خلف الأحمر
هو العالِم الراوية خلف بن حيّان أبو محرز، من علماء اللغة والنحو في البصرة، كان راوية ثقّة ناقدًا علّامة في أوانه، كان أبصر الناس بالشعر تأليفًا وحفظًا، غلبت عليه الرواية وإن كان من الشعراء المُجيدين، وقد كان ممّن تنتهي إليهم رواية الشعر القديم وصناعة دواوينه، ولكنّه كان محلّ خلاف بين القدماء من حيث الثقة بمرويّاته كونه كان ممّن ينحلون الشّعر؛ بمعنى أنّه كان يكتب قصيدة بألفاظ ومعاني قديمة ثمّ ينسبها لشاعر جاهليّ مثل تأبّط شرًّا ولا يستطيع أحد أن يكتشف خدعته هذه، وهذا لا يتأتّى إلّا لمن أوتي حظًّا عظيمًا من الدراية بلغة العرب ومعانيها ونحوهًا وغير ذلك، أخذ النحو عن عيسى بن عمر العالِم المعروف، وأمّا اللغة فقد أخذها عن أبي عمرو بن العلاء، وقد كان أخذ اللغة الحقّة عن الأعراب مشافهة بعدما رحل إلى البادية، وكان من تلاميذ حمّاد الراوية، ومن تلامذته الأصمعي وغيره، وكانت وفاته سنة 180 هـ،[١] وأمّا ولادته فقد كانت سنة 115هـ.[٢]
مسيرة خلف الأحمر الأدبية
كان خلف الأحمر من رواة الشعر المعدودين عند العرب، وكانت عنده قدرة فائقة على معرفة الشعر ونسبته لصاحبه على نحو لا يستطيعه أحد إلّا هو، وقد ارتحل إلى البادية واكتسب اللغة مشافهة من الأعراب؛ فقد كانت لغة الأعراب حينها ربّما تكون أقرب اللغات إلى اللغة العالية التي كان عليها العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، ولكن قد استغلّ خلف الأحمر هذا الأمر على نحو سيّئ؛ إذ صار ينظم قصائد بنفسه ثمّ ينحلها -أي ينسبها- شعراء آخرين من الفحول من الجاهليين،[١] وممّا يرويه الصلاح الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات أنّ خلفًا الأحمر قد وضع شعرًا على تأبّط شرًّا والشنفرى والنابغة الذبياني، وإنّ القصيدة التي وضعها على الشنفرى هي القصيدة اللاميّة المعروفة باسم لاميّة العرب التي يقول في مطلعها:[٣]
أقيموا بني أمّي صدورَ مطيِّكُم
- فإنّي إلى قومٍ سواكُم لأمْيَلُ
ولكنّه قد تنسّك وتاب في أواخر حياته واقلع عن هذه الأمور، ثمّ إنّه وقف بالكوفة واعترف للناس بما قد صنع سابقًا، وقد كان عندهم أوثق من الساعة، ثمّ صار متّهمًا بالكذب حاله حال شيخه حمّاد الراوية وإن كان حمّاد أجرأ منه على نحل الشعر وتزييفه.[٤]
اقتباسات من شعر خلف الأحمر
تقف هذه الفقرة مع بعض الأشعار التي قد نظمها خلف الأحمر بنفسه، فهو شاعرٌ مُجيدٌ قد قال شعرًا كثيرًا، ولكن اشتغاله بالرواية ربّما جعل شعره لا يُعرف، وجعله يُعرف بروايته للشعر أكثر من قوله، فمن شعره ما يأتي:[٥]
- يقول خلف الأحمر في قصيدة له:
قد عشت في الدھر ألوانًا على طُرُقٍ
- شتى وقاسیتُ فیھا اللین والقطعا
كلًّا بلوتُ فلا النعماء تُبطِرُني
- ولا تخشّعت من لأوائھا جزعا
لا یملأ الھول صدري قبل موقفه
- ولا أضیقُ به ذرعًا إذا وقعا
لا یبرح المرءُ یستقري مضاجعه
- حتّى یبیتَ بأقصاھنّ مضطجعا
ولیس ینفكّ تستصفي مشاربه
- حتّى یجرّع من رتق البلى جزعا
فامنع جفونكَ طول اللیل رقدتها
- وامنع حشاكَ لذیذَ النّومِ والشَّبَعا
- ويقول خلف الأحمر في قصيدة أخرى له:[٦]
لَنا صاحِبٌ مولَعٌ بِالخِلافِ
- كَثيرُ الخَطاءِ قَليلُ الصَوابِ
أَشَدُّ لَجاجاً مِنَ الخُنفُساءِ
- وَأَزهى إِذا ما مَشى مِن غُرابِ
إِذا ذَكَروا عِندَهُ عالِماً
- رَبا حَسَداً أَو رَماهُ بِعابِ
- كما ويقول أيضًا:[٧]
نَأَت دارُ سَلمى فَشَطَّ المَزارُ
- فَعَينايَ ما تَطعَمانِ الكَرى
وَمَرَّ بِفُرقَتِها بارِحٌ
- فَصَدَّقَ ذاكَ غُرابُ النَوى
فَأَضحَت بِبَغدانَ في مَنزِلٍ
- لَهُ شُرُفاتٌ دُوَينَ السَما
المراجع
- ^ أ ب "خلف الأحمر"، al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-15. بتصرّف.
- ↑ علي الجندي، في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 124. بتصرّف.
- ↑ "خلف الأحمر"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-15. بتصرّف.
- ↑ علي الجندي، في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑ "خلف الأحمر شاعرا ودراسة شعره "، مجلة ميسان للدراسات الأكاديمية، العدد 12، المجلد 6، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ "لنا صاحب"، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-07-2020. بتصرّف.
- ↑ "نَأَت دارُ سَلمى فَشَطَّ المَزارُ"، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-07-2020. بتصرّف.