محتويات
أبو طالب عم النبي محمد
من بين الكثير من النّاس الذين أدركوا الإسلام بعد فترةٍ من الجاهليّة أربعةٌ من أعمام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من أصل اثني عشر، واستجاب اثنان منهم للإسلام هما: حمزة والعباس، وكان لهما في نصرة الإسلام والنبيّ مواقفُ عظيمة، أما الاثنان الباقيان فلم يستجيبا، وهما أبو لهبٍ وأبو طالب، وسيخصّص المقالُ حديثه عن أبي طالب، وهو عمّ الرسول، كان رجلًا لا يملك من المال الكثير؛ ولكنّه كان سيّدًا في قومه، كلمته مُطاعة، كريمًا، كما ويحمل النّاسُ له محبّةً في قلوبهم، كان بمثابة الأب للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بعد وفاة والده، وكانَ سنده وقوته؛ فلم يتخلَّ عنه ساعةً واحدة، وكان هو والسيّدةُ خديجة -رضي الله عنها- سندًا الرسول في الوقت الذي تخلّى عنه الكثيرُ من النّاس، وفيما يأتي سيعرض المقالُ معلوماتٍ عن أبي طالبٍ وحياته ووفاته، وغير ذلك.[١]
سيرة أبي طالب عم النبي محمد
أمّا فيما يتعلّق بموضوع نسب أبي طالب، فهو عبدُ منافٍ بن عبد المطّلب جدّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأخو عبدِ الله بن عبد المطّلب والدِ رسول الله، وله من الأبناء خمسة، أكبرهم: طالب: الذي مات كافرًا، أمّا أولاده الأربعة الأخَر فهم: عقيلٌ وجعفرُ وعليٌّ وأم هانئ، وهم من الصّحابة الكرام، كان ابنه عليٌّ أميرَ المؤمنين، أمّا عن ابنه عقيلٍ فقد كان بينه وبين عليٍّ خلاف؛ فلم يشارِك معه في قتاله، وابنُه جعفرُ هو مَن قال عنه الرسولُ -صلّى الله عليه وسلّم-: "أشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقِي"[٢][٣]
حياة أبي طالب عم النبي محمد
من أبرز ما يمتاز به أبو طالبٍ عن أبي جهلٍ أنّه ناصر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نُصرةً عظيمة؛ فكانَ له الأبَ والصديق والسند في كلّ ما يحتاجُ إليه؛ على الرغم عن عدم إسلامه، وهو أوّلُ مَن قال الشّعرَ في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومدحه، وهو من أخفّ أهل النّار عذابًا؛ وذلك لشفاعة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- له لِما أبلى من مواقفَ عظيمةٍ في نُصرة النّبي.[٤]
وله مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم مواقفُ عظيمة؛ فقد كان له في قلبه محبّةٌ كبيرة، ولا ينام إلا بجانبه؛ حيث كان لا يخرج إلى مكانٍ إلّا ويأخذه معه؛ كما ويأخذه معه في تجارته وهو صغير السنّ، أخذه في رحلةٍ إلى الشّام وهو في الثانية عشر من عمره، ولقي هناك الراهب بحيرا، وقد كان أبو طالبٍ شديد الخوف على رسول الله من قريش؛ فقد امتنع عن تسليمه لهم، كما كان يدافع عنه، ومنعهم من قتله، ومن أبرز المواقف التي كان لها كبيرُ الأثر على النبي: موقف كفالة أبي طالبٍ له في صِغرهِ بعد وفاة أمّه.[٣]
كفالة أبي طالب للنبي
بعد وفاة أمّ الرسول آمنة، وبعد وفاة جدّه عبد المطلّب، تكفّل بالنبيّ عمُّه أبو طالب؛ على الرّغم من أنه لم يكن أكبرَ أعمام الرسول، ولا أكثرهم مالًا، ولكن بسبب حبه للنّبيّ، لذلك أصبح يُخرج النّبيَّ معه في كل أعماله، وقد كان الرسول يعملُ في صغره برعاية الأغنام، ونظرًا لكون أبي طالبٍ كثير العيال قليلَ المال؛ فقد ساعدَ النبيُّ في شبابه عمّه، وعمل في التّجارة.[٥]
وفيما ورد من أخبارٍ عن طفولة النبيّ مع عمّه، وفي أثناء إحدى رحلاته معه، تنبّأ له أحدُ الراهبين بنبوءته؛ حيث قال ابنُ إسحاق: حدثني يحيى بن عبادٍ بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه: أن رجلًا من لهب -قال ابن هشام: ولهب: من أزدشنوءة- كان عائفًا، فكان إذا قدم مكة أتاه رجالُ قريشٍ بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم. قال: فأتى به أبو طالبٍ وهو غلام، مع من يأتيه، فنظر إلى رسول الله، ثم شغله عنه شيء، فلما فرغ قال: الغلام عليّ به، فلما رأى أبو طالبٍ حرصَه عليه غيّبه عنه، فجعل يقول: ويلكُم، ردّوا عليّ الغلام الذي رأيتُ آنفًا، فوالله ليكوننّ له شأن. قال: فانطلق أبو طالب.[٦]
وفاة أبي طالب عم النبي محمد
عانى أبو طالبٍ من المرض، ويوم اشتداد المرض عليه جاء النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى دار عمّه؛ ليحاول أن يجعله ينطق الشّهادة قبل وفاته، ويموت على الإسلام، وقد وردَ في ذلك حديثٌ عن الرسول في تلك الحادثة وهو: "لَمَّا حَضَرَتْ أبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أبَا جَهْلٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ، فَقالَ: أيْ عَمِّ قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقالَ أبو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: أتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه، ويُعِيدَانِهِ بتِلْكَ المَقالَةِ، حتَّى قالَ أبو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وأَبَى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ اللَّهُ: {ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} وأَنْزَلَ اللَّهُ في أبِي طَالِبٍ، فَقالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}[٧][٨]، ومات أبو طالبٍ وهو كافرٌ على الرّغم من محاولات النبي لهدايته.[٩] وقد ورد في سبب رفض أبي طالبٍ الإسلام، خوفه من تغيّر قريشٍ عليه، وقد ورد ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن النبيّ؛ حيث قال: "قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِعَمِّهِ: قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ لكَ بها يَومَ القِيامَةِ، قالَ: لَوْلا أنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، يقولونَ: إنَّما حَمَلَهُ علَى ذلكَ الجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بها عَيْنَكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ} [١٠][١١][١٢]
المراجع
- ↑ "قصة أبي طالب (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 4251 ، صحيح.
- ^ أ ب "نبذة عن أبي طالب وهل مات كافرا"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ "القطوف الدانية [صالح المغامسي"]، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ "حياته مع عمه ابو طالب"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ "مع الحبيب صلى الله عليه وسلم - وفاة أمه ثم جده ثم كفالة عمه أبي طالب "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020.
- ↑ سورة القصص، آية: 56.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسيب بن حزن، الصفحة أو الرقم: 4772، صحيح.
- ↑ "الموسوعة التاريخية - وفاة أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ "قصة وفاة أبي طالب.. مواقف وتحليلات"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 56.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 25، صحيح.