موضوع تعبير عن الصاحب الوفي

كتابة:
موضوع تعبير عن الصاحب الوفي

الصاحب الوفي سند

الصاحب الوفي هو خير رفيق وخير سند، وهو قلبٌ إضافي يبنض لأجل صاحبه، وهو الذي لا يتغير مهما تغيرت الظروف والأحوال، فالصاحب الوفي أخ وإن لم تجمعنا به رابطة الدم، وهو شجرة باسقة تعطينا أطيب الثمار دون منّة ودون كلل، لأنه صاحبٌ ثابت لا تبدله الظروف ولا يتخلى عن صاحبه ولا يغدر ولا يخذل قلبه أبدًا.

لهذا يصفون الصاحب الوفي بأنه من رابع المستحيلات، وذلك لندرة وجوده في الحياة، فهنيئًا لمن لديه صاحب وفي، والصاحب الوفي يُعطي صاحبه من قلبه، ولا يحاول أبدًا أن يستغلّه لأجل مصلحة، لأنّ الصاحب الوفي مثل نبع الماء الصافي الذي يروي الظمأ فتنبت حقول الورد المزهر في حديقة الروح.

الصاحب الوفي قلبٌ نابضٌ بالحب الصادق، فهو أصل الجمال في الدنيا، فالصاحب سندٌ يتكئ عليه أصدقاؤه دون أن يفكروا في أيّ هم، لهذا يملأون الحياة تفاؤلًا وأملًا صافيًا ليس فيه أي غش أو خداع، لهذا فهو كنز حقيقي يتمنى الجميع أن يمتلكه كي يحظى بالأمان والاطمئنان.

من أراد أن يحظى بصحبة حقيقية عليه أن يختار العزوة والسند الذي لا يُظهر الغدر والخيانة أبدًا مهما كانت الظروف والأحوال، وأن يسعى إلى اختيار الأصحاب الذين يتمتعون بالأخلاق الفاضلة لأنهم أفضل الأصحاب وأكملهم، فالصاحب يسحب صاحبه معه في صفاته، ويأخذ من طباعه، لأنّ الصاحب مثل قارورة العطر التي تمس من معها فتختلط رائحته بها مهما حاول، لهذا لا بدّ أن يكون الصاحب إنسانًا نقيًا ومؤتمن الجانب.

الصاحب تٌثبته المواقف

الصاحب ليس مجرد كلمات أو وعود، بل مواقف يجب إثباتها، ولا يهم أن يقول الأصحاب لبعضهم البعض كلمات منمقة أو وعودًا كثيرًا، ولا فائدة من كلّ هذا إن لم يثبت كلامه ويزينه بالأفعال الصحيحة التي تُظهر مدى انتمائه لصاحبه.

كما لا يتخلى عنه في أي ظرف يمرّ به سواء فرح أو حزن، لأن الصاحب الوفي تمامًا مثل الخيمة التي تُظلّ الآخرين بها، فيأخذون الدفء والأمان منها، وهو الشمس الدافئة التي تبعث بحرارتها ودفئتها، فلا يشعر أي قلبٍ معه بالبرد.

الصاحب الوفي لا يبدر منه أي موقف مؤذٍ في حق صاحبه، بل يكون دومًا سيف حق وصاحب شهادة صحيحة وراقية في حق صاحبه، ويدافع عنه في غيبته، ولا يسمح لأي شخصٍ أن يغتال شخصه بالكلام والأفعال، لأنه مثل السيف الذي يُدافع بكلّ ما يملك من قوة.

هو أيضًا مثل الضمير الحي الذي يوقظ صاحبه في جميع الأوقات، ويمنحه ما يحتاج من نصيحة لله تعالى أو قول وحتى فعل، ويمسك بيده ليسير به إلى برّ الأمان في أكثر الأوقات خوفًا وحزنًا.

الصاحب الوفي يكون دومًا متأهبًا لمساعدة صديقة ماديًا ومعنويًا، لأنه ثابت على مبدأ الصحبة الصالحة التي ستمسك بيد صاحبها وتدخل به إلى الجنة، ومن أراد أن يؤدي حق الصحبة بحق فعليه أن يكون دومًا صاحب موقف مشرف، وأن يعامل أصحابه بالأخلاق الطيبة والصدق والأمانة، فالصاحب أخ.

الصاحب الوفي لا يميل

في الختام، لا بدّ من التمييز بين الصاحب الصالح والوفي الثابت الذي لا يميل مهما مالت الظروف والأحوال، وبين صاحب المصلحة ذلك المؤقت الذي يرحل مع مصلحته ويميل مع تبدل الأحوال، وخير قدوة في هذا صحبة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- مع صاحبه أبي بكر الصديق الذي كان نعم الأخ والصاحب.

صدق النبي حين كذبه الناس، فقد كان بحق النموذج الأنقى والأسمى في الصحبة، ومن عظيم لطف الله أنّ الصاحب الذي يدخل الجنة يشفع لصاحبه.

هناك الكثير من الأصحاب الذين يشبهون العمر المؤقت في حياة الإنسان، فيرحلون ويميلون وتتبدل أحوالهم بسرعة، فهم يختفون في المواقف الصعبة ولا يظهر لهم أي أثر، وهؤلاء لا خير فيهم لأنهم مجرد رماد ستأخذه الريح ولا يبقى لهم أي أثر، ومن هنا يجب أن يكون اختيار الصاحب الحقيقي بناءً على قواعد أصيلة تعتمد على الروح والأخلاق والدين والتعامل، لا على المظاهر الخادعة.

الصاحب الوفي يجعل من صاحبه أخًا له في كلّ وقت، ولا يمكن أن يظهر منه كلّ ما هو طيب وجميل، فهو شخصٌ يؤدي حق الصحبة على أكمل وجه، ويعطي أكثر مما يأخذ، ولا يسمح أبدًا بأن يتعدّى أحدٌ على صحبته، لأنه يعلم جيدًا أن الصداقة الحقيقية مثل البستان الذي يضم أجمل الورود، وهذا البستان لا يرضى بالأعشاب الضارة أن تنبت فيه.

4457 مشاهدة
للأعلى للسفل
×