تعبير عن مكان زرته
عند زيارة مكانٍ جميل، فإنّ أول ما يخطر بالبال هو كتابة تعبير عن مكان زرته وعلق الكثير منه في الذاكرة، خصوصًا أن الأماكن كما يقولون دومًا عنها بأنها لا تنسى زائريها، وتحتفظ بذاكرة دائمة تختزن فيها ذكرى كلّ من مروا بها، وعندما بدأت بكتابة تعبير عن مكان زرته، لم أجد أجمل من مدينة عجلون التي زرتُها ولم تزلْ جبالها الخضراء الرائعة عالقةً في ذهني، فيا لها من مدينةٍ وادعة تغفو وسط الخضرة والجمال اللامحدود، وتفوحُ في دروبها الخضراء رائحة أشجار الصنوبر والسنديان، وتُزهر الورود على جنبات طرقاتها، وتنام وسط الغيوم التي تُعانق الجبال الشامخة لترسم منظرًا مدهشًا مملوءًا بالهيبة والدهشة.
كلما هممتُ في كتابة تعبير عن مكان زرته حاولتُ أن أصف شعوري كاملًا حول هذا المكان، لكن عجلون يحتار العقل في وصفها، فهي تُعطي شعورًا عظيمًا بالإيجابيّة، وتعزّز الجمال في الأعماق، وتجعل الشخص يشعر بأنه يعيش أوج سعادته؛ لأن خُضرة أشجارها تبعث البهجة في النفس، وتُعزّز المشاعر الجميلة، وتمنح الهدوء وراحة النفس والبال خصوصًا عند الجلوس بين أشجارها الخضراء واستنشاق الهواء النقي، أمّا الدهشة الحقيقة في عجلون فتسكن كلها بين جدران قلعتها المنيعة، التي تقف شامخةً على قمة الجبل تتحدّى جميع الظروف والأحوال التي مرّت عليها، لتحكي حكاياتٍ كثيرةً من التاريخ، ممزوجة بالبطولة والعزّة والكرامة.
المتجوّل في شوارع عجلون وضواحيها، يلمس الطيبة المزروعة فيها، ويشعر وكأنه طفلٌ صغير يلهو بألعابه ولا يحمل أيّ همٍ ولا غم، فهي قارورة عطرِ ضخمة، تفوحُ بشذى الزهور والثمار اليانعة، وقد تعاقبت على هذه المدينة المدهشة الكثير من الحضارات واستقرّ فيها الكثير من الناس عبرَ الزمن، ورغم هذا احتفظت بطابعٍ خاصٍ فيها، جعلها تتميز عن جميع المدن بخصوصية لا شبيه لها، وفي هذه المدينة أيضًا تآلف ديني مدهش، إذْ تتعانق تتعانق أصوات المآذن مع قرع أجراس الكنائس، وفيها المساجد التاريخيّة التي تضمُّ أطول مئذنة في الأردن، وهي مئذنة مسجد عجلون الكبير، وفيها أيضًا كنيسة مار إلياس الأثرسة المزينة بالفسيفساء، بالإضافة إلى وادي الطواحين الذي يضمّ طواحين قديمة بالغة الجمال، وفيها مقام الخضر -عليه السلام-، وغيره الكثير من الأماكن التي تستحق الزيارة.
كتابة تعبير عن مكان زرته مثل عجلون لا تَكفيه بضع كلماتٍ للحديث عنه؛ لأنّ الحديث عن المدن الوادعة مثلها يطول، ويحتاج إلى مجلّداتٍ كثيرة للوصف، والجميل في هذه المدينة الرائعة أنّها تتطور يومًا بعد يوم وتمتزج بها الطبيعة مع مظاهر الحضارة المختلفة، بالإضافة إلى عبق التاريخ القادم من الماضي، والذي يشهدُ على عظمة هذه المدينة الساحرة.