نبذة عن أبو حنيفة النعمان

كتابة:
نبذة عن أبو حنيفة النعمان

الأئمة الأربعة

إنّ من نِعَم الله -تعالى- على هذه الأمّة أن قيّض لها في كلّ زمان ومكان من يُدافع عنها من العلماء الصالحين الذين لا تأخذهم في الحقّ لومة لائم، فكان أولئك العلماء يتتبّعون خطوات من سار قبلهم على نور مشكاة النبوّة ليُزيحوا عن الأمّة ظلام الليل، ويهدوها إلى سواء السبيل الذي سار عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام رضوان الله عليهم، ومن أولئك العلماء كان الأئمّة الأربعة وهم أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين، وسيقف هذا المقال مع الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه.[١]

أبو حنيفة النعمان

هو الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، واسمه النعمان بن ثابت بن المرزبان، يعود نسبه إلى أسرة من أشراف الفرس، أسلم جدّه في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وانتقل إلى الكوفة وعاش فيها، وهناك ولد الإمام عام ثمانين للهجرة على أرجح الأقوال، وكانت أسرته أسرةً غنيّة تعمل بالتّجارة، فكانت بداية أبي حنيفة تاجرًا، وقد حفظ القرآن الكريم في صغره، وحجّ البيت الحرام وهو ابن ستّ عشرة سنة مع أبيه،[٢] ويروى أنّ والده ثابت قد عاصر عليًّا بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- فدعا له بالخير ولذريّته كذلك،[٣] وقد أخذ العلم عن شيوخ بلغوا أربعة آلاف شيخ، منهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، ومن بقي منهم من تابعي التابعين، وقد أخذ الفقه عن حمّاد بن أبي سلمة، ومن شيوخه أيضًا عطاء بن أبي رباح والشعبي وعمرو بن دينار ومحمّد الباقر -والد الإمام جعفر الصادق- وابن شهاب الزُّهري، وأخذ عنه العلم خلق كُثُر منهم القاضي أبو يوسف ووكيع -شيخ الإمام الشافعي- وعبد الرزاق بن همام شيخ الإمام أحمد بن حنبل.[٢]

كان مضرب المثل في الرأي والحكمة والعقل، أثنى عليه علماء كثر، فقال عنه الإمام الشافعي: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة"، وقال عنه الإمام مالك: "لو أراد أبو حنيفة أن يُقنع الناس أنّ هذه السارية -أي العمود- ذهبًا لأقنعهم"، وكان لا يخجل أن يروي العلم عمّن هو أصغر منه سنًّا؛ فقد روى عن مالك بن أنس وهو أصغر منه سنًّا، وكذلك روى عن شيبان النحوي وهو أيضًا أصغر منه سنًّا، وقد تعرَّض في حياته لمحنتين عظيمتين، وكانت الثانية أعظم من سابقتها، واحدة في عهد الدولة الأموية والأخرى في عهد الدولة العباسية، والفقرة القادمة ستقف مع المحنة التي واجهها الإمام أبو حنيفة النعمان بثقة بالله تعالى.[٤]

محنة الإمام أبي حنيفة

تعرّض الإمام أبو حنيفة النعمان لمحنة في عهد الدولة الأموية وأخرى في عهد دولة بني العباس، وقد عاصر الإمام الدولتين وكانت معظم حياته أيّام الأمويّين، ففي أيّام الأمويين طلب ابن هُبيرة -وكان والي الكوفة وقتها- من الإمام أبي حنيفة أن يتولى قضاء الكوفة، فرفض الإمام أبو حنيفة النعمان ذلك، فجلده ابن هبيرة مئة سوط ورفض الإمام ولم يلِن، فعندما رآه ابن هبيرة كذلك خلّى سبيله،[٥] ثمّ لمّا ولِيَ أبو جعفر المنصور خلافة العباسيين طلب من الإمام أبي حنيفة أن يكون قاضي القضاة، وهذا منصب له أوزار كثيرة كما يرى الإمام أبو حنيفة النعمان، فرفض ذلك، فأقسم المنصور أن يكون أبو حنيفة القاضي، وأقسم أبو حنيفة النعمان ألّا يستلم ذلك المنصب، فحبسه المنصور وأذاقه من الويلات في سجنه ما لا يحتمله من هو في ريعان الشباب بل أن يحتمله ابن السبعين عامًا، فتوفّي -رحمه الله- في سجنه،[٤] وكان ذلك سنة 150هـ بعد أن قضى حياته عابدًا صائمًا ساجدًا راكعًا وقد حجّ خمسًا وخمسين مرّةً، وكان يختم القرآن في كلّ يوم مرّة، وعندما مات صلّى عليه النّاس ستّ مرّات لشدّة ازدحامهم عليه، فرحمه الله وعوّض المسلمين خيرًا.[٢]

المراجع

  1. "الأئمة الأربعة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-01-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "الإمام أبو حنيفة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-01-2020. بتصرّف.
  3. "أبو حنيفة النعمان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-01-2020.
  4. ^ أ ب "محنة الإمام أبي حنيفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-01-2020. بتصرّف.
  5. "الإمام الفقيه: أبو حنيفة النعمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-01-2020. بتصرّف.
5093 مشاهدة
للأعلى للسفل
×