موضوع تعبير عن الصدق والكذب

كتابة:
موضوع تعبير عن الصدق والكذب

صور الصدق والكذب

الصدق والكذب صفتان متضادتان ويختلفان في معنى كلٍ منهما، فالصدق من الأخلاق الحميدة التي أمر الله تعالى بها وأقرّها الإسلام لأنّها موافقة لقول الحقيقة، أما الكذب فهو من الصفات البغيضة التي تُنافي الحقيقية وتُساعد في انتشار الزور، ويظهر هذا جليًا في معنى الصدق والكذب، فمعنى الصدق يُشير إلى الإنسان الطيب المؤمن الذي يرفض قول الزور مهما كانت الظروف والأحوال، ويلتزم بقول الحقيقة دون أي تغيير ودون زيادة أو نقصان، لهذا فالصدق يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة، أما الكذب فيجرّ صاحبه إلى اقتراف الكثير من الآثام لأنه بكذبه وافترائه وتغييره للحقيقة يُغيّر من الحقائق ويجعلها مغيبة ويُحاول أن يطمسها، وهذا بحدذ ذاته يُسبّب اقتراف الكثير من الذنوب وضياع الحقوق، لهذا فالكذب بكلّ معانيه يؤدي إلى السوء.


البعض يكذب وهو يمزح ويظنّ بأنّه بهذا لا يقترف ذنبًا أو إثمًا، لكن في الحقيقة لا يمكن تجميل الكذب أو تحسين صورته، ولا يوجد ما يعرف بالكذبة البيضاء لأنه تعريف الكذب واحد لجميع أنواعه، كما أنّ البعض يكذب بهدف الخروج من المواقف المحرجة أو بسبب الهروب من العقاب، ومهما تعددت أسبابه لا يُمكن اعتبار أنّ الكذب أفضل من الصدق، لأنّ الصدق منجاة من كل غم وذنب، بعكس الكذب الذي يؤدي بصاحبه إلى الهلاك ويُسقط مهابته بين الناس ويجرّه إلى الحرام، لهذا من يكذب مرة سيعتاد على الكذب في جميع شؤون حياته، أما من يعتاد على الصدق سيعدّ الحقيقة هي الأساس في كل خطوة من خطوات حياته، ولهذا يتولد التنافر الكبير بين الإنسان الصادق والإنسان الكذاب.


يصف الناس الصدق بأجمل الصفات، فهم يعتقدون بأنّه ينوّر وجه صاحبه ويمنحه الجلالة والمهابة بين الناس، أما الكذب يُسقط هيبة صاحبه ويجعله في وضعٍ سيء لأن الكذب حبله قصير، لهذا بمجرّد اكتشاف الحقيقة سيُصاب الشخص الكذاب بالإحراج ولن يستطيع أن يُواجه الناس، وسيشعر بالعار لأنه كذب عليهم وغيّر الحقيقة، أما لو أنّ الكاذب قد التزم بقول الحق لما وضع نفسه في موقفٍ محرجٍ أمام نفسه وأمام الناس، لأنّ الكذب لا يمكن تبريره أبدًا، ومن يُحاول أن يبرّره يخدع نفسه والآخرين، ويغرق في الكذب مجددًا، لهذا من الأفضل أن يلتزم بالاستقامة قولًا وفعلًا.

ثمرات الصدق وعواقب الكذب

للصدق ثمراتٌ كثيرة يمكن للصادق الحصول عليها، كما تعود ثمار الصدق على الفرد وعلى المجتمع بأكمله، فالصدق سببٌ لنيل رضى الله تعالى عن العبد وسببٌ في رفع درجاته في الدنيا والآخرة، ومنه يأخذ الأجر الكبير والثواب العظيم، ويستطيع الصادق أن يكتسب محبة الناس وثقتهم، كما أنّ من أهم ثمرات الصدق أنه يمنع حدوث المشكلات بين الناس، ولا يتسبب بوقوع الظلم على أحد، عكس الكذب الذي يُسبّب حدوث الفتن والمشكلات الكبيرة ويُسبب بإيقاع الظلم على الناس وتضليل العدالة، لهذا لا يمكن المقارنة بين ثمرات الصدق وعواقب الكذب لأن الفرق شاسع بين أن يكون الإنسان صادقًا أو أن يكون كاذبًا.


من ثمرات الصدق أنه يجعل المجتمع إيجابيًّا ليس فيه أي غش أو تدليس، فالمُشتري يأخذ البضاعة من البائع وهو واثقٌ أنه لم يكذب عليه في جودتها، والقاضي يحكم بالعدل بناءً على شهادة الشهود الصادقين، أما قول الزور فهو قمة السلبية التي تجعل الشخص لا يثق بأيّ أحد، فينعدم الاستقرار وتنعدم الطمأنينة في المجتمع بأكمله، ولهذا من واجب الآباء والأمهات أن يعلموا أبناءهم معنى الصدق والكذب وأن يخبروهم بالثمار التي يجنيها الصادق، وينفروهم من الكذب ويبينوا لهم عواقبه الوخيمة وكيف أنه يقلب حياة الشخص رأسًا على عقب.


الإنسان الصادق يجد ثمرة صدقه في حياته اليومية لأنّ الله تعالى يفتح له أبواب الرحمة، عكس الإنسان الكاذب الذي تكون عاقبة أيامه سيئة ومصيره الخسران الكبير في الدنيا والآخرة، ويجب أن يكون الصدق في القول والفعل معًا، ويكون هذا بعدم وجود تناقض بين أقوال الشخص وبين أفعاله، لأنّ البعض يمارسون الكذب كعادة يومية ولا يتخلون عنه أبدًا، ويقولون عكس ما يفعلون، وهذا من أشد أنواع الكذب وأكثرها إثارة للمشكلات، كما أنّ الصدق يرفع قدر صاحبه ويضعه في مواضع عالية من الأخلاق الرفيعة التي يُعرف بها وتصبح صفة من صفاته الأساسية، مما يجعله قدوة حسنة للآخرين، أما عواقب الكذب تجعل الكاذب في موضع شبهة دائمًا حتى لو قال الصدق فيما بعد فلن يُصدقه أحد لأنه اعتاد الكذب في كلّ وقت.


على الإنسان أن يتحرّى الصدق في كل شؤون حياته، وأن يبتعد عن الكذب حتى لو كان من باب المزاح، وذلك لتجنب الضرر الذي قد يحصل من عدم قول الحقيقة، ولو فكر الكاذب في العواقب التي حصلت نتيجة تزوير الحقيقة لاكتشف أنه مخطئ بشدة، فكم من أخبارٍ كاذبة تسببت في ظلم الناس وخراب بيوتهم، وكم من كذبة كان يعدّها البعض بيضاء تسببت في جرح قلوب الناس، ولهذا يجب تجنب جميع أنواع الكذب وخاصة الإشاعة، لأنّ الإشاعة تأتي من مصادر غير موثوقة وتُسبب تغيّر الأحوال وإحداث حالة من التوتر والقلق بين الناس، وهذا كله تنعكس آثاره على سلامةالمجتمع، وهنا يتجلّى الفرق بين الصدق والكذب، وتظهر الآثار المرافقة لكلٍ منهما.

الفرق بين حياة الصادق وحياة الكذوب

فضل الصدق وذم الكذب من الأمور التي ركّز عليها الدين الإسلامي، حيث أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤمنين بأن يكونوا صادقين في كلّ شيء وأن يلمسوا الفرق بين حياة الصادق وحياة الكذوب، فحياة الصادق مبنية على أساسٍ سليم يؤدي إلى الخير والثبات والنجاح في الدنيا، فالصادق يحيا بطمأنينة ولا يخاف الوقوع في الحرج؛ لأنّ أفعاله وأقواله متطابقة ولا يخشى في الحق لومة لائم، كما أنّ حياة الصادق تكون لله ويستشعر مراقبة الله له في كلّ شيء فيخشى أن يزلّ لسانه بقولٍ خاطئ، فيستغفر ربه في كل وقت، وحياة الصادق مليئة بالمحبة التي يجدها في قلوب الناس لأن الناس بطبعهم يحبون الشخص الذي يقول الحق ويرغبون في رفقته ويعتبرون صحبته مكسبًا لهم لأنه من الناس الأخيار، لهذا تكون حياته مليئةبالثقة بالنفس وبالآخرين، ويكون موضعًا لحفظ الأسرار والأمانة.


حياة الكذوب ينقصها الاستقرار والطمأنينة، فهو يعيش في خوفٍ دائم من أن يفتضح أمره أمام الناس ويكتشفون كذبه، لهذا يعيش في جوٍ مشحون بالطاقة السلبية، وينفر منه الناس شدة، ويعيش في عالمٍ وهمي مليء بالكذب، حتى أنه قد يكذب على نفسه ويضع نفسه في دائرة الوهم فلا يصل إلى أيّ هدف لأنه حياته قائمة على أساس خاطئ، كما أنّ الكذوب يُعطي نموذجًا سيئًا عن نفسه للآخرين، وينفر منه الناس ولا يأخذون برأيه في أيّ شيء، كما أنه يكون قدوة سيئة لأبنائه ولا يربيهم بالطريقة الصحيحة.


عندما يتمعن الناس في الفرق بين أن يكونوا صادقين أو أن يكونوا كاذبين يكتشفون أنّ الصدق ينجيهم من كل شر ويجعلهم متصالحين مع أنفسهم لا يخافون أي شيء لأنهم أرضوا الله تعالى وعملوا بما أمر، والله تعالى يُحب الصادقين، إذ يقول تعالى في محكم التنزيل في سورة التوبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[١]، كما أنّ الصدق من أهم صفات الأنبياء -عليهم السلام- والصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- والتابعين من بعدهم، ولهذا أعدّ الله تعالى لهم جناتٍ عرضها السماوات والأرض جزاء صدقهم وتجنبهم لقول الزور، وبالمقابل أعدّ للكاذبين عقابًا على كذبهم وافترائهم، خاصة أؤلئك الذين يقترفون أشدّ أنواع الكذب وهو الكذب على الله ورسوله واختلاق كلام غير صحيح ونسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى الكذب الذي يكون أثره مدمرًا ويُسبب نهاية حياة إنسانٍ بريء.


يجب على الإنسان أن يستعيذ من الكذب في كلّ لحظة، وأن يُحاول أن يكون صادقًا رقيق القلب لا يقبل على نفسه التلفظ بأي قولٍ أو أن يفعل أيّ فعل ما لم يكن هذا القول صادقًا، والأمثلة على الصداقين كثيرة، خاصة أؤلئك الذين ذكر الله تعالى صدقهم في القرآن الكريم مثل النبي يوسف -عليه السلام- وغيره من الأنبياء، فالصدق مثل قارورة العطر المليئة بالرائحة الطيبة، ما إن يتلفظ الإنسان بأي شيء صادق حتى تفوح رائحة العطر هذه وتنشر الخير في كلّ مكان، لهذا على كلّ شخص أن يُحافظ على الرابطة التي تربط بينه وبين الأشخاص الصادقين، وأن يتجنب مخالطة الكاذبين حتى لا يصبح مثلهم ويعتاد على طريقتهم في قول الزور وتغيير الحقيقة وظلم الآخرين الذي ينتج عن كذبهم.

المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 119
6895 مشاهدة
للأعلى للسفل
×