محتويات
يوم الشهيد
هو اليوم الذي تجعله الدولة مناسبةً تحتفل بها تقديرًا للشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل أن تكون الدولة مفعمة بالأمن والأمان والسَّلام، يوم الشهيد هو اليوم الذي تُخطّ فيه عبارات العرفان إيمانًا بجميل ما صنعه الشهداء الأقدمون الذين لولا بسالتهم وشجاعتهم ما كان لهذه لأرض أن تحيا بطمأنينة وحب، ولا أقل من أن يُفرد يوم لذلك الرجل الذي ترك بيته وأطفاله وأهله وانبرى إلى ساحات الجهاد والقتال ليذود عن أرضه مرارة الأعداء.
إنَّ القتال في ساحة الوغى هو أشبه بلعبة الشطرنج لا تتّسع لشخصين، بل لا بدّ لأحدهما أن يُسلّم وربما أن يموت حتى يكون الآخر هو الملك، وكل من يخرج إلى ساحات الحرب يكون مدركًا لهذه الحقيقة لكن هو يخرج إيمانًا بمبادئه التي تربّى عليها؛ أنّ الأرض حقّ لنا وحدنا نحن العرب، كثيرون من يطلبون الشهادة ولكن أقلّاء هم الصادقين، فيُقام يوم الشهيد حتى يتذكّر النَّاس بسالة ذلك المُقاتل الذي أراق دماءه البريئة على وجه هذه الأرض التي تأبى أن تمتصّ دماءه معلنة للعالم بأكمله أن ها هي تخضَّبت باللون الأحمر وتأبى أن تمتصّه حتى يشاهده العالم بأكمله.
جميل أن يطلب الإنسان ما يُريده بالسلم والسياسة لكن في كثير من الأحيان قد تكون شفرة السيف هي الحل الذي لا مناص منه، من غير المنطقي أن يقف أحدهم ملصقًا السيف على رقبتك يطلب منك العبودية وأن تكون خادمًا له مدى الحياة ثم تحاول أن تقف لتطلب منه السلام، فلو فعلت ذلك لما كنت إلا خادمًا رسمت على نفسك ختم الذل والهوان، ولكنَّ ذلك السيف لا يقابل إلا بسيف مثله فما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة.
كان حقًّا على الأمَّة أن تُؤرّخ يومًا لذلك الشّهيد الذي ضحّى بحياته حتى لا يُختم على أمّته بالهوان والتَّبعيَّة والعبوديَّة، وتتنوّع الفعاليَّات التي تتمّ في ذلك اليوم فتعطّل جميع الدوائر الحكوميّة وغالبًا ما تحتفل القنوات التابعة للدولة في ذلك اليوم، فيضعون النَّشيد الوطنيّ ويتحدث أحد المذيعين عن سبب اختيار ذلك اليوم للشهيد، ثم يخرج المسؤولون في الدولة في بعض اللقاءات التي يتحدثون فيها عن كرامة الشهيد وأهمية تضحيته في بقاء هذه الدَّولة آمنة.
احتفال الدول بيوم الشهيد
تختلف الأيام التي اختارتها الدّول من أجل الاحتفال بيوم الشهيد، وذلك تبعًا لسبب اختيار ذلك اليوم، فتاريخ يوم الشهيد في الجزائر هو في الثامن عشر من شهر شباط، وتحتفل الدولة في ذلك اليوم تكريمًا للشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم ضدّ الاستعمار الفرنسي الذي انتهك كرامتهم لسنين طويلة، حتى أنَّ الجزائر باتت تتسمّى بلد المليون شهيد فكان حقًّا على الأمة أن تُكرمهم وتعلي ذكرهم، وقد احتفلت الجزائر في ذلك اليوم أول مرة في عام 1989 للميلاد، ومن فعاليات يوم الشهيد عندهم أن يتمّ عرض جميع أسماء الشهداء على القنوات التابعة للجزائر.
يخرج النَّاس بالعديد من التّظاهرات السلمية في جميع المناطق ويحملون بأيديهم الورود البيضاء، ويذرفون الدموع على تلك الأيام الصعاب التي مرَّت عليهم، فتكون تلك الدموع دموع فرح وحزن في آنٍ واحد، دموع فرح بخلاصهم من الاحتلال وأنَّ تلك الدماء لم تُسكب سدى، وكذلك دموع حزن على الأرواح البريئة التي زُهقت من أجل الحصول على ما هو حقّ لكل إنسان، وهو الحرية.
أمَّا فلسطين تلك الأرض الطاهرة الأبيّة التي ما تزال حتى اليوم تدفع من أبنائها ديةً لعدم قبولهم الخنوع والسلام مع من اغتصب أرضهم ودينهم وقُوْتهم وقوَّتهم فتراه يقفون يدافعون عن أرضهم بالحجر الذي لا يُسمن ولا يُغني من الجوع، بل يحمل ذلك الحجر قلوب أطفالهم التي باتت تتضوّع جوعًا في كل ليلة ولكن قد اختارت فلسطين يومًا من الأيًّام تقيم فيه احتفالًا بأول شهيد قى على الأراضي الفلسطينيَّة، وكان الشهيد هو أحمد سلامة في عام 1965 للميلاد، واختارت فلسطين يوم الشهيد الخاص فيها في الواحد من كانون الثاني.
من مظاهر الاحتفال التي يقوم بها الفلسطينيّون هو خروجهم في تظاهرات سلميّة يجوبون الشوارع وهم يُندّدون بالاحتلال الصّهيونيّ ويكيلون له الشتائم، ويكتبون أسماء شهادئهم على اللافتات معلنين للعالم ما هم في من الأسى إذ تتزايد اللافتات في كل عام.
أمَّا الإمارات العربيَّة المتحدة فلم تكن في منأى عن يوم الشهيد الذي شاركت معظم الدّول في الاحتفال فيه، فتقف الإمارات في هذا اليوم معلنة تضامنها مع أسر الشهداء وذويهم وأقرابئهم، ويُحاولون أن يُساندوهم في كل الطرق، وقد اختارات الإمارات المتحدة ذلك اليوم للاحتفال بذكرى سقوط أوّل شهيد على أرضها واسمه سالم سهيل خميس، وقد حصل ذلك في المعركة التي خاضتها الإمارات العربية المتحدة ضد القوات الإيرانية؛ لاستعادة إحدى الجزر التي استولت عليها إيران، وقد اختارت الإمارات اليوم الثلاثين من شهر تشرين التَّاني للاحتفال بيوم الشهيد، وأقامت ذلك لأول مر عام 1971 للميلاد.
أمَّا مصر العربية فقد اختارات التّاسع من آذار يوم احتفال لها بعيد الشهيد، وكان ذلك أول مرة في عام 1969 للميلاد، وقد اختاروا ذلك اليوم تخليدًا لذكرى اسشتهاد رئيس أركان جيش مصر العربية عبد المنعم رياض، وقد قدّم الرئيس جمال عبد النَّاصر في ذلك الوقت تعازيه الحارة إلى عائلته وذويه، وبقي ذلك اليوم هو يوم الشهيد الذي يتخرج فيه مصر معلنةً حزنها على شهيد الحرب الذي قضى بين نيران ساحات المعارك.
مكانة الشهيد في الإسلام
الإسلام هو دين العدل ودين القوة ودين مساواة الفقير مع الغنيِّ فلا يجور أحدهما على الآخر بما هيأته الظروف له من تمكين في الأرض، وتُطلق لفظة الشهيد في الإسلام على الشخص الذي خرج مجاهدًا في سبيل الله همه فقط لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه والذود عن الإسلام والمسلمين، الشهادة هي الشرف العالي الذي لا يستطيعه أي كان بل لا بدّ أن يكون مخلصًا في نيته لا يُنازعه شيء من متاع الدنيا وجاهها وسلطانها.
قد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك فقال: "ما تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، قالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقَلِيلٌ، قالوا: فمَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في الطَّاعُونِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في البَطْنِ فَهو شَهِيدٌ، قالَ ابنُ مِقْسَمٍ: أشْهَدُ علَى أبِيكَ في هذا الحَديثِ أنَّه قالَ: والْغَرِيقُ شَهِيدٌ. وفي رواية: قالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مِقْسَمٍ، أشْهَدُ علَى أخِيكَ أنَّه زادَ في هذا الحَديثِ ومَن غَرِقَ فَهو شَهِيدٌ".[١]
لم يقصر الاسم الشهادة على الرجل الذي خرج إلى ساحات الوغى، بل بيَّن أنَّ العديد من حالات الموت تعدّ شهادة مثل الغرق أو الإصابة بالطَّاعون وما إلى ذلك، وقد جعل الإسلام للشهادة منزلة عالية وكرّم الشهيد، فهاهُم الصّحابة الكرام يخرجون في المعارك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يريدون شيئًا سوى رفع راية لا إله إلا الله، فاستودعهم الله هذه الحياة الدنيا، ووعدهم لقاء الشهادة جنات تجري من تحتها الأنهار أعدّت للمتقين.
الذي يخرج في سبيل الله لا يطمع في غنيمة ولا فيء، ولا يخرج طلبًا للرزق؛ لأنَّه يعلم أنَّ ما عند الله خير وأبقى، وقد قال الله تعالى في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[٢]، وقد يكفي الشهيد وعد الله بأنّ له الجنّات العالية في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الإسلام كرّم ذلك الذي يبذل حياته لربه؛ لأنَّه علم أنَّ هذه الدنيا إلى زوال، وعلم أنَّ الغانم فيها من اشتغل بالجهاد في سبيل ربه الواحد الأحد لا في سبيل المنصاب والثأر والجاه والدنيا، فكلّ يخرج حسب حاجته، فقد يخرج مجاهدان في معركة أحدهما يُريد عرض الحياة الدنيا من مال ومتاع وآخر لا يريد سوى الشهادة في سبيل فيتقبل الله من الثاني عمله؛ لإخلاصه فيه، ولا يتقبّل من الأوَّل لأن نيته ليست مُخلصة لله وحده، فلا بدَّ للعبد المسلم أن يُصلح سريرته ويُصلح نيّته حتى يكتب الله له أجر الشهادة الحقيقة في سبيل الله.
لقراءة المزيد من الموضوعات ذات الصّلة، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع عن الشّهيد.
فيديو عن كيفية كتابة موضوع تعبير
ننصحك بمشاهدة الفيديو التالي لتعلم كتابة موضوع تعبير بطريقة احترافية في دقيقة واحدة: