كل مسلم ومسلمة مثل: زكاة الأموال، وزكاة الفطر، والصدقة، وكفارات اليمين، ودفع الدية، وذلك لأنّ الله تعالى أعلم بنفوس البشر وما قد توسوسه لهم بأن يتجاهلوا هذا الأمر ويحتفظوا بهذا المال لأنفسهم، وهو أيضًا نوع من أنواع التكافل فعندما يقدم المسلم زكاة ماله لشخص محتاج، فيفرح قلبه وقلب أولاده بهذا العطاء ويكسب هو الأجر والثواب.



من وسائل التكافل الاجتماعي أيضًا المساعدة والتعاون بين الوالدين في تربية الأبناء وتنشئتهم، وهذا يندرج تحت اسم التعاون الأخلاقي، وقد أمر الإسلام بهذا النوع من التكافل وحث عليه، والهدف هو أن يحافظ الأهل على فطرة الابن السليمة التي ولد عليها، وأن يحمياه من شرور الحياة ومفاسدها بتوعيته وتعليمه وتثقيفه حتى يصبح قادرًا على تمييز الخطأ من الصواب ومعرفة طريق الرشد من الضلال.



إنّ التكافل الاجتماعي بكل صوره وأشكاله ووسائله سيُؤدّي لا محالة إلى ما فيه خير للمجتمع وأفراده، وسيهذب النفوس ويقومها ويجعلها تحب الخير وعمله وتفرح بالعطاء أكثر من الأخذ، وتعلّم الأجيال القادمة معنى العطاء دون انتظار المقابل.

48268 مشاهدة
للأعلى للسفل
×