موضوع تعبير عن حفظ اللسان

كتابة:
موضوع تعبير عن حفظ اللسان

المقدمة: حفظ اللسان خلق المؤمنين

إن خير ما يمتاز به المسلمون كافة هو حفظ ألسنتهم عن اللغو والغيبة والنميمة والفتنة بين الناس وغيرها من آفات اللسان؛ وذلك لأن صون اللسان خلق المؤمنين الصادقين الذين يتبعون أوامر الله وسنة نبيهم الكريم، فلا يمكن أن ترى مؤمنًا صادق الإيمان لا يحفظُ لسانه، ولا يمكن أن تجد شخصًا سليط اللسان إلا إذا كان قليل الإيمان.

إن إطلاق اللسان فيما لا يُرضي يعتبر من السلوكيات الضارة التي لا يمكن تقبلها في أي مجتمع لشدة الضرر الناتج عنها، فكم من المشكلات حصلت بين الناس وحتى أقرب الأصحاب بسبب إطلاق اللسان وعدم حفظه. 

العرض: صور وعبر يتجلاها حفظ اللسان

هناك العديد من الصور والعبر التي يتجلى بها حفظ اللسان عن كل ما يغضب الله _عز وجل_، ولقد بينت لنا الشريعة الإسلامية فضل حفظ اللسان، كما أظهرت لنا قصص الصحابة والسلف الصالح أجمل العبر وضربت لنا أروع الأمثلة عن روائع حفظ اللسان بالصمت، فقد رويَ أن أحد الحكماء رأى رجلًا يُقِل السكوت ويكثر الكلام، فقال له إنما خلق الله لك لسانًا واحدًا وأذنين اثنتين، فاصمت أكثر مما تتكلم، وقد كان إبراهيم النخعي عندما يطلبه أحدٌ وهو في البيت، يقول لجاريته أن تخبره بأنه سيلقاه في المسجد كي لا يضطر للكذب ويقول إنه ليس ههنا، فهذا من حفظ اللسان عن الكذب.


ومن العجيب أن الإنسان يحرص على عدم أكل الحرام أو الظلم أوالسرقة أوشرب الخمر، ولكنه لا يحرص على حفظ لسانه عن الغيبة والنميمة وقول السوء، وقد نرى من يتصفون بالدين والعبادة والزهد يقولون ما يُسخط الله تعالى عليهم بسبب تتبعهم لعورات الناس وذكر زلاتهم وإفشاء أسرارهم، فنرى رجالًا متورعين عن الفواحش والظلم، ولكن ألسنتهم لا تُقَصِّر في أعراض الناس أحياءهم وأمواتهم.

وقد نجد أن الكثير من جلسات النساء تدخلها الغيبة والنميمة والخوض في أعراض النساء الأخريات وبث سموم الفتنة بين رفيقات المجلس إلا من رحم ربي، كما يعتبر الكذب من آفات اللسان المنتشرة بين الناس في يومنا هذا، فترى أن الكبار يضطرون للكذب ويعلمون أبناءهم على ذلك ويدفعونه نحوهم، وذلك أمرٌ خاطئ فليس أجمل من الصدق، ومن المعلوم أن في الصدق منجاةُ من العديد من الأمور.

ومن قصص السلف عن حفظ اللسان؛ أن رجلًا جاء للفضيل بن عياض وأخبره أن فلانًا من الناس يغتابه فأخبره الفضيل بأن لا يغضب؛ لأنه جلب له الخير في كلامه عليه، وقد ذكر عمر بن عبد العزيز أنّ الإنسان لو علم أن الكلام من الأعمال التي يُحاسب عليها المرء لترك الكلام إلا فيما يعنيه.

وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أن رجلًا زاره، فذكر أحد الرجال بسوء، فأخبره عمر أنه سينظر في أمره، فإن كان كاذبًا فسيكون من أهل هذه الآية: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [١] ، وإن كان صادقًا فينطبق عليه قوله تعالى: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} [٢] ، وأخبره بأنه إذا تراجع فإنه سيعفو عنه، فاختار الرجل أن يتراجع، وطلب من أمير المؤمنين العفو، وعاهده أن لن يعود لذلك مجددًا، فما أجملها من دروس تعلمناها من قصص السلف الصالح.

وقد يتعمد الكثير من الناس حفظ اللسان في رمضان بالرغم من علمهم الوثيق أن حفظ اللسان لا يكون فقط في رمضان وإنما في كل الأوقات والأحوال، ولكنهم يبتعدون في هذا الشهر الفضيل عن كل ما يغضب الله عزوجل ويتبعون كل أوامره ويجتنبوه كل نواهيه،فيحفظون ألسنتهم عن أعراض الناس ولا يقولون إلا خيرًا، ويلتزمون بأداء الصلوات وقراءة القرآن وحفظه وتلاوته، فإذا انتهى شهرمضان عادوا إلى سابق عهدهم، فيعصون الله تعالى، ويخوضون في أعراض الناس، ولا ينفكون يذكرون عيوبهم ويمشون بينهم بالفتن، وكأن الخير والصلاح قد انتهى بانتهاء الشهر الفضيل _مَعاذ الله_.

ومن الجدير بالذكر أنه قد ورد في القرآن الكريم آيات عن حفظ اللسان؛ وذلك لأهمية هذا الخلق الرفيع في تنظيم حياة الناس وحفظ أعراضهم وصون ألسنتهم عن فُحش الكلام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) [٣] وقال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) [٤] ، وفي ذلك دلالة واضحة على أهمية حفظ اللسان وكفه عن أذى المسلمين، والخوض في حكاياهم وقصصهم وأعراضهم، وكل ما يتسبب لهم بالأذية.

لا يكون حفظ اللسان فقط عما سبق وإنما ينبغي حفظ ألسنتنا عن أسرار الآخرين، فلو افترضنا أن شخصًا ما قد أفشى أمامنا بعض مكنونات قلبه، وألقى عن عاتقه بعض همومه ومشاكله، فإنه لا يجوز لنا التحدث عنها أمام أحد كي نكون مؤتمنين على ما قيل لنا، وكي لا نكون من تلك الفئة الذي تتلذذ في كشف أسرار الناس وفضح خفاياهم.

الخاتمة: حفظ اللسان صيانة للدين

في الختام إن حفظ ألسنتنا ليس فقط من أجل كف أذانا عن المسلمين وأعراضهم وأخبارهم، وإنما في حفظ اللسان صيانة للدين وحفظ لحسناتنا، فقد جاء في الحديث الشريف: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)'نص غليظ'[٥] ومن المعلوم أن جبالًا من الحسنات قد تأتي للمرء يوم القيامة فيسأل عنها ليظهر له أنها حسنات أتته من الذين تحدثوا عنه وخاضوا فيه، من منا يحب أن يهب حسناته لأحد، وزلات اللسان عديدة وتوقع الإنسان بشر المصائب، وهنا نستذكر المثل القائل: "لسانك حصانك إن صنته صانك"، فالزم الصمت يا رعاكَ الله، واستمع أكثر مما تتحدث ولا يكن حديثك إلّا بالخير وبالكلمة الطيبة، وبما فيه إصلاح الناس أو إسعادهم أمًا شؤون الناس الأخرى فدعها لهم، ولا تتدخل فيها إلا من طلب منك إصلاحًا ونُصحًا.

قد يفيدك محتوى مقال مسابه في كتابة التعبير، إليك مقال: كيف تحفظ لسانك.


المراجع

  1. سورة الحجرات، آية:6
  2. سورة القلم، آية:11
  3. سورة الأحزاب، آية:7
  4. سورة النساء، آية:148
  5. رواه السفاريني الحنبلي، في شرح كتاب الشهاب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 292، حديث حسن
2809 مشاهدة
للأعلى للسفل
×