يحتفل الناس في مختلف أرجاء المعمورة بأعياد ومناسبات كثيرة، بعضها نصّت عليه الشرائع الدينية والديانات السماوية، وأخرى تم ابتكارها من قبل أشخاص أو حثت عليها حضارات، وتمّ تواترها عن طريق الأجيال، وكان من أحدث هذه المناسبات عيد أو ما يعرف بيوم الأب، فهل كان هذا اليوم كافياً لتقدير الآباء؟ وما هو أصل عيد الأب؟
في اليوم الواحد والعشرين من شهر يوليو تحتفل الكثير من الدول وخاصة الغربية بما يعرف بعيد الأب، وتعود أصول هذا العيد إلى القرون الوسطى وخاصة في البلدان الكاثوليكية إلى الاحتفال بعيد القديس يوسف، وقد جاءت فكرة جعل يوم للأب من سونورا لويس سمارت الأمريكية، وقليلٌ ما تحتفل فيه البلدان العربية والإسلامية، لذلك يعد عيد الأب ابتكاراً علمانياً لا علاقة له بالديانات، وقد تمّ اعتماد هذا اليوم لتكريم الآباء وذلك على غرار الاحتفال بعيد الأم، لذلك تعدّ فكرة عيد الأب مقتبسة من فكرة الاحتفال بيوم الأم، فتقدّم للأب في هذا اليوم الهدايا وتقام الاحتفالات، وتقام الزيارات الاجتماعية للآباء؛ وذلك لأنّ الأبناء في معظم الدول الأوروبية يكونوا منفصلين عن الأهل.
حث الإسلام على طاعة الوالدين والإحسان إليهما، ونهى عن سوء معاملتهما، وقد جاء الحث على طاعة الأب في آيات القرآن الكريم، وما جسده الأنبياء والرسل من أمثلة على حسن معاملة الأب، وكان سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل قد شكلوا قدوة حسنة في طاعة الأب، حيث امتثل إسماعيل لأوامر والده إبراهيم، وقبل أن يقوم والده بذبحه بأمر من الله ومن ثم جاء الأمر الإلهي بذبح كبش فدية بدلاً من إسماعيل، وكان والد إبراهيم عليه السلام من قادة صناع الأصنام والكفرة، إلا أنّ إبراهيم تأدّب معه في الحوار، وكان يحرص على هداية والده إلى دين الحق، وغيرها من الأمثلة في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولم يوجد أي نص شرعي بالإسلام يقضي بجعل عيد للأب، وانما حث الأسلام المتواصل على معاملته معاملة حسنة، وخاصة في مرحلة الشيخوخة، بحيث يجب على الأبناء توفير احتياجات الأب اللازمة، ورعايته وبره والبقاء على تواصل حقيقي معه، وعدم مخالفته ما أمكن.
الأب منشئ الأجيال، وأساس بقاء الأسرة، وطالما يكون سنداً لها بوده وعطفه وحرصه على كسب رزقها وتأمينها، فكن معيلاً له في الكبر؛ لأنه هو الذي قام بإعالتك في مرحلة الطفولة، وكان سنداً يؤازرك في مرحلة الشباب، ولا تكتفي بهذا اليوم بل اجعل جميع أيام السنة موعداً لتقديم الاحترام والتقدير للأب.