موضوع عن الهجرة النبوية
وكان معظم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهاجرون من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة سرًّا، وهناك بعض الصحابة الذين كانت هجرتهم جهرًا أمام كفار قريش مثل سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وذلك لقوة شخصيته وخشية أهل مكة منه، كما كانت الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة اختبارًا لإيمان الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- الذي تركوا أموالهم ووطنهم وبيوتهم ليفروا بدين الله تعالى ممّن ضيقوا عليهم في دينهم، وعذبوهم أشد العذاب كي يرجعوا عن دين الإسلام، كما كانت الهجرة اختبارًا للأنصار أهل المدينة المنورة الذي تقاسموا مع المهاجرين أموالهم وبيوتهم، وهذا ساهم في تكوين مجتمع إسلامي متماسك يقدَّرُ كل واحد فيه تضحية الآخر في سبيل الثبات على دين الله تعالى.
وكان الصحابي الجليل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- صاحب النبي -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وفي ليلة الهجرة ظهرت تضحيات الصحابة في سبيل إنجاح الهجرة النبوية، حيث نام الصحابي الجليل علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه- في فراش النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل التمويه على كفار قريش بأنه ما زال نائمًا، وخرج -عليه الصلاة والسلام- من بيته بعد أن أغشى الله أبصار فرسان قبائل مكة الذي تحلَّقوا حول بيته لقتله، كما كانت رحلة الهجرة التي خاضها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحبه -رضي الله عنه- شاقة فلم يقصدا المدينة المنورة مباشرة بل ذهبا إلى غار ثور ومكثا فيه ثلاثة أيام لِيضلّلا أهل مكة الذين أعدوا مئة ناقة لمن يمسك بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقضت مشيئة الله تعالى ألاّ يصل كفار قريش إلى النبي -عليه الصلاة والسلام رغم اقترابهم الشديد من الغار، فعناية الله تعالى حالت دون أن يروه، ليخرج من الغار في اليوم الثالث باتجاه المدينة المنورة، وحين وصلها استقبله الأنصار والمهاجرون الذي وصلوا إلى المدينة قبله بالتكبير والتحميد والتهليل فرحة بوصول النبي الكريم إلى مقر تأسيس دول الإسلام التي وصلت إلى أقاصي الأرض فيما بعد، فمع مرور الأيام زادت قوة المسلمين في المدينة وذهبوا لفتح مكة لتدخل قبائل العرب بعد ذلك في دين الله وتبدأ الفتوحات الإسلامية بعد ذلك لتصل إلى خارج جزيرة العرب إعلاء لكلمة الله تعالى وتمكينا لدينه في الأرض.