الشعر في العصر الأموي
لقد ازدهر الشعر العربي في العصر الأموي ازدهارًا ملحوظًا بفعل عوامل عدَّة، فظروف الحياة واهتمام الخلفاء الأمويين بالشعر وبالشعراء ساهم بشكل كبير في ازدهار الشعر العربي في هذا العصر، وقد ظهر في هذا العصر الشعر السياسي الذي عدَّه النقَّاد تطورًا في الشعر العربي في هذا العصر، وكان تعدُّد الآراء السياسية واختلاف الأحزاب والجماعات سببًا في ظهور الشعر السياسي في العصر الأموي،[١]ومن أشهر شعراء العصر الأموي: الفرزدق، الراعي النمير، جرير، الأخطل، جميل بثينة، عمر بن أبي ربيعة، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على الشاعر جرير من جوانب عدَّة.[٢]
الشاعر جرير
الشاعر جرير هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الكلبي اليربوعي التميمي، ولد جرير عام 33 للهجرة وهو ما يوافق عام 653 ميلادية، وهو شاعر من بني كليب الذي يرجع نسبه إلى قبيلة تميم المعروفة، وكان الشاعر جرير من أشهر الشعراء العرب في الهجاء، وكان من أبرعهم في المدح أيضًا، وهو أشعر أهل عصره بحسب آراء كثير من النقاد، وقد عاش جرير طيلة عمره في سجال مع شعراء عصره، فلم يقف في وجهه سوى الفرزدق والأخطل، وكان أشعر الناس في الغزل أيضًا.[٣]
لقد استمرَّ الهجاء بين الفرزدق وجرير أربعين عامًا بحسب ما ورد عنهم، وكان جرير قد مدح الأمويين ولازم الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كسبت شهرة كبيرة في عصره فانتشرت أخباره وأشعاره بين الناس انتشارًا كبيرًا، وكانت وفاته سنة 728 ميلادية وهو ما يوافق عام 110 هجرية، وقد عاش سبعة وسبعين عامًا ورحل تاركًا وراءه شعرًا لم يزل يُتلى على ألسنة الناس حتَّى هذه الأيام.[٣]
قصائد من شعر الشاعر جرير
بعد الحديث عن الشاعر جرير بن عطية، إنَّ الشاعر الأموي جرير كان غزيرًا في كتابة الشعر حتَّى قيل عنه إنَّه يغرف من بحر، وكان شعره مختلف الأغراض والموضوعات، على الرغم من أنَّه أولى الهجاء اهتمامًا كبيرًا بسبب سجالاته مع شعراء زمانه وخاصة مع الفرزدق، ومن أبرز قصائد جرير:
- يقول جرير بن عطية:[٤]
لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّها لَم تُحلَلِ
- بَينَ الكِناسِ وَبَينَ طَلحِ الأَعزَلِ
وَلَقَد أَرى بِكَ وَالجَديدُ إِلى بِلىً
- مَوتَ الهَوى وَشِفاءَ عَينِ المُجتَلي
نَظَرَت إِلَيكَ بِمِثلِ عَينَي مُغزِلٍ
- قَطَعَت حِبالَتَها بِأَعلى يَليَلِ
وَإِذا اِلتَمَستَ نَوالَها بَخِلَت بِهِ
- وَإِذا عَرَضتَ بِوُدِّها لَم تَبخَلِ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالمَطِيُّ خَواضِعٌ
- وَكَأَنَّهُنَّ قَطا فَلاةٍ مَجهَلِ
يسقينَ بِالأُدَمى فِراخَ تَنوفَةٍ
- زُغبًا حَواجِبُهُنَّ حُمرَ الحَوصَلِ
- ويقول جرير أيضًا:[٥]
بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا
- وقطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلًا
- بِالدارِ دارًا، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا
قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ
- مروعًا منْ حذارِ البينِ محزانا
يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ
- بَاكٍ، وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا
لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا
- أوْ تَسْمَعِينَ إلى ذي العرْشِ شكوَانَا
- ويقول جرير:[٦]
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
- وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ
- وَحَيًّا طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا
بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ
- كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا
وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ
- هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَا
فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى
- فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
- ومن شعر جرير:[٧]
ألاَ حيَّ المنازلَ بالجنابِ
- فقدْ ذكرنَ عهدكَ بالشبابِ
أما تنفكُّ تذكرُ أهلَ دارٍ
- كأنّ رُسُومَها وَرقُ الكِتابِ
لَعَمْرُ أبي الغَواني ما سُلَيْمَى
- بشملالٍ تراحُ إلى الشبابِ
تكنُّ عن النواظر ثمَّ تبدو
- بدوَّ الشمس منْ خلل السحابِ
كَأنّكَ مُسْتَعيرُ كُلَى شعِيبٍ
- وهتْ من ناصح سرب الطبابِ
المراجع
- ↑ "الشعر في العصر الأموي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "قائمة شعراء العصر الأموي"، www.ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "جرير"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "لمن الديار كأنها لم تحلل"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020.
- ↑ "بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَنَا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020.
- ↑ "أقِلّي اللّوْمَ عاذلَ وَالعِتابَا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020.
- ↑ "ألاَ حيَّ المنازلَ بالجناب"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020.