محتويات
المقدمة: الفقراء قصص الكد والشقاء
كثيرًا ما نسمع بقصصٍ تحكي أحوال الفقراء التي تُظهر كم يواجهون في هذه الحياة من الشقاء والكد الذي يندى له الجبين، فلو زرت حيًا للفقراء لوجدت الكثير من الجياع وأصحاب الأمراض المزمنة الذين لا يجدون بعض النقود التي تحفظُ ماء وجوههم أمام الطبيب أو أمام الصيدلي فيظلُ قابعًا في بيته ينتظر الفرج أو أن يرحمه الله يأخذه إلى جواره، أو ستجدُ فتياتٍ لا يجدن ما يستر أجسادهن سوى بضع ملابس بالية تَصِف وتَشِف أكثر مما تستر، كما ستجدُ هناك أطفالًا كثيرين ما إن تدخل حيهم حتى تراهم ينسلون من كل حدب وصوب يرمقونك بنظرات عجيبة ملؤها الأمل أن تُخرج من جيبك بعض النقود أو أنك تحمل في سيارتك أكياسًا مليئة بالطعام من شتى الأصناف التي لم يتذوقوا منها سوى نوعًا واحدً أو اثنين.
العرض: الفقراء والمساكين حياة وعرة وحافلة بالتعب
كم يقاسي الفقراء في هذا العالم الذي باتت الأنانية وحب الذات شعارًا له، في كثيرٍ من الأحيان نسمعُ بوجه مفاجئ عن أب توفي من غير سبب ظاهر، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة يظهر أن سبب الوفاة جلطة مفاجئة أصابت القلب، ولكن ما لا يعلمه الناس ولا طب الأطباء أنّ سبب الوفاة اليأس والقهر والأسى الذي أصاب الرجل بعدما طرق جميع الأبواب حاملًا ما بين جوانحه طلبات وأمنيات أطفاله الصغار ويحار بأي كلام يعود لهم بعدما يئس من طرق الأبواب وشق الطرقات التي جعلت في قدميه ندوبًا لا تبرأ، أو أن تسمع أن شابًا في ريعان الشباب شنق نفسه وأنهى حياته، وتكثر الإشاعات حول مرض نفسي ألم به على حين غرة، ولكن ما لا يعلمه الآخرون أن أحلامه وئدت على أبواب الشركات والمصانع والمحال التجارية حتى المقاهي رخيصة الثمن، وأمله بالدراسة ضاع وكان أضغاث أحلام بالرغم من حصوله على معدل عالٍ في الثانوية العامة لكنه لا يملك الحيلة فضيق العيش أقعده حتى عن بناء مستقبله فاختار الموت نهايةً لما هو فيه.
قرأت فيما مضى قصة للكاتب "مصطفى المنفلوطي" عن شيخٍ عجوز حُكم عليه بالإعدام جراء ذنب اقترفه، وكانت تلك المحاكمة من أغرب ما سمعت في حياتي فقد تم سؤاله عما فعل وأجاب أنه سرق بعض القمح من قصر الملك، ولم يكمل كلامه حتى نزلت المقصلة على رأسه وتدحرج رأسه بين الحاضرين، ذهلت لما قرأت وتبادر إلى ذهني العديد من الأسئلة حول ما حصل، فلم يسرق رجلٌ عجوز من قصر الملك، وعندما سُئلت زوجته عن السبب قالت : إن ابنها الوحيد توفي وزوجته وتركا أطفالا جياعًا يعدمون الحيلة فهم لا يمتلكون حتى كسرة خبزٍ جافة، وعندما ذهب زوجها ليطرق باب الملك سخر منه القائمون على الخزينة وقالوا له أبواب العمل كثيرة اذهب واعمل وإن لم تجد من يرحم شيبتك اسرق فأبواب السرقة كثيرة.
خرج زوجي كسيرًا هائمًا على وجهه فوجد كيسًا من الطحين ملقى قرب باب القصر فحدثته نفسه الكسيرة أنه لو أخذ بضعة منه فذلك لن يضير الخزينة، وعندما اقترب من الكيس تذكر خوفه من الله وأنه هو الرزاق، وعندما عاود المسير لاحت في مخيلته صورة الأطفال الجياع فتذكر كلمة القائم على الخزينة فعاد يتوكأ على عصاه ونفسه تحدثه أن أمر السرقة جاء من ذاك الرجل ولا ذنب له بذلك وما إن اقترب من الكيس حتى قدم الجنود يصرخون واعتقلوه بتهمة السرقة ولم يرحموا شيبته فاقتادوه نحو السجن خاوي البطن والروح باكيًا على جياعه الذين ينتظرون رجوعه ببعض المال، ولكن كيف يعود وقد أعدم في صباح اليوم التالي بلا رحمة! أين العدل في ذلك ؟ وقصةٌ أخرى من قصص الفقراء والمساكين تطوى بصمت.
المؤلم في هذا الزمان أن ترى الأغنياء وذوي رؤوس المال يمرحون بالحياة ولهم صولات وجولات في كل أماكن الترفيه حول العالم، غير مكترثين بمن هم دون ذلك، ولا حتى دروا أنهم موجودون فهم يخالون أنهم لا وجود لهم إلا في قصص الخيال، وكثيرٌ من الفقراء يفضلون الموت على أن يمدوا أيديهم لغيرهم ، لذا نرى أن من واجب ميسوري الحال من الناس البحث عنهم والاهتمام بهم وإعطائهم حقهم من الصدقات والزكاة، وقد قيل إنّ الذي قال إنَّ الْفَقْرَ لَيْسَ عَيْباً كَانَ يُرِيدُ أنْ يُكْمِلَها ويقول: بَلْ جَرِيمَة! لَكِنَّ الأَغْنِيَاءَ قَاطَعُوهُ بِالتَّصْفِيقِ الْحَاد، وقد ورد عن الإمام الشافعي بعض أبيات تصف الفقر والفقراء إذ قال:
يمشي الفقير وكل شيء ضده
- والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضًا وليس بمذنبٍ
- ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
- خضعت لديه وحركت أنيابها
وإذا رأت يومًا فقيرًا عابرًا
- نبحت عليه وكشرت أنيابها
الخاتمة: مساعدة الفقراء والمساكين سلوك أخلاقي وديني
إن الفقر من الآفات الاجتماعية التي يصعب التخلص منها بسهولة، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تتدنى كل يوم أكثر من ذي قبل مما يتسبب أيضًا بانتشار الجهل بسبب المستوى التعليمي الرديء سيما أبناء الطبقة الفقيرة التي لا حظوظ لهم، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» وفي هذا دلالة كبيرة على سوئه وأنه ينبغي محاربته بشتى الطرق وذلك عن طريق تقديم المساعدات المالية والعينية للفقراء والمساكين لمن هم غير قادرين على العمل أمَا الشباب القادرين فيتوجب على الدولة وأصحاب رؤوس الأموال إقامة المصانع والشركات لهم وتهيئة أماكن العمل التي تحفظ ماء وجوههم، كما ينبغي تقديم التمويل المادي لأصحاب الدرجات العليا كي يتمكنوا من الدراسة ومن ثمّ الحصول على وظائف محترمة في مجالات متعددة وبذلك نكون قد قدمنا لهم سبل الخير عوضًا عن دفعهم نحو الهلاك وانتشار الجريمة والآفات الاجتماعية المريرة.
قد تفيدك المعلومات الواردة في هذا المقال لكتابة موضوع تعبير عن مساعدة الفقراء والمساكين: كيف يمكن أساعد الفقراء.