موضوع عن الخريف

كتابة:
موضوع عن الخريف

موضوع عن الخريف

خلق الله تعالى الكون ونظّم كلّ شيءٍ فيه، ومن جملة التنظيم الإلهيّ الدقيق أن جعل أربعة فصولٍ في العام وهي: الشتاء والربيع والصيف والخريق، ويتميز كل فصلٍ منها بخصائص مختلفة عن الآخر، وجعل هذه الفصول مكملة لبعضها بعضًا، ولا يُمكن لنظام الفصول الأربعة الدقيق أن يختلّ أبدًا، فلن يأتي الربيع قبل الشتاء، ولن يأتي الخريف قبل الصيف، وفي العادة يُمجّد الناس فصل الشتاء إذ يعتبرونه فصل الخير والعطاء، كما يحتفلون بفصل الربيع لأنه فصل الأزهار والفراشات، ويُرحبون بفصل الصيف لأنّه موسم السهرات والليالي الجميلة، أما فصل الخريف فهو أقلّ فصول العام حظًا في الذكر والمحبة، ربما لأن معظم الناس يعتبرون أّن فصل الخريف فصلٌ مقترنٌ بالوداع والنهايات.

فصل الخريف هو فصل اللون الأصفر الذي يتربع فيه على عرش الألوان، ففي هذا الفصل الساحر تبدأ الأرضُ باستعادة سكونها الذي فقدته في صخب الصيف وشمسه الحارقة، وتبدأ النباتات والأشجار بالعودة بالتهيؤ لمرحلة الراحة بعد أن أعطت الثمار والأزهار، فتتجرّد من أوراقها المتساقطة، وتتهيأ لترتدي ثوبًا جديدًا في الربيع، فالخريف هو الوقت الذي تتحضر فيه الطبيعة لحلّةٍ جديدة، وكأنه فصلٌ انتقالي يمزج بين الراحة والاسترخاء والسكون، لهذا فإنّ السكون الذي يتميز فيه فصل الخريف لا يمكن أن يوجد في فصلٍ غيره.

على الرَّغم من أنّ فصل الخريف بشكلٍ عام هو الفصل الذي تختفي فيه الورود وتبدأ بنثر بذورها التي تُخبؤها الأرض للربيع لتنمو من جديد، إلّا أنّ للخريف وروده الخاصة التي لا تُزهر إلّا فيه، كما أنّ تدرجات الأوراق المتساقطة من الأشجار في فصل الخريف تصنع لوحة فنية رائعة صنعتها يد الخالق، إذ تتدرج الألوان من الأصفر إلى الأحمر إلى البني لتعطي صورة في قمة الجمال والروعة، وفي الخريف أيضًا شمسٌ متعبة من الصيف، ترسل أشعتها المتراخية على استحياء وكأنها تودّع، فتعطي دفئًا متوازنًا حنونًا، وفي الخريف أيضًا غيومٌ تلوح في الأفق، وكأنها إشاراتٌ على اقتراب المطر، لكنها غيومٌ وادعة لا تخبئ العواصف العاتية ولا الرعود العنيفة فيها، وإنما هي مجرد غيومٍ رقيقة، وهذا ما يمنح فصل الخريف خصوصية كبرى لا توجد في أي فصلٍ من الفصول، ومن أراد أن يستمتع بالجمال والسكون والهدوء، فما عليه إلا أن يجلس تحت شمس الخريف ويتأمل الأشجار وهي تخلع عن نفسها ثوب التعب، وتتهيأ لموسم العطاء، فالخريف فصلٌ جميلٌ بكلّ ما فيه، وفيه من الروعة ما يجعل النفس تحتار في وصفه.

5725 مشاهدة
للأعلى للسفل
×