موضوع عن معركة الكرامة
لا يمكننا السماع بتاريخ 21/3/1968 دون أن تلمع أعيننا وتخفق قلوبنا فخرًا بصنيع الرجال في مواجهة الجيش الإسرائيلي، فقد خاض الجيش الأردني في صباح ذلك اليوم معركة ضد الجيش الإسرائيلي في بلدة الكرامة الأردنية كَانت مُدَّتها يَومًا واحدًا، وعلى الرغم من قصر مدة تلك المعركة إلا أنها خالدة في التاريخ وفي الذاكرة، كيف لا وقد جسدت انتصارًا عربيًّا لا مثيل له على العدو الصهيوني، ولم يكن ذلك أي انتصار، بل كان نتاج جهود متكاتفة بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش الأردني، ولم تخلُ ساحة المعركة من الفدائيين الذين أشعلوا فتيلة ذلك النصر وأسهموا في اتقاده.
لمعركة الكرامة أهمية كبيرة في تاريخ النضال العربي الفلسطيني، كيف ولا وقد كانت هذه المعركة إثباتًا على قدرتنا على محاربة العدو ومواجهته والانتصار عليه، لذلك لا عجب في أن هذه المعركة خالدة وحاضرة في التاريخ، بل إنها تمثل كابوسًا في تاريخ الصهاينة يذكرهم بأن الفاصل بينهم وبين الهزيمة هو المواجهة.
لا يمكننا الحديث عن نصرنا في معركة الكرامة دون وصف الهزيمة التي وقعت بالعدو، فقد سحب الجيش الإسرائيلي جنوده من ساحة المعركة جارًّا وراءه أذيال الخيبة والهزيمة، تاركًا جثث الجنود الذين قتلوا وراءه، لتبقى دليلًا دامغًا على هزيمتهم وانتصارنا، فلا بد وأن الجيش الذي يتخلى عن جثث جنوده هو جيش ضعيف، كما أنه جيش لا يقدر جنوده، وأي جيش ذلك الذي تنتهي عنده قيمة الجندي بموته، بعكس جيوشنا التي ما إن يستشهد فيها أحد حتى يغدو اسمه نجمًا لامعًا.
كانت أسباب الانتصار في معركة الكرامة كثيرة وعديدة، لكن أهمها هو توحد الكثيرين على هدف واحد وهو هزيمة العدو، وهذا يذكرنا بسر النصر وسبب الهزيمة، فلن ننتصر على أعدائنا ما دمنا متفرقين، كل منا يكسر عظم الآخر وينتظره على زلة ليظهر هو بمظهر المنتصر، ولنعيد الكرامة ونكرر المعركة علينا أن نسعى للوحدة بوصفها الطريق الوحيد والسبب الأول الذي يمهد لنا طريق النصر، ويجعلنا ندرك حجم قوتنا.
معركة الكرامة هي أول نصر لنا على الجيش الإسرائيلي، ولن يكون الأخير بإذن الله، فلن يضيع الحق الذي يطالب به صاحبه، كيف لا والفلسطيني لا يطالب بحقه وحسب، بل إنه يبذل الغالي والنفيس في سبيل دحر العدو وهزيمته، فلا أغلى من الروح التي يقدمها الفلسطيني فداءً للأرض، ولا أعز من الدماء التي تسيل لتروي تراب الوطن، ولا أثمن من الحرية التي يضحي بها في سبيل التحرير.