مدينة عكّا
مدينة عكّا هي مدينة عربيّة إسلاميّة تاريخيّة تُوجَد في دولة فسطين المُحتَلّة، وتُطِلُّ مباشرة على البحر الأبيض المُتوسِّط من الرأس الشماليّ لخليج حيفا، وإلى الغرب من منطقة الخليل، وهي تبعدُ نحو 179 كم عن مركز عاصمة فلسطين مدينة القدس. وتُعتبَر مدينة عكّا من أقدم المُدُن الفلسطينيّة؛ فتاريخها مُوغِل في القِدَم، وممّا يدلُّ على ذلك: ذِكرها في التوراة، والآثار التي تمّ العثور عليها في مناطق مختلفة من المدينة، والتي تشهدُ على وجود الحضارات المختلفة في المنطقة، كما تُشير الإحصائيّات السكّانية لعام 2010م إلى أنّ عدد سُكّان عكّا يبلغ نحو 46 ألف نسمة، مُعظمهم من السكّان اليهود بنسبة نحو 65%، بعد أن كان العرب الفلسطينيّون هم الغالبيّة العُظمى من السكّان قَبل حرب النكبة في عام 1948م.[١]
ومن الناحية الاقتصاديّة، حَظِيَت مدينة عكّا بمكانة اقتصاديّة، واجتماعيّة مُهمّة من بين المُدن الفلسطينيّة؛ وذلك بحُكم موقعها المُتميِّز؛ كونها مُطِلّة على البحر الأبيض المُتوسِّط، حيث تُمثِّل بمينائها المُهمّ، والقديم بوّابة بحريّة؛ لتنظيم دخول، وخروج البضائع، والمُنتَجات، وممارسة أنشطة الصيد البحريّ، كما لعبت المَعالِم، والمواقع الأثريّة في المدينة دوراً مُهمّاً في اقتصادها؛ فهي تجذب عدداً كبيراً من السيّاح، والزوّار من داخل المدينة، وخارجها.[١]
نبذة عن تاريخ مدينة عكّا
يذكر التاريخ أنّ أوّل من استوطن مدينة عكّا هم قبائل الكنعانيّين، حيث سكنوا منطقة تلّ عكّا حاليّاً قَبل نحو 4000 سنة، وهي واقعة في الجزء الشرقيّ من المدينة، وفي القرنَين: التاسع عشر، والعشرين، خضعت عكّا لحُكم الفراعنة، واستمرَّت على هذا النحو إلى أن دخلَها الفينيقيّون، فجعلوا منها أهمّ مُدن المنطقة، وذلك في مَطلع الألف الأوّل قَبل الميلاد، إلّا أنّه بحلول القرن التاسع قَبل الميلاد، وقعت عكّا تحت احتلال الآشوريّين الذين هُزِموا فيما بَعد على يد البابليّين، ثمّ خضعت المدينة بعد ذلك لحُكم الفرس، فجعلوا منها قاعدة انطلاق لحربهم على المصريّين، ومن الجدير بالذكر أنّ عكّا حَظِيَت في عَهدهم بأهمّية اقتصاديّة، وتجاريّة كبيرة؛ حيث أصبح ميناؤها في القرن الرابع قَبل الميلاد ضمن قائمة موانئ شرق البحر الأبيض المُتوسِّط، وفي عام 333ق.م، احتلَّها الإسكندر المقدونيّ، ومَنَحها صفة الاستقلاليّة، إلّا أنّ الرومان دخلوها في عام 63ق.م، كما دخلَها البيزنطيّون، وأصبحت المدينة في عَهدهم كُبرى مُدن البلاد، من حيث التطوُّر، والازدهار السياسيّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ.[٢]
وقد شَهدت مدينة عكّا الفَتح الإسلاميّ في عام 636م، في عَهد الخليفة عُمر بن الخطّاب، حيث استمرَّ الحُكم الإسلاميّ لعكّا نحو 470 سنة، إلّا أنّ أهمّية المدينة قلَّت بعد أن انتقل حُكم الباسيين إلى دمشق في عام 750م، ومن ثمّ تعاقَب على حُكم عكّا كلٌّ من الفاطميّين، والسلاجقة، والصليبيّين، ثمّ خضعت في عام 1517م لحُكم العُثمانيّين الذين أعادوا للبلاد، وللمدينة مكانتها الحقيقيّة؛ إذ حَظِيت بتطوُّر، وازدهار ملحوظ، وقد استمرَّ حُكمهم للمنطقة حتى عام 1918م، حيث خضعت المدينة للانتداب البريطانيّ، وفي عام 1948م، سيطرَ عليها الاحتلال الإسرائيليّ بعد حرب النكبة.[٢]
مَعالِم مدينة عكّا
تضمُّ مدينة عكّا العديد من المواقع، والمَعالِم الأثريّة التي تدلُّ على قِدَم المدينة، وتاريخها العريق، وأهمّ هذه المَعالِم:
- قلعة عكّا: تقعُ في الجهة الشماليّة لمدينة عكّا، في المنطقة المُقابلة لسور ظاهر العمر، وهي من أبرز مَعالِم المدينة؛ حيث يبلغ ارتفاعها 40م، وهي تضمُّ عدداً من المباني العُثمانيّة، وبُرج الخزنة الذي استُخدِم كقصر للجزّار، وخلفائه، كما تضمُّ القلعةُ ساحةَ الجبخانة الواقعة في الجزء الجنوبيّ الشرقيّ منها، وساحة القشلة التي استُعمِلت كثكنة عسكريّة للجنود.
- ميناء عكّا: هو القلب النابض لمدينة عكّا، وبوّابة الأوروبّيين إلى بلاد الشرق خلال القرون الوُسطى، وقد حَظِي هذا الميناء بمكانة مُهمّة طوال تاريخ المدينة، علماً بأنّ هناك حضارات استغلَّته عَبر التاريخ، إلّا أنّ حضارات أخرى أهملَته.
- الأسوار: تحصّنت مدينة عكّا منذ القِدَم بالأسوار؛ لحمايتها من الغزوات، والحروب الخارجيّة، وقد أضاف الصليبيّون إلى المدينة بعض الأسوار الأخرى بالقُرب من الأسوار الداخليّة الشرقيّة، وعند الأحياء الجديدة في شَرق المدينة، وشمالها، وأبقوا على ناحية البحر مفتوحة، بالإضافة إلى أنّ ظاهر العمر أنشأ سوراً في الجُزء الشماليّ بطول 500م، وفي الشرق بطول 300م، كما بلغَ ارتفاعه 7.5م، وأحاطت هذه الأسوار بالمدينة من ناحية اليابسة، علماً بأنّ عمليّات بناء الأسوار، وترميمها، قد تعاقَبَت في السنوات اللاحقة.
- أبراج الأسوار: وأهمّها بُرج كريم في الجزء الشماليّ الغربيّ للمدينة، وبُرج الحديد في وسط الأسوار الغربيّة، وبُرج القشاشف الواقع إلى الجنوب من برج الحديد، وبُرج السنجق في الجزء الجنوبيّ الغربيّ من المدينة، وبُرج باب البحر جنوب خان العمدان، وبُرج النبيّ صالح، وبُرج السبيل، وبُرج السُّلطان، وغيرها من الأبراج.
- المساجد: وأهمّها جامع الجزار الذي يُعتبَر المسجد الأكبر في المدينة، وجامع الرمل الذي يقعُ في السوق العموميّ، وجامع الزيتونة الواقع إلى الجنوب من الزاوية الشاذليّة، ومسجد ظاهر العمر الواقع على حدود سوق المدينة القديم، وجامع البحر الموجود بالقُرب من الميناء، وجامع المجادلة، وجامع البُرج، وغيرها من المساجد.
- الأضرحة والمقامات: وأهمّها مقام الشيخ يانس الواقع مقابل جامع الجزار، وضريح الشيخ غانم الموجود بجوار السور الجنوبيّ، والمقبرة الإسلاميّة الواقعة بالقُرب من باب البرّ، وقَبر النبيّ صالح الذي يقع في المقبرة الإسلاميّة، ومقام أبو عتبة، والمقبرة البهائيّة في المنشيّة، وقَبر الشيخ عزّ الدين، وغيرها من القبور.
- الكنائس: وأهمّها كنيسة سانت جون في جنوب غرب المدينة، وكنيسة سانت أندرياس في منطقة الفاخورة، وكنيسة المارونيّة مقابل كنيسة أندراوس، وكنيسة مار جرجس إلى الشرق من ساحة عبود، والكنيسة المعمدانيّة.
- الخانات، ومنها: خان العمدان في الجزء الجنوبيّ من عكّا بالقُرب من مينائها، وخان الشونة إلى الغرب من خان العمدان، وخان الإفرنج بالقُرب من جامع الميناء، وخان الحمير في شمال شرق المدينة، وخان العدوي بالقُرب من جامع البُرج.
- الأسواق، ومنها: سوق الجزار الذي يمتدُّ من المتحف البلديّ إلى الباب الشرقيّ لجامع الجزار، والسوق الأبيض الواقع إلى الشرق من جامع الجزار، والسوق الشعبيّ في شمال شرق المدينة.