نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى

كتابة:
نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى

الشعراء الجاهليون

جمعَ شعراء الأدب الجاهلي الحبَّ والغزل والمجون والعفة والرثاء والمديح والهجاء، فكتبوا أجمل القصائد في كلِّ أغراض الشعر العربي المعروفة آنذاك، كتبوا بلسان عربي فصيح، فكانت قصائدهم قِبلة من بعدهم من الشعراء والدارسين، إليهم يرجع الفضل في ابتكار علم العروض فقد كتبوا بسليقتهم التي حلَّلها الفراهيدي لاحقًا ووضع منها قواعد علم العروض ليمهِّدَ الطريق للشعراء اللاحقين في عصور اختلاط العرب بالعناصر الأجنبية وضياع قسم كبير من الفصاحة العربية المكتسبة بالفطرة، ومن أشهر شعراء الجاهلية: امرؤ القيس، زهير بن أبي سلمى، النابغة الذبياني، الأعشى وغيرهم، وهذا المقال سيأخذ نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى الشاعر الحكيم.


نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى

في نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى جديرٌ أن يُذكر نسبه، وهو زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وُلد زهير في غطفان سنة 520م، وغطفان تقع في إحدى نواحي المدينة المنورة، وكان يعيش في منطقة اسمها الحاجر في نجد، تزوج زهير بن أبي سلمى من أم أوفى وطلَّقها بسبب وفاة أبنائه منها في صغرهم، وهي المرأة التي ذكرها في مطلع معلَّقته الشهيرة، ثمَّ تزوج بامرأة اسمها كبشة بنت عمّار الغطفانية ومنها أنجب ولديه كعب وبجير، وقد نشأ زهير نشأة شعرية خالصة، فكان أبوه شاعرًا وزوج أمّه هو أوس بن حجر الشاعر المعروف، وأخته الخنساء وسلمى وهما شاعرتان أيضًا، وقد أورث زهير الشعر لابنيه كعب وهو صاحب البردة الشاعر العربي المعروف، وبجير أيضًا.[١]


كان زهير بن أبي سلمى من المعمّرين، فقد عاش قرابة مئة عام، تشير الروايات إلى أنَّه ولد عام 530م وهذا التاريخ محل شكٍّ فليس ثمَّة ما يؤمد صحة هذا التاريخ، كما أنَّ وفاته أيضًا متوقّعة وليس مؤكدة، وقد قيل إنَّه توفِّي بين عام 611 و627م، أي إنَّ وفاته كانت قبل بعثة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بوقت قليل، ويُقال إنَّ زهير بن أبي سلمى كان على ملِّة نبي الله إبراهيم -عليه السَّلام- وهذا ما أشارت إليه قصائده، وقد وردتْ عنه مقولة قال فيها في آخر أيام حياته: "إني لا اشكّ أنَّه كائنٌ من خبرِ السَّماء بعدي شيء، فإنْ كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه"، والله تعالى أعلم.[١]


أقوال عن زهير بن أبي سلمى

بوصفه شاعرًا من نخبة شعراء العرب الجاهليين وغير الجاهليين، كثرت آراء النقاد حول هذا الشاعر الحكيم الذي اشتهرَّت أبياته على ألسنة الناس ولا زالت تُتلى حتَّى اليوم، أيْ بعد عشرات القرون من موتِه، فهو شاعر الحولياّت، وهي قصائد كان تستغرق حولًا حتَّى ينتهي منها زهير، وممّا قيل عنه إنَّ التبريزي وضعه من الثلاثة المقدمين على سائر شعراء العرب وهم امرؤ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى، ومن النقاد من قال: "زهير أشعر أهل الجاهلية"، أمَّا العباس بن الأحنف فقال عن زهير بن أبي سلمى: "ألقى زهير عن المادحين فضولَ الكلام كمثلِ قولِهِ:

فما يَكُ من خيرٍ أتوه فإنّما

توارثَهُ آباءُ آبائِهمْ قبْلُ


أمَّا الصحابيّ الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فكان شديد الإعجاب بشعر زهير بن أبي سلمى، يقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "خرجتُ مع عمر بن الخطاب في أوَّل غزوة غزاها، فقال لي: أنشدني لشاعر الشُّعراء، قلتُ: ومن هو يا أمير المؤمنين؟، قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبعُ حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحدًا إلا بما فيه"، والله أعلم.[٢]


معلقة زهير بن أبي سلمى

زهير بن أبي سلمى شاعر من شعراء المعلقات العشر في الجاهلية، نظم زهير معلَّقته، وابتدأها بالوقوف على أطلال أم أوفى، ثمَ مرَّ على غرضه الرئيس في القصيدة وهو مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف الذَيْنِ كانت لهما اليد الطولى في إنهاء الحرب بين قبيلتَي داحس والغبراء، وهي قصيدة منظومة على البحر الطويل، يقول زهير بن أبي سلمى فيها:[٢]

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ

بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ

وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا

مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ

بِهَا العِيْنُ وَالآرْامُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً

وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ

وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً

فَـلأيًَا عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ

أَثَـافِيَ سُفْعًا فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ

وَنُـؤْيًا كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ


شعر زهير بن أبي سلمى

إنَّ مسك الختام بعد ما جاء من نبذة عن حياة زهير بن أبي سلمى أن يتمّ تسليط الضوء على شعر هذا الشاعر الحكيم، الذي عَدَّه بعض النقاد أشعرَ العرب على الإطلاق، زهير الشاعر الذي أعجب به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والذي أورث الشعر لابنه كعب بن زهير صاحب البردة الشهيرة، وفيما يأتي أشهر قصائد زهير بن أبي سلمى:

  • يقول زهير بن أبي سلمى في إحدى قصائده:[٣]

أَبلِغ بَني نَوفَلٍ عَنّي فَقَد بَلَغوا

مِنّي الحَفيظَةَ لَمّا جاءَني الخَبَرُ

القائِلينَ يَسارًا لا تُناظِرُهُ

غِشًّا لِسَيِّدِهِم في الأَمرِ إِذ أَمَروا

إِنَّ اِبنَ وَرقاءَ لا تُخشى غَوائِلُهُ

لَكِن وَقائِعُهُ في الحَربِ تُنتَظَرُ


  • ويقول زهير بن أبي سلمى:[٤]

تَبَيَّن خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ

بِمُنعَرَجِ الوادي فُوَيقَ أَبانِ

مَشَينَ وَأَرخَينَ الذُيولَ وَرُفِّعَتْ

أَزِمَّةُ عيسٍ فَوقَها وَمَثانِ

عَلى كُلِّ صَهباءِ العَثانينِ شامِذٍ

جُمالِيَّةٍ في رَأسِها شَطَنانِ

وَأَعيَسَ مَخلوجٍ عَنِ الشَولِ مُلبِدٍ

فَنابانِ مِن أَنيابِهِ غَرِدانِ


  • ومن قصائد زهير أيضًا قوله:[٥]

هاجَ الفُؤادَ مَعارِفُ الرَسمِ

قَفرٌ بِذي الهَضَباتِ كَالوَشمِ

تَعتادُهُ عينٌ مُلَمَّعَةٌ

تُزجي جَآذِرَها مَعَ الأُدمِ

في القَفرِ يَعطِفُها أَقَبُّ تَرى

نَسَفًا بِليتَيهِ مِنَ الكَدمِ

في عانَةٍ بَذَلَ العِهادُ لَها

وَسمِيَّ غَيثٍ صادِقِ النَجمِ


  • ويقول حكيم الشعراء زهير بن أبي سلمى:[٦]

وَلَولا أَن يَنالَ أَبا طَريفٍ

عَذابٌ مِن مَليكٍ أَو نَكالُ

لَما أَسمَعتُكُم قَذَعًا وَلَكِن

لِكُلِّ مَقامِ ذي عانٍ مَقالُ

عَلى ما تَحبِسونَ أَبا طَريفٍ

أَلا في كُلِّ ما شَيءٍ طَوالُ

المراجع

  1. ^ أ ب "زهير بن أبي سلمى"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "زهير بن أبي سلمى"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
  3. "أبلغ بني نوفل عني فقد بلغوا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
  4. "تبين خليلي هل ترى من.."، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
  5. "هاج الفؤاد معارف الرسم"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
  6. "وَلَولا أَن يَنالَ أَبا طَريفٍ"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
6110 مشاهدة
للأعلى للسفل
×