ميراث ذوي الأرحام

كتابة:
ميراث ذوي الأرحام

حكم توريث ذوي الأرحام

تعدّدت آراء الفقهاء في حكم توريث ذوي الأرحام على قولين:

القول الأول: توريث ذوي الأرحام

ذهب الحنفية، والحنابلة، وجمع من الصحابة منهم؛ عمر وعلي وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم- إلى القول بتوريث ذوي الأرحام، إذا لم يكن ذو فرض -وهم الذين تحددت أنصبتهم في القرآن الكريم باستثناء الزوجين- ولا عصبة -كل وارث من الذكور ليس له نصيب مقدر من التركة- إلا الزوج أو الزوجة.[١]

واستدل أصحاب هذا القول بجملة من الأدلة تتمثل فيما يأتي:

  • قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ)،[٢] حيث بيّنت الآية الكريمة أن ذوي الأرحام أولى من غيرهم بالتركة أو بما بقي منها عند عدم وجود أصحاب الفروض أو العصبات.[٣]
  • عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهُ ورسولُه مولى من لا مولى له ، والخالُ وارثُ من لا وارثَ له).[٤] فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الخال وارثًا عند عدم وجود الوارث بالفرض والتعصيب، فهذا دليل على توريث ذوي الأرحام.

القول الثاني: عدم توريث ذوي الأرحام

ذهب المالكية، والشافعية، وجمع من الصحابة منهم؛ زيد بن ثابت، وعبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- إلى القول بعدم توريث ذوي الأرحام.[٥]

واستدلوا على ذلك بجملة من الأدلة، وهي على النحو الآتي:

  • أن الله -سبحانه وتعالى- عندما ذكر آيات المواريث بيّن أصحاب الفروض والعصبات ولم يبيّن ذوي الأرحام، فهذا دليل على عدم استحقاقهم للإرث.[١]
  • ما روي بسند ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ميراثِ العمةِ والخالةِ فقال: لا أدرِي حتّى يأتينِي جبريلُ ثم قال: أينَ السائلُ عن ميراثِ العمة والخالة؟ فأتى الرجل فقال: سارّنِي جبريلُ أنّه لا شيء لهُما).[٦] فالحديث يدل صراحة على عدم توريث ذوي الأرحام.

شروط توريث ذوي الأرحام

يُشترط لتوريث ذوي الأرحام شرطان، وفيما يأتي بيانهما:

  • عدم وجود أصحاب الفروض سوى الزوجين

يُشترط لتوريث ذوي الأرحام عدم وجود أصحاب الفروض الذين تحدد نصيبهم من الميراث بنص القرآن الكريم غير الزوجين؛ لأنه لا يرد عليهما، والمقصود بالرد ما يحدث عند زيادة الأنصبة ونقصان السهام، فيأخذ الورثة بسبب ذلك أكثر من حصصهم.[٧]

  • عدم وجود العصبة

يُشترط لتوريث ذوي الأرحام عدم وجود عاصب معهم في المسألة؛ لأن العاصب يأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض.[٨]

أنواع ذوي الأرحام

قسم الفقهاء ذوي الأرحام إلى أربعة أصناف:[٩]

  • الصنف الأول فروع بنات المتوفى

يشمل هذا الصنف: أولاد البنات وإن نزلوا سواء كانوا ذكورًا أم إناثا؛ كابن البنت وبنت البنت، وأولاد بنات الابن؛ كابن بنت الابن، وبنت بنت الابن.

  • الصنف الثاني: أصول الميت الذين يرتبطون به عن طريق أنثى

يشمل هذا الصنف: أجداده وجداته لأمه، كأب الأم، وأب أم الأب، وأم أب الأم.

  • الصنف الثالث: فروع أبوي المتوفى

يشمل هذا الصنف على فروع أبوي المتوفى الذين ليسوا بأصحاب فروض ولا عصبات، وهم: أولاد الأخوات، وبنات الإخوة وإن سفلوا، من أي جهة كانوا.

  • الصنف الرابع: فروع أجداد الميت وجداته

يشمل هذا الصنف على فروع أجداد الميت وجداته الذين ليسوا بأصحاب فروض ولا عصبات، وهم: الأعمام لأم (إخوة أبيه من أمه)، والعمات، والأخوال، والخالات من أي جهة كانوا.

كيفية توريث ذوي الأرحام

تعدّدت آراء القائلين بتوريث ذوي الأرحام في كيفية توريثهم إلى ثلاث طرق، وهي على النحو الآتي:

  • طريقة أهل التنزيل

إن أصحاب هذه الطريقة يقولون بتنزيل كل واحد من الأرحام منزلة من أدلى به من الورثة -أي أن يحل محله-؛ فأولاد البنات بمنزلة البنات، وأولاد بنات الابن بمنزلة بنات الابن، وأولاد الأخوات بمنزلة الأخوات، وبنات الإخوة بمنزلة الإخوة.[٨]

  • طريقة أهل الرحم

إن أصحاب هذه الطريقة يُسَوُّون بين ذوي الأرحام في الاستحقاق من غير تفريق بين قريب الدرجة وبعيدها، وبين الذكر والأنثى.[٧]

  • طريقة أهل القرابة

إن أصحاب هذه الطريقة يورثون ذوي الأرحام باعتبار قوة القرابة، وسموا بذلك؛ لأنهم يورثون الأقرب فالأقرب، كمن توفي عن بنت بنت، وبنت بنت البنت، فالمال كله إلى بنت البنت؛ لأنها أقرب درجة إلى الميت من بنت بنت البنت.[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب عبدالله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 273، جزء 5. بتصرّف.
  2. سورة الأنفال، آية:75
  3. عبدالله البسام (2003)، توضيح الأحكام من بلوغ المرام (الطبعة 5)، مكة المكركة:مكتبة الأسدي، صفحة 168، جزء 5. بتصرّف.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:2103، حسن صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 8، جزء 19. بتصرّف.
  6. رواه الدارقطني، في سنن الدارقطني، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:338، إسناده ضعيف.
  7. ^ أ ب عبدالكريم اللاحم، الفرائض (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية:وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 199-201. بتصرّف.
  8. ^ أ ب التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة 11)، المملكة العربية السعودية:دار أصداء المجتمع، صفحة 913. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد المفتي، علم الفرائض والمواريث في الشريعة الإسلامية والقانون السوري، صفحة 301-306. بتصرّف.
4841 مشاهدة
للأعلى للسفل
×