محتويات
المقدمة: المدينةُ مهدُ الرفاهية
المدينة من أكثر الأماكن جذبًا للناس والحياة، فهي مكانٌ تتوفر فيه كلّ سبل الراحة والرفاهي، كما تتوفر الخدمات في المدينة بشكلٍ أكبر بكثير من المناطق الريفية أو البادية، كما أنّ المدينة تمتاز بسهولة مواصلاتها وسهولة التنقّل فيها، ويتوافر فيها العديد من المحلات التجارية التي تُقدّم خدماتها لساعاتٍ متأخرة من الليل، كما أنّ المراكز الصحية والعيادات والمستشفيات في المدينة تكون أكثر احترافية، وتتوفر فيها المراكز والنوادي الرياضية، ويمكن الوصول إليها بكل سهولة ويُسر.
العرض: تطويرُ المدن ضرورة وليست تطوعًا
تشهد معظم المدن في دول العالم تطورًا هائلًا في جميع المجالات، خاصة أنّ عدد السكان في المدن يكون مرتفعًا مقارنة بالمناطق الأخرى، لهذا تُسهم الكثافة السكانية في تشجيع المستثمرين على بناء المشاريع في المدن -تحديدًا- لأنها تُسبّب مكاسب مالية عديدة.
وكي تظلّ المدن مزدهرة ومتطورة يجب تعزيز وجودها بإظهار أجمل ما فيها وتنميته، سواء مجالات البناء والتعمير وبناء العقارات التي توفر المكاتب للمؤسسات والأفراد وتُشجع على العمل، أو بناء شبكة المواصلات والاهتمام بالمدارس والجامعات ومختلف المرافق، سواء أكانت المرافق الترفيهية مثل: الحدائق العامة ومدن الألعاب أو المطاعم والمقاهي والمتاحف ومختلف الأماكن التي يقصدها الناس للعمل أو للترفيه والدراسة، أم لممارسة الرياضة.
تطوير المدن أمرٌ ضروري وليس مجرد رغبة أو تطوع، وهو واجبٌ على الحكومات والمؤسسات الحكومية والخاصة والأفراد، فالمشاريع الحكومية وحدها لا تكفي لتطوير المدينة أو تحقيق الرفاهية والتنوع فيها، بل لا بدّ من تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص للعمل والبناء وزيادة فرص الاستثمار، ولهذا يقع على عاتق الحكومة الاهتمام بالبنية التحتية للمدن وتهيئة جو الاستثمار لتشجيع المستثمرين على المشاركة في عملية البناء والتعمير في المدن، خاصة أنّ المدن الكبرى تحتاج إلى الكثير من العمل حتى تكون في أفضل صورة.
تطوير المدن يحتاج إلى الكفاءات المحترفة من مهندسين وأطباء وروّاد أعمال واقتصاديّين قادرين على قيادة المشاريع باحترافية وذكاء، كما أنّ التطوير بحاجة إلى استمرارية كي تبقى في كامل ألقها، وفي الوقت نفسه يجب عدم إغفال دور الحفاظ على النظافة كي يتكون المدن في كامل ألقها وبهائها.
فالمدن التي لا يوجد فيها اهتمام بالنظافة لا يمكن أن تكون جميلة أو متطوّرة وراقية، لأنّ خلو الشوارع والأماكن العامة من الأوساخ دليلٌ على أنّ المدن مسكونة من أشخاص يهتمون بأن تكون صورة مدينتهم في أفضل وأجمل صورة دون تشويه أو تقصير من المسؤولين، وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم كبير ومتابعة دورية ورقابة كبيرة.
تصميم المدن لا يتمّ بشكلٍ عشوائي، بل يجب أن يكون وفق أسسٍ هندسية وبناء منظم يضمن تخطيطها بأفضل صورة كي تُسهل على سكانها وزائريها الحياةن ويتحقق الهدف من وجودها، بالإضافة إلى تنظيم أماكن تواجد المصانع والمحلات الإنشائية والمدن الصناعية، وفي الوقت نفسه عزل المناطق السكنية في المدينة عن الأماكن المخصصة للخدمات.
كما يجب الاهتمام بالمرافق السياحية في المدن لأنّها نقطة جذب للسياح من مناطق الريف ومن مختلف مناطق العالم، والاهتمام بوجود الفنادق والشقق المخصصة للإيجار لأنّ المدن من أكثر الأماكن استقطابًا للأشخاص الباحثين عن فرص عمل أو القادمين للاستجمام أو للدراسة أو التدريب، كما يجب تفعيل المشاريع المستدامة التي تضمن إيجاد فرص عمل للكثير من أبناء المدينة وأبناء الريف الذين يأتون إلى المدن بحثًا عن الرزق والعلم والمعرفة.
ينظر البعض إلى العيش بالمدينة بأنه حلم مليءٌ بالإيجابيات، لكن رغم هذا يوجد العديد من التحديات التي ترافق السكن فيها، لهذا يجب محاول تقليص حجم السلبيات لضمان أسلوب عيش أفضل فيها، ومن هذه السلبيات التي يجب علاجها مشكلة ازدحام الطرق ومشكلة الغلاء المعيشي سواء في المواصلات أم في الشقق السكنية من شراء واستئجار أم من غلاء الأماكن الترفيهية.
لذلك يجب تعزيز الميزة التنافسية بين المستثمرين لضمان توفير أفضل الخدمات في المدينة، فالمدن هي مرآة الأوطان وأكثر الأماكن استقطابًا للأشخاص، وأكثر المدن التي يجب أن يكون الاهتمام فيها كبيرًا العواصم، لأنّ العاصمة تُمثّل واجهة الدولة وأكثر مكان تجتمع فيه الأعمال والمواقع الخدمية والترفيهية المختلفة، لكن هذا لا يعني إهمال باقي المدن في الدولة، بل الاهتمام بها جميعًا.
يوجد في العالم الكثير من المدن المتميزة في تطوّرها والتي يُشار إليها بالبنان من شدّة التنظيم فيها، ويجب تعميم تجربة الدول في تطوير هذه المدن على دول العالم كي تحاول أن تحذو حذوها، لأنّ تطوّر المدن يعني تطوّر كبير للدولة في مختلف المجالات، خاصة أنّ الجميع في الوقت الحاضر يطمح أن يسكن في المدينة.
لذلك تشهد المناطق الريفية عمومًا هجرة كبيرة من القرية إلى المدينة لتحقيق الكثير من الأهداف، خاصة أنّ الريف يفتقر إلى العديد من الخدمات التي تتواجد في المدينة، كما أنّ المدينة تدعمهم في تحقيق أحلامهم وتبوء مراكز عليا لأنّ التطوّر الوظيفي في المدن يكون أسرع وأكثر سهولة من القرى، ممّا ينعكس على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، إذ إنّ الوضع الاجتماعي في المدن أفضل منه في الريف بشكلٍ عام.
الخاتمة: لا تنسَ الغرسة الخضراء
على الرغم من أنّ الاهتمام بالمدن ينصبّ بالدرجة الأولى على البناء والتعمير وتجهيز شبكة طرق متطوّرة، إلّا أنّ هذا لا يعني إغفال تشجير المدن وتعزيز الغطاء الأخضر فيها، خاصّة في الأماكن الترفيهية والحدائق العامة، إذ يجب تشجيع الزراعة في حدائق البيوت وعلى جوانب الطرقات وفي الجزيرة الوسطية التي تفصل بين الشوارع، لما للغراس الخضراء دور مهم في تنقية أجواء المدن والتقليل من تلوثها وإعطائها منظرًا جميلًا، إضافة إلى قدرة الأشجار على تلطيف أجواء المدن خاصة في فصل الصيف.