نبذة عن ابن سيرين

كتابة:
نبذة عن ابن سيرين

من هو ابن سيرين؟

من هو الإمام ابن سيرين مفسر الأحلام المشهور؟

هو الإمام شيخ الإسلام أبو بكر ابن أبي عمرة محمد بن سيرين (33هـ - 110 هـ) أصله من جرجرايا، فقد كان أبوه سيرين حدادًا فيها، وقدم إلى عين التمر ليصنع قدور النحاس فيها، فسباه خالد بن الوليد في معركة عين التمر، وتملكه أنس بن مالك، ثم كاتبه على أربعين ألفًا، فعتق في كتابه، وأمّه امرأة حجازية اسمها صفية كانت مولاة لأبي بكر ابن أبي قحافة، ويعدّ محمد بن سيرين سادس ستة من أبناء سيرين، وهم: محمد وخالد وأنس ومعبد ويحيى وحفصة.[١]


ولد محمد بن سيرين في خلافة عثمان بن عفان سنة (33هـ) في البصرة، وكان مولى لأنس بن مالك خادمًا له، وقد ولد له ثلاثون ولدًا من امرأة واحدة ماتوا كلهم، ولم يبق منهم غير عبد الله، وتوفي بعد وفاة الحسن بن أبي الحسن البصري بمئة يوم سنة (110 هـ)، وقال بكار بن محمد: وبلغ نيّفًا وثمانين سنة.[٢]


نشأة ابن سيرين وتعليمه

ما هو أصل ابن سيرين، وأين ولد ونشأ؟

نشأ ابن سيرين في بيت أنس بن مالك خادم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فتخلق بأخلاقه واقتدى بسمته واقتبس من علمه، وقال عنه تلميذه هشام بن حسان: أدرك محمد بن سيرين ثلاثين صحابيًّا،[٣] وكان لسماعه منهم أثر واضح عليه في نشأته العلمية، وقد عمل محمد بن سيرين في التجارة، قال هشام بن حسان عنه: كان يتجر فإذا ارتاب بشيء في تجارته تركه حتى ترك التجارة.[٤]


كان محمد بن سيرين ثقة مأمونًا عالمًا بالقضاء، قال عنه عثمان البتي: لم يكن أحد أعلم بهذه النقرة بالقضاء من محمد،[٥] وقال أيوب السختياني: أما محمد بن سيرين فكان يراد على القضاء فيفر إلى الشام مرة ويفر إلى اليمامة مرة وكان إذا قدم البصرة كان كالمستخفي حتى يخرج،[٦] وقال عوف الأعرابي: كان حسن العلم بالتجارة حسن العلم بالقضاء حسن العلم بالفرائض،[٧] كما تعلم ابن سيرين الحساب،[٨] ونبغ في علم الرؤى حتى صار علامة فيها.[٩]


صفات ابن سيرين ومناقبه

تميّز ابن سيرين بسمات شكلية وخُلُقية أثبتها تلاميذه وأهل بيته ممن عاشوا معه، وقد كانت تلك السمات أثرًا واضحًا لتربيته في بيت الصحابيّ أنس بن مالك، كذلك في نشأته العلمية بين الصحابة والتابعين، ومن أهم صفاته ما يأتي:

  • كان يتحاشى إظهار عبادته أمام النّاس، فكان إذا جالس النّاس نهارًا أكثر من الضحك، وإذا خلا في بيته ليلًا بكى خشية من الله. [١٠]
  • كان كثير التلاوة للقرآن، له في قراءته سبعة أوراد، فإذا فاته شيء من ورد الليل قرأه بالنّهار. [١٠]
  • كان يصوم صيام نبي الله داود؛ يصوم يومًا، ويفطر يومًا.
  • كان معظّمًا لأمّه شديد البرّ بها، وكان يشتري لها ألين الثياب، فإذا جاء عيد صبغ لها تلك الثياب؛ لأنّها كانت تحبّ الثياب المصبوغة، وكان لا يرفع صوته عند أمّه حتى يظنّ رائيه ممن لا يعرفه أنّ به مرضًا من شدّة خفصه صوته عندها، فقد كان يتكلم معها كالمصغي إليها. [١٠]
  • كان معرِضًا عن أعراض النّاس ذابًّا عنهم في غيبهم، فإذا ذكر عنده رجل بسيئة ذكره بأحسن ما يعلم عنه. [١١]
  • كان أمينًا في تعاملاته مع الناس، ولا يرضى لهم ما يغشّهم، وقد حبس مرّة بسبب دين في زيت كان يرغب بالمتاجرة به، فوجد في شيء منه فأرة ميتة، فصبّ الزيت كلّه، فلا باع الزيت ولا ردّ الدّين، فحبس في ذلك. [١٢]
  • كان وقت تجارته إذا وقع عنده درهم زائف أو ستّوق لم يشتر به تورّعًا منه، فلما مات وجد عنده خمسمئة درهم زيوفًا وستّوقة.[١١]
  • كان قصيرًا، عظيم البطن، له فروة يفرق شعره، كثير المزاح، كثير الضحك، يخضب بالحناء، وافر اللحية كما وصفه يوسف بن عطيّة العطّار.[١٣]
  • كان أصمًّا كما يظهر من كلام عامر الشّعبيّ عنه. [١٤]
  • كان يلبس الطيالس -وهو أوشحة أو نحوها توضع على الكتف-. [١٥]
  • كان يرتدي الثياب الثمينة، كما أنه كان يستدفئ بفروة في الشتاء. [١٥]
  • كان يلفّ العمائم على رأسه، ومنها ما كانت ذات ذوائب يرخيها من خلفه. [١٥]


اشتغال ابن سيرين بالرواية والفقه

ما مدى علم ابن سيرين بالفقه والحديث؟

كان محمد بن سيرين كثير العلم غزير الرواية، وقد أدرك ثلاثين صحابيّا روى عن أكثرهم، منهم: أبو هريرة وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعبد الله بن الزبير وعمران بن حصين وغيرهم، وقد روى عنه: قتادة بن دعامة السدوسي وخالد الحذاء وهشام بن حسان وأيوب السختياني وعبد الله بن عون وجرير بن حازم وغيرهم.[١٦]


وثقه الإمام أحمد وابن أبي حاتم وسوار بن عبد الله وغيرهم كثير،[١٧] وقد كان ابن سيرين يروي الحديث بحروفه لا يغير منه شيئًا ولا يحدث به بمعناه،[١٨] وقال عنه تلميذه عبد الله بن عون: "كان ابن سيرين إذا حدث كأنه يتقي شيئًا كأنه يحذر شيئًا، وقال: كان محمد بن سيرين يحدث بالحديث على حروفه.[١٩]


كان ابن سيرين عالمًا بالفقه والحلال والحرام، إلا أنه كان يتورع عن الإجابة فيها أو التصدر لها، قال الأشعث: "كنا إذا جلسنا إليه حدثنا وتحدثنا وضحك وسأل عن الأخبار، فإذا سئل عن شيء من الفقه والحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان"، وقال مورّق العجلي: "ما رأيت أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين" وقال ابن شبرمة: "دخلت على محمد بن سيرين بواسط فلم أر أجبن على الفتيا منه".[٢٠]

كتاب تفسير الأحلام والجدل حوله

ما صحة نسبة كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين؟

عُرِف محمد بن سيرين بتفسير الأحلام وتعبير الرؤى حتى كان إمامًا فيها، فقد وصفه الطيب الهجرانيّ بالإمام في تعبير الرؤى،[٢١] وقال عنه الذهبي: كان علامة في التعبير [٢٢]، وتروى في سيرته وأخباره قصص عجيبة تبين سعة علمه وتبحره في فن التعبير، كما طبع كتابين في تفسير الأحلام نسبا إليه، وهما: منتخب الكلام في تفسير الأحلام، وتعبير الرؤيا، واختلف المحققون في مدى صحة نسبة هذين الكتابين له ما بين رادّ لها، ومسلّم بها، ومتوقف فيها.


ذكر المحقق مشهور حسن أنّ كتاب تعبير الرؤى طبع أول مرة في مصر سنة (1281هـ)، ثمَّ توالت الطبعات بعد ذلك، وأنّ كتاب منتخب الكلام في تفسير الأحلام طبع لأول مرة في بولاق سنة (1284هـ) على هامش كتاب تعطير الأنام في تفسير الأحلام لعبد الغني النابلسي، ثمَّ توالت طبعات الكتاب، ويرجح مشهور حسن كون الكتاب منحولًا على ابن سيرين لأسباب متعددة، وهي:[٢٣]


  • إغفال العلماء الأوائل ذكر تأليف ابن سيرين لأي كتاب في أي علم من العلوم، وكان أول من نسب كتابًا في تعبير الرؤى إليه هو ابن النديم (358هـ) في الفهرست، ولم يكن همّ ابن النديم إلا سرد الكتب ونقلها دون تحقيق نسبتها إلى أصحابها رغبة منه في الاختصار والاقتصاد، لذا لا يعدّ كلام ابن النديم تصحيحًا لهذه النسبة.
  • رواية أخبار عنه في كراهته لاتخاذ الكتب، فقد كان يكره اتخاذ الكتب، وقال: لو كنت متخذًا كتابًا لاتخذته من رسائل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • شدة ورعه كان مانعًا له من وضع كتاب للناس في تعبير الرؤى.
  • نقل العلماء نماذج من تفسيره للأحلام دون ذكر لهم أن له تصنيفًا في ذلك، أو روايتهم ذلك من كتابه.
  • روح التأليف للكتابين المزعومين لا تشبه عبارات القرون الأولى، بل إنّ فيها نقولات عن علماء جاؤوا بعد محمد بن سيرين.


ممّن شكّك في نسبة كتب تفسير الأحلام لابن سيرين كارل بروكلمان، فقد ذكر في تاريخ آداب العرب عدة كتب في تفسير الأحلام تنسب إليه مع مختصرات إليها، وقد شكك في نسبتها جميعها، بل جعل لبعضها مؤلفًا مظنونًا وهو محمد بن أحمد بن قاسم السالمي يروي عن إسحاق القراماني (ت 930هـ)،[٢٤] كذلك جزم الزركلي في الأعلام بنفي نسبة الكتابين عن ابن سيرين، فقال: ينسب له كتاب تعبير الرؤى ذكره ابن النديم، وهو غير منتخب الكلام في تفسير الأحلام المطبوع المنسوب إليه أيضًا وليس له.[٢٥]


جزم بعض المحققين بصحة نسبة هذه الكتب لابن سيرين ولم يبينوا أسباب ذلك، ومنهم: محمود طعمة الحلبي [٢٦]، وباسل البريدي[٢٧]، ومال بعضهم إلى أنّ الكتاب يحتمل أن يكون من جمع بعض المتأخرين لتعبيرات ابن سيرين في الأحلام وجمعها في كتاب ونسبها إليه [٢٨]، وجمع خالد العنبري ما صحَّ عنه من تعبيرات في كتاب سماه: ثلاثة كتب في تفسير الأحلام.[٢٩]

المراجع

  1. محمد بن مكرم ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 217-220، جزء 22. بتصرّف.
  2. محمد بن مكرم ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 220-233، جزء 22. بتصرّف.
  3. محمد بن مكرم ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 220، جزء 22. بتصرّف.
  4. محمد بن مكرم ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 223، جزء 22. بتصرّف.
  5. محمد بن سعد (1990)، الطبقات الكبرى (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية، صفحة 146، جزء 7. بتصرّف.
  6. محمد بن مكرم ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 217، جزء 22. بتصرّف.
  7. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 222، جزء 22. بتصرّف.
  8. الذهبي (1985)، سير أعلام النبلاء (الطبعة 3)، بيروت :دار الرسالة العالمية ، صفحة 609، جزء 4. بتصرّف.
  9. الذهبي (1998)، تذكرة الحفاظ (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية ، صفحة 62، جزء 1. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة، صفحة 220-227، جزء 22.
  11. ^ أ ب الذهبي (1985)، سير أعلام النبلاء (الطبعة 1)، بيروت :دار الرسالة العالمية، صفحة 619، جزء 4.
  12. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 230، جزء 22. بتصرّف.
  13. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 220، جزء 22. بتصرّف.
  14. محمد بن سعد (1990)، الطبقات الكبرى (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية ، صفحة 145، جزء 7. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت الذهبي (1985)، سير أعلام النبلاء (الطبعة 1)، بيروت :دار الرسالة العالمية، صفحة 619، جزء 4.
  16. الخطيب اللبغدادي (2002)، تاريخ بغداد، بيروت :دار الغرب الإسلامي ، صفحة 283، جزء 3. بتصرّف.
  17. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 221، جزء 22. بتصرّف.
  18. محمد بن سعد (1990)، الطبقات الكبرى (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية، صفحة 144، جزء 7. بتصرّف.
  19. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 220، جزء 22.
  20. محمد بن مكرم (1984)، مختصر تاريخ دمشق (الطبعة 1)، دمشق :دار المعرفة ، صفحة 220، جزء 22.
  21. الطيب الهجراني (2008)، قلادة النحر (الطبعة 1)، جدة :دار المنهاج ، صفحة 34، جزء 2.
  22. الذهبي (1998)، تذكرة الحفاظ (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية ، صفحة 62، جزء 1.
  23. مشهور حسن (1995)، كتب حذر منها العلماء (الطبعة 1)، الرياض :دار الصميعي ، صفحة 276-284، جزء 2. بتصرّف.
  24. تاريخ آداب العرب ، كارل بروكلمان، القاهرة:دار المعارف ، صفحة 255-256، جزء 1. بتصرّف.
  25. خير الدين الزركلي (2002)، الأعلام (الطبعة 15)، بيروت :دار العلم للملايين، صفحة 154، جزء 6. بتصرّف.
  26. محمد بن سيرين (2002)، منتخب الكلام في تفسير الأحلام (الطبعة 5)، بيروت :دار المعرفة ، صفحة 5. بتصرّف.
  27. باسل البريدي (2008)، معجم تفسير الأحلام (الطبعة 1)، أبو ظبي :دار الصفاء ، صفحة 5. بتصرّف.
  28. "نبذة عن ابن سيرين ومدى صحة نسبة كتاب تفسير الأحلام إليه "، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/7/2021. بتصرّف.
  29. مشهور حسن (1995)، كتب حذر منها العلماء، الرياض :دار الصميعي ، صفحة 284، جزء 2. بتصرّف.
3324 مشاهدة
للأعلى للسفل
×