محتويات
التلوث سرطان العصر
التلوث سرطان العصر وآفة من الآفات الخطيرة التي يجب استئصالها من جذورها حتى لا يمتدّ أثره، فالتلوث يُغيّر من الخصائص البيئية الطبيعية، ويُدمّر البيئات الحيوية للنباتات والحيوانات والإنسان، فهو كالوحش الجاثم على صدر الكرة الأرضية، ويُسبّب الكثير من التوابع الصعبة التي يحتاج حلّها إلى الكثير من الإجراءات.
التلوث يجعل من صحة الإنسان والحيوان والنبات في مهبّ الريح؛ لأنّه مسؤول عن الكثير من الأمراض الناتجة عنه، كما أنّه يُؤثر في جودة الحياة على الأرض، ويمتدّ إلى الغلاف الجوّي، إذ تتراكم الملوثات فيه، فيتحول كوكب الأرض إلى بيتٍ زجاجي يحتفظ بالحرارة، وهذا بدوره يُسبّب الاحترار العالمي.
التلوث بحق مثل الزلزال المدمّر الذي يقضي على العديد من مظاهر الحياة الطبيعية، كما يُؤثر التلوث على طبقة الأوزون، ويُسبّب في تدميرها، وتسرّب الإشعاعات الضارة إلى الأرض، وخاصةً الأشعة فوق البنفسجية، وهذا بدوره يُسبّب الإصابة بالسرطان.
الحديث عن التلوث يُلقي الضوء على مدى الخراب الذي يُخلفه وراءه، إنّه حربٌ مفتوحة غير معروفة العواقب، وضحايا هذه الحرب في ازدياد كلّ يوم، وكأنّ التلوث يأبى أن يترك شيئًا من عناصر البيئة إلّا ويُهشّمه ويجعله في أدنى درجة من الفائدة، فالتلوث مرضٌ لا بُدّ من علاجه جذريًا كي لا يتفشى في جسد الأرض.
التلوث بين تطور المدينة وتأخرها
التلوث عمومًا مرتبطٌ بحركة التطور التي تُواكبها المدن الحديثة، خاصةً في ظلّ الاستخدام المتزايد لوسائل التكنولوجيا الحديثة، من مواصلات وأجهزة وآلات تُسبّب انبعاث الغازات السامة والملوثة، إضافةً إلى إنشاء المصانع في المدن الحديثة التي تُسهم في التلوث البيئي بنسبة مرتفعة، وهذا ما نُلاحظه جميعًا ونُحن نُراقب التطوّر المتسارع للمدن، كما لو أنّه طائرٌ يسير بأقصى سرعته.
المدينة هي عرّابة الحداثة التي تقف أمامنا مثل فتاة شابة تبحث عن التطوّر، لكنها أساس انتشار التلوث المرتبط بها ارتباط الابن بأمه، وهذا ما أفرزته التكنولوجيا المتطورة، وحتى تتطوّر المدينة لا بُدّ من مواجهة بعض التحدّيات والعقبات المرافقة لهذا التطوّر، فهو من أخطر هذه التحدّيات، ولو فكرتم جيدًا لعرفتم أنّ التلوث سرطانُ العصر.
يُمكننا التقليل من هذا التلوث قدر الإمكان وتخفيض حدته إلى درجة قليلة بأن تتم مراعاة البيئة، وهذا يتطلب إجراءات عدّة أهمها: التوجه إلى استخدام الطاقة البديلة المتجددة بدلًا من طاقة الوقود الأحفوري، وخاصةً في توليد الكهرباء في المدن، فاسعوا جميعًا لإيقافه.
يُمكننا الاعتماد على الطاقة الشمسية في الإنارة والاعتماد على السيارات الهجينة، إضافةً إلى تقنين عمل المصانع؛ حيث يتم إلزامها بوضع مصافٍ للتقليل من الانبعاثات الملوثة في الهواء قدر الإمكان.
يجب أيضًا تفعيل إعادة التدوير للعديد من المواد، وتقليل الاعتماد على المواد صعبة التحلل، والتي تُشكّل عبئًا على البيئة، واستخدام مواد تتحلّل سريعًا، فلا تستهينوا بما يُمكن فعله لأجل هذا.
المساحات الخضراء في المدن سواء أكانت في الحدائق العامة، أم على جوانب الطرقات والأرصفة، أم أمام البيوت والعمارات من المبادرات الرائعة التي تُساعد في تنقية هواء المدن، والحفاظ على نسبة الأكسجين، علينا أن نتبناها.
لهذا؛ فإنّ زراعة الأشجار والنباتات في المدن تُعدّ خيط النجاة بالنسبة لها، وزيادة عدد محطات تكرير المياه وعدم السماح للمياه العادمة بالتراكم في أيّ مكان وخاصةً في الشوارع.
التلوث داء تظهر أعراضه مستقبلًا
التلوث داء خطير له أعراض كثيرة علينا، بعضها يظهر بشكل فوري وبعضها الآخر يظهر مستقبلًا، وخاصةً فيما يتعلق بالأمراض التي تُصيب الإنسان والحيوان والنبات، ومن الأعراض المرتبطة بالتلوث والتي تظهر مستقبلًا: أمراض الجلد المختلفة، وخاصةً السرطانات.
إضافةً إلى الأمراض الرئوية الناتجة عن تنفس الهواء الملوث وخاصةً مرض الربو، أمّا أمراض إعتام عدسة العين فتنتج عن زيادة الأشعة فوق البنفسجية والتي تتسرب بازدياد مع زيادة ثقب الأوزون، وتُسبب لنا أمراضًا خطيرة.
لهذا؛ فإنّ التلوث ذو تأثير طويل الأمد على صحة الإنسان، كما يُسبب التلوث مع الزمن تراكم الغازات السامة في الأجواء، وحجب الرؤية، مما يُسبب ظاهرتي الضباب الدخاني وظاهرة المطر الحمضي، حيث يُسبّب المطر الحمضي موت النباتات والحيوانات وتلوث البيئة المائية التي تُؤثر عليكم جميعًا.
يُمكن للتلوث بالمواد السائلة الناتج عن المصانع أن يُسبب ارتفاع درجات حرارة البحار، ممّا يُقلل نسبة الأكسجين الذائب في الماء، وموت الأسماك والكائنات البحرية، ويُمكن أن تحتوي هذه المواد السائلة على المعادن الثقيلة، مثل: الزئبق، وعندما تتناولها الأسماك تترسب في أجسامها، فتصل إلى الإنسان عن طريق النظام الغائي، ومع الزمن تُسبب لنا أمراضًا خطيرة، مثل: الفشل الكلوي.
التلوث ظاهرة متجددة مع الأسف؛ لهذا يجب الوقوف عندها طويلًا والخروج بحلول منطقية سريعة، كي لا تتحول الحياة بسببه إلى جحيم، خاصةً أنّ قائمة الأضرار التي يُسببها طويلة جدًا، فلنتعاون لأجل إيقاف التلوث.
التلوث بين نظرية العلاج وتطبيقه
آخر ما يُشار إليه أنّ التلوث يحتاج إلى العلاج السريع؛ حيث يتم تطبيق هذا العلاج بأسرع وقت ممكن، أمّا الاكتفاء بالكلام لا يُؤتي أُكله أبدًا، بل تستمر ظاهرة التلوث حتى تتفاقم وتُصبح أمرًا يصعب السيطرة عليه.
لهذا؛ يجب البدء بتكثيف حملات التوعية العالمية بظاهرة التلوث، إضافةً إلى نشر محتوى مؤثر على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأهمّ خطوة فعالة لمواجهة التلوث هي الاتجاه لاستخدام وسائل الطاقة البديلة المتجددة؛ لأنّها طاقة نظيفة لا تُسبّب أيّة انبعاثات سامة في الهواء أو الماء.
تشمل الطاقة المتجددة طاقة المياه وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما يجب تفعيل العقوبات والقوانين الرادعة التي تُلزم المصانع والمؤسسات والشركات بعدم رمي الملوثات في البيئة، ومن الضروريّ عمل المحميات الطبيعية للحفاظ على التنوع الحيوي بعيدًا عن مصادر التلوث، ويجب أيضًا زيادة المساحات الخضراء في كلّ مكان، وإيقاف القضاء على الغطاء النباتي؛ لأنّ النباتات هي رئة العالم.
يُمكن التقليل من تلوث التربة بالتقليل من استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية، والاتجاه للأسمدة العضوية؛ لأنّها أخفّ ضررًا على البيئة، وأهم من ذلك كله الاتجاه إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.