فرحة العيد
العيد عنوان للبهجة للكبير والصغير وجميع الناس، فالعيد فرحة عظيمة تملؤنا بالفرح والسعادة، وتُشعرنا بأن الحياة أجمل وتستحق أن نعيشها، كما أنّ العيد يحمل ذكريات الطفولة حين كنّا صغارًا وننتظر قدومه بفارغ الصبر ونحن نحتضن أواعي العيد ونرسم في مخيلاتنا ما نريد أن نرتديه وماذا نريد أن نفعل في العيد، فالعيد مناسبة رائعة لاجتماع الأحبة والأهل والأصدقاء، وفرصة للقيام بتواصل الرحم وإظهار المحبة للآخرين، وتناول الحلويات اللذيذة كالشوكولاتة والمعمول الذين يُعدّان من أهم أساسيات العيد، ولا يُمكن الاستغناء عنهما، وأجمل ما في العيد هو الصباح الباكر عندما نستيقظ على تكبيرات العيد وأجواء الفرح تملأ القلوب.
في العيد يشعر الوحيد بأنّه محاط بالكثير من الناس لمجرد رؤية الأطفال الصغار وهم يرتدون ملابس العيد، وينتشرون بين البيوت مثل الفراشات الرائعة في فصل الربيع، وهذا المشهد الرائع لا يمكن أن يحدث بهذا الشكل إلا في مناسبة العيد التي يتهيأ الجميع لاستقبالها بكل ما يملكون من شغف الانتظار والفرح، وفي العيد أيضًا يشعر الحزين بالفرح الذي يستيقظ بمجرد سماع تكبيرات العيد، ويشعر المريض بأنّه أصبح أفضل.
يشعر الفقراء والمحتاجون بالسعادة لأن الناس يتذكرونهم بحلوى العيد وملابس العيد والعيديّة، لهذا لا يمكن للكلمات أن تصف فرحة أول يوم في العيد، فهي فرحة تبقى محفورها في القلب طوال العمر، ويخزنها كل شخص في ذاكرته الخاصة التي يظلّ يعود إليها في كلّ وقت.
في العيد تكون الفرصة مناسبة للضحك والمرح ونسيان جميع الأحزان والهموم، والتفرّغ للفرح والمغامرات الجميلة مع الأهل والأحبة والأصدقاء وتنظيم الرحلات العائلية التي تزيد أجواء الحماس في العائلة، والانشغال بفرحة العيد التي تزينها الملابس الجديدة المرتبة وروائح البخور والعطور، ورائحة كعك العيد التي تتفنّن النساء في صنعه والتّباهي بطعمه اللذيذ، فالعيد فرحة للصغير والكبير، وامتنان على ما مضى من أيام تعب وعبادة، فقدوم العيد يعني انتهاء موسم طاعة وعبادة، والبدء بموسم جديد، فينتقل الإنسان من طاعة إلى طاعة.
من الضروري أن يعيش الإنسان أجواء العيد بكامل الفرح وأن ينسى كل ما يُشغله عنها، وأن يُعظِّم شعائر الله بفرحته في يوم العيد، فهو يومٌ للسعادة وصلة الرحم وتناول الطعام الذي يُصنع خصيصًا ليوم العيد، وأجواء الفرح تبدأ منذ أول لحظاته مع اجتماع الناس في صلاة العيد وحتّى انتشارهم في مختلف الأماكن والذهاب إلى البيوت التي تفوح منها رائحة القهوة والحلوى المخصصة للعيد.
تختلف أجواء عيد الفطر قليلًا عن أجواء عيد الأضحى، ففي عيد الفطر يبدأ الناس بتناول الطعام ولو بشقّ تمرة قبل ذهابهم إلى الصلاة كإعلانٍ ضمني عن انتهاء شهر رمضان المبارك، وانتهاء موسمٍ كامل من العبادة والصلاة والصدقات، وبدء موسم عبادة وفرح جديد تتهيأ القلوب لاستقباله، وبالرغم من جمال شهر رمضان إلّا أن فرحة العيد بانتهاء أيامه المباركة لا يمكن إغفالها، لأنّها تٌعبّر عن أداء عبادة جليلة وهي الصيام.
أمّا في عيد الأضحى فله طقوسٌ خاصة وجميلة تجتمع فيها العائلات عند ذبح الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، وهذا يعني أنّ العيد يُعزّز أواصر المحبة والتكافل بين الناس، وينسى فيه الناس إساءات بعضهم البعض ويتجاوزون عنها بصدرٍ رحب ونفسٍ يملؤها التسامح والحب الصافي والطاقة الإيجابية التي تفرضها أجواء العيد على الناس.
مظاهر العيد
عندما يأتي العيد تبدأ المظاهر الخاصة فيه من أجواء الفرح والتقاء الأهل والأقارب والأحبة، وتبادلهم الزيارات العائلية وارتداء أجمل الثياب والتعطر بالكثير من الفرح، فالعيد مناسبة عظيمة وهبة ربانية منحها الله تعالى لعباده حتى يكون يوم خيرٍ وسرور، وكي يستقبلوه بالكثير من التحضيرات والاستقبالات، وقد جرت العادة أن يحضّر الناس الحلويات الخاصة بالعيد من أقراص العيد وغيرها، بالإضافة إلى تجهيز البيوت وتزيينها بالأضوية والورد تمهيدًا لدخول وقت العيد، وما إن تبدأ تكبيرات صلاة العيد حتّى تفوح رائحة القهوة في جميع البيوت، وتنتشر رائحة الهيل لتعطر الأجواء لتعلن هذه الطقوس أن العيد قد بدأ فعلًا، وبدأ موسم الخير المرتبط بقدومه.
من أبرز مظاهر العيد هو فرح الأطفال الصغار وأخذهم للعيديات من الأب والأم والجد والجدة، وارتداؤهم ما اشتروه من ثياب، وتلبية طلباتهم جميعها تعبيرًا عن الفرح والسعادة، وعلى الرغم من اختلاف الثقافات بين الشعوب، إلّا أنّ طقوس العيد تبدو متشابهة في معظم الدول، وخاصة الدول العربية التي تشترك في الكثير من هذه المظاهر، حيث تعلو أصوات الأناشيد في الشوارع مرحبة بقدومه، ويظهر الفرح على وجوه الناس، وحتّى لو اختلفت الأعياد باختلاف الأديان يبقى للعيد نفس طقوس البهجة التي يكون عنوانها الأساسي الفرح والسرور وزيارة الأقارب.
من أهم مظاهر العيد التي تظهر في الشوارع هو انتشار الأضواء وحبال الزينة، بالإضافة إلى انتشار الناس في الطرقات، وهم يستعدون للتحضيرات الأساسية الخاصة بالعيد، من مظاهر العيد المثيرة للبهجة ازدحام الأسواق بالناس الذين يذهبون لشراء ملابس العيد والحاجيات الخاصة بهم، بالإضافة إلى شراء القهوة والشوكولاته والسكاكر المتنوعة، وتزيين البيوت بالورد وحبال الزينة والفوانيس الجميلة، وقد جرت العادة أن تكثر المناسبات الجميلة في العيد مثل مناسبات الخطوبة والزواج وغيرها، ومن مظاهر الأعياد المسيحية الصلاة في الكنيسة ووضع شجرة العيد المزينة بالهدايا والورود الجميلة في عيد الميلاد المجيد، أمّا في عيد الفصح فيُوزّع البيض الملون، بالإضافة إلى الحلوى والشوكولاتة.
من مظاهر العيد تناول بعض الأطعمة الخاصة في صباح العيد، سواء في وجبة الإفطار أم في وجبة الغداء، وفي العادة يتم تقديم الوجبات الشعبية على وجبة الغداء؛ لأنّها مناسبة لاجتماع جميع أفراد العائلة، وفي عيد الأضحى تُطبخ عادة من لحوم الأضاحي بعد توزيع جزء منها، وفي النهاية لا يمكن حصر مظاهر العيد بأجواء معينة؛ لأنّ بعض العائلات تخترع طقوسًا ومظاهر خاصة فيها وتمارسها باستمرار بمجرد إعلان العيد، ومهما اختلفت هذه المظاهر تبقى لها نكهتها الخاصة وجمالها الأخاذ والروح الجميلة التي يتركها العيد في قلوب الجميع، وكأنّه يحمل عصًا سحرية تحول الألم إلى أمل.
مشاعر الاحتفال بيوم العيد
مشاعر الاحتفال بيوم العيد هي من أجمل المشاعر وأكثرها سموًا، وترتبط هذه المشاعر بأداء العديد من العبادات، ومن أهم العبادات المرتبطة بالعيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى سنة صلاة العيد، وهي صلاة جماعة تقام في الساحات في أول يوم من أيام العيد، وهذه الصلاة سنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
إضافة إلى الفرح الكبير الذي يغمر القلب بالعيد، فهو سنّة من سنن الإسلام، لهذا على المسلم أن يُظهر هذا الفرح، لأنّ الفرح بالعيد فرح بإتمام عبادة من العبادات الجليلة وركنٌ من أركان الإسلام، سواء في عيد الفطر الذي يتم فيه صيام شهر رمضان المبارك، أم في عيد الأضحى الذي يكون فيه الحج، وكلتا العبادتين -الصيام والحج- من العبادات السنوية التي تستحق أن يرتبط أداؤها وإتمامها بالعيد كما أراد الله تعالى لعباده.
أثناء الاحتفال في يوم العيد ينسى الناس الخصام والمشاكل بينهم، ويسلمون على بعضهم بعضًا بنفسٍ نقية محبة للخير وفرحة بأجواء العيد، وممّا يجدر ذكره أنّ العديد من العائلات تحتفل في العيد على طريقتها الخاصة، فمنهم من يُسافر مع العائلة، ويحتفل في العيد بطريقة مختلفة، وفي العادة يتجمع الأبناء والبنات المُتزوّجون وجميع الأحفاد في بيت الجد والجدة ليمارسوا طقوس العيد ويحتلفوا معًا، وكي يذهبوا في زياراتهم العائلية بشكلٍ جماعي، وأهمّ شرط للشعور بفرحة يوم العيد هو أداء العبادات التي تسبقه على أكمل وجه وأفضل طريقة.
الكثير من الأشخاص ممّن فقدوا أحبة لهم قبل قدوم العيد قد يتسلل الحزن إلى لقوبهم لافتقادهم أحبتهم في يوم العيد، وحاجتهم إلى وجودهم بينهم ليكتمل الفرح، لهذا قد يشعر هؤلاء الناس بأنّ فرحة العيد ناقصة، ومن واجب الأهل والأقارب والجيران أن يبادروا لزيارتهم والذهاب إليهم ومحاولة إدخال الفرح إليهم للتخفيف من حزنهم وتخليصهم من الطاقة السلبية التي تسكن في صدورهم، ويشجعونهم على الصبر، كما يجب ألّا ينسى الناس الفقراء والمحتاجين من فرحة العيد، وذلك بإعطائهم العيديات التي تفرح قلوبهم، وتسدّ الكثير من الحاجات التي تلزمهم.
بمجرد قدوم العيد يتحوّل التشاؤم إلى مشاعر فياضة من التفاؤل، وتصبح الساعات أجمل ليس فيها ملل أو ضجر أو أيّ مشاعر غير مُحبّبة، فالعيد يعطينا دروسًا كثيرة عنوانها الحب والتفاهم والتقارب وصلة الرحم ونبذ الفتن والمشكلات التي تُعكّر الأجواء بين الناس، والاجتهاد في عمل الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله تعالى حتّى يبقى للعيد فرحته وبصمته الخاصة التي يترك أثرها طويلًا في النفوس لهذا ينتظر الجميع قدوم العيد بكلّ ما يملكون من مشاعر جميلة ومحببة.