موضوع عن الأخلاق في الإسلام
ارتبطت دعوة الإسلام منذُ بزوغ فجره بالدعوة إلى التحلّي بمكارم الأخلاق ونَهْي النفس عن الأخلاق الذميمة، والقبيح من الأعمال والتصرفات، ودعوةُ الإسلام إلى التحلّي بمكارم الأخلاق لا تعني أن الأخلاق لم تكن موجودة قبل الإسلام، بل كان العرب في الجاهلية يتصفون بالعديد من الأخلاق الحميدة كالكرم والشجاعة والمروءة والصدق وعزّة النفس والأمانة، وكان الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم -يلقّب بالصادق الأمين قبل الإسلام لصدقه وأمانته، وبقدوم الإسلام تثبتت الأخلاق الفاضلة، ودليل ذلك قول النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ".[١]
وقد أكد الإسلام أن الأخلاق الفاضلة هي روح الدين، ودون الأخلاق الفاضلة والالتزام بها والدعوة إليها لا تتضح هوية المسلم، وهناك العديد من الأخلاق الفاضلة التي ثبتها ودعا إليها الإسلام، مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد دعا الإسلام إلى الأمر بالخير والمعروف والنهي عن المنكر من الأقوال والأفعال، بأسلوب حسن ولطيف وبقول لين، لقوله تعالى" وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".[٢]
إضافة إلى أنه دعا إلى الابتعاد عن الغيبة والنميمة، إذ شبّهَ الله تعالى المستغيب بالذي يأكل لحم الميت، في صورة قبيحة ومنفرة لردعه عن هذا الخلق القبيح، وقد قال تعالى في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.[٣]
والصدق والتواضع، فقد نهى الإسلام عن الاستعلاء والغرور والتكبر،والمشي بخيلاء، ودعا إلى التواضع لله، ومصداق ذلك قوله -عزّ وجلّ- في سورة لقمان: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.[٤]
والصبر على الشدائد، فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- للصابرين منزلة عظيمة عنده، خاصًة عند وقوع المصيبة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.[٥]
وكظم الغيظ والابتعاد عن العصبية في الأقوال والأفعال، وعدم التسرع في الحكم على الآخرين، والعفو قدر المستطاع عن المخطئين لقوله تعالى في سورة آل عمران: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.[٦]
والأمانة، فقد حثّ الإسلام على التخلق بخلق الأمانة، وتأدية حقوق الناس، وبيان ثقل مسؤولية تأدية الأمانة، لقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.[٧]
ويعدّ الالتزام بالأخلاق الحميدة، من القربات التي يتقرب بها العبد الصالح إلى ربه، ومن أبواب التقوى للوصول إلى الله -سبحانه وتعالى-، وينعكس الالتزام بالفضائل على نفس الإنسان، فيكون صابرًا، هادئًا، كريمًا، أمينًا، كاظمًا للغيظ، وعافيًا عن الناس، حافظًا لسانه من القيل والقال،مؤمنًا يسعى إلى نيل محبة الله ورضاه، وبصلاح الفرد يصلح المجتمع، وتصلح الأمة، وهذه الغاية الأسمى من الدين الإسلامي، التحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل لتحقيق مفهوم خلافة الله على الأرض. وفيما تقدّم موضوع عن الأخلاق في الإسلام التي لطالما دعا إليها في تشريعاته.