محتويات
فصل الشتاء فصل الخير والعطاء
في الشتاء تختبأ الشمس خلف الغيوم لتُرسل أشعتها الناعمة على خجل، فتحيا بها الأرض، وترسم معالم الحياة في سمائها بألوان الطيف ليحمل كل لون بشرى الربيع، والشتاء يُعلمنا ألا نقطع الأمل، فبعد العواصف ينزل المطر، وبعد الغيوم تُشرق الشمس، وبعد فصل الشتاء يأتي الربيع، فما أعظمه من فصل عنوانه الخير والعطاء!
فصل الشتاء بركة الفصول
يأتي فصل الشتاء محملًا بالبركات والخيرات؛ فيستمر توازن الأرض بمياها فلا تنضب ثروتها، وترتوي البحار والمحيطات بالماء بعد تبخر قطراتها، وتستمر خضرة الأرض بغطائها فلا تصفر، وتُولد الأشجار من جديد ببراعمها وأوراقها بعد أن ذبلت وتساقطت، وتخرج أزهار النرجس الجميلة برائحتها العطرة في الشتاء، يقول أحد الشعراء:
جودي علينا يا سماءْ
- جودي علينا بالمطرْ
قد جاءنا فصلُ الشتاءْ
- فصل التجدد للشجرْ
فصل الغيوم الراعدة
- إذ ترتدي ثوبَ الهطولْ
فصل الثلوج الواعدة
- تُهدي القصائدَ للحقولْ
بالإضافة إلى ما سبق، تهطل الأمطار لتملأ القلوب رحمةً وتآلفًا، فتجتمع العائلة وتتآلف القلوب، وتلتف حول بعضها لتجد الدفء والحنين بسرد القصص والحكايات الجميلة، في الشتاء تسكن الكائنات وتبيت في جحورها وتتهيأ لقدوم الربيع، والشتاء فصل ليله طويل يُريح المتعبين، ويُؤنس المحبين، ويُتيح فرصةً أكبر للعبادة للعابدين، به تغنّى الشعراء، فما أجمله!
فصل الشتاء رحمة من الله
يُطل فصل المطر بعد طول انتظار؛ ليختم فصول السنة الأربعة، فتحيا الأرض بماء السماء المنهمر بعد أن جفت وتفطّر قلبها من الحر والعطش، وتتهيأ لتكتسي ثوبها الأخضر المطرز بكل ألوان الحياة وأشكالها، إنّه فصل النمو والعطاء، والرحمة والخير، إنّه فصل الدهشة والمغامرة والفرح.
فيه ترتوي الأرض بالمطر لتفوح منها رائحة التراب الزكية، وتتغطى الأرض بجزيئات الثلج الناصعة لينطلق الصغار والكبار للمرح واللعب، وفي مظاهره تُدهش العقول، فلمعان السماء بالبرق تارةً وصوت الرعد الذي يُرهب الأسماع تارةً أخرى، وحركة الغيوم السوداء المثقلة بالمطر مظاهر تدل على عظمة الخالق، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ).[١]
فصل الشتاء حكاية لا تنتهي، وشهادة على عظمة خالق هو بديع السماوات والأرض، وهو إثبات على أنّ المصاعب والأحزان لا تدوم، فالفرج قادم لا محالة، إذ تشعر بقطرات المطر تهمس بأذنيك: الأمل لا ينقطع أبدًا، والحياة مستمرة، كما أنّ المطر فيه يُشعرنا بالحنين إلى الماضي، حيث الطفولة، وإلى تلك الأيام التي فقدناها.
فصل الشتاء أغنية عذبة
في الختام، يا له من فصلٍ جميلٍ رسم في عقولنا أجمل اللوحات بقطرات الماء المنزلقة على النوافذ، وألوان قوسه الطيفية، فالشوق للشتاء بما أودعه في ضلوعنا من حياة لا ينتهي، فهو من زرع في قلوبنا الرحمة، وفي نفوسنا العطاء، فمن أجل قدومه تُصلى الصلوات، وتُدعى الدعوات، لتعم الرحمات والبركات من رب الأرض والسماوات.
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 30.