موضوع عن مظاهر قدرة الله في الكون

كتابة:
موضوع عن مظاهر قدرة الله في الكون


مظاهر قدرة الله في الكون

إنَّ المُتأملَ في مظاهرِ هذا الكونِ العظيمِ يدركُ مدى قدرةِ الله -عزَّ وجلَّ- التي لا يُضاهيها قدرة، ويُدركُ عظمة صانعِ هذا الكون التي لا يُعادلها عظمة، ولا يُمكن للإنسانِ أن يحيطَ بجميعِ مظاهر هذا الكونِ العظيمِ إلَّا بما قدَّره الله للإنسانِ من مظاهرَ محسوسةٍ أو مرئيةٍ.[١] وفيما يأتي الحديث عن بعض مظاهر قدرة الله في الكون.


خلق السماوات والأرض

من مظاهر قدرة الله الواضحة والظاهرة في هذا الكونِ هو خلق السماوات السبع من غيرِ خللٍ ولا نقصٍ؛ فرفعهنَّ من غيرِ عمدٍ، وأمسكهنَّ وحفظهنَّ من السقوطِ والزوالِ، وجعل في خلقهنَّ النفعَ التامَّ للمخلوقاتِ، وقد جاء في القرآن الكريم تنبيهٌ للعبادِ للنظرِ والتأملَ في عظمة خلقهنَّ،[٢] حيث قال الله -تعالى-: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ).[٣]


ومن مظاهر قدرة الله في الكونِ أيضاً خلقُ الأرضُ؛ إذ أنَّ المتأملَ فيها يجدُ عظمة قدرة هذا الخالقِ؛ إذ كيف لقطعةٍ واحدة تحمل كلَّ هذا التنوّعُ، هنا يجد المتأملَ تربةً خصبة، بجوارها تمامًا تربةٌ قاحلة، وبالرغمِ من أنَّ التربةَ هذه تُسقى بذاتِ الماء الذي لا يختلفُ في خصائصهِ في شيءٍ، إلَّا أنَّ الثمار التي تخرجُ منها مختلفةٌ ومتنوعة.[٤]


وقد جاء ما يدلُّ على هذا المظهر من مظاهر قدرته والذي لا يُنكره إلَّا مجنونٍ لا عقلَ له ليتفكر، حيث قال الله -تعالى-: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).[٥]


تعاقب الليل والنهار

ومن مظاهر قدرة الله -عزَّ وجلَّ- في الكونِ تعاقب الليل والنهار من خلال دورانِ الشمسِ حول الأرضِ،[٦] وقد جاء ما يدلُّ على ذلك في القرآنِ الكريمِ، قول الله -تعالى-: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ).[٧]


خلق الجبال

بعد أن خلق الله الأرض، اقتضت حكمته خلقَ الجبالِ معها؛ وذلك ليتمَّ تثبيتها خشيةَ أن تميدَ بالمخلوقاتِ، حيث قال الله -تعالى-: (وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، وجعلَ هذه الجبال سبيلًا لهداية خلقهِ؛ كيف لا وهي دليلٌ قاطعٌ بكلِّ ما فيها على قدرةِ الله -تعالى- في هذا الكونِ.


فمن تأمّل في الحكمة من خلق الله للجبال وجد قدرة الله فيها، ومن تأمّل في اختلافَ أشكالها وأحجامها وألوانها، وجد قدرة الله فيها، ومن تأمل المنافعَ المرجوةِ فيها، وجد قدرة الله فيها.[٨]


خلق النبات

إنَّ الأرض التي خلقها الله -عزَّ وجلَّ- لم يتركها قاحلةً، بل أنبت عليها عددًا لا يُحصى من النباتِ والثّمارِ والزهورِ، ونوَّع في الأصنافِ جميعها، فتجد الثمارَ منه ما هو حلوٌ ومنه ما هو حامضٌ، ومنه ما يتغذى عليه الإنسان، ومنه ما يتفكَّه فيه، ومنه ما هو خاصٌ بالحيوانِ، ومنه ما هو خاصٌ بالزينةِ والجمال.[٩]


وإنَّ المُتأمل في هذا التنوّع، يُدرك تمام الإدراكِ قدرة الله -عزَّ وجلَّ- في هذا الكونِ، وقد أخبر الله -عزَّ وجلَّ- أنَّ ذلك آيةٌ من آياتهِ،[٩] حيث قال -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ* إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ).[١٠]


خلق الإنسان

لقد أخبر الله -عزَّ وجلَّ- في القرآنِ الكريمِ عن أطوار خلقِ الإنسانِ، حيث قال: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ* ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ).[١١]


وإنَّ المُتأمل في طبيعةِ ومراحل خلقِ الإنسانِ الأولى، كيف بدأ خلقه من طين ثمَّ ما صار عليه الإنسانُ من هيكلٍ محسوسٍ، يتناسب مع طبيعةِ الأرضِ التي يعيشُ عليها، يُدركُ عظمة قدرة الله في خلقِ هذا الكونِ.[١٢]


خلق الحيوانات

لقد بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- مادة خلق الحيوانات في قوله -تعالى-: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ)،[١٣] ثمَّ بيَّن في ذات الآية اختلاف أصناف وأشكال تلك الحيوانات رغمَ اتحادِ المادةِ التي خُلقت منها، فمن تأمّل في ذلك أدرك عظمة الله في خلق الكونِ، ومن تأمّل هذا الاختلاف الذي يتناسب مع بيئة كلِّ حيوانٍ أدرك هذا الإتقان في الخلق.[١٤]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (1995)، المنتخب في تفسير القرآن الكريم (الطبعة 18)، مصر:مؤسسة الأهرام، صفحة 355، جزء 1. بتصرّف.
  2. محمد بن إبراهيم التويجري، فقه القلوب، صفحة 473، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة ق، آية:6
  4. محمد إسماعيل إبراهيم، كتاب القرآن وإعجازه العلمي، صفحة 144. بتصرّف.
  5. سورة الرعد، آية:4
  6. ابن عثيمين (1413)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 71-74، جزء 1. بتصرّف.
  7. سورة الزمر، آية:5
  8. ابن منده محمد بن اسحاق، التوحيد، صفحة 191، جزء 1. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 523، جزء 1. بتصرّف.
  10. سورة الشعراء، آية:7-8
  11. سورة السجدة، آية:7-8-9
  12. مصطفى مسلم (2005)، مباحث في التفسير الموضوعي (الطبعة 4)، صفحة 126. بتصرّف.
  13. سورة النور، آية:45
  14. حسن الأسمري، النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية، صفحة 977، جزء 2. بتصرّف.
7387 مشاهدة
للأعلى للسفل
×