موضوعات الفلسفة

كتابة:
موضوعات الفلسفة

لمحة عن الفلسفة

مرّت الفلسفة بالعديد من المراحل حتّى استقرت مواضيعُها على ما هو متعارف عليه الآن، ففي البداية كانت جميع الأقسام مختلطةً ببعضٍ وغير متميَِزةٍ كلٌّ على حِدة، وهذا طبعًا شأن كلّ علمٍ، حيث يكون موضوع العلم في البداية غامضًا غير محدّدٍ بشكلٍ جيدٍ ومع مرور الوقت يتمُّ التميّز وترتسم الصورة الكلية للعلم وأجزائها، وهكذا يصبح الأمرُ أسهلَ بالنسبة للباحث والقارئ، وقبل الخوض في موضوعات الفلسفة سيتمُّ عرض البدايات الأولى لها حتى تتضح الصورة للقارئ أكثر عن موضوعاتها الآن.

الفلسفة اليونانية

عند الحديث عن نشأة الفلسفة وتطوّرها يتبادر إلى الذهن فورًا الفلسفة اليونانية؛ فمن تلك البلاد أي بلاد الإغريق نشأت الفلسفة، ولقد قسم الباحثون والدارسون الفلسفة اليونانية القديمة اعتمادًا على زمن الفيلسوف سقراط -وذلك نظرًا لأهميته- إلى ثلاث فترات هي الفلسفة ما قبل السقراطية، الفلسفة السقراطية، الفلسفة ما بعد السقراطية، وتميزت كل فلسفة بطابعٍ خاصٍ وذلك اعتمادًا على الموضوعات التي خاض فيها الفلاسفة وكيف حاولوا شرحها وتبيينِها، لذلك ظهرت العديد من المدارس الفلسفية التي اختلفت في المواضيع التي خاضت فيها، وفي هذه الفقرة سيتمُّ ذكر المدراس وأبرز الموضوعات التي تناولتها.[١]

  • المدرسة الطبيعية: بحث فلاسفة هذه المدرسة عن العلة الحقيقية للوجود الذي أرجعوه إلى أصلٍ ماديٍّ، وكان ذلك في القرن السابع والسادس قبل الميلاد، وكانت فلسفتهم خارجية وكونية أساسها ماديٌّ أنطولوجيٌّ تهتمُّ بفَهم الكون وتفسيره تفسيرًا طبيعيًا وكوسمولوجيًا باحثين عن أصل الوجود بما هو موجود.
  • المدرسة الفيثاغورية: تتسم الفيتاغورية بأنَّها مذهبٌ دينيٌّ عميق الرؤيةِ والشعورِ، كما أنَّها مدرسةٌ علميةٌ تُعنى بالرياضيات والطب والموسيقا والفلك، وقد طرحت الفيتاغورية كثيرًا من القضايا الحسابية والهندسية موضع نقاشٍ وتحليلٍ، كما أنَّ الفيتاغورية هي هيئةٌ سياسيَةٌ تستهدف تنظيم المدينة أو الدولة على أيدي الفلاسفة الذين يحتكمون إلى العقل والمنهج العلمي.
  • المدرسة السفسطائية: تركزت الفلسفة في هذه الفترة على تعليم الناس الجدل والخطابة واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والمناظرات الحجاجية والخطابية.
  • المدرسة السقراطية: عندما ظهر سقراط غير مجرى الفلسفة فحصرها في أمور الأرض وقضايا الإنسان والذات البشرية فاهتم بالأخلاق والسياسة.
  • المدرسة المثالية الأفلاطونية: جاء أفلاطون بعد سقراط ليقدم تصورًا فلسفيًا عقلانيًا مجردًا ولكنَّه تصوّرٌ مثاليٌّ؛ لأنَّه أعطى الأولوية للفكر والعقل والمثال بينما المحسوس لا وجود له في فلسفته المفارقة لكل ماهو نسبيٌّ وغير حقيقيٍّ، ولأفلاطون نسقٌ فلسفيٌّ متكاملٌ يضمُّ تصوراتٍ متماسكةً حول الوجود والمعرفة والقيم.
  • مدرسة أرسطو: يعدُّ أرسطو فيلسوفًا موسوعيًّا شامًلا ، وكانت فلسفته تنفتح على كل ضروب المعرفة والبحث العلمي، إذ يبحث في الطبيعة والميتافيزيقا والنفس وعلم الحياة والسياسة والشعر وفن الخطابة والمسرح، وقد وضع المنطق الصوري الذي كان له تأثيرٌ كبيرٌ على كثير من الفلاسفة إلى أن حلَّ محلَّه المنطق الرمزي مع برتراند راسل ووايتهاد.
  • المدرسة الرواقية: تعتمد المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة أرسطو على إرساء فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث عن الحقيقة في ذاتها ، بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه إلى ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاق، وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخلًا أساسيًّا للدخول إلى المنطق والأخلاق والطبيعة، وقد كان المنطق الرواقي مختلفا عن المنطق الأرسطي الصوري، وقد أثر منطقهم على الكثير من الفلاسفة والعلماء.
  • المدرسة الأبقورية: تتميز فلسفته بصبغةٍ أخلاقيةٍ عمليةٍ، وترتبط هذه الفلسفة باللذة والسعادة الحسية ، وتسعى الفلسفة في منظور هذه المدرسة إلى الحصول على السعادة باستعمال العقل التي هي غاية الفلسفة يخدمها المنطق وعلم الطبيعة.
  • المدرسة الإسكندرية:م ن مميزات هذه المدرسة التوفيق بين آراء أفلاطون المثالية وأرسطو المادية، والتشبّع بالمعتقدات الدينية المسيحية واليهودية والأفكار الوثنية من زرادشتية ومانوية وبوذية، والفصل بين العلم والفلسفة بعد ظهور فكرة التخصص المعرفي، والاهتمام بالتصوف والتجليات العرفانية والانشغال بالسحر والتنجيم والغيبيات والإيمان بالخوارق.


وبعد هذه العرض لأغلب المدارس سيلاحظ القارئ أنَّ الفلسفة لم تكن مستقلة وموضوعاتها لم تكن متميزة، فقد كان الفيلسوف يخوض في مجالات أخرى كالرياضيات، الطبّ، الشعر، الخطابة، السياسة، علم النفس وغير ذلك، ومع الوقت بدأت الفلسفة بالتميز عنها وبدأ يتضح المجال التي تتناوله وتختص به.

موضوعات الفلسفة

تبحث الفلسفة عن كلِّ مسألةٍ يمكن البحث فيها، ويمكن القول إنَّها تبحث عن العالم، من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وما الهدف من مجيئه؟ فهي ليست مثلًا كعلمِ الفيزياء أو الرياضيات الذي يتناول جانبًا واحدًا من العلم ويدرسه، وإنَّما يمكن القول أنَّها تحاول الربط بين جميع العلوم لتصل لنتيجةٍ أو قانونٍ عامٍ شاملٍ تنطوي تحته وتُفسر به جميع الموجودات، ويمكن تقسيم مسائل الفلسفة إلى ثلاثة أنواع تبعًا لموضوع البحث:[٢]

  • مسألة الوحدة: أي علة العلل القادرة على كل شيءٍ، الخالقة لكلِّ شيءٍ، مُفيضة الحياة على العالم، وهذا القسم يسمى ما بعد الطبيعة أو ما وراء المادة.
  • مسألة الكثرة: أي مظاهر هذا العالم المتنوعة، وهذا النوع يسمى الفلسفة الطبيعية.
  • مسألة أفراد المخلوقات: التي أهمُّها لنا هو الإنسان، ويشمل هذا النوع ما يأتي: علم النفس أي علم الحياة العقلية للإنسان، ويبحث في الطرق التي يتبعها العقل للوصول إلى نتيجةٍ صحيحةٍ، وهذا يُسمّى المنطق وغايته ترقية فكرة الحق، ويبحث في العاطفة، وهذا هو علم الجمال وغايته ترقية فكرة الجمال، وكذلك في الرغبة أو الميل، وهذا موضوع علم الأخلاق، وهو يدور حول فكرة الخير، وإضافة إلى سبق هناك فلسفة القانون وعلم الاجتماع وفلسفة التاريخ، إذًا، كخلاصةٍ فإنَّ موضوعات الفلسفة هي:
  • ما بعد الطبيعة.
  • فلسفة الطبيعة.
  • علم النفس.
  • المنطق.
  • علم الجمال.
  • الأخلاق.
  • فلسفة القانون.
  • علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.

أهمية الفلسفة

إنَّ الفلسفة أشبه ما تكون بنظامٍ شاملٍ يتسع للفلاسفة في كل العصور، وتتنفس فيه آراؤهم وتنبض أفكارهم وهمومهم، ولكنَّه كذلك نظامٌ معاصرٌ نستطيع نحن أيضًا أن نجد مكاننا فيه ونحس بالمشكلات التي عذبت من قبلنا، ونجيب عليها كذلك إجابات مختلفة عن إجاباتهم، فالشكُّ مثلًا ليس مسألة أثارت بعض الفلاسفة ومرت من زينون الإيلي إلى السفسطائيين إلى ديكارت، بل هو مسألة تطرح نفسها علينا في زمننا الحاضر وفي موقفنا الراهن، لذلك يقال إنَّ كلَّ إنسان هو فيلسوف ولو بدرجة ما وعماد ذلك هو الدهشة كما قال الفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس.[٣]

المراجع

  1. "الفلسفة اليونانية القديمة"، www.marefa.org، اطّلع عليه في 20-06-2019.
  2. أنتول رابوبرت (2012)، مبادئ الفلسفة (الطبعة الأولى)، جمهورية مصر العربية: مؤسسد هنداوي للتعليم والثقافة، صفحة 17. بتصرّف.
  3. عبد الغفار مكاوي (2017)، مدرسة الحكمة (الطبعة الأولى)، المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي سي آي سي، صفحة 12. بتصرّف.
4852 مشاهدة
للأعلى للسفل
×