موضوع تعبير عن النيل وفوائده وواجبنا نحوه
مياهٌ رقراقةٌ عذبةٌ شَهِدها الآباءُ والأجداد، فلا يَكادُ يخلو كتابٌ من ذِكرِها إن كان تاريخيًّا أم جغرافيًا أم حتّى قصصيًّا، إذْ تغنَّى به الشُّعراء، وكتب لأجله الكتَّاب، ونظرًا لأهميّتِه العظيمة أفْرِدَ بالذّكر في موضوع تعبير عن النِّيل وفوائده وواجبنا نحوَه، فهو شريانُ مصر ووريدًها وقلبُها النّابض، ومُمدُّها بالحياة بإذن الله.
نهر النيل من أطول أنهار العالم، إذ إنَّه يمرّ بعشر دولٍ إفريقيَّة، فلم تعدْ فوائد النيل خافيةً على أحد، إذْ بُنيت عليه السدود منذ القدم، لغزارة مائه وقوَّة تدفقها، خوفًا من الفيضانات، وقد استثمروا هذه السُّدود، ويشكِّل النِّيل أهميةً كبيرةً بالنِّسبة إلى المزارعين، فهو يسقي جميع الأراضي التي يمرُّ بها فتنشط الزِِّراعة كثيرًا على جوانبه، ويكتظُّ السُّكَّان حوله، للاستفادة من مائه، وبسبب قِدَم هذا النَّهر العظيم فقد اكتسب شهرةً واسعةً في أرجاء العالم، فيعدُّ عاملًا مهمًّا لجذب السيَّاح يلتقطون الصُّور حوله، ويركبون فيه، وبالتَّالي فهو يشكِّل نقطةً اقتصاديَّةً مهمَّةً لمصر الجميلة، إضافةً إلى أنَّه يعدُّ نقطة اتِّصال مميزةٍ بين الدُّول، ووسيلة نقلٍ رخيصة الثَّمن مقارنةً بغيرها، كما أنّه مَعلَمٌ حضاريٌّ قلَّما يوجد له نظير، عدا عن ذلك ثروته السَّمكيَّة التي يمدُّ بها أبناء أرضه، والمصانع التي تُبنى على مشارفه لسهولة نقل المياه إليها، لم يكن وصف النِّيل وحبّه حِكرًا على الشُّعراء، بل قاسمهم ذلك المجد بعض الأدباء منذ ملايين السِّنين فقد قال هيرودوت: "مِصر هبة النِّيل"، وبقيت هذه الكلمات الثَّلاث تتردّد على أفواه المصرييِّن حتّى هذا اليوم.
الآن، وبعد كلِّ هذا العطاء، لم ترحمْ المصانعُ جماله وأهمِّيَّته، فها هي ترمي مخلّفاتها فيه ضاربة بفوائده عرضَ الحائط، وما بقي من المزروعات التَّالفة يرميها المزارعون فيه والمبيدات الحشريَّة وغيرها من الكيماويَّات التي تلوث صفاء مياهه وعذوبتها، ولكنْ مع كلِّ هذا فلا يجب على أيِّ عربيٍّ أن يقف مكتوفَ الأيدي في ظلِّ هذه المآسي عليه، بل يجب أن يقوم بواجبِه نحو النيل من خلال نشر حملات توعية للتّنبيه إلى خطورة هذه المخلَّفات، ووضع قوانين صارمةٍ للتَّعامل مع المُسيء إلى النيل الجميل، ونشر لافتات تبيّن فوائده وآثاره، هذا ليس فقط موضوع تعبير عن النيل وفوائده وواجبنا نحوه، بل هو رسالةٌ توعويَّة لأهمِّية كلِّ هذا، وكما قال تعالى في كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [١]، فلتحافظ أيُّها الإنسان على ما وهبَكَ الله من النِّعم في هذه الحياة؛ فإنّه نهرُ النيلِ الذي وصَفه أميرُ الشُّعراء أحمد شوقي قائلًا:
النّيلُ العذبُ هو الكوثر
- والجنَّة شاطئهُ الأخضر
ريَّان الصفحةِ والمنظر
- ما أبهى الخلدَ وما أنضر
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 30.