الأخطل
الشاعر الأخطل هو شاعر عربي وأصله من تغلب، اسمه غياث وكنيته أبو مالك، اشتهر بمديحه لخلفاء بني أمية، وكانت نشأته في مدينة دمشق، وأكثر تواصله كان مع الأمويين, وهذا ما جعله ينظم الشعر مادحًا لهم، كان الأخطل التغلبي متزوجًا، وأنجبت زوجته له ولدين، ثم طلقها وتزوج امرأة غيرها، وكان سبب الطلاق مجهولًا، إلا أنهما ظلا يذكران بعضهما البعض حتى بعد الطلاق، حتى إنه نظم بضعة أبيات فيرثاء زوجته الأولى عند وفاتها، والشاعر الأخطل من مواليد عام 19 للهجرة الموافق 640 للميلاد، وتوفي سنة 710 للميلاد عن عمر يناهز السبعين، وكانت وفاته في عهد خلافة الوليد بن عبد الملك، ومما يجدر ذكره أن الشاعر الأخطل كان مسيحيًا، إلا أنه لم يكن ملتزمًا بتعاليم ديانته، فقد كان يشرب الخمر ويدمنها، ومع أنه كان ذا صنعة لفظية قوية في شعره إلا أن السبب الرئيس من نظمه الشعر هو أن يتكسب منه المال، ولعل ذلك ما جعله يتجه لمدح الخلفاء والتقرب منهم.[١]
حياة الأخطل
كانت حياة الأخطل في معظمها في بلاط الملوك والخلفاء، حتى إن الأخبار التي وردت عنه وعن حياته كانت في معظمها متصلة بحياته الأدبية، والمعلومات الشخصية الواردة عنه قليلة، فهو من مواليد الحيرة في العراق، إلا أن نشأته وجل حياته كانت في دمشق قريبًا من بلاط الأمويين، إضافة إلى أنه كان يتنقل ما بين دمشق، وبين الجزيرة موطن قبيلته، وهكذا بقيت حياته إلا أن وافته المنية ودفن في الجزيرة الفراتية، ومما يجدر ذكره أن نسب الشاعر الأخطل لم يكن ذا مكانة مرموقة أو معروفة بين القبائل، فوالده رجل عادي من رجال قبيلة تغلب، وأمه لم يرد عنها إلا كانت تحنو عليه وتحبه، إلا أن والده قد تزوج امرأة ثانية مع أمه، وهذا يدل على ضعف الالتزام الديني لدى والده، إذ إن الدين المسيحي يحرم على الرجل تزوج امرأة ثانية، وكان الأخطل يذكر ما تضن به زوجة أبيه عليه، وكيف تميّز بالتعامل بينه وبين أولادها، ومما يجدر ذكره أن المكانة التي يحظي بها الأخطل تعود إلى نسبه لقبيلة تغلب أكثر منها من نسبه إلى أبيه، حتى إنه كان يغتنم فرصة قول الشعر في بلاط الخلفاء ليذكر اسم قبيلته، وهذا ما زاد من مكانتها ورفع من شأنها، وجعل عودها يشتد ويقوى على أعدائها من قبيلة قيس.[٢]
مسيرة الأخطل الأدبية
كان أكثر ما يشتهر به الشاعر الأخطل هو شعر الهجاء، ولذلك استعان به الخليفة الأموي يزيد عندما هاجم جماعة من الأنصار والده، وقاموا بهجائه وهجاء والده، ونالوا من عرضه وشرفه عنما اتهموا أخته بقصص غرامية معهم، فطلب الخليفة من الأخطل أن يهجوهم، وبعد تفكير قبل الأخطل طلب الخليفة وهجى الأنصار هجاءً لاذعًا شفى به غليل الخليفة منهم، وعرف كيف يتخير الهجاء، فنعتهم بنعوت تقلل من شأنهم وقيمتهم، ولعل هذا الحدث هو ما جعله مقربًا من البلاط الأموي، ومما يجدر ذكره أن الأخطل على قربه من بني أمية ونظم أغلب شعره دفاعًا عنهم، إلا أنه كان في شعره نصيب لقبيلته وهي قبيلة تغلب، ومعروف عن الأخطل أنه أجدر أهل عصره بالشعر من بين ثلاثة شعراء وهم الفرزدق وجرير والأخطل، وما يروى عنه أنه كان كثير العناية بشعره، يهتم بنظم قصائده بإبداع وألفاظ جزلة قوية.[٣]
إن ما حصل مع الأخطل في عهد الخليفة يزيد هو الذي جعل منه فيما بعد شاعر البلاط الأموي الرسمي، والناطق باسمهم، وكان في قصائده يدافع عنهم ضد أعدائهم، إضافة إلى ما اشتهر به من التهاجي مع الفرزدق وجرير، حتى اشتهر الشعراء الثلاثة بشعر النقائض، ومع أن الأخطل كتب في أغراض عدة من الشعر العربي إلا أنه تفوق أكثر شيء في المدح وفي الهجاء، وكان في شعره الكثير من التقاليد البدوية قبل الإسلام، ووصل شعره إلى درجة أن اعتبره بعض النقاد القارئين له أنه مصدر من مصادر اللغة العربية، وهذا يدل على الثقافة الموسوعية للأخطل، والمقدرة على نظم الشعر بلغة قوية، ونقل الأخبار والوقائع بأسلوب منمق، وكان الأخطل منحازًا للفرزدق ضد جرير في الهجاء، وكان متفوقًا على أهل عصره في الفصاحة والبلاغة، وهذا ما جعل من نظم الشعر مصدر كسب له؛ إذ إنه حصد الأموال الكثيرة من بلاط الخلفاء الأمويين لقاء ما ينظمه من شعر في مدحهم والتغني بأمجادهم، إضافة إلى أنه اكتسب شهرة طارت في الآفاق، وما زالت أشعاره مضرب مثل بالفصاحة والبلاغة إلى يوم الناس هذا.[٤]
قصائد الأخطل
إن الأخطل كانت كل حياته تتركز على نظم الشعر، لا سيما أنه كان يتكسب منه، ولذلك فإن رصيده الشعري كبير جدًا فقد ترك ما يزيد على 157 قصيدة شعرية، وله ديوان شعري مطبوع جُمعت فيه كل قصائده، إضافة إلى كتب أخرى تناولت حياته وتفاصيلها بالدراسة والنقد والتدقيق، وفي ما يأتي ذكر لأبرز قصائد الأخطل وأكثرها شهرة، وهي حسب البيت الأول منها:[٥]
- آذنوا بالبين جيرانهم.
- إذا ذكر النساء بيوم خير.
- تقول وقد ظللت بعوف سوء.
- ألم على عنبات العجوز.
- أودت عكب ما تحس وخالد.
- أصلي حيث تدركني صلاتي.
- ألا بان بالرهن الغداة الحبائب.
- ما زالت الدور والأبواب تدفعني.
- حبيب بن عتاب أرى الأمر جنبة.
- راح تعارف فيها معشر شطر.
- قد غرهم مني لئيم جنبا.
- لخولة بالدومي رسم كأنه.
- تعيب الخمر وهي شراب كسرى.
- لجيم بن صعب لم تنلها عداوتي.
- يا عامر ابن عمير أنت مدرهنا.
- هجاني الألأمان ابنا دخان.
- عقدنا حبلنا لبني شئيم.
- لست بصائم رمضان طوعا.
- هلا أنختم لابن وحف فإنه.
- هلا زيادا إذ زياد جانح.
- ألا جعل الله الأخلاء كلهم.
- أراح الله عبد القيس منا.
- أبلغ بني عوف بأن جنابهم.
- لولا هوان الخمر ما ذقت طعمها.
- ويها بني تغلب ضربا ناقعا.
- يا مرسل الريح جنوبا وصبا.
- ما لعياض جب خصييه مسحت.
- حباني إذ جهلت بنو زهير.
- حريث ابن مسعود عليه رحالة.
- إني أبيت وهم المرء يعمده.
- سعى لي قومي سعي قوم أعزة.
- بنو دارم عند السماء وأنتم.
- مالك عز التغلبي الذي له.
- أما أبو سعد فلم تثأروا به.
- خلعت عنان الفودجية بعدما.
- تقول أبا عمرو علي فلا تعد.
- سرين لبلكوث ثلاثا عواملا.
- ألا حييا دارا لأم هشام.
- نبئت أن الخزرجيين حافظوا.
- بني مسمع أنتم ذؤابة معشر.
- ألا يا اسقياني وانفيا عنكما القذى.
- لعن الإله من اليهود عصابة.
- هجوت ابن الفريعة إذ هجاني.
- عفا من آل فاطمة الدخول.
- غدا ابنا وائل ليعاتباني.
- قد كشف الحلم عني الجهل فانقشعت.
- دعاني امرؤ أحمى على الناس عرضه.
- صحا القلب عن أروى وأقصر باطله.
- ومحبوسة في الحي ضامنة القرى.
- ألم تعرض فتسأل آل لهو.
- ومسترق النخامة مستكين.
- عفا الجو من سلمى فبادت رسومها.
- صحا القلب إلا من ظعائن فاتني.
- ألا يا اسلما على التقادم والبلى.
- عفا واسط من أهله فمذانبه.
- أعاذل ما عليك بأن تريني.
- عفا ممن عهدت به حفير.
- خليلي قوما للرحيل فإنني.
- هنيء أجيبي دعوة إن سمعتها.
- حي المنازل بين السفح والرحب.
- إني أظن نزارا سوف يجمعها.
- أجرير إنك والذي تسمو له.
- أتنكر الدار أم عرفان منزلة.
- عفا دير لبى من أميمة فالحضر.
- خف القطين فراحوا منك أو بكروا.
- ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر.
- أعضاد زيد الله في عنق الجمل.
- يمشون حول جنابيه وبغلته.
- أتغضب قيس أن هجوت ابن مسمع.
- تغير الرسم من سلمى بأحفار.
- هل تعرف اليوم من ماوية الطللا.
- لمن الديار بحائل فوعال.
- لقد جاريت يا ابن أبي جرير.
- كذبتك عينك أم رأيت بواسط.
- بانت سعاد ففي العينين تسهيد.
- الكاملبان الشباب وربما عللته.
- أقفرت البلخ من عيلان فالرحب.
- عفا من آل فاطمة الثريا.
- أتاني ودوني الزابيان كلاهما.
- رأيت قريشا حين ميز بينها.
- بانت سعاد ففي العينين ملمول.
- لعمري لقد أسريت لا ليل عاجز.
- عفا واسط من آل رضوى فنبتل.
اقتباسات الأخطل
ختامًا -وبعد أن صارت معظم التفاصيل المتعلقة بحياة الأخطل الشخصية، ومسيرته الأدبية معروفة، وتبينت الأسباب التي أوصلت الأخطل إلى المجد والمكانة المرموقة في بلاط الأمويين- لا يبقى إلا أن تُعرض بعض الأبيات الشعرية التي نظمها الأخطل، ومنها:
- يقول الأخطل في قصيدة له:[٦]
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
- وَأَزعَجَتهُم نَوىً في صَرفِها غِيَرُ
كَأَنَّني شارِبٌ يَومَ اِستُبِدَّ بِهِم
- مِن قَرقَفٍ ضُمِّنَتها حِمصُ أَو جَدَرُ
جادَت بِها مِن ذَواتِ القارِ مُترَعَةٌ
- كَلفاءُ يَنحَتُّ عَن خُرطومِها المَدَرُ
- يقول الأخطل في قصيدة أخرى له:[٧]
عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الثُرَيّا
- فَمَجرى السَهبِ فَالرِجَلِ البِراقِ
فَأَصبَحَ نازِحاً عَنهُ نَواها
- تَقَطَّعُ دونَها القُلُصُ المَناقي
وَكانَت حينَ تَعتَلُّ التَفالي
- تُعاطي بارِداً عَذبَ المَذاقِ
- يقول الأخطل في قصيدة أخرى له:[٨]
كَذَبَتكَ عَينُكَ أَم رَأَيتَ بِواسِطٍ
- غَلَسَ الظَلامِ مِنَ الرَبابِ خَيالا
وَتَعَرَّضَت لَكَ بِالأَبالِخِ بَعدَ ما
- قَطَعَت بِأَبرَقَ خُلَّةً وَوِصالا
وَتَغَوَّلَت لِتَروعَنا جِنِّيَّةٌ
- وَالغانِياتُ يُرينَكَ الأَهوالا
المراجع
- ↑ "الأخطل"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14. بتصرّف.
- ↑ مهدي محمد ناصر الدين، ديوان الأخطل، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ "الأخطل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14. بتصرّف.
- ↑ "من هو الأخطل التغلبي"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14. بتصرّف.
- ↑ "الأخطل"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14. بتصرّف.
- ↑ "الأخطل الكبير"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14.
- ↑ " عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الثُرَيّا"، ديواني ، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2021.
- ↑ "من هو الأخطل التغلبي"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-14.