محتويات
السباحة
السباحة واحدة من أهم الرياضات التي يميل إليها الكثير من الأشخاص من أجل الترويح عن النفس في الأيام الطويلة، ويكثر الإقبال عليها في وقت الصيف؛ لأنَّها تمنح الجسم حيوية ونشاطًا بعد أن تفعل أشعة الشمس فعلتها في تثبيط الجسد وإنهاك قوته من كثرة التعرق الناتج عن الحرارة، فتأتي قطرات المياه لترمم تلك الجروح التي خلفها ذلك اليوم الصيفي المتعب، وقد يميل النَّاس إلى السباحة ولو في أيَّام الشتاء، وذلك عن طريق اللجوء إلى المسابح المدفأة بأنواع التدفئة المختلفة التي تهفو لها النفس في يوم بارد شاق.
ورياضة السباحة ليست وليدة يوم وليلة أو ليست وليدة هذا العصر، على العكس من ذلك فرياضة السباحة قديمة جدًا وقد ورد في أثرٍ قديم أن علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل، وعندما يدخل الإنسان في الماء ويبدأ بالسباحة يشعر كأنه سمكة تخترق المحيط بحراشفها، ومن ثم يغوص بين لآلئ الماء باحثًا عن المتعة والفائدة في آنٍ معًا، وفي قديم الزمان كانت رياضة السباحة إجبارية على المجندين في الجيوش؛ لأنَّه لا بدَّ لذلك الرَّجل الذي يخوض غمار الحرب من أن يكون عالمً بتلك الرياضة التي قد تكون سببًا في إنقاذ حياته يومًا ما.
ويقول الكثير من النَّاس إنَّ السباحة في المياه المالحة أسهل من السباحة في المياه الحلوة؛ إذ تعمل المياه المالحة على رفع جسد الإنسان فيطفو على سطح الماء إن هو ترك ثقله كاملًا للماء يجره كيف شاء، بينما تعمل المياه الحلوة على سحب الجسد إلى الأسفل مما يتطلب سبَّاحًا ماهرًا في المياه الحلوة أكثر من المالحة، ولم تعد تقتصر رياضة السباحة على الكبار والبالغين فقط كما كان في الأيَّام الخالية، بل تعدى ذلك الأمر لسباحة الأطفال الرّضع وكثيرًا ما انتشرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تصور الأطفال الرّضع وهم يتقنون السباحة ويتدربون على ذلك على يد كبار المهرة من السبَّاحين المخضرمين.
وتعمد العديد من السيدات إلى تعلم تلك الرياضة الهامَّة وممارستها بشكل دوري وقام العديد من المباريات على المستوى الدولي التي يخوضها النساء والرجال على حدٍّ سواء، وذلك كله من النشاطات الترفيهية التي تروّح عن النفس الكثير من المتاعب، ومع ذلك فقد يعد الكثير من النَّاس السباحة مهنة لهم من خلال امتهانها وخوض الكثير من المباريات التي تكسب الإنسان شهرة ومالًا على حد سواء.
أشكال السباحة
ثم إذا ما امتهن الإنسان أي أمرٍ أبدع فيه حتى انسجم فكان منه وأبدع في إظهاره بأبهى حلله التي قدرها الله له، وقديمًا اعتمد النَّاس على شكلٍ واحدٍ من أشكال السباحة وهي السباحة على الصَّدر، ويكون صدر السَّباح في شكل السباحة هذا ملامسًا للماء وقد أخرج السبَّاح جزءًا من صدره وأخرج رأسه حتى يتنفس من فوق الماءـ وهذا هو الشكل الأوَّل من أشكال السباحة التي اعتمدها النَّاس قديمًا وكانوا يتبارون فيها مثل أن يتسابق اثنان من أمهر السبّاح أيّهم يقطع المسافة المطلوبة أولًا، وهذا هو الشكل الشائع من أشكال السباحة على المستوى الدولي.
وأمَّا النوع الثاني من أنواع السباحة فهو السباحة على الظهر، وقد راجت تلك السباحة على يد السبَّاح الماهر هاري هيبنر، وأساس السباحة على الظهر أن يكون العمود الفقري ملامسًا للماء بشكل مستقيمٍ منحنٍ قليلًا من الأمام، ولا بدَّ في أثناء السباحة على الظهر أن يبقي السبَّاح نظره على أمشاط قدميه، وأن يقرب ذقنه قليلًا إلى ناحية صدره؛ حتى يأمن على نفسه من الماء كي لا يدخل إلى فمه فيسبب له الاختناق، ويحتاج هذا النوع من السباحة إلى التمرين بشكل كبير، وذلك منعًا من الأخطاء الشائعة التي قد يرتكبها السباح وتؤدي إلى موته.
الشكل الثالث من أشكال السباحة والتي يتبعها الكثير من السبَّاحين هو الفراشة والتي يشبهها العوام بالطيران؛ لأنَّ الجسم يأخذ فيها الشكل الأفقي ومن ثم يترنح صعودًا وهبوطًا، ويعتمدها الكثير من النَّاس فيما إذا أرادوا الهروب من حيوان مفترس؛ لأنها تكسب الجسم سرعة عالية تفوق باقي أشكال السباحة، وأمَا الشكل الأخير من أشكال السباحة فهو السباحة الحرة والتي يسبح فيها السبَّاح كما يشاء، دون أن يقيد نفسه بأي من الحركات السَّابقة، ويعتمدها النَّاس غير المتعلمين للسباحة بشكل كافي أي إنهم لم يتقنوا بعد نوعًا من أنواع السباحة آنفة الذكر.
أهمية رياضة السباحة
اعتمد النَّاس السباحة منذ العصر القديم وذلك من الأجل الأغراض المختلفة ومنها البحث عن الغذاء، وصيد الحيوانات المختلفة والتعرف على بيئة أخرى غير معروفة لدى الإنسان القديم، كما وقد تكون السباحة في بعض الأحيان هربًا من الكوارث مثل الزلازل التي قد تصيب اليابسة، أو الهرب من بعض الحيوانات المتوحشة التي لا تستطيع السباحة في الماء مثل النمر أو الأسد.
ومن ثم جعل النَّاس السباحة رياضة يلوذون إليها كلما ضاقت بهم الحياة، ومن أهم فوائد السباحة أنَّها تقوي عضلات الجسم المختلفة، فهي تستهدف أكثر من عضلة في الجسد في آن واحد، مثل عضلة الصدر وعضلات الكتف والقدمين وغيرها، وتخفف السباحة بشكل كبير من الضغوط النفسية التي تُمارس على الإنسان في حياته العملية، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعملون في مجال يحتاج إلى إعمال الفكر مما يؤدي إلى إرهاق عقلي، والماء هو خير مداوٍ لتلك الحالة .
وقد تمل الكثير من النساء من كثرة الرجيمات التي تتبعها دون فائدة تذكر، ولكنها في نهاية المطاف تعمد إلى السباحة؛ ليقينها أن تلك الرياضة تحرق الكثير من السعرات الحرارية إن تم الالتزام بها في وقت محدد ولمدة معينة، ومن النَّاس من يبتدع طريقة خاصة في أثناء سباحته تمكنه من تقوية رئتيه وذلك عن طريق محاولته حبس نفسه تحت الماء والتدرب على ذلك، وقد يصل الأمر ببعض الأشخاص إلى قدرتهم على حبس أنفاسهم تحت الماء لمدة تزيد عن الست دقائق، ولكنَّ ذلك يتطلب تدريبًا مكثفًا مع عدم وجود أمراض تمنع من ذلك.
وكذلك فالكثير من الأشخاص الذين يعانون من آلام في الظهر والفقرات سواء بسبب الأعمال المجهدة التي يمارسونها أو أنَّ ذلك الأمر خَلقيًا، والسباحة تكون الحل الأمثل لمثل تلك الحالات خاصَّة وإن كانت في مياه دافئة، وكذلك من الممكن اللجوء إلى واحدة من البحيرات الكبريتية والمنتشرة في الوطن العربي بشكل كبير.
أفضل الأوقات للسباحة
تختلف أذواق النَّاس في انتقائهم وقتًا مناسبًا للسباحة، فالبعض يفضل أن يكون وقت سباحته بعد نهار العمل الذي غالبًا ما يستنفذ طاقته فيه، فيعمد إلى المياه؛ كي يخفف من شعور التعب الذي يعاني منه، والبعض الآخر قد يفضل أن يكون وقت سباحته في الصباح الباكر كعادة الذين يمشون كل يوم حتى يستنشقوا الهواء العليل.
وأما آخرون فقد يفضلون السباحة بعد الغداء كي يهضموا الطعام الذي تناولوه، وليخففوا أيضًا من شعور التخمة، ولكن ذهبت الكثير من الدراسات إلى أنَّ السباحة قرابة الساعة الثالثة مساء تعد من أفضل الأوقات؛ إذ تُجدد من النشاط الذي فقده الإنسان طيلة يومه.
تدابير احتياطية قبل السباحة
السباحة هي اللوحة التي يخط فيها أي سباح ما يريد بالاستناد إلى خبرته الطويلة في ذلك المجال، ولكن حتى يبدع السباح في فنه الذي يرسمه لا بدَّ له من عدة خطوات هي بمثابة خطوات أمان؛ حتى يتمكن من إتمام سباحته بخير، إذ لا بدَّ منالاستحمام قبل النزول إلى مياه المسبح؛ وذلك من أجل المحافظة على زرقة المياه التي تباري في زرقتها صفاء السماء، كذلك لا بدَّ من ارتداء غطاء الشعر؛ للمحافظة على الشعر من المطهرات الكيماوية التي تستخدم عادة في المسابح.
صحيح أنَّ السباحة لها فوائد جمة ولكن يجب عدم البقاء في المياه لمدة طويلة؛ لوقاية الجسم من الأمراض الني قد تحل به مثل السعال أو الزكام، ولا بدَّ من استخدام مرطب للبشرة حتى لا تتقشر نتيجة تعرضها المباشر للمياه، وبذلك يستطيع السباح الذي قد يفوق في بعض الأحيان السمكة في خفتها ورشاقتها أن يهنأ بسباحته وينعم بممارستها.
إنَّ السباحة هي واحدة من نعم الدنيا التي يهنأ بها الإنسان فيتعايش مع صفاء الماء وزرقته، ويتحرك بانسياب في أرق شيء قد خلقه الله على الأرض، فيرى الحياة على غير ما يراها كثيرون غيره، ويحاكي السماء في عينه فيحدث ذلك الاندماج ما بين زرقة السماء وزرقة الماء فينتج عن تلك المعادلة روحًا صافيةً اكتسبت هدوءها من رياضة قد لا يفطن إليها كثير من البشر.