محتويات
مفهوم ترشيد استهلاك الماء
المياه هي الثروة التي لا يُمكن تقدريها بثمن على الإطلاق، وهي التي لو وُزنت بالذهب لفُضّلت عليه لكنَّ الإنسان لا يشعر بنعم الله إلا بعد أن يُسلبها، وتُشكل المياه حوالي الثلاثين بالمئة من المياه الموجودة على سطح الأرض، وهذه المياه ليست كلها صالحة للاستهلاك البشري، فهناك البحار والمحيطات والأنهار والمياه الجوفية وغيرها، ولا يستطيع البشري أن يستخدم سوى المياه العذبة للشرب والري وسقاية الحيوانات، وحسب العديد من الإحصايات فإنَّ الاستهلاك البشري للمياه قد وصل إلى 0.7 من إجمالي المياه الموجود، وهذا يؤثّر بشكل كبير على الحياة البشرية على الأرض.
لا بدّ من اتّباع العديد من الوسائل التي تؤدي إلى ترشيد استهلاك المياه، حتى يأمن الإنسان من شر الأيَّام القادمة، ومعنى مفهوم ترشيد استهلاك المياه أي المحافظة على المياه من خطر الزوال وبالتالي تهديد الحياة على كوكب الأرض، ولو لم يتبع الإنسان هذه الحيل لترشيد استهلاك المياه فسيؤدي به الأمر إلى العديد من التهلكات ومن أهمها نقصان الموارد المائية في الأماكن التي يتركّز السكان فيها، وبالتّالي هجرتهم إلى الأماكن التي يتوفر فيها الماء، وللإنسان أن يتخيّل تلك اللوحة الفنيَّة القاسية التي تمر على ذاكرته والنَّاس يتدافعون من حوله على كأس ماء.
الأطفال لا تعرف معنى فقدان المياه فيتضورون عطشًا كما السمكة التي تُحاول أن تسترجع الماء لتعيش فيه لكن ما من خَلاص لذلك إلا الموت الذي يبدأ يرفرف بأجنحته فوق رؤوس النّاس خاطفًا إيَّاهم من بهجة الدنيا التي انقلبت أسى بعد ما قاساه من جريرة أفعاله وأفعال أجداده، فالدنيا لا تستطيع أن تفرق بين مرتكب الذنوب والتائب، بل هي تأخذ الجميع أخذة رجل واحد فلا يملك البشري بعدها سوى الاستسلام والدعاء.
وسائل ترشيد استهلاك الماء
إنَّ من أهم الأماكن التي يتم فيها استهلاك المياه بشكل مُتزايد هو المنزل، إذ يتم فيه استخدام المياه لمختلف الشاطات اليومية من غسيل وطهي وما إلى ذلك، ويُمكن ببضع خطوات صغيرة أن تُقلل السيدة من هدر المياه التي هي من نعمه سبحانه، والواجب بنا -نحن بنو البشر- أن نشكر الله على نعمه ونحافظ عليها، ومن الوسائل التي من الممكن للسيدة أن تفعلها لترشيد استهلاك المياه ألَّا تعمد إلى استخدام غسالة الصحون إلا حين امتلائها كاملة؛ حتى لا تُضطر كذلك إلى تعبئة المياه فيها عدة مرات وبالتَّالي تذهب حفنات الألماس تلك أدراج الرياح.
كذلك فمن الممكن استعمال المياه التي استُخدمت في سلق الخضراوات في الريّ أو غسيل الأرضيَّات أو تنظيف المغاسل والحمامات، ولو علق باأواني بعض الآثار صعبة الإزالة فلا يجب المحاولة معها باستمرار مع ترك المياه جارية على الآنية، بل من الممكن نقعها ومن ثم تنظيفها فيما بعد.
اختلفت الحاجيات المنزلية وتطوّرت مع تطوّر الزّمان وتبدّله؛ تلبية للحاجة التي يطلبها النّاس، ومن ذلك فقد تمّ -في الآونة الأخيرة- تصميم المراحيض التي لا تتمتّع بخاصية تدفق المياه العالية، وهي كذلك أفضل من سابقتها من ناحية الجودة والخدمة، فلو أراد الإنسان أن يكون سببًا في ترشيد استهلاك المياه فما عليه إلا أن يعمد إلى اقتناء تلك المراحيض، وكذلك فإنَّ الأطفال يعدون سببًا من أساب هدر المياه حينما تعلمهم الأم في فترة حياتهم الأولى كيفيّة استخدام الفرشاة فيجدون الفرشاة تبريرًا للعب في المياه، ويجدر بالأم أن تكون واعية تجاه هذا الأمر.
أمَّا بالنسبة للأشخاص الذين يضعون أيديهم على الزراعة فيتوجب عليه المحافظة على الماء وذلك من خلال ريّ المَزروعات في وقت الصباح؛ إذ إنَّ الأرض في هذا الوقت ما تزال تتمتع بعذوبتها ولا تكون الشمس قد احتدّت بعد فتتبخر المياه بسرعة ولا يستفيد النبات كما في وقت الظهيرة أو العصر، وكذلك فإن من أفضل الحلول لترشيد استهلاك المياه هو أن يتم ريّ الأرض عن طريق المرشات، أو عن طريق الخراطيم المثقبة التي يُمكن من خلالها ري كافة المزروعات بصورة سهلة بسيطة وغير مكلفة.
كذلك فإنّ التطور الحاصل في سبُلِ العيش أدى بشكل أو بآخر إلى رفاهية في الحياة، وبالتالي أصبحت الكثير من المنازل تحوي في حماماتها حوض ماء يملؤه النَّاس بالماء ويجلسون فيه لفترات قصيرة ومن ثمتتلوث المياه وتُرمى في المجاري دون وجه فائدة، لذلك فإنّه لا بدَّ من التقليل من تلك العادة السيئة ومحاولة التخلي عنها بشكل مطلق؛ حتى ينعم الإنسان بتلك المياه فيسقي منها أولاده القادمون.
أهمية ترشيد استهلاك الماء
قد يظن بعض الأشخاص أنَّ التقليل من استهلاك المياه وتوفيره سيعود بالفائدة على المياه فقط وذلك عين الخطأ، إذ إنَّ الحياة البشرية والبيئية هي سلسلة مترابطة والتأثير على إحداها يؤدي ظهور النتائج على الجميع، فلو قلل الإنسان من استهلاك المياه ستقل الحاجة لشتغيل مضخات المياه الكبيرة في البلاد، مما سيؤدي إلى التقليل من غاز الكربون الذي ينبعث في الجو -إثر تشغيل تلك المضخات- وبالتّالي ستُحافظ على البيئة من التشوهات والتلوثات.
كذلك فإنَّ العمليات الكيميائية التي تجري على مياه الصرف الصحي ستقلّ بشكل كبير، وهذا أمر من الأهمية بمكان؛ لأنَّ المواد الكيميائية هي مواد خطرة في التعامل وتؤدي إلى أذيّة الأشخاص الذين يعملون فيها على مرّ الأيام، عدا عن ذلك فإنَّ الإنسان الذي يوفّر من استخدام المياه في بيته ستقلّ عليه فواتير المياه، وبالتَّالي سيوفر ذلك المال حتى يُطعم به أطفاله ويلبسهم كأحسن ما يكون.
بالمحافظة على المياه فإنَّ الإنسان سيُحاول أن يضمن له وللأجيال من بعده حياة كريمة لا يشوبها الخوف من عدم القدرة على تأمين المياه للعيش بسلام، أو ربّما انفقدت الكثير من المصادر الغذائية التي تعتمد على المياه بشكل رئيس، كذلك فإنَّ الإنسان باتباعه لإرشادات استهلاك المياه يبني مجتمعًا آمنًا جميلًا يقضي أيامه فيه، فلو حصل حريق في إحدى الأماكن وتعذّر إطفاؤه بالمياه، فإنّ الحريق سيلتهم كل ما يراه في وجهه وبالتَّالي ستنتهي الحياة.
لذلك فإنَّه لا بدَّ من القيام بالعديد من حملات التوعية التي تُسهم بشكل أو بآخر في رفع سوية ثقافة المواطن، وتنبّهه للخطر المحدّق به وتزوده بإرشادات ترشيد استهلاك المياه بشكل صحيح، ولا بدَّ للطلاب من أن يحصلوا على نصائح للمحافظة على الماء في المدرسة عن طريق المدرسين بالتعاون مع الأهالي المسؤولينن أولًا وأخيرًا عن تربية أبنائهم تربية حسنة.
ترشيد استهلاك الماء في الإسلام
إنَّ الإسلام هو الدين السماوي الذي أنزله الله لعباده تشريعًا لهم في أمورهم كلها، سواء في العادات أم العبادات أم المعاملات أو غيرها من الأمور، إذًا فهو تشريع كامل لقضايا الحياة بأسرها، ومن بين الأمور التي عالجها هو إسراف المياه والتبذير فيها وهدرها، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخْوَٰنَ الشَّيَٰطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورًا}،[١] فجعل الله المبذر أخًا للشيطان في ذلك الفعل، وما أقبح أن يوصف المسم بأنه أخ لعدو الله!
ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه "أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مرَّ بسَعدٍ. وَهوَ يتوضَّأُ فقالَ: ما هذا السَّرَفُ فقالَ أفي الوضوءِ إسرافٌ قالَ نعَم وإن كنتَ علَى نهَرٍ جارٍ"[٢]، وقد ظنَّ الصحابي الجليل أنَّ العبادات لا يكون فيها سرف مهما بذل الإنسان بها والوضوء عبادة، والظاهر أنَّ سعد بن أبي وقاص كان قد أسرف في المياه فوق المطلوب فبين له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ ذلك الفعل لا يصح وهو إسراف وتبذير.
لقد دعا الإسلام في غير موضع إلى الانتباه إلى تلك النعمة العظيمة التي يفرط فيها بني البشر، وعلى المسلم أن يكون واقفًا عند حدود الله التي يشرعها وينزلها في كتابه أو التي ينهى عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى، وحتى يضمن الإنسان نفسه ألا يقع في الذنوب والمعاصي التي تودي به إلى المهالك فإنّه لا بدَّ له من ترشيد استخدام تلك النعمة العظيمة.
قد يظن الإنسان أنَّ ذلك شأنه وحده وأنَّه يستطيع أن يفعل ما يشاء، ولكن لا بدَّ له أن يتذكر أنه لو أصرف اليوم بمقدار ذرة من الماء وتسبّب بعطش الأجيال من بعده فإنَّه سيكون مسؤولًا أمام الله عن فعله الذي اقترفه، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال:كيفية المحافظة على الماء.
فيديو عن كيفية كتابة موضوع تعبير
ننصحك بمشاهدة الفيديو التالي لتعلم كتابة موضوع تعبير بطريقة احترافية في دقيقة واحدة: