موضوع تعبير عن حب الوطن والدفاع عنه

كتابة:
موضوع تعبير عن حب الوطن والدفاع عنه

حب الوطن

الوطن كلمة صغيرة لكنّها باتساع الكون، ومجرّد أن يُذكر الإنسان هذا المكان الذي ينتمي إليه بكلّ ما فيه تتأجج المشاعر ويُصبح القلب ممتلئًا بكلّ ما هو جميل، فالجميع يتمسك به لأنّه الأساس الذي يقوم عليه كرامة الشخص وكيانه، وحب الوطن هوالحب الحقيقي لأنه حبٌ فطري ينبع من أعماق القلب ولا يمكن صدّه أبدًا، لأنه الكيان الذي تنتمي إليه جميع الكائنات، ودون وجوده يشعر الإنسان بالضياع والتشرّد، والانتماء للوطن يأتي دون أيّ تخطيط، لأن الشخص يشعر أنّ اكتماله لا يكون إلا في وطنه، وبدونه يشعر بالنقص وعدم الاستقرار، فالإنسان مجرّد أن يفتح عينيه ويُولد، تقع عيناه على سماء بلاده، ويبدأ بتنفس الهواء فيه فيستوطن حبه في القلب إلى الأبد.


على الرغم من أنّ البعض يعدّ الوطن مجموعة من الأنظمة والقوانين التي يجب الخصوع لها، إلّا أنّ فكرة وجود بلادٍ ينتمي إليها الإنسان فهي أعظم من جميع المسميات، فهو مصدر الأمن والأمان، والمكان الذي يحصل فيه الإنسان على حقوقه ويؤدي واجباته بصدرٍ رحب، وهذا ما يُفسر الاستماتة في الدفاع عن حدود أوطانهم، وعدم السماح لأيّ أحد بأن يُسبّب له الضرر، وليس غريبًا أبدًا أن تُقام حروبٌ كبيرة لأجل الدفاع عن حرية الوطن، لأنّ كرامة الإنسان تكون في وطنه وعلى أرضه، وحبه لا يقتصر على الإنسان فقط، بل إنّ جميع الكائنات من حيوانات وطيور تحبّ أوطانها،فالطيور مهما هاجرت لا بدّ وأن تعود إلى حيث ولدت ونشأت.


حب الوطن ليس مجرّد كلمات رنانة يقولها الشعراء والأدباء، بل هو حبٌ بالأفعال والدفاع عن كيانه ووجوده، والشعور بأنّ أمنه جزء من الأمن النفسي والشخصي، لهذا فإنّ حب الوطن يظهر في تصرفات أبنائه وخوفهم عليه وحمايته من أي تدمير محتمل، واستعدادهم للدفاع عنه باستماتة ضدّ جميع المتربصين، ويكون هذا بالتضحية بالروح مقابل أن تظلّ راياته خفاقة عالية تلوح في الأفق، وحبه يكون بالسعي لتطويره وتقدمه، ويكون هذا السعيللعلم وطلبه بجدٍ واجتهاد، والاختراعات والاكتشافات التي يقوم بها أبناء الوطن لرفعته ونصرته ووضع اسمه في المقدمة.


يكون حب الوطن بالحفاظ على مقدراته وآثاره وتاريخه، وعدم التسبب بأي إيذاء لأي شيءٍ فيه، فالحفاظ على ثرواته يضمن أن يظلّ واقفًا في وجه أي اعتداءٍ خارجي، وحبه أيضًا يكون بالأمانة فيالعمل، وحمايته من أي فساد داخلي في المجتمعات، وعدم احتكار أي معلومة من الممكن أن تُفيده أو أيٍ من أبنائه، ولا يشعر بقيمة الأوطان إلا من عاش في غربة بعيدًا عنه، فالوطن هو الأهل والأصدقاء والجيران، وهو المكان الذي تبدأ فيه الذكريات من سن الطفولة إلى سن الشباب وحتى الشيخوخة، ويشعر كلّ من ينتمي إليه بالرغبة في أن يُدفن في ترابه حتى لا يُغادره أبدًا.


الوطن هو الخيمة الكبيرة التي يستظلّ بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبناءها أطيب الثمار دون كللٍ أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطنٍ، لهذا فإنّ حبه واجبٌ تفرضه الإنسانية أولًا والانتماء الحقيقي ثانيًا، لهذا فإنّ من واجب الأم والأب والمعلمين وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، ويكونوا مستعدّين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يُظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم.

الدفاع عن الوطن

من يُحب وطنه يسعى لأن يُدافع عنه بكامل قوّته، ولا يكون الدفاع عن الوطن فقط بحمل السلاح والمرابطة على حدوده لحمايتها من الأعداء والجيوش المحتلة، بل يكون الدفاع عنه بمنع انتشار الفساد والفتن فيه، والسعي لأن يكون الوطن حصنًا منيعًا في وجه كلّ اعتداء، فهو الجنة التي يجب أن تُحاط بالأسوار العالية وأن تحميه الأرواح الغالية والدماء الزكية، ولا يمكن للوطن أن يكون مصانًا إلّا بدماء أبنائه الذين يُدافعون عنه مهما كانت الظروف والأحوال، كما يكون الدفاع عنه بنشر الحب والتكافل الاجتماعي بين أبنائه كي يكونوا أقوياء صامدين في وجه أي اعتداءٍ خارجي.


حين يُدافع الإنسان عن وطنه يشعر كما لو أنه يُدافع عن روحه وعن حق نفسه وأبنائه بالعيش بأمانة وثقة، دون أن يكونوا خائفين، والدفاع الحقيقي عنه يكون أيضًا بمحاربة الكراهية والبغضاء التي ينشرها أصحاب النفوس المريضة فيه، وعدم الاستسلام لأي شائعات أو أقوال ينشرها المشككون في حبه، ويكون أيضًا بوقف أي استغلالٍ لأراضيه بطريقة سيئة، والدفاع عن خيراته ومقدراته من الإسراف والتبذير والضياع أو الاستغلال غير الصحيح، وزراعة الأشجار في صحرائه كي تصبح جنة، وتعمير أراضيه.


توعية أبناء الوطن بما يجب أن يفعلونه تجاهه من أهم أنواع الدفاع عنه، فالدفاع عنه لا يقتصر على حمل السلاح فقط، بل يحتاج إلى الوعي الكبير والقدرة على مجاراة جميع الدول وتحمل الظروف والأحوال التي تعصف بالبلاد والعباد، والعمل على التأقلم مع هذه الظروف ومنع تأثيرها على الوطن ومقدراته، أما الانحناء للعاصفة يعني الاستسلام والتخاذل، وترك الوطن وحيدًا في مهب الريح، كما أنّ الوفاء يحتّم على الجميع الوقوف صفًا واحدًا لحمايته والدفاع عنه لينعم بالسلام الدائم، والتطور المستمر الذي يضعه في المقدمة دائمًا.

أثر غياب حب الوطن

أن يُحب الإنسان وطنه يعني أن يكون مستعدًا للتضحية بنفسه وولده وماله كي تظلّ راياته عالية، أما إن غاب هذا الحب فسيشعر الإنسان أنه غير منتمٍ إلى أرضه، ولن يكون في داخله أية أهدافٍ ليحققها في سبيله، وربما لا يشعر الشخص بدايةً أنّ لغياب هذا الحب أثر، لكن غياب حب الوطن له أثرٌ سلبي، لأنه يُعطي شعورًا بالانسلاخ عن الأرض والسماء والتراب والأهل والبيت، فيعيش المرء في حالة غربة بينه وبين نفسه، ولا يكون قادرًا على أن ينتمي إليه مهما واجه وطنه من محن وظروف، وهذا يعدّ نوعًا من الخيانة غير المقبولة، لأنّه يجعل القلب يتجه لا شعوريًا تجاه بلادٍ غريبة لتحلّ مكان البلاد التي ينتمي إليها الإنسان.


غياب حب الوطن يجعل الإنسان يشعر بالغربة حتى عن نفسه، لأنّه يفقد الانتماء الداخلي الذي يدفعه للتقدم والتطوّر لأجل أن يكون بلده فخورًا به، كما يفرز هذا الغياب مجتمعات مفكّكة ينتشر فيها العداء والتفرق، ويُصبح هدف كلّ مواطن السعي لمصلحته فقط دون تذكّر مصالح بلاده وأهله، وهذا يخلق حالة من الفراغ العاطفي الكبير، فالإنسان الذي لا يعرف قيمة وطنه ولا يفي له بالعهود، لا يُمكن أن يكون وفيًا لأي شيء، وهذا يُسبّب ضياع الأوطان واحتلالها من قبل الأعداء، فتُصبح مقدرات بلاده فريسة سهلة للغريب، ويجد فرصة متاحة حتى يسلب منه حريته ويُشتت أبناءه ويستعبدهم.


غياب حبه في قلوب الآباء يجعل منالأبناء يقلدون آباءهم ويتأثرون بهم، فيتربى جيل ناكر للجميل، ولا يعرف من بلاده إلا اسمها، ويبقى شعاره الأبدي هو تمني الرحيل والسعي للهجرة عنه إلى بلادٍ غريبة، ومن لا يحب بلاده ولا ينتمي إليها فلن يستطيع حب البلاد الغريبة التي لم تقدم له شيئًا، فالأوطان ليس مجرد مكان يولد فيه الإنسان ويُدفن فيه، وهي ليست مجرّد تراب وأشجار، بل هو كمية هائلة من المشاعر التي خُلقت فيه ومعه، ودون حبها والانتماء إليها يظلّ الإنسان تائهًا لا يستطيع أن يثحدد وجهته في الحياة.


ليس غريبًا أن تُقال في حبّ الوطن آلاف القصائد، وأن تُكتب فيه آلاف القصص والروايات، فالجميع يُدرك أنّ حبه لا يتساوى مع غياب هذا الحب، ومن أراد أن يكسب القلوب فعليه دائمًا أن يعزف على قيثارة حبه لبلاده، وألّا يغيب هذا الحب في أفعاله، فالفاسد والمرتشي والسارق والمهمل في عمله وطلب العلم كلهم أشخاص يغيب حب أوطانهم عن قلوبهم حتى لو أنكروا ذلك، فحبه يظهر في حرص الجندي على حراسة حدوده، وفي حرص الطبيب على أن يعالج أبناء وطنه، وفي مواظبة المعلم على تدريس أبنائه، وكل من يدّعي حبه ولا يمارس هذا بالأفعال هو في الحقيقة يدّعي هذا الحب.


إنّ أخطر ما يُمكن تصوّره هو أن يكون حبه مجرد فكرة لم تنضج في بعض القلوب، لهذا يجب أن يجدد الجميع حبه والولاء والانتماء له في كلّ صباح، وأن يكون الحرص عليه كما الحرص على أعزّ الأشياء وأثمنها، لأنّ الوطن هو الأغلى والأثمن، وهو الذي تفتديه الأرواح قبل القلوب، وليكُن الشعار دائمًا أن يكون أولًا ودائمًا في المقدمة، وألّا يفقد مكانته أبدًا مهما دارت الأيام وتبدلت الأحوال والظروف.

4904 مشاهدة
للأعلى للسفل
×