موضوع تعبير عن الهجرة النبوية

كتابة:
موضوع تعبير عن الهجرة النبوية

متى كانت الهجرة النبوية؟

تُعدّ الهجرة النبوية حدثًا فاصلًا في التاريخ الإسلامي، حيث هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- من مكة إلى يثرب التي أصبحت تُعرف منذ وصول النبي -عليه الصلاة والسلام- إليها باسم المدينة المنورة، لأنها أضاءت بقدوم النبي وأصحابه إليها وأشرقت بنور الإسلام، وقد كانت هجرة النبي وأصحابه بسبب ما لاقوه من عذاب وأذى من كفار قريش، وبسبب الحصار الذي فرضوه على المسلمين ووقوفهم في وجه الدعوة الإسلامية، ومحاولة التخلص من أي شخص يدخل الإسلام.


ممّا دعا النبي -عليه السلام- بأن يأمر المسلمين بالهجرة إلى يثرب، وكانت الهجرة في البداية بشكلٍ سريّ حتى لا يمنعها كفار قريش، إلا أن بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هاجر جهرًا ولم يجرؤ أحد من منعه أو التوجه إليه بكلمة واحدة.


كانت الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة في السنة الرابعة عشرة من بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- بتاريخ الأول من ربيع الأول، الموافق لعام 622 م، وقد اتخذ المسلمون تاريخ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، لأنّ الهجرة النبوية مثلت بداية جديدة للإسلام وانطلاقة لتأسيس الدولة الإسلامية بجميع أركانها، حيث أنشأ النبي -عليه الصلاة والسلام- دولة الإسلام في المدينة المنورة وكانت انطلاقة الدعوة منها إلى جميع العالم.



وكانت الهجرة بمثابة اختبار حقيق لقوة الإسلام ولقوة إيمان المهاجرين الذين تركوا مالهم وأهلهم ووطنهم لأجل الإسلام والتحقوا بالنبي -عليه السلام- وفي الوقت نفسه اختار للأنصار الذين فتحوا بيوتهم للمسلمين المهاجرين وتقاسموا معهم بيوتهم وأموالهم ونصروهم.


لم تكن الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة حدثًا عابرًا، بل حدثًا تاريخيًا وعلامة فارقة في التاريخ الإسلامي، وفيصلًا بين الدعوة المكية والدعوة المدنية، وتغيّرت الكثير من الأشياء منذ تلك اللحظة التي هاجر بها النبي -عليه السلام-، حتى أنّ القرآن الكريم الذي نزل قبل الهجرة أُطلقت على آياته تسمية الآيات المكية، أما الآيات التي نزلت بعد الهجرة فأُطلق على آياتها الآيات المدنية.



وعلاوة على ذلك فقد جاء في الهجرة النبوية الكثير من التضحيات، أبرزها تضحية أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- الذي كان مرافقًا شخصيًا للنبي -عليه السلام- وتضحية علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي نام في فراش النبي في ليلة هجرته لإيهام كفار قريش أنه لا زال في البيت.


وفي وصف الهجرة يقول تبارك وتعالى في سورة التوبة: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.[١]

تحدث عن مسار الهجرة النبوية

مسار الهجرة النبوية الشريفة استمرّ مدّة إحدى عشر يومًا، قطع فيها المسلمون مسافة تقدر بثلاثمئة وثمانين كيلو مترًا، وقد بدأ كما هو معروف من مكة المكرمة وانتهي في يثرب أو المدينة المنورة، لكنه بدأ بطرقٍ عدة وحدثت فيه العديد من المعجزات الحسية التي حمى الله تعالى فيها نبيه -عليه السلام- وصاحبه أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- من بطش كفار قريش.


أمّا تفاصيل هذا المسار فكانت من بيت النبي -عليه السلام- حيث توجه النبي حتى وصل إلى غار ثور، وظلّ فيه لمدة ثلاثة أيام مع أبي بكر الصديق، وكان معهما مولى أبي بكر الصديق عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- بالإضافة إلى عبد الله بن أُريقط الذي كان الدليل في مسار الهجرة النبوية، واستأجره الرسول -عليه السلام- لذكائه وفطنته وحكمته.


كان الطريق الذي سلكه النبي -عليه السلام- وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه- مختلفًا عن الطريق المعتاد الذي يسلكه الناس ما بين مكة والمدينة، وذلك كي لا يستطيع كفار قريش الوصول إليهما، وقد بدأ المسار من أسفل مكة مرورًا إلى أسفل عُسفان وهي بلدة تقع شمال مكة وتبعد عنها ما يقارب ثمانين كيلو مترًا، ثم أسفل أَمَج وهو أحد وديان الحجاز الزراعية، ثم وصلوا قُديدًا ثم وادي الخرّار ثم ثنيّة المَرَّة ثم مروا في طريقٍ يسمّى لقفًا.



ومروا في العديد من المناطق غير المعتادة حتى وصلوا إلى عين ماء تقع ما بين مكة والمدينة، ثم وصلوا إلى وادٍ قرب المدينة حتى وصلوا إليها، وكان الأنصار في استقبال النبي -عليه السلام-، حيث استقبلوه بالأناشيد والفرح والسرور.


حدث في مسار الهجرة عدة أحداث ومعجزات، فعندما مكث النبي -عليه السلام- وصاحبه أبو بكر مدة ثلاثة أيام في غار ثور حتى لا يراهم كفار قريش، استطاع كفار قريش الوصول إلى مدخل الغار حيث أخبرهم الدليل الذي أحضروه أن النبي في هذا الغار، فخاف أبو بكر أن يكتشف كفار قريش أمرهم، لكن النبي -عليه السلام- طمأنه وأخبره بأن الله معهما، وبحكمة الله وقدرته أرسل حمامتين لهما عش على باب الغار، وبييت من خيوط العنكبوت.


ممّا جعل كفار قريش يجزمون استحالة دخول النبي إلى هذا الغار، وما هذا إلا دليلٌ على أنّ الله تعالى ينصر أتباعه ويهزم الكفار والمشركين، وآزر نبيه ونصره على أعدائه، ونصر المهاجرين الذين نفذوا أوامر النبي -عليه السلام-.

دروس من الهجرة النبوية

في الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة العديد من الدروس المستفادة التي سطرتها الهجرة، فهي مثل المنارة التي أضاءت التاريخ الإسلامي للمسلمين، وعرفوا فيه تضحيات نبيهم -عليه السلام-.



ومن أهم الدروس المستفادة أنّ الهدف الذي يحتاج إلى تحقيق يجب أن يكون مقرونًا بالعزيمة والتخطيط الصحيح كما فعل النبي -عليه السلام- الذي لم يهاجر بشكلٍ عشوائي، بل خطط ودبر ورسم الطريق في عقله وأشار على المسلمين الطريقة الصحيحة للهجرة عندما هاجروا على شكل دفعات وبشكلٍ سري حتى لا يعلم كفار قريش بهم.


كما أنّ الهجرة علّمت المسلمين أسمى معاني التضحية والوفاء لدعوة الإسلام، وكيف أنّ الرسول -عليه السلام- ومن معه من المسلمين ضحوا بكل شيء مقابل أن ينجوا بدينهم وينصروا نبيهم، وتحمّلوا تعب الطريق وتحدوا المخاطر في سبيل ذلك.


عززت الهجرة معاني الإخاء والمحبة بين المسلمين، خاصة عندما آخى النبي -عليه الصلاة والسلام- بين المهاجرين والأنصار، كما أنها وحدت صفوفهم وتلاشت الطبقات الاجتماعية والافتصادية بينهم ليعلموا أن خير الناس عن الله أكثرهم إيمانًا وتقوى، كما أنّ الهجرة أظهرت قوة الإيمان لدى المسلمين، وأعطت انطلاقة كبيرة للرسول -عليه الصلاة والسلام- حتى يبدأ بالتأسيس لدولة إسلامية قوية بعيدًا عن ظلم كفار قريش وبطشهم.


وهذا بحدّ ذاته بيّن حنكته -عليه السلام- في طريق نشر الدعوة إلى خارج الحجاز، فلو بقي في مكة لظلّ الإسلام محاصرّا ولمّا تمكّن من نشر الدعوة الإسلامية كما فعل بعد هجرته، وهذه من أهم الدروس والعبر التي جاءت بها الهجرة النبوية الشريفة.


لم تكن أحداث رحلة الهجرة سهلة أبدًا ولم تكن عادية، بل كانت محفوفة بالمخاطر ومرت بظروفٍ صعبة تحملها النبي -عليه الصلاة والسلام- بكلّ رباطة جأش، خاصة أن قريش لم تكن تريد لهذه الهجرة أن تتم، وكانت تلاحقه لهذا فإنّ تاريخ الهجرة سيظلّ من أعظم التواريخ في الأرث الإسلامي والذي يعد انطلاقة حقيقة للدولة الإسلامية، كما أنّ الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها أهل المدينة المنورة من الأنصار الرسول -عليه السلام- وأصحابه تدلّ على كرمهم ونبل أخلاقهم وسعة صدورهم ورحابتها والإيثار والتواضع.


وهذا من الأثر العظيم الذي يتركه الإسلام في النفوس، حتى أنّ الأنشودة التي غنّوها ترحيبًا بالرسول ومن معه من المهاجرين بقيت إلى اليوم خالدة بكلماتها، وهي أنشودة: "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع" والتي أصبحت راسخة في ذهن كل مسلم، ينشدوها ليتذكروا كيف أن المدينة أضاءت بقدوم الرسول -عليه الصلاة والسلام- إليها.


في سبيل الإسلام تهون الصعاب، والهجرة النبوية ما هي إلا درس عظيم سطّر فيه المسلمون بقيادة الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعلى مراتب الإيمان والصدق مع الله والتضحية والوفاء، وسطّر فيه الأنصار أسمى معاني الإيثار والأخلاق الفاضلة والانتماء، وأنّ الإسلام يُوحّد بين الناس ويجمع ولا يفرق، وأن الدين لله.



أما التضحيات في بداية الهجرة كما فعل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد نومه في فراش الرسول -عليه السلام- تدلّ على أنّ الدين أهم من الروح وأغلى منها، وأن كلّ شيء يهون في سيل نصرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، لهذا على كل مسلم ومسلمة أن يستشف من الهجرة النبوية أعظم الدروس والعبر وأن يكون فخورًا بانتمائه للإسلام، هذا الدين العظيم الذي نصره الله تعالى على الكفر والشرك.



لقراءة المزيد، انظر هنا: بحث عن الهجرة النبوية.

المراجع

  1. سورة التوبة، آية:40
5360 مشاهدة
للأعلى للسفل
×