نبذة عن الطاهر بن جلون

كتابة:
نبذة عن الطاهر بن جلون

الطاهر بن جلون

الروائيّ المغربيّ الطاهر بن جلون من مواليد ديسمبر عام 1944 للميلاد، وُلد في مدينة فاس، وهو من كتاب الجيل الثاني في المغرب، ومع أنّه من مواليد مدينة فاس في المغرب، وانتمائه في النسب يعود للمغرب إلّا أنّه يوصف في المصادر أنّه كاتب فرنسي، وذلك يعود كونه يكتب أعماله الأدبية من الشعر والقصة والرواية باللغة الفرنسيّة، وقد حصل الطاهر بن جلون على جوائز أدبيّة عديدة من خلال الأعمال الأدبيّة التي ألفها خلال مسيرته الأدبيّة، وكانت أغلب أعماله التي أصدرها تتميز بطابع العجائب والفلوكلور، ومن الجوائز التي حصل عليها جائزة غونكور الفرنسيّة للأدب، وهذه الجائزة كانت بسبب روايته التي ألّفها وكان عنوانها ليلة القدر، والطاهر بن جلون من الشخصيات التي أثارت جدلًا كبيرًا بسبب الأعمال الأدبيّة التي أصدرها، وهذا ما جعل شهرته تزداد أكثر، وبالمقابل وُجّهت إليه أيضًا انتقادات كثيرة حول أعماله واتجاهاته وأفكاره التي يبثّها في أعماله الأدبية، وكلّ هذه التفاصيل ستتضح فيما هو آتٍ من المقال.[١]

حياة الطاهر بن جلون

الطاهر بن جلون هو من مواليد مدينة فاس، إلّا أنّه انتقل مع عائلته إلى طنجة في عام 1955 للميلاد، والتحقَ هناك بمدرسة فرنسيّة، ولعلّ هذا ما ساعده في إتقان اللغة الفرنسيّة أكثر، واتّجه بعدها لكتابة أعماله الأدبية بهذه اللغة التي تعلمها في دراسته الابتدائية، أمّا عن عمله فقد كان مدرّسًا للفلسفة في الرباط، وبقي في هذا المجال إلى أن صدر قرار من الحكومة المغربية بتعريب مادة الفلسفة، وعندها قرر أن ينتقل إلى فرنسا على إثر هذا القرار وحصل على شهادة عليا في علم النفس، وبعدها بدأ في عمله يتجه إلى نشر المقالات والشعر في صحيفة في باريس اسمها صحيفة لوموند، وكان يعمل بصفة كاتب مستقل فيها، وممّا يجدر ذكره أن الطاهر بن جلون عندما كان طالبًا تم اعتقاله في المغرب عام 1966 للميلاد وذلك بسبب مشاركته في مظاهرات سياسية مع أربعة وتسعين طالبًا آخر، وبعد أن أُفرج عنه تخلى عن الحراك السياسي وتوجه بتفكيره نحو التأليف والعمل الأدبي، وكانت هذه الفترة التي اعتُقل فيها الطاهر بن جلون هي الحافز الأساسيّ الذي دفعه إلى الكتابة، حتى أنّه بعد مدة طويلة من هذا الحدث الذي حصل في حياته أنتج عملًا أدبيًا يسرد فيه تفاصيل هذه الفترة العصيبة وما لاقاه خلالها، إضافة إلى أنها كانت دافعًا للتوجه إلى الكتابة في مجال أدب السجون وتفاصيلها وما يحصل خلف قضبانها في أعماله الأدبية الأخرى التي أنتجها.[٢]

المسيرة الأدبية للطاهر بن جلون

يُوصف الطاهر بن جلون بأنه شاعر وكاتب فرنسي، فجميع أعماله مكتوبة باللغة الفرنسية وتمّت ترجمتها إلى العربية والإنجليزية، بدأ بكتابة الشعر في صحيفة فرنسية، وبعدها انتقل للقصة والرواية وغلب على أدبه الطابع الفلكلوريّ والعجائبيّ، ومع أنّه دافع عن قضايا المرأة وحقوقها وسلّط الضوء على الكثير من المشكلات التي تتعرّض لها المرأة، إلا أن الطابع الذكوري لم يكن خافيًا على القارئ في كثير من أعماله الأدبية، ولما كان للاعتقال ذكرى مؤلمة في حياته كان لا بد أن يؤثر هذا الأمر على الأعمال الأدبية التي يكتبها، إذ إنه سلط الضوء في بعض أعماله الأدبية على السجون وعتمتها وما فيها من تعذيب وعنف دموي وأذى نفسي مستندًا في أغلب هذه الأعمال على أحداث واقعية حصلت فعلًا ولم يبتدعها من خياله.[٣]

ولا يمكن أن يتجاهل -فيما يكتب- معاناةَ المهاجرين العرب والمسلمين في فرنسا وما يلاقونه من مصاعب ومشكلات في بلاد الاغتراب، ومن الأمور التي كانت تزعج الطاهر بن جلون هي ترجمة أعماله الأدبية إلى العربية ترجمة غير صحيحة، وكان يعاني من القرصنة لكتبه في ترجمتها ترجمة حرفية تذهب بجوهرها ومضمونها وتبعدها عن المستوى الأدبي الذي تتمتع به بلغة كتابتها؛ أي الفرنسية، وأشار في أحد تصريحاته إلى أن الترجمات لكتبه في سورية رديئة وأنهم حتى لا يراجعونه إذا ما واجهوا صعوبة في نقل المعنى إلى العربية، ونصح أن دار طوبقال في ترجمتها لأعماله هي الأقرب إلى النسخة الأصلية المكتوبة بالفرنسية.[٤]

مؤلفات الطاهر بن جلون

يزخر نتاج الطاهر بن جلون بالأعمال الأدبية التي تنوّعت ما بين رواية وشعر ومجموعات قصصيّة، ولكلّ عمل من هذه الأعمال سببٌ وغاية ورسالة يريد الكاتب إيصالها للمتلقي، ومن أبرز أعمال الطاهر بن جلون التي كان لها الصّدى الكبير في الأوساط الأدبية:[٥]

  • رواية نزل المساكين: صدرت عام 1997، تعكس هذه الرواية الأخطاء التي تملأ العالم، والصراعات التي يعيشها البشر والأحقاد بين الديانات، وعدم تقبل الآخر، فهي تصوّر قذارة الحياة وقسوتها، وتؤكّد أن الملجأ الحقيقي من هذا الصراع هو الحب الإنساني النقي.
  • رواية الكاتب العمومي: صدرت 1998 للميلاد، وفيها استدعاءات لذكريات وخيالات في البلاد المهانة المتعبة، وصراعات الفقر والخوف والجوع، ووصف القمع والاستبداد في بلاد لا تعرف من الديمقراطية إلا لفظها.
  • رواية البلد: يتطرق في هذه الرواية إلى مشكلة اجتماعية كبيرة عانى منها الكاتب نفسه، وما زال الناس يعانون منها إلى الآن، وهي كيفية تربية الأولاد الذين وُلدوا بعيدًا عن بلدهم ومحاولة الأهل فرض عادات وأعراف اجتماعية عليهم وهم لا يعرفونها أساسًا ولم يروها أمام أعينهم.
  • رواية تلك العتمة الباهرة: صدرت عام 2001، رواية واقعية مأخوذة من شهادة معتقلين تم اعتقالهم في سجن تزمامارت في المغرب بسبب اتهامهم بالمشاركة في الانقلاب العسكري، ويصف ما كابدوه خلال فترة اعتقالهم في ظلمات السجون.
  • رواية حين تترنح ذاكرة أمي: صدرت عام 2006، فيها ينقل الآلام التي اعتصرت في قلبه عندما رأى أمّه أمامه مصابة بالزهايمر، تخلط الحاضر بالماضي، ولا تستطيع أن تميّز أحفادها من أبنائها.
  • رواية أن ترحل: صدرت عام 2006 يسلط فيها الضوء على معاناة شباب المغرب وحُلمهم بالسفر إلى الضفة الأخرى من المحيط وهي إسبانيا، وما يعانونه من اضطهاد واستغلال في سبيل الحصول على تأشيرة.
  • رواية ليلة القدر: رواية تجمع بين المتناقضات في طياتها، وتدور فكرتها الرئيسة حول امرأة وقفت بثبات وقوة لتثبت ذاتها أمام مجتمع ذكوري متسلط، ولو كان هذا الإثبات للذات ثمنه العزلة والبعد عن المجتمع.

انتقادات حول الطاهر بن جلون

بالرّغم مِن أنّ الطاهر بن جلون لاقى من الشهرة ما لاقاه، لا سيما بعد أن توجه إلى الكتابة باللغة الفرنسية، وما اكتسبته اعماله من شهرة كبيرة بسبب ترجمتها أيضًا، لكن لا بد من وجود بعض الانتقادات حول شخصيته وطريقة تفكيره، وأكثر ما أثار جدلًا حول الطاهر بن جلون هو تقديسه للغرب، وذلك بعد إصراره على أنه كاتب فرنسي لا كاتب مغربي، كما أنه حوّل بلاده إلى فلكلور يتعرف إليه الفرنسيون في الأعمال الأدبية التي يكتبها، ومما يجدر ذكره أن محاولته في جعل أدبه فلكلوريًا لم تنجح؛ لأن كتبه في فرنسا كانت تُباع تحت تصنيف الكتب الأجنبية وهذا ما جعل الطاهر بن جلون يعبّر عن استيائه من هذا التصنيف لنتاجه الأدبيّ؛ إذ إنه حاول أن يقلد المستشرقين في أعمالهم لكن هذه المحاولة لم تلقَ نجاحًا كبيرًا، وهذا ما جعله يمتعض من عدم تصنيف كتبه في فرنسا كما كان يطمح، ويمتعض من الترجمة الرديئة لكتبه في بعض البلدان العربية.[٦]

اقتباسات للطاهر بن جلون

إن ما عُرض من نتاج أدبيّ فيما سبق من المقال للطاهر بن جلون هو غيض من فيض، إذ إنّ له الكثير من الأعمال الروائية الأخرى مثل رواية هلوسات على جدار الوحدة، ورواية السعادة الزوجية، ورواية ليلة الخطأ، ورواية ليلة الغلطة، ورواية المرتشي، إضافة إلى مجموعات قصصية وبعض القصائد، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من أعماله:[٧]

  • طبعًا كان مُقدّرًا لنا أن نموت، ولكن ليس على الفور، إذ ينبغي أن نعاني، أن نحيا على مرِّ الثواني.[٨]
  • إن أكثر الأمور الاعتيادية تفاهة، تصبح في المحن العصيبة غير اعتيادية، لا بل أكثر ما يُرغَب فيه من أمور الدنيا.[٩]
  • فاصمُتْ، وحاول أن تفكّر تبعًا لوتائر تنفسّك، تعلم أن تستسيغ الصمت. ردد في سرك أن الصمت مريح لك و للآخرين. إنه أمر حيوي لنا أن ننعم بالصمت، فقد يكون الصمت عوضًا عن النور الذي نفتقده.[٩]
  • قال لي إنّي أتألّم من الداخل، أعاني حَصرًا يُثقل على قلبي وصدري، أقرأ الكتاب العزيز أبتهل إلى الله ورسوله ثمَّ أجدني عند نقطة البدايه وحيدًا متروكًا ألتفُّ حول نفسي وأكاد أموت شرقًا بسيولٍ من الكلمات أشعر بألم في أحشائي، إنّي أحدثك اليوم عن الأمر لأني لا أرى مخرجًا سوف أموت قبل أن ألمح الشمسَ والنور مجددًا.[٩]

المراجع

  1. "الطاهر بن جلون"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  2. "الطاهر بن جلون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  3. "الطاهر بن جلون"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  4. "الطاهر بن جلون"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 08/08/2020. بتصرّف.
  5. "الطاهر بن جلون"، www.sooqukaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  6. "الطاهر بن جلون"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  7. "الإسم الكامل: الطاهر بن جلون"، www.kataranovels.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13. بتصرّف.
  8. "الطاهر بن جلون"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-13.
  9. ^ أ ب ت "الطاهر بن جلون"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 08/08/2020. بتصرّف.
5347 مشاهدة
للأعلى للسفل
×