نبذة عن الأحوص الأنصاري

كتابة:
نبذة عن الأحوص الأنصاري

الأحوص الأنصاري

الأحوص الأنصاري هو لقب للشاعر الأموي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأنصاري، لقّب بالأحوص لضيق في عينه، كان شاعرًا هجّاءً، وكان من طبقة جميل بن معمر المعروف بجميل بثينة وكذلك من طبقة الشاعر نصيب، وقد كان معاصرًا لثنائيّ النقائض الأمويّ جرير والفرزدق، كان يعيش في المدينة المنوّرة وقد وفد يومًا على الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان، فأكرمه وأحسن إليه، ولكنّه قد سمع منه ما يسوءُه فأمر بردّه إلى المدينة وجَلدِه، ثمّ بعد ذلك نفاه إلى جزيرة دهلك وهي بين اليمن والحبشة كان الخلفاء الأمويّون ينفون إليها من يغضبون عليه، وبقي في منفاه إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فأطلقه يزيد بن عبد الملك بن مروان، فرحل إلى دمشق حتى توفي فيها وكان ذلك سنة 105هـ، وسيقف هذا المقال فيما يأتي مع نبذة عن الأحوص الأنصاري من حيث سيرته ومقتطفات من شعره.[١]

حياة الأحوص الأنصاري

كان الأحوص من الناس الذين يميلون للشر وينزعون إليه نزعًا، وكان أحمق لا يذهب إلى القصد في سيرته، وممّا يُروى عنه أنّه كان مغرورًا مزهوًّا بنفسه متكبّرًا على الناس، وكان يرميهم بهجائه على نحو كبير، فيروى أنّه قد هجا قبيلة قريش والأنصار كذلك، ويروى أنّه قال يومًا لواحد من بني عجلان واسمه ابن جرير:

إنَّ بقومٍ سوَّدوكَ لحاجةٌ

إلى سيّدٍ لو يظفرون بسيِّدِ

فأمسك ذلك الرجل بحلق الأحوص ووكان معه يومها راوية شعره، وجاء الناس ليخلّصوا الأحوص من بين يدَي الرجل فأقسم أنّ الذي سيقترب من الأحوص ليخلّصه فإنّه سيدع الأحوص ويأخذه، فظل الأحوص كذلك حتى استرخى وأغمي عليه، فلمّا أفاق كان ابن جرير فوقه وقد أقسم له إن كان سيسمع هذا البيت من أحد من الناس فإنّه سيطعن الأحوص بسيفه ويرديه قتيلًا ولو تعلّق بأستار الكعبة، فلمّا رأى الأحوص أنّ الرجل جادٌّ فيما يقول قال لراوية شعره: "إنّ هذا مجنون، ولم يسمع البيت غيرك، فإيّاك أن يسمعه منك أحد".[٢]


وقد كان يشرب الخمر ويحب النساء والغلمان، وكان سيّئ الأخلاق لا يردّه وازع عمّا يريد، فممّا يُذكر أنّه تزوّج بابنة أحد رجال تميم وأخذها إلى المدينة معه، وفي الطريق طلبت إليه أن يوصلها لدار أختها التي تكون على طريقهما، فلمّا رأى زوج أختها قبيحًا هجاه أمامه، وانقطع لبني أميّة يمدحهم طمعًا بالأعطيات، ولكن في النهاية اشتكى أشراف الأنصار من معاملة الأحوص الذي هجا الأنصار وعرّض بنسائهم، فجُلِدَ مئة سوط، ثمّ نفي وبقي منفيًّا حتى مجيء يزيد بن عبد الملك الذي عفا عنه، وستقف الفقرة القادمة مع شيء من شعر الأحوص.[٢]


أدب الأحوص الأنصاري

لقد فُقد ديوان الأحوص الانصاري مع ما فُقِد من كتب العرب، وما وصل منه هو قطع متناثرة في بطون الكتب هنا وهناك، وشعره فيه المديح وفيه الهجاء وفيه الفخر، وهذا ما يُعرف به، وكذلك يُشتَهرُ بالغزل الرقيق الذي ذاع على ألسنة الجواري والقيان، ومن شعره:

  • يقول الأحوص الأنصاري هاجيًا:[٣]

وَمَولًى سَخيفِ الرَأيِ رِخوٍ تَزيدُهُ

أَناتي وَعَفوي جَهلَهُ عِندَهُ ذَمّا

دَمَلتُ وَلَولا غَيرُهُ لأَصَبتُهُ

بِشَنعاءَ باقٍ عارُها تَقِرُ العَظما

وَكانَت عُروقُ السوءِ أَزرَت وَقَصَّرَت

بِهِ أَن يَنالَ الحَمدَ فَالتَمَسَ الذَمّا

طَوى حَسَداً ضِغنًا عَليَّ كَأَنَّما

أدَاوي بِهِ في كُلِّ مَجمَعَةٍ كَلما


  • ويقول الأحوص الأنصاري أيضًا:[٤]

رامَ قَلبي السُلوَّ عَن أسماءِ

وَتَعزّى وَما بِهِ مِن عَزاءِ

سُخنَةٌ في الشِتاءِ بارِدَةُ الصَيـ

ـفِ سِراجٌ في اللَيلَةِ الظَلماءِ

كَفِّناني إِن مِتُّ في دِرع أَروى

وامتَحا لي مِن بِئرِ عُروَةَ مائي

إِنَّني والَذي تَحُجُّ قُرَيشٌ

بَيتَهُ سالِكينَ نَقبَ كَداءِ

لَمُلِمٌّ بِها وإِن أُبتُ مِنها

صادِرًا كالَّذي وَرَدتُ بِداءِ
  • ويقول الأحوص الأنصاري أيضًا:

أَكَلثَم فُكّي عانِياً بِكِ مُغرَما

وَشُدّي قُوى حَبلٍ لَنا قَد تَصَرَّما

فَإِن تُسعِفيهِ مَرَّةً بِنوالِكُم

فَقَد طالَما لَم يَنجُ مِنكِ مُسَلَّما

كَفى حَزَناً أَن تَجمَعَ الدارُ شَملَنا

وَأُمسي قَريباً لا أَزورُكِ كَلثَما

المراجع

  1. "الأحوص"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-15. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د. إبراهيم السامرائي (1969)، شعر الأحوص الأنصاري (الطبعة 1)، بغداد:مكتبة الأندلس، صفحة 7. بتصرّف.
  3. "ومولى سخيف الرأي رخو تزيده"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف.
  4. "رام قلبي السلو عن أسماء"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف.
3314 مشاهدة
للأعلى للسفل
×