نبذة عن ابن سهل الأندلسي

كتابة:
نبذة عن ابن سهل الأندلسي

ابن سهل الأندلسي

برز في الأندلس شعراءُ عدّة، كانت لهم بصمتُهم في عالم الشّعر، وقدموا وأضافوا الكثير في ذلك المجال، ومن بينهم الشاعر ابن سهلٍ الأندلسيّ، وهو شاعرٌ معروفٌ في ذلك العصر، وهو إبراهيم بن سهلٍ ويُكنى بأبي إسحاق، وُلِد في إشبيلية الأندلسيّة عام 605هـ/1208م، يهوديُّ الأصل، لم يكن شاعرًا فقط بل كان شاعرًا وأديبًا وكاتبًا موهوبًا برز بين أبناء عصره، كتب قصائد عدّة، كما ذكر ابنُ الحمويّ بعضَ الأزجال المنقولة عنه، ولكنّه برع واشتُهر بموشّحاته، توفي عام 649 هـ/1251م،[١] ولم يتجاوز العَقد الرّابع من عمره، وقد قيل عنه بأنّه لو عُمّر أكثر لكان الأشعرَ في عصره، وقد شبّهه بعضُهم بالسّموأل، باستثناء إسلام ابن سهل والذي سيُذكر لاحقًا، وبقاء السموأل على يهوديته.[٢]

حياة ابن سهل الأندلسي وإسلامه

كانت بداية حياته في إشبيلية؛ حيث وُلِدَ وقضى معظم أيّام حياته فيها، فبقي فيها منذ ولادته إلى عام 641هـ؛ حيث سافر إلى جزيرة منورقة، وفي تلك الفترة التي قضاها في إشبيلية والتي كانت حاضرةً من حواضر العلم والثقافة، نال كمًّا وافرًا من علوم اللسانيات والعلوم الدينيّة والمعارف العلميّة؛ وذلك عن طريق حلقات العلم في المساجد التي كانت منتشرةً في تلك الفترة، وما كان الذي وصل إليه من شعرٍ إلّا من خلال مسيرته الطويلة مع علم النحو وأخبار العرب وشعرهم وفنونهم، وما قرأه من كتبٍ لكبار الكتّاب والأدباء كالكامل للمبرّد، والبيان والتبيين للجاحظ، وقد امتاز بقدرته الكبيرة على الحفظ وسرعة البديهة وقدرته على الاقتباس والتضمين، كما برز بالالتفات إلى تضمين القصص الدينيّة في شعره؛ فقد برز في ديوانه الغزلُ الغلمانيُّ من خلال تغزّله بمحبوبه موسى الذي جمع بين تغزّله به وبين سيرة النبيّ موسى.[٣]


بالإضافة إلى ذلك كان للمديح وللأمور المتعلقة في السياسة والحياة العامّة نصيبٌ من أغراضه الشعريّة، أمّا مرحلة الشباب فقد كانت حافلةً بمجالس اللهو والمُنادمة في منتزهات إشبيلية، والتي بقي فيها على الرغم ممّا فيها من ظروفٍ سيئة، وكان عزاؤه الوحيد هناك وجود الأصدقاء ولا سيما ابن سعيد، ولكن ما إن سافر ابن سعيدٍ إلى الجزيرة الخضراء حتى لم يستطع ابنُ سهلٍ البقاءَ في إشبيلية فغادرها إلى جزيرة منورقة، وشدّه إليها أجواؤها السياسيّة وطبيعتها الخلّابة، ومدح رئيسها بقصائدَ عدّة، وبعد قضائه فترةً في منورقة توّجه إلى سبتة التي بقي فيها بين عامي 642هـ-645هـ، وكان اختياره لها لما رأى من تشابهٍ في الأوضاع السياسيّة بينها وبين بلده الأمّ إشبيلية؛ فقد انضمّت الدولتان إلى حكم الدولة الحفصيّة، ومدح الدولة الحفصيّة في أبياتٍ شعريّةٍ كثيرة، وبذلك كان عهده في سبتة مليئًا بشعر المدح الذي يتسّم بالقوّة، بينما كان عهده في إشبيلية سابقًا مليئًا بغزله بموسى، وتوفي ابنُ سهلٍ غرقًا في أثناء توجّهه إلى تونسَ مع ابنِ خلاص.[٣]


أمّا فيما يخصّ موضوع إسلامه فهو من الأمور المُشكِلة في سيرة حياته؛ إذ هناك أقوالٌ كثيرةٌ عن مدى صدق اعتناقه للإسلام، فقد شكّك بعضُ الدارسين لسيرته بإسلامه، وقالوا إن الإيمان لم يتمكّن من قلبه، وجاء تفسيرُهم بناءً على جوابه لصديقه ابن سعيدٍ حين سأله عن ذلك الموضوع فقال له: "للنّاس ما ظهر ولله ما استتر" وفي المقابل كان هناك مَن آمن بصِحّة عقيدته، ومن ذلك ما أورده صاحبُ نفح الطيب من قول ابن مرزوق: "ولقد صحّح لنا مَن أدركناه من أشياخنا أنّ -ابن سهل- مات على دين الإسلام" وعلى صعوبة الجزم في موضوع إسلامه، إلّا أنّ شعره كان يعكس الثقافة الإسلاميّة بشكلٍ كبير، وغزله الغلمانيُّ كان عذريًّا محضًا، وكانت الغاية من ورائه الافتنان بالجمع بين التغزّل بمحبوبه موسى وقصّة النبيّ موسى عليه السلام.[٤]

أعمال ابن سهل الأندلسي

ضمّ ديوانُ ابن سهلٍ الأندلسيّ العديد من القصائد، والتي تنوّعت أغراضُها ما بين غزل الغلمان الذي كان أكثر الأغراض تواجدًا، ومديح بعض شخصيّات الدولة، وفي المقابل نرى شُحًّا في أغراض الهجاء والرثاء لديه، ومن أعجب الأمور شحُّه في وصف طبيعة الأندلس على الرغم من جمالها الفتّان،[٤] ومن أبرز قصائده:[٥]

  • قصيدة أبا حسنٍ لا حسّنَ اللَّهُ حالة.
  • قصيدة أبو طالبٍ في كفهِ، وبخده.
  • قصيدة قُلْ لمن أسهرَ بالعينِ الجفونْ.
  • قصيدة كأنَّ الخالَ في وَجَناتِ موسى.
  • قصيدة كان محياكَ لهُ بهجة.
  • قصيدة أما لك ترثي لحالةِ مكمدِ.
  •  قصيدة أما لكَ في أمري إلى العدلِ مصرفٌ.
  •  قصيدة أموسى لقد أوردتني شرَّ موردٍ.
  •  قصيدة أموسى متى أحظى لديكَ ومبعدي.

شواهد شعرية لابن سهل الأندلسي

من أكثر ما اشتُهر به ابنُ سهلٍ الأندلسيّ تغزّله بموسى؛ فكثرت الأشعارُ التي ورد اسمُ موسى فيها، والذي كان شغلَ الشاعر الشاغل، وسيورد المقالُ فيما يأتي شواهد شعريّةً لابن سهلٍ الأندلسيّ منتقاةً من ديوانه:

  • قصيدة كأن الخال في وجنات موسى:[٦]

كَأَنَّ الخالَ في وَجَناتِ موسى سَوادُ العَتبِ في نورِ الوِدادِ

وخَطَّ بِصَدغِهِ لِلحُسنِ واوًا فنقَّطَ خَدَّهُ بَعضُ المِدادِ

لواحِظُهُ مُحيَّرَةٌ وَلَكِن بِها اهتَدَتِ الشُجونُ إِلى فُؤادي

  • قصيدة تسليت عن موسى بحبّ محمد:[٧]

تَسَلَّيتُ عَن موسى بحُبِّ محَمَّدٍ هُديتُ ولولا اللَهُ ما كُنتُ أَهتَدي

وما عن قِلىً قد كانَ ذاكَ وَإِنَّما شَريعَةُ موسى عُطِّلَت بِمُحمَّدِ

  • قصيدة انهض بأمرك فالهدى مقصود:[٨]

انهَض بأَمرِكَ فالهُدى مَقصودُ واسعَد فأنتَ على الأنامِ سَعيدُ

والأَرضُ حيثُ حَلَلتَ قُدسٌ كُلُّها والدهرُ أجمَعُ في زَمانِكَ عيدُ

  • قصيدة طرقت منقبة تروع تحجبا:[٩]

طرقَت مُنَقَّبَةً تروعُ تَحَجُّبًا هيهاتَ يَأبى البدرُ أَن يَتَنقَّبا

والصُبحُ في حَلَكِ الدُجى مُتَنَقِّبٌ وحُلى الدَراري موشِكٌ أَن يُنهَبا

وَالفَجرُ يَكتُبُ في صحيفةِ أُفقِهِ أَلِفًا مَحَت نورَ الهلالِ المُذهَبا

بيضاءُ يَخفى البَدرُ مِن إِشراقِها قُصرى النُجومِ مَعَ الضُحى أَن تغرُبا

ودَّعتُها فجنَيتُ مِن مُرِّ النَوى حُلوَ الوَداعِ مُنَعَّماًوَمُعَذَّبا

المراجع

  1. "ابن سهل الأندلسي"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-15. بتصرّف.
  2. الدكتور عمر فاروق الطباع (1419)، ديوان ابن سهل الأندلسي (الطبعة 1)، بيروت-لبنان:شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، صفحة 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب الدكتور عمر فاروق الطباع (1419)، ديوان ابن سهل الأندلسي (الطبعة 1)، بيروت-لبنان:شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، صفحة 8-14. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الدكتور عمر فاروق الطباع (1419)، ديوان ابن سهل الأندلسي (الطبعة 1)، بيروت-لبنان:شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، صفحة 14-15. بتصرّف.
  5. "ديوان شعر ابن سهل الأندلسي"، konouz.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف.
  6. "الديوان العصر المملوكي ابن سهل الأندلسي كأن الخال في وجنات موسى"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16.
  7. "الديوان العصر المملوكي ابن سهل الأندلسي تسليت عن موسى بحب محمد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف.
  8. "عالم الأدب أبيات شعر أبيات شعر مدح شعر ابن سهل الأندلسي انهض بأمرك فالهدى مقصود"، adabworld.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16.
  9. "ديوان العصر المملوكي ابن سهل الأندلسي طرقت منقبة تروع تحجبا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف.
4987 مشاهدة
للأعلى للسفل
×