نبذة عن رواية الشيخ والبحر

كتابة:
نبذة عن رواية الشيخ والبحر

إرنست همنجواي

اسمُه الكامل إرنست ميلر همينغوي، من مواليد عام 1899 للميلاد، ويعدّ من أشهر كتاب القصة والرواية الأميركيين، وكانت في بداياته تغلب عليه النظرة السوداوية المتشائمة، إلّا أنه استطاع أن يتخلّص من هذه النظرة فيما بعد وأصبح يركّز على القوة النفسيّة لعقل الإنسان، وممّا تُذكر عن حياة إرنست همنعواي أن والده اشترى له بندقية صيد رافقته طيلة حياته، وكانت هي الأداة التي انتحر بها عام 1961 للميلاد، صدرت له العديد من الأعمال الأدبية كان أولها عام 1923 للميلاد، بعنوان "ثلاث قصص وعشرة أناشيد"، ولكن من أعماله التي لاقت رواجًا كبيرًا هو ما صدر عام 1926 للميلاد وكان بعنوان "الشمس تشرق أيضًا" وبعد هذا النجاح بدأ بنشر مجموعات قصصية أخرى مثل "الرجل العازب" و"وفاة في العشية" ومن أعماله الأدبية العالمية رواية الشيخ والبحر التي درسها الكثير من النقاد وعلّقوا عليها، وذلك لما فيها من عمق في الأفكار ودلالة على الصعوبات التي يواجهها الإنسان في حياته والتعامل معها.[١]

ملخص رواية الشيخ والبحر

رواية الشيخ والبحر واحدة من الروائع العالمية التي ألّفها إرنست همنغواي في عام 1951 للميلاد، وقد حاز إرنست همنغواي من خلال تأليفه لرواية الشيخ والبحر على جائزة نوبل للأدب، وعلى جائزة يولتسير الأمريكية وذلك لأستاذيته في فن الرواية الحديثة، وبسبب أسلوبه القويّ والمعبر في روايته الشيخ والبحر، وهي رواية مضمونها واضح من عنوانها، إذ إنّها تعتمد على سرد أحداث حصلت مع رجل عجوز في رحلة صيد بحرية، وتصف ما واجهه من الصعوبات، وتحمل من الدلالات الرمزية الكثير، وممّا يجدر ذكره أن هذه الرواية كان قد ألّفها همنغواي في هافانا، كوبا، وقد عبر فيها ربما عن كثير من الأمور التي لاقاها هو في حياته، بطريقة رمزية وأسلوب معبّر، ولا سيّما بعد أن خاض الحرب العالمية الأولى وتعرض فيها لجروح وإصابات.[٢]

وملخّص هذه الرواية هو أن سانتياغو -وهو بطل الرواية- رجل عجوز متقدم في السن إلا أنه يحب الحياة والاستمتاع بها، ويتمتع بقدر كبير من الهمة والنشاط، كان في خليج "جولد ستريم" في سفينته لمدّة ثمانين يومًا يحاول أن يصطاد، ولكنه طوال كل هذه المدة لم يستطع أن ينجح في اصطياد سمكة قط، وفي الأيام الأربعين الأولى كان يرافقه ولد صغير مساعد له، ولكن هذا الولد أُجبر من قِبَل أهله أن يترك الصياد العجوز ويذهب لمساعدة صياد آخر، وكان قلب الولد يعتصر ألمًا في كل يوم عندما يعود مع الصياد بالسمكات، بينما يعود العجوز فارغ اليدين من دون أي سمكة، ولم يكن هذا الولد يستطيع ان يقدم مساعدة إلا أن يساعد في لملمة أغراض الصيد لهذا الرجل العجوز.[٢]

إلى أن استطاع العجوز في يومٍ من الأيام أن يَحظى بصيد كبير، وبقي يعارك مع هذا الصيد الكبير أيامًا وليالي حتى استطاع ان يتمكن منه، وفي طريق عودته إلى الشاطئ واجه أسماك القرش التي جذبتها رائحة الدم من السمكة الكبيرة، وبعد عراك طويل بين سنتياغو وأسماك القرش، تمكنت أسماك القرش من السمكة الكبيرة، وعاد سنتياغو إلى الشاطئ بهيكل عظمي ظنًا منه أنه لم يحظ بأي صيد إلا أن هذا الهيكل صار فرجة للناس وحديث أهل المنطقة وذلك انبهارًا بعظمة هذه السمكة وكبر حجمها وتمكن الصياد العجوز من اصطيادها، وبذلك كسب سنتياغو مجدًا وشهرةً لم يسبق أن اكتسبها صياد آخر.[٢]

وبذلك يتضح ما تتسم به رواية الشيخ والبحر من رمزية كبيرة وهي تعد من أشهر الروايات العالمية عن البحر ومغامراته، إذ إنها صورت الصراع بين الإنسان وبين قوى الطبيعة الجبارة، واستطاع إرنست همنغواي أن يبين أن الإنسان وإن كان ضعيفًا بتصميمه وإصراره وعزيمته يمكنه ان ينتصر على كل الصعاب والأهوال التي يخافها الناس، وما يؤكّد رسالة همنغواي هو قوله في الرواية أن الإنسان يمكن هزيمته لكن لا يمكن قهره.[٢]

القيمة الأدبية لرواية الشيخ والبحر

إن حصول رواية الشيخ والبحر لإرنست همنغاوي على جائزة نوبل، وتصنيفها ضمن الروايات العالمية كفيل بأن يبرهن على قيمتها الأدبية وأهميتها في عالم الأدب عمومًا، والرواية خصوصًا، إضافة إلى تعدّد الدراسات النقدية التي عالجت نص الرواية واكتشفت خباياه وما يدل عليه، ومما يجدر ذكره أن رواية الشيخ والبحر من الروايات التي توصي الكثير من المصادر بقراءتها والاطلاع على مضمونها والاستفادة من كل الخبرات التي تقدمها للقارئ، فهي على قصرها إلا أنها مكثفة في معانيها ودلالتها وهي تقع في مئة وست عشرة صفحة.[٣]

وتمثّل رواية الشيخ والبحر مرحلة النضج الفني والنقدي لإرنست همنغواي، فهو يصور فيها الصراع الدائم بين الإنسان والحياة، والسبيل الصحيحة للانتصار على الحياة ومصاعبها وظروفها القاسية، ,أبرز ما يميز أسلوب إرنست همنغواي في روايته الشيخ والبحر وجلّ أعماله الأدبية هو الأسلوب المكثف في التعبير عن مكنوناته الداخليّة، فهو يستطيع بلغة موجزة أن يوصل ما لا يمكن للعبارات الطنانة، والأساليب البلاغية الطويلة المزخرفة أن تعبر عنه، إضافة إلى أن إرنست همنغواي في رواية الشيخ والبحر استطاع أن يجذبَ القارئ وأن يطوّع السرد على الرغم من قلة عدد شخصيات الرواية، وهذه القدرة الأدبية لا تتسنى لكثير من كتاب الرواية أن يتحلّوا بها، حتى أنّه استطاع أن يشعر القارئ أنّ الأسماك شخصيّات تعبر عن أفكارها وما يختلج في ذهنها من اضطرابات وخوف من الموت.[٤]

وقد ورد الكثير من الآراء النقدية والتّعليقات على رواية الشيخ والبحر والتي تؤكد أنها بالفعل تحفة في العالم الأدبي، إذ إنه من غير الممكن حذف أي سطر من هذا العمل الأدبي المتكامل؛ وذلك لما فيها من إقناع بأن الأمل موجود حتى في أعتى المواقف وأصعب الظروف وأشد لحظات ضعف الإنسان ووحدته، كما أكدت أن الإنسان هو دائمًا سيد الموقف وهو الذي يستطيع تحويل الفشل إلى نصر وقوة ومجد لا يمحوه الزمن، حتى إن هذه الرواية بحد ذاتها وما نالته من شهرة كبيرة على الرّغم من لغتها البسيطة والسهلة أثبتت أن الإنسان هو الذي يصنع نجاحه بنفسه وإن كان بإمكانيات بسيطة ومتواضعة، وهذه الشهرة كانت مرتبطة بالمعاني العظيمة التي يبحث عنها كل إنسان، ويحتاج لأمثلة واقعية أو خيالية تدعم في نفسيته قيم الأمل والخير والتفاؤل، وعندما يجد القارئ أن مصاعب الحياة من جهة والأمل والفرح من جهة أخرى تتجسد في العمل الأدبيّ نفسه بالتّأكيد سيصف هذا العمل بأنه تحفة فنية متكاملة، وعمل أدبي إبداعيّ.[٥]

اقتباسات من رواية الشيخ والبحر

لعلّ ما ورد من آراء ومدح وثناء وإعجاب برواية الشيخ والبحر، وما فيها من معانٍ إيجابية، وما نالته من شهرة، يجعل القارئ في نهم وشوق لقراءة الرواية كاملة، لا سيّما قدرة الروائي إرنست همنغواي على أن يجمع المتناقضات في عمل أدبي واحد، فما مر به العجوز من مصاعب وآلام ووحدة وخوف وصبر وجوع وتعب قد يحعل القارئ حزينًا كئيبًا، إلا أن الرواية في الوقت نفسه حملت في معانيها الكثير من الأمل والحب والتفاؤل والفرح والسعادة، وهذا كله في لغة مكثفة وأسلوب بسيط ومعبر، كما إنه لا بد من أن يجد القارئ انتقادات للرواية من وجهة نظر أخرى، وهي انتقادت محقة، كأن يرى البعض أن في الرواية اعتراض على مشيئة الله وقدره عندما يطرح الكاتب أسئلة عن سبب وجود طيور ضعيفة، وعندما يصور الحيرة بين دعاء السمكة بأن تنجو ودعاء الصياد بأن يصطادها وأن الإله صار في حيرة، وهذه الانتقادات تختلف باختلاف بيئة القارئ ومعتقداته، وبالنهاية كل قارئ لا بد أ ن يعمل عقله وهو يقرأ أي عمل ومهما بلغت شهرته وعالميته، ومن الأقوال التي مرّت في هذا العمل:

  • اعرف كيف تحتمل بلاءك كإنسان، أو كسمكة. ولكنّي قتلت هذا السيف الآن، هذا الذي هو أخي أجل، نحن نبحر، أنا والسيف، مثل أخوين.[٦]
  • لكن الإنسان لم يُخلق للهزيمة، من الحماقة أن يفقد المرء الأمل.[٦]
  •  لاحظ كم من الرائع أن يكون لدى المرء شخص يتحدّث إليه بدلًا من أن يتحدث إلى نفسه وإلى البحر.[٧]
  • إنّ المحيط رقيق ورائع، ولكنه يستطيع أن يكون قاسيًا و يتغير على هذا النحو فجأة، ومثل تلك الطيور المحلقة تغوص وتتصيد، إنها بأصواتها الرقيقة الحزينة أرقّ من أن تواجه البحر.[٥]
  •   إنّ الطّيور تعيش في حياة أقسى من حياتنا نحن البشر، فيما عدا الطيور السارقة والطيور الضخمة و الثقيلة الوطأة. لماذا خُلقت الطيور الصغيرة بهذه الرقة، والمحيط بهذه القسوة؟[٨]

المراجع

  1. "إرنست همينغوي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "العجوز والبحر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  3. "روايات قصيرة يمكنك قراءتها في بضع ساعات"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  4. "العجوز والبحر للكاتب الأمريكي: إرنست هيمنجواي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "العجوز والبحر"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "الشيخ والبحر"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  7. "العجوز والبحر"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21. بتصرّف.
  8. "العجوز والبحر"، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21.
9533 مشاهدة
للأعلى للسفل
×