نبذة عن ابن جريج

كتابة:
نبذة عن ابن جريج

ابن جريج

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، مولى أمية بن خالد، تابعي من التابعين الذين رؤوا الصحابة، وهو إمام من أئمة الحرم، وعالم من علماء التابعين الذين كانوا مقصد طلاب العلم في تلك الفترة، اشتهر بتألف الكتب وتدوين الحديث الشريف وكان قد روى وأخذ عمن رأى وأدرك من صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم،[١]وقد ولد ابن جريج في مكة المكرمة في عام الجحاف وهو العام الذي مرَّ فيه سيلٌ على مكة المكرمة سنة ثمانين للهجرة، وكان يُلقَّبُ بأبي الوليد وأبي خالد، كما كان من قرَّاء القرآن الكريم في زمانه، وهو من أصل رومي، جدُّه جُريج كان عبدًا عند أم حبيب بنت جبير، وقد توفِّي ابن جريج في مكة المكرمة سنة 150 للهجرة، وفي هذا المقال سيتمُّ الحديث عن حياة ابن جريج وعن وفاته.[٢]

حياة ابن جريج

ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، المُكنَّى بأبي الوليد، المولود في مكة عام 8 للهجرة، عالم فقيه، من قرَّاء كتاب الله، ومن رواة الحديث الشريف عن أهل السنة والجماعة، وهو من تابعِي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لازم عبد الملك عطاء بن أبي رباح مدَّة طويلة من الزمن، وكان من أقرب الناس إليه، وقد ورد عن ابن جريج أنَّه قال: "كنت أتتبع الأشعار الغريبة والأنساب، فقيل لي: لو لزمت عطاء، فلزمته"، وقال أيضًا عن ملازمته لعطاء بن أبي رباح: "أتيتُ عطاءً وأنا أريد هذا الشأن، وعنده عبد الله بن عبيد بن عمير، فقال لي عبد الله بن عبيد: قرأتَ القرآن؟ قلتُ: لا، قال: فاذهب فاقرأِ القرآن ثم اطلبِ العلم، قال: فذهبتُ فغبرتُ زمانًا حتَّى قرأتُ القرآن، ثم جئت إلى عطاء وعنده عبد الله بن عبيد، فقال: تعلمتَ القرآن، أو قرأتَ القرآن؟ قلت: نعم، قال: تعلمتَ الفريضة؟ قلت: لا، قال: فتعلَّمِ الفريضة ثم اطلب العلم، قال: فطلبت الفريضة ثم جئت. فقال: تعلمت الفريضة؟ قلت: نعم، قال: الآن فاطلب العلم، قال: فلزمتُ عطاء سبع عشرة سنة"،[٣]وبطول صحبته صار ابن جريج أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح، فلمَّا سُئل عطاء بن أبي رباح عن الذي يخلفه في علمه، أشار إلى ابن جريج، وهذا دليل ثقة ما روى ابن جريج عن عطاء.[٤]

ولازم عبد الملك بن عبر العزيز بن جريج عمرو بن دينار بعد أن توفِّي عطاء بن أبي رباح، وقد أخذ عن عمر بن دينار العلم، وقال في ملازمته لعمرو بن دينار: "جالست عمرو بن دينار بعدما فرغت من عطاء تسع سنين"، وجاء عن بعض أهل العلم أمثال عبد الرزاق الصنعاني وعن الذهبي أنَّ ابن جريج هو أوَّل من صنَّف الكتب في علم الحديث، أمَّا ما رواه عن الزهري فقد ضعَّفه أهل العلم، وقال الذهبي في سبب تضعيف ما روى ابن جريج عن الزهري: "أن ابن جريج كان يروي بالإجازة، وبالمناولة، ويتوسَّع في ذلك، ومن ثمَّ دخل عليه الداخل في رواياته عن الزُّهري؛ لأنَّه حمل عنه مناولة، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط"، ويُذكر أنَّ ابن جريج أخذ قراءة القرآن الكريم عن عبد الله بن كثير، وروى عن ابن جريج في القراءة سلام بن سليمان ويحيى بن سعيد الأنصاري وسفيان الثوري،[٥]وفي مسألة ضعف ما روى ابن جريج عن الزهري قال ابن معين: "ابن جريج ليس بشيء في الزهري"، وقد ذكر أهل العلم ابن جريج في غير موضع، فمما جاء عنه أنَّ أحمد بن حنبل قال فيه: "روى ابن جريج عن ست عجائز من عجائز المسجد الحرام وكان صاحب علم"،[٦]وقد ذكرتْ بعض الروايات أنَّ ابن جريج كان يأخذ بزواج المتعة، قال أبو غسان زنيج: "سمعتُ جريرًا الضَّبي يقول: كان ابن جريج يرى المتعة، تزوَّج بستين امرأة، وقيلَ: إنَّه عهد إلى أولاده في أسمائهن لئلَّا يغلط أحدٌ منهم ويتزوَّج واحدة مما نكح أبوه بالمتعة".[٧]

أقوال العلماء في ابن جريج

وجدير بالذكر إنَّ للعلماء أقوالًا عظيمة في هذا التابعي، فقد قال ابن سعد عن رواية ابن جريج للحديث: "كان ثقة كثير الحديث جدًّا"، وقال ابن حبان: "كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم وكان يدلس"، وقال أبو زرعة الرازي: "بَخٍ! ذلك من الأئمّة"، وقال عنه عطاء بن أبي رباح: "ابن جريج سيد أهل الحجاز"، وقال الذهبي عنه أكثر من قول واحد، ومنها: "الفقيه أحد الأعلام" وقال الذهبي أيضًا: "عالم أهل مكة وكان أحد أوعية العلم، وهو أول من صنف التصانيف في الحديث"، وقال الذهبي أيضًا: "الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ الحرم، والرجل في نفسه ثقة، حافظ، لكنه يدلس بلفظة: عن"، وقال علي بن المديني عن ابن جريج أيضًا: "لم يكن في الأرض أعلم بعطاء من ابن جريج، وبلغنا أن ابن جريج ما سمع من الزهري شيئا إنما أخذ عنه مناولة وإجازة"، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: "كان ابن جريج صدوقًا، فإذا قال: حدثني، فهو سماع، وإذا قال: أنبأنا أو أخبرني، فهو قراءة، وإذا قال: قال، فهو شبه الريح"، وقال أبو عاصم النبيل: "كان ابن جريج من العباد، كان يصوم الدهر، سوى ثلاثة أيام من الشهر"، وقال ابن كثير: "أحد أئمة أهل الحجاز"، وقال الزركلي: "فقيه الحرم المكيّ. كان إمام أهل الحجاز في عصره".[٥]

من روى عنهم ابن جريج

أمَّا في رواية الحديث فقد روى عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن خلق كثير، ومنهم: "أبوه عبد العزيز، عطاء بن أبي رباح، إسحاق بن أبي طلحة، زيد بن أسلم، سليمان بن أبي مسلم الأحول، صالح بن كيسان، صفوان بن سليم، ابن أبي مليكة، عبد الله بن محمد بن عقيل، عطاء الخراساني، عمرو بن دينار، سعيد بن الحويرث، أبي الزبير، محمد بن المنكدر، نافع مولى بن عمر، هشام بن عروة، موسى بن عقبة وغيرهم.

من رووا عن ابن جريج

كما روى عن ابن جُريج خلق كثيرون، ومنهم: "ابناه عبد العزيز ومحمد، الأوزاعي، الليث بن سعد، يحيى بن سعيد الأنصاري ، حماد بن زيد، عبد الوهاب الثقفي، عيسى بن يونس، وهيب بن خالد، أبو قرة موسى ابن طارق، حفص بن غياث، مسلم بن خالد الزنجي، مفضل بن فضالة المصري، همام بن يحيى، إسماعيل بن علية، إسماعيل بن عياش، ابن عيينة، خالد بن الحارث، زهير بن محمد التميمي، أبو خالد الأحمر، أبو ضمرة، عبد الله بن إدريس" وغيرهم.[٥]

وتُروى قصة من حياة ابن جريج، جاءت هذه القصة في تاريخ القاضي تاج الدين عبد الباقي، وفيها أنَّ ابن جريج جاء إلى معن بن زائدة لكي يأخذ دينًا له عليه، وبقي عنده حتَّى يوم العاشر من ذي القعدة من ذلك العام، فمرَّ على قوم وعندهم جارية تقول من شعر عمر بن أبي ربيعة ما يأتي:

هيهات من أمَّة الوهابِ منزلنا

إذا حللنا بسيفِ البحر من عدنِ

واحتلَّ أهلك أجيادًا فليس لنا

إلا التذكر أو حظ من الحزنِ

تالله قولي له في غير معتبةٍ

ماذا أردت بطول المكثِ في اليمنِ

إن كنت حاولتْ دنيا أو ظفرتْ بها

فما أصبت بتركِ الحجِّ من ثمنِ

قيل: بكى ابن جريج وانتحب، وقام إلى معن بن زائدة وقال له: "إن أردت بي خيرا فردني إلى مكة، ولست أريد منك شيئا"، ثمَّ ارتحل يوافي الناس يوم عرفة، وفي ملازمته لعطاء بن أبي رباح قال ابن جريج: "أقمتُ على عطاء إحدى وعشرين حجة، يخرج أبواي إلى الطَّائف وأقيم أنا تخوُّفًا أن يفجعني عطاء بنفسه"،والله تعالى أعلم.[٧]

وفاة ابن جريج

في ختام الحديث عن التابعي الجليل عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، لا بدَّ من المرور على وفاة هذا الفقيه والعالم، وتذكر الروايات أنَّ ابن جريج مات في أول عشر ذي الحجة من سنة 150 للهجرة، جاء عن يحيى بن بكير أنَّه قال في موت ابن جريج: "مات سنة إحدى وخمسين" أي بعد المائة، وجاء عن الذهبي أنّ ابن جريج مات وله من العمر سبعون عامًا، قال الذهبي: "سنه وسن أبي حنيفة واحد، ومولدهما وموتهما واحد"،[٣]وجاء عن أبي إسحاق الفيروزآبادي أنَّه قال: "ومنهم أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وجريج عبد لآل أم حبيب بنت جبير  ومات سنة خمسين ومائة"، وقال ابن المديني وأبو حفص الفلاس : مات ابن جريج سنة تسع وأربعين ومائة، وهذا وهم، فقد قال يحيى القطان ومكي بن إبراهيم وأبو نعيم وعدة: "مات سنة خمسين ومائة"، وعن ابن المديني أيضًا: سنة إحدى وخمسين"، والله أعلم.[٧]

المراجع

  1. "ترجمة التابعي ابن جريج"، www.alukah.net، 2020-05-08. بتصرّف.
  2. "ابن جريج"، www.marefa.org، 2020-05-08. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "ابن جريج"، www.wikiwand.com، 2020-05-08. بتصرّف.
  4. "أرشيف ملتقى أهل الحديث - 2"، al-maktaba.org، 2020-05-08. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "ابن جريج"، ar.wikipedia.org، 2020-05-08. بتصرّف.
  6. "سير أعلام النبلاء/ابن جريج"، ar.wikisource.org، 2020-05-08. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت "ابن جريج"، islamweb.net، 2020-05-09. بتصرّف.
5344 مشاهدة
للأعلى للسفل
×