نبذة عن أبو القاسم الشابي

كتابة:
نبذة عن أبو القاسم الشابي

الأدب العربي الحديث

يُطلق مصطلح الأدب العربي الحديث على الأدب الذي كتبه الأدباء العرب في الحياة الحديثة التي تطوَّرت بكلِّ مجالاتها عن حياة الإنسان القديمة، وهو الأدب الذي جاء بعد حركة الترجمة الكبيرة التي شهدها العالم العربيّ والأجنبيّ بشكلٍ عامّ، وما نتج عنها من تزاوج الحضارات واطلاع المجتمعات على نتاج المجتمعات الأخرى، وقد انتقل الأدب العربي تحديدًا إلى عصر من عصور الازدهار العربي، حيث ظهر في هذا العصر مجموعة من الأدباء والشعراء الذي لمعوا في ساحة الأدب العالمي والعربي واستطاعوا بنتاجاتهم الأدبيّة أن يطاولوا كبار الأدباء العالميين، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على شاعر من شعراء الأدب الحديث بأخذ نبذة عن أبي القاسم الشابي الشاعر التونسي الشهير.

نبذة عن أبي القاسم الشابي

في نبذة عن أبي القاسم الشابي، أبو القاسم الشابي شاعر من شعراء تونس، لقبه شاعر الخضراء، ولد أبو القاسم الشابي في الرابع والعشرين من فبراير عام 1909م في قرية الشابية في ولاية توزر في تونس، وهو ابن الشيخ محمد الشابي الذي قضى حياته الوظيفية يعمل في القضاء في مختلف مدن تونس، وأبو القاسم الشابي هو ابن الشيخ محمد الشابي البكر، الذي جاء إلى هذه الحياة يحمل في صدره انتفاخًا في قلبه أتعبه طيلة حياته وسنواته القصيرة التي عاشها، فعاش أبو القاسم محرومًا من كثير من الأشياء التي نصحه بها الأطباء، حيث منعوه من الجري والتَّسلُّق والسباحة وأي شيء من مِتعِ الحياة التي تجهد جسده وتتعب قلبه، كما منعوه من الزواج أبدًا، كلُّ هذه القوانين الصحية الصارمة التي فُرضتْ على الشابي أصابته بمرض نفسيٍّ أشد ألمًا عليه من مرضه في القلب.[١]


كان الشابي يسأم من حياته التي أنهكها المرض وجار بها عليه قلبُهُ، فقال ذات مرََّة أثناء مروره قرب إحدى الضواحي: "ها هنا صِبية يلعبون بين الحقول، وهناك طائفة من الشباب الزَّيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطَّلق والسَّهل الجميل، ومن لي بأن أكون مثلهم؟ ولكن أنّى لي ذلك والطبيب يحذِّر علي ذلك؛ لأن بقلبي ضعفًا! آهٍ يا قلبي! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية"، تخرَّج أبو القاسم الشابي من جامعة الزيتونة، ثمَّ بدأت أعراض المرض تظهر عليه عام 1929م، ولم يمهله الموت بعدها إلَّا خمس سنوات فقط، حيث توفِّي سنة 1934م.[١]

قصائد أبي القاسم الشابي المغناة

بعد أخذ نبذة عن أبي القاسم الشابي، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الشاعر التونسي الذي عاش خمسة وعشرين عامًا فقط، كانت له تجارب نثرية في الرواية والمسرح إضافة إلى تجاربه الشعرية، وبسبب طبيعة شعره الهادئة هدوء أراضي تونس الخضراء وسهولها، فقد لاقت استحسان المغنين الذي تسابقوا على غنائها، ومن أشهر قصائد أبي القاسم الشابي المُغنَّاة هي:[٢]

  • جزء من "قصيدة إرادة الحياة" وهي النشيد الوطني لدولة تونس اليوم، كما غناها عدد من مغني العرب المشهورين.
  • قصيدة "إلى طغاة العالم" غنَّتها لطيفة.
  • قصيدة "اسكني يا جراح"، غنَّاها كلٌّ من: أبو بكر سالم، حمد الريح، أمينة فاخت.
  • قصيدة "عذبة أنت" غناها محمد عبده.
  • قصيدة "ألا انهض وسر" والتي غنَّتها ماجدة الرومي.
  • قصيدة "الراعي" وقد غنَّتها السيدة فيروز.

شعر أبي القاسم الشابي

لن تتوضَّح للقارئ معالم الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي إلَّا بإلقاء الطرف على بعض قصائد هذا الشاعر ذي التجربة الرقيقة نوعًا ما، فلم يسمحْ له القدر بالغوص أكثر في عوالم هذه الحياة واكتشاف أشياء جديدة لم يكتشفها الشعراء من قبل، ولكنَّه على قلِّة سنواته، ترك نتاجًا أدبيًا خالدًا، ومن أبرز قصائده:

  • يقول الشاعر أبو القاسم الشابي في قصيدته "نشيد الجبار، هكذا غنّى بروميثيوس":[٣]

أعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ

كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ

أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة هازِئًا

بالسُّحْبِ والأمطارِ والأَنواءِ

لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ، ولا أَرى

ما في قرار الهَوّةِ السَّوداءِ

وأسيرُ في دُنيا المشاعِر حَالمًا

غرِدًا وتلكَ سعادةُ الشعراءِ

أُصغِي لموسيقى الحياةِ، وَوَحْيها

وأُذِيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي

وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ الَّذي

يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ

وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني

عن حرب آمالي بكل بلاءِ:

لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي

موجُ الأسى، وعواصفُ الأرْزاءِ
  • ويقول الشاعر أيضًا في قصيدته "أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَةٌ":[٤]

أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَةٌ

تُحَطِّمُهَا مِثْلَ الغُصُونِ المَصَائِبُ

سألتُ الدَّياجي عن أمانيِّ شبيبَتي

فَقَالَتْ: تَرَامَتْهَا الرِّياحُ الجَوَائِبُ

وَلَمَّا سَأَلْتُ الرِّيحَ عَنْها أَجَابَنِي:

تلقَّفها سَيْلُ القَضا، والنَّوائبُ

فصارَت عفاءً، واضمحلَّت كذرَّةٍ

عَلى الشَّاطِىء المَحْمُومِ، وَالمَوْجُ صَاخِبُ
  • ويقول أبو القاسم الشابي في قصيدته "إرادة الحياة":[٥]

إذا الشعبُ يومًا أرادَالحيــاةَ

فــلا بدَّ أن يستجيبَ القَدرْ

ولا بُدَّ لليلِ أن ينجلِي

ولا بُدّ للقيد أن ينكسـرْ

ومــن لمْ يعانقْـهُ شـوْقُ الحيـاةِ

تبخَّـرَ فـي جوِّهـا واندثـرْ

كذلك قــالت ليَ الكائنـاتُ

وحدَّثني روحُها المستترْ
  • ويقول أبو القاسم الشابي في قصيدته "عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما":[٦]

عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما

دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ

شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ، وإنّها

لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ

وَتَظَلُّ جَامِدَة الجمالِ، كئيبةً

كالهيكلِ المتهدِّم المهجورِ

لا الحبُّ يرقُصُ فوقها متغنِّيًا

للنّاسِ، بين جَداولٍ وزهورِ


وفاة أبي القاسم الشابي

بعد صراع طول مع المرض دخل الشاعر أبو القاسم الشاب مستشفى الطليان في تونس العاصمة قبل أن توافيه المنية بست شهور، فقد أظهرتِ الفحوص الطبية التي أجراها إصابَتَهُ بمرض في القلب، أودى هذا المرض بحياته في التاسع من أكتوبر من عام 1934م الموافق لعام 1353 للهجرة، ثمَّ نُقل جثمانه إلى مدينة توزر وفيها دُفن، وقد كسب الشابي بعد موته اهتمامًا كبيرًا، حيث أقيم ضريح خاص له في احتفال كبير عام 1946م، فهو الشاعر الذي كتب بقلب مريض وإحساس سليم معافى، وببصيرة الشعراء الكبار الذين ناطحوا الحياة فأخذوا منها حكمة المسنين وكتبوا بها، لذلك كان ولم يزل أبو القاسم الشابي جديرًا بكلِّ احتفاء وتكريم.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب "أبو القاسم الشابي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أبو القاسم الشابي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019. بتصرّف.
  3. "نشيد الجبار (هكذا غنّى بروميثيوس)"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019.
  4. "أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَةٌ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019.
  5. "إرادة الحياة"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019.
  6. "عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-07-2019.
6121 مشاهدة
للأعلى للسفل
×