عام الحزن
توالَت الأحزان والشدائد والتّضييق على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة نَصيرَيْه في مواجهة جبروت قريشٍ وبطشها عمّه أبا طالب وزوجته خديجة -رضي الله عنها- خلال ثلاثة أيّامٍ، فقد صبت قريش جام غضبها على النبيّ الكريم ومن آمن به، فازداد الهم عليه وهو ما عُرف تاريخيًّا من قبل العلماء باسم عام الحزن، ولتخفيفِ هذا الحزن ومواساة قلب الرسول الكريم وتطييب خاطره أنعم الله عليه بواحدةٍ من أعظم المعجزات الربّانية ألا وهي رحلة الإسراء والمعراج التي شهد فيها النبيّ الكريم عجائب المخلوقات وغرائب المشاهد في السماوات والأرض، والمقال يُلقي الضوء على موقف قريش من رحلة الإسراء والمعراج.
موقف قريش من رحلة الإسراء والمعراج
قال تعالى في صدر سورة الإسراء: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[١]، عاد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من رحلة الإسراء والمعراج مبهورًا بما رأى مستصغرًا الأحزان والشدائد مقابل الجنة ونعيمها ورؤية الله -جلّ جلاله- لكن شعر النبيّ الكريم بالقلق حيال تصديق قريشٍ لتلك الرحلة والتي تستغرق شهرًا كاملًا من مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، وانقسم الناس حيال رحلة الإسراء والمعراج إلى أقسامٍ ثلاثةٍ هم: كفار قريشٍ وحديثو العهد بالإسلام من المسلمين والقسم الثالث الصحابة الذين رسخ الإيمان في قلوبهم.
أمّا موقف قريش من رحلة الإسراء والمعراج فقد تمثَّل في فرعون هذه الأمة أبو جهل الذي جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيحة الإسراء ورأى انشغال بال النبي الكريم فطلب منه إخباره الخبر، فحدثه النبي -عليه الصلاة والسلام- برحلة الإسراء دون المعراج كون ما يهم هو إقامة الحجة والدليل عليهم أما المعراج فهو أمر غيبيٌّ لا يؤمن بالغيب إلا من نطق بالشهادتيْن وآمن إيمانًا حقًّا بالله ورسوله، وعندما اُخبر أبو جهلٍ خبر الرحلة رأى فيها فرصةً سانحةً للسخرية من النبي -صلى الله عليه وسلم- وتأليب الناس عليه، فاقترح أبو جهلٍ على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يجمع له قريشًا ليخبرهم خبر تلك الرحلة، وعندما قصَّ عليهم القصص ازداد كفار قريشٍ كفرًا واستهزاءً وسخريةً بما رفضت عقولهم تصديقه على الرغم من تقديم النبي -صلى الله عليه وسلم- للأدلة المُبرهنة على صدقه ومنها وصفه الدقيق للمسجد الأقصى والذي يعجز عنه شخصٌ لم يره بأُم عينه كما أخبرهم عن أمر القافلة القادمة إلى مكة وزمن وصولها ووقع الأمر كما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ارتدّ عددٌ قليلٌ من المؤمنين حديثي العهد بالإسلام وانضموا إلى كفار قريشٍ في رفضهم وتكذيبهم للرحلة التي قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد الأقصى، ولم يُعلم عدد هؤلاء المرتدين أو أسماؤهم في إيماءةٍ إلى قلة عددهم وعدم تأثيرهم على جماعة المؤمنين في مكة. [٢][٣]
حكم الاحتفال برحلة الإسراء والمعراج
تعدُّ حادثة الإسراء والمعراج التي حدثت في ليلةٍ من الليالي واحدةً من أعظم المعجزات إذ صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى السموات السبع وتجاوزها إلى رؤية الله -عزّ وجل- وفيها فُرضت الصلوات الخمس على المسلمين لكن اختلف علماء المسلمين في تحديد الليلة التي حدث فيها الإسراء والمعراج فقيل: ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، وقيل: في شهر ربيع الأول، وقيل: في شهر شوال أو شهر رمضان، كما واختُلف في تحديد السنة وتضاربت الأقوال بين عاميْ الثالث والخامس قبل الهجرة، وقد أجمع علماء المسلمين أنّ ما جرت عليه عادة الناس من تحديد ليلةٍ للإسراء والمعراج والاحتفال بها بإقامة الطقوس الدينية والصلاة والذِّكر لا أصل له في الدِّين، إذ لم يثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين فهذا الاحتفال أقرب إلى الابتداع من الاتباع. [٤][٥]
المراجع
- ↑ {الإسراء: الآية 1}
- ↑ قبسات من رحلة الإسراء والمعراج،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف
- ↑ الإسراء والمعراج،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف
- ↑ اختلف العلماء في حادثة الإسراء والمعراج متى كانت،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف
- ↑ الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج،, "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف