موضوع عن الأم وفضلها
الأمُّ أعظمُ من أن تصفَها الكلمات، وأعمقُ من أن تحتويَها العبارات، فهي الحديقة التي يُزهر بها العمر، وهي الحضن الواسع الذي يتسع لكلّ الكون، وهي نبعُ العطاء منذ أن تُصبح أمًا حتّى بعد أن تموت، فمنذ أن يكون الطفل مجرّد نطفةٍ تحمله في رحمها، تظلّ تمنحه من جسدها وروحها كلّ ما تستطيع، وتُراقبه بشغفٍ حتى يُولد، ثم تتحوّل إلى شخصٍ متفانٍ ليلَ نهار لا يعرف الشكوى أو الكلل أو الملل، وتستجيب لطفلها بمجرّد إيماءة منه فتعرف أنّه يحتاجها، فالأمومة هي الشيء الوحيد في العالم الذي لا يُمكنُ للأم أن تأخذ منه إجازة، فالأمّ أم في كلّ وقت.
الأمّ صاحبة الفضل الذي لا ينقطع، فهي التي تُربّي وتسهر، وهي التي تُعلّم، ولو أراد أحدٌ أن يُحصي فضلَ أمّه عليه فلن يستطيع إيفاءها حقّها ولو بجزءٍ بسيطٍ مما قدّمت، إذ يكفيها ما تُعانيه من آلامٍ في الحمل والولادة، ويكفيها قلقها وخوفها الذي يأكل من قلبها كلما ابتعد أبناؤها عنها، ويكفيها ما تُعانيه من أجلهم في كل وقت، فالأمّ لا تبخل بأي شيءٍ على أبنائها حتى لو كان هذا الشيءُ هو حياتها الني لن تعيش غيرها؛ لأنّها ترى نفسها في أبنائها، وتراهم امتدادًا لأحلامها وطموحها، وترى فيهم مستقبلها كلّه.
جعل الله -سبحانه وتعالى- للأمّ مكانة عظيمة، وجعل رضاه مربوطًا برضاها، لهذا فإنّ العاق بأمّه لن ينال رضا الله أبدًا، فالأمّ لها حقّ الرعاية والعناية في كلّ وقت، وهي تتفوق بهذا الحق على الجميع حتى على الأب، فإن كان حقّ الأب رعاية واحدة، فللأم ثلاثة أضعاف هذه الرعاية؛ لأنّ تعبها وفضلها لا يُمكن أن يُقدّم مثله أحد، فهنيئًا لمن كان بارًّا بأمّه، فهو بهذا ينال رضا الله تعالى ورضا رسوله، ويحوز خير الدنيا وخير الآخرة، فرضا الأمّ ودعاؤها شيئان لا يبلغهما إلّا الإبنُ البار الذي يعرف حق الله في أمّه فيؤدّيه على أكمل وجه.
برّ الأم يجب ألّا ينقطع أبدًا حتى وإن كانت الأم ملتحقةً بالرفيق الأعلى، فواجب الأبناء تجاه الأم ممتدٌ من المهد إلى اللحد، ويكون هذا بالدعاء لها والصدقة عنها، ولهذا يجب أن تظلّ الأم هي الأولى في حياة الأبناء مهما عرفوا أشخاصًا آخرين في حياتهم، فالأم هي صاحبة الفضل الذي لا ينقطع، وهي الأمان والحنان، وهي الراحة الأبدية التي يشعر به الإبن كلما نظر في عينيها أو استلقى في حضنها، وهي الطبيب والبلسم الشافي ورمز التفاني الذي لا يوازيه أيّ رمز، فطوبى لكلّ الأمهات الرائعات.