محتويات
الصحابي حذيفة بن اليمان
ما اسم والد حذيفة حسب الروايات؟
هو حذيفة بن اليمان، واليمان هو حسيل بن جابر وقيل هو حذيفة بن الحسيل بن اليمان أبو عبد الله العبسي الكوفي،[١] أمّه الرّباب بنت كعب بن عديّ بن الأشمل، وإخوته سعد وصفوان ومدلج وليلى[٢] وفاطمة.[٣]
نشأة الصحابي حذيفة بن اليمان
من الصحابي الذي آخاه النبي بحذيفة؟
هاجر حذيفة بن اليمان إلى مدينة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-[٤] وكان سبب الهجرة أنّ أبا حذيفةَ قتل رجلًا من قومه فخشي على نفسه أن يأتي أهل المقتول ويأخذوا بثأره فيقتلوه أو يقتلوا ابنه، ثم تحالف مع بني عبد الأشهل، فسُمّي باليمان؛ لأنه تحالف مع اليمانية وهم الأنصار،[٥] وقد آخى النّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- بين حذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر رضي الله عنهما.[٥]
وكان -رضي الله عنه- يقول: "خيرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم بين- الهجرة والنصرة، فاخترت النُّصرة"، أي أنّه اختار أن يكون من الأنصار لا المهاجرين.[٦]
مكانة حذيفة بن اليمان عند النبي والمسلمين
لماذا لقب حذيفة بن اليمان بكاتم سر الرسول؟
لقد كان حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-حافظ سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ أخبره النّبيّ بأسماء المنافقين ولم يخبر أحدًا غيره، وكان قد أخبره بالفتن التي ستحدث في مستقبل الأمّة الإسلاميّة، وقد كان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- حريصًا على معرفة ما إذا كان منافقًا أم لا، فلمًّا ألحّ على حذيفة أخبر حذيفةُ أنّه ليس من المنافقين وقال له: "لا أزكي أحدًا بعدك".[٧]
وسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرّة الصّحابة إن كان أحدهم سمع من النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخبار علامات السّاعة، فكان حذيفة من بين الرجال الجالسيين، وبدأ حذيفة يقص على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أحداث السَّاعة أشراطها، وعمر بن الخطاب وهو ثاني الخلفاء الراشدين يستمع إليه، وإن دلَّ ذلك فإنَّه لا يدلُّ إلا على مكانة حذيفة العالية بين الصحابة.[٨]
مناقب حذيفة بن اليمان
ما هي أبرز السّمات التي برزت في شخصيّة حذيفة بن اليمان؟
- الزهد: ورد في ذكر مناقب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أنّه لمّا حضرته الوفاة جيء له بكفنٍ جديدٍ فرفضه، وأشار إلى أنّ الإنسان لو كان صالحًا لأبدله الله خيرًا من كفنٍ جديد، وإن لم يكن صالحًا فلن ينفعه كفنه الجديد.[٩]
- تزكية النبي لحذيفة: لقد زكى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حذيفة بن اليمان، وأمر الصّحابة بتصديقه إن حدّثهم حديثًا.[١٠]
- الغيرة على كاب الله: ورد أنَّ حذيفة بن اليمان كان سببًا في جمع القرآن الكريم على حرف واحد، فقد رأى اختلاف المسلمين في القراءة وشكا ذلك إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه.[١١]
- الحكمة: لقد ورد أنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- كان يستشير حذيفة ويأخذ برأيه لما عُلِمَ من ذكائه وعلمه.[١٢]
- الحرص على عدم الوقوع في الفتن: لشدة فطنة حذيفة -رضي الله عنه- فقد أدرك أنّ الخير واضح معلوم عند النّاس، وإنّما الشّرّ هو الذي يختفي ويلتبس، فكان النّاس يسألون النّبيّ عن الخير، ويسأله حذيفة عن الشّرّ مخافة أن يدركه.[١٢]
مواقف من حياة الصحابي حذيفة بن اليمان
موقف حذيفة بن اليمان في الأسر
لماذا ترك حذيفة بن اليمان غزوة بدر، مع أنّه كان قادرًا عليها؟
لم يستطع حذيفة أن يشهد موقعة بدر مع المسلمين؛ وسبب ذلك أنّه لمّا هاجر مع أبيه أسرهم كفار قرييش، ولمَّا عرفوا وجهتهم أخذ كفّار قريش عليهم العهد ألّا يقاتلا مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فأمرهم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأن يوفوا بالعهد، ويستعينوا بالله -تعالى- عليهم.[٧]
موقف توكيله لاختيار مكان استقرار المسلمين
لماذا اختار حذيفة مكانًا غير المدائن لإقامة المسلمين؟
لمّا استقرّ مجموعةُ من المسلمين في أرض المدائن صعُبَت عليهم أرضها وأمرضهم جوّها الذي ما اعتادوا عليه؛ فتأذّوا منها أذى بالغًا، وحينما علم عمر بن الخطاب بذلك، أرسل إلى سعد بن أبي وقاص رسالةً يخبره فيها أنّ عليه مغادرة هذه الأرض، وأن يحاول إيجاد أرض أصلح للمسلمين لكي يستطيعوا العيش دون مشقّات المرض الذي يصيبهم في المدائن.[١٣]
وكان حذيفة ابن اليمان لذلك الأمر بالمرصاد، إذ ذهب هو وسلمان بن زياد ليبحثا عن الأرض الملائمة للمسلمين، فرأى حذيفة أرض الكوفة وكانت حصباء وتملؤها الرمال واشتم منها رائحة العافية، فنزل بها ودعا النّاس للعيش بها، فاستجابوا لأمره لمّا دعاهم إلى الرّحيل ورحلوا إلى تلك الأرض، وبعد أيام من رحيلهم تحسّنت صحّة المرضى من المسلمين وتحسّن حالهم بفضل الله الذي يسّر لهم هذه الأرض الجديدة.[١٣]
موقف حذيفة بن اليمان يوم أحد نحو أبيه
هل طالب حذيفة بدية مقتل والده؟
كان حذيفة وأبوه من الصحابة الذين حضروا موقعة أحد، وكان والده يستر وجهه كعادة الجيوش في الحرب، فظنّه المسلمون أحد المشركين فقتلوه دون قصد فقال حذيفة: "يغفر الله لكم"، ثمّ تصدق بديته على المسلمين.[١٤]
موقف حذيفة بن اليمان يوم الخندق
كيف استطاع حذيفة التّخلّص من مكر أبي سفيان يوم الخندق؟
لقد ندب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيفة بن اليمان ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو، وكان ذلك في وقت عسير على المسلمين، إذ الجوع والبرد والخوف وقلّة الحيلة؛ كلّ ذلك ينهال عليهم في وقت واحد فيأتي النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيسأل أصحابَه أن يقوم أحدهم لينظر في جيش الأحزاب ويرجع للنبيّ بأخبارهم، فلم يستجب لندائه أحد.[١٥]
فلمّا رأى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- الأمر كذلك، نظر في المسلمين فاختار من بينهم حذيفة بن اليمان ليقوم بتلك المهمّة، فقام للطاعة -ولا بُدّ- فقال له النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "يا حُذَيفةُ، فاذْهَبْ فادْخُلْ في القَومِ فانْظُرْ ما يَفعَلونَ، ولا تُحدِثَنَّ شَيئًا حتى تَأتِيَنا".[١٦][١٥]
فذهب حذيفة إليهم فوجد عندهم ريحًا شديدةً لا تُقرّ لهم شيئًا، فقام فيهم أبو سفيان بن حربٍ فأمر كلّ رجلٍ أن ينظر لمن حوله ليتأكّد أن لا أحد من جند النّبيّ بينهم فقال حذيفة: "فأخَذتُ بيَدِ الرَّجُلِ الذي إلى جَنْبي، فقُلتُ: مَن أنتَ؟ قال: أنا فُلانُ بنُ فُلانٍ"، ثم قال أبو سُفْيانَ: "يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنَّكم واللهِ ما أصبَحْتُم بدَارِ مُقامٍ؛ لقد هَلَكَ الكُراعُ، وأخْلَفَتْنا بَنو قُرَيظةَ، وبَلَغَنا عنهم الذي نَكرَهُ، ولَقِينا مِن هذه الرِّيحِ ما تَرَونَ، واللهِ ما تَطمَئِنُّ لنا قِدْرٌ، ولا تقومُ لنا نارٌ، ولا يَستَمسِكُ لنا بِناءٌ، فارْتَحِلوا فإنِّي مُرتَحِلٌ". [١٦][١٥]
ثمّ قام وامتطى جمله وسار، وقد كاد حذيفة أن يقتله لولا أمر رسول الله له أن لا يُحدث شيئًا حتى يصل النّبيّ سالمًا، ثم رجع حذيفة إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وأخبر النّبي بالذي رأى.[١٥]
موقف حذيفة بن اليمان مع أهل المدائن
مَن الصحابي الذي قال لحذيفة أنت أخي وأنا أخوك؟
بعث خليفة المسلمين عمر بن الخطّاب حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- واليًا له على المدائن، فقرأ كتاب التّوكيل الذي أرسله عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- معه إلى أهل المدائن، فقالوا: "سل ما شئت"، فقال -رضي الله عنه- لهم إنّه لا يحتاج إلّا طعامًا يعينه على الحياة، وبعضًا من تبنٍ يطعمه لحماره، وظلّ حذيفة بن اليمان مقيمًا في أهل المدائن إلى أن وصلت إليه رسالةٌ من خليفة المسلمين في ذلك الوقت عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- يقول له فيها أن يأتيَ إلى المدينة ليلاقيه عمر.[١٧]
فخرج في الطّريق إلى المدينة تلبيةً لطلب الخليفة، وعندما علم عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّ حذيفةَ في الطّريق إليه؛ خرج ليرى ماذا صنع في الأمانة التي كلّفه فيها عمر على النّاس، فلمّا رآه قادمًا بنفس الحالة التي خرج عليها سُرّ لذلك سرورًا عظيمًا وقال: "أنت أخي، وأنا أخوك"، وكان قد قدم حذيفة بن اليمان إلى المدائن على حمار، سادلًا رجليه، وبيده شيء من لحمٍ ورغيفٌ.[١٧]
وفاة الصحابي حذيفة بن اليمان
ماذا قال حذيفة قبل موته؟
لما حضرت حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- الوفاة، سمعه من حوله وهو يقول: "حبيب جاء على فاقة: لا أفلح من ندم، أليس بعدي ما أعلم؟ الحمد لله الذي سبق بي الفتنة قادتها وعلوجها"، ولمّا سُئِلَ أبا مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- ماذا قال حذيفة عند موته؟ قال: "لما كان عند السحر، قال: أعوذ بالله من صباح إلى النار ثلاثًا ثم قال: اشتروا لي ثوبين أبيضين؛ فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرًا منهما، أو أسلبهما سلبًا قبيحًا".[١٨]
وقد توفي الصّحابيّ الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- في المدينة،[١٩] بعد استشهاد خليفة المسلمين في ذاك الوقت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بأربعين يومًا،[٤] وقيل إنّه توفّاه الله في المدائن سنة خمس وثلاثين،[٢٠] وقال بعضهم إنّه مات بالكوفة في أول سنة ستة وثلاثين.[٢١]
المراجع
- ↑ أبو نصر الكلاباذي، الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد، صفحة 213. بتصرّف.
- ↑ محمّد بن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 320. بتصرّف.
- ↑ ابن حبان، الثقات، صفحة 336 . بتصرّف.
- ^ أ ب البخاري، التاريخ الكبير للبخاري بحواشي محمود خليل، صفحة 95. بتصرّف.
- ^ أ ب الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، صفحة 362. بتصرّف.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 335. بتصرّف.
- ^ أ ب الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء، صفحة 364. بتصرّف.
- ↑ إسماعيل الأصبهاني، سير السلف الصالحين، صفحة 363. بتصرّف.
- ↑ الحاكم، أبو عبد الله، المستدرك على الصحيحين للحاكم، صفحة 428. بتصرّف.
- ↑ الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، صفحة 675. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 393. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة وطرقها، صفحة 360. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ ابن عساكر، أبو القاسم، تاريخ دمشق، صفحة 263. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث لابن كثير، السيرة النبوية، صفحة 218.
- ^ أ ب رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:23334، حديث صحيح.
- ^ أ ب الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، صفحة 366. بتصرّف.
- ↑ الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، صفحة 368. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلّفين، موسوعة الأعلام، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ ابن مَنْجُويَه، رجال صحيح مسلم، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ ابن عساكر، أبو القاسم، تاريخ دمشق، صفحة 261. بتصرّف.