محتويات
صاحب رواية القوقعة
مصطفى خليفة، هو كاتب سوريّ من مدينة جرابلس الواقعة في ريف محافظة حلب على الحدود مع تُرْكيَا، ولد عام 1948؛ أيْ في العام الذي حصلت فيه ما يُعرف بالنكبة الفلسطينيّة، وهي احتلال الصهاينة فلسطينَ وإحكام سيطرتهم وإعلانها رسميًّا، شارك في العمل السياسيّ منذ أن كان في سنّ المراهقة، وبسبب ذلك تعرّض للسّجن مرتين، وعندما خرج سافر إلى فرنسا ودرس الإخراج فيها، وعندما عاد إلى دمشق اعتُقِلَ والغالب في سبب ذلك هو الاشتباه في انضمامه لحزب العمل الشيوعي الذي كان محظورًا في سوريا، وكان اعتقاله عام 1982 وخرج من السجن عام 1994، وقد كتب رواية تصوّر إلى حدٍّ كبير ما حدث معه ومع غيره في سجن تدمر الشهير، وكان اسم روايته رواية القوقعة. [١]
تعريف حول رواية القوقعة
ما موضوع رواية القوقعة العام؟
كتب الروايةَ مصطفى خليفة، وهو كاتبٌ سوريّ، صدرت روايته عن (دار الآداب / بيروت) عام (2008م) في (164) صفحة بعنوان "القوقعة: يوميّات متلصّص"، وترجمت الرواية إلى أكثر من عشر لغات عالميّة أهمّها [٢]، كما حصدت الرواية جوائز مختلفة، منها: جائزة ابن رشد ببرلين (2015)[٣].
تعدُّ رواية القوقعة من الروايات التي تنتمي إلى أدب السجون؛ فقد حاول الكاتب فيها أنْ يبرز تجربته بشكل إبداعيّ، وتدور أحداث الرواية حول شابّ سوريّ مسيحيّ متغرّب في فرنسا قد تخرج فيها بتخصص الإخراج السينمائي بعد دراسة دامت ستّ سنوات، ثم قرّر أنْ يعود إلى وطنِه حيث ينتمي قلبُهُ ويحنّ، إلا أنَّ تقريرًا كان قد أعدّه مخبرٌ وفيٌّ سبقه لأرض الوطن؛ ليتمّ اعتقاله واقتياده من المطار إلى مبنى المخابرات في العاصمة، وبعد أيّام من التحقيق الداميّ معه اتّهم بالانتماء إلى تنظيم الإخوان المسلمين، ولم تشفع له ديانته المسيحية من إلصاق تلك التهمة به، ولا حتّى ادّعاؤه الإلحاد، وبدأت حينئذ رحلة العذاب التي ستدوم ثلاثة عشر عامًا وثلاثة شهور وثلاثة عشر يومًا.
أمّا سبب تسميتها فذلك بسبب انكفاء بطل الرواية على نفسه لعشر سنوات لم يتكلم فيها إلا قليلًا، وذلك بسبب اتهامه بالتجسس لصالح السجّان والإلحاد، فعزلة بطل الرواية عن زملائه في المهجع كانت هي القوقعة، ووصفه بالتلصّص كان بسبب ثقب في الجدار يطلُّ على ساحة الإعدام عمدَ البطل إلى التلصّص عبره على السجّان والمعدومين.
شخصيات رواية القوقعة
من أهمّ الشخصيات الذين ورد ذكرهم في رواية القوقعة؟
برزت شخصيات كثيرة في الرواية بشكل مؤثر في الأحداث دون تعرض لتفاصيل في أسمائهم، أو الخوض في تفاصيل حياتهم، كما ظهرت مجموعات من الأشخاص يمكن عدّهم شخصًا واحدًا بسبب المهمة المشتركة الموكولة إليهم، ويجمع الشخصيات كلها سجن تدمر بتفاصيله، وقد أعرض المؤلف عن إسباغ اسم على شخصيته الرئيسة وذلك لأنه كان يريد من الشخصيات الواردة أن تتجاوز الزمان والمكان[٤]، أما الشخصيات الواردة في الرواية فهي:
- سوزان: حبيبة البطل الفرنسية التي أصرّت على بقائه في فرنسا إلا أنّه أصرّ على الرحيل إلى الوطن ليمضي كثيرًا من سنيّ حياته معتقلًا.
- موسى: أحد الخفر الذي اقتادوا البطل إلى أقبية التحقيق في مبنى المخابرات.
- أيّوب: العسكريّ المشرف على تعذيب البطل بالخيزران في أقبية التحقيق في مبنى المخابرات.
- أبو رامي: رئيس النوبة على العساكر.
- البلديّات: العسكر السجناء الموجودون في سجن تدمر بتهم القتل أو الابتزاز أو الاغتصاب وغيرها، وكانوا أدوات مطواعة بيد السجان يعذب بهم المعتقلين.
- الدكتور زاهي: أحد أطباء المهجع، وكان يحب تسميته بالشيخ زاهي، وكان منتميًا لحزب التحرير، وهو ممن دافع عن البطل مواجهًا من يتهمه بالتجسّس، وقد مات بوباء السحايا.
- الفدائيّون: زمرة من المعتقلين ذوي الأجساد المتينة كانوا يتطوعون للمهمات الضرورية التي يلحق صاحبها تنكيل من السجّان.
- الشيخ محمود: أحد المعتقلين المنتمين إلى حزب التحرير دافع عن البطل، وحال دون قتله.
- الدكتور سمير: أحد أطبّاء المعتقل كان يعالج السحايا التي تفشَّت في السجن.
- أبو محمد: ضابط سابق كان يرأس المهجع، تميَّز بالشجاعة والعزّة، ومات في مواجهة مع السجّانين.
- دكتور الجيولوجيا: وهو أحد المعتقلين في المهجع تخرج في أمريكا بتخصص الجيولوجيا بتقدير ممتاز، وأصيب في السجن بالجنون.
- العميد: أحد المعتقلين الذين قضوا في حفلة الترحيب لرفضه الانصياع للأوامر الذالّة للسجناء.
- أبو حسين: المسوؤل عن توزيع الطعام بما يرضي السجناء، وصار رئيس المهجع بعد وفاة أبي محمد.
- طبيب السجن: ينتمي إلى طائفة الرئيس، وهو زميل للأطبّاء الموجودين في المهجع يحمل في نفسه حقدًا عليهم بسبب قصة حبّ مؤلمة عاشها.
- الدكتور سليم: من أطبّاء المهجع قتل تحت تعذيب أشرف عليه طبيب السجن.
- الدكتور عادل: من أطبّاء المهجع قتل تحت تعذيب أشرف عليه طبيب السجن.
- الدكتور غسّان: من أطبّاء المهجع عالج الجرَب وحال دون تفشّيه في المعتقل.
- سامر الأعوج: شاب من طائفة الرئيس يخدم الخدمة العسكرية الإجبارية كان يضعف في بداية أمره أمام مشاهد القتل والتعذيب، ثم ما لبث أن اعتادها.
- أبو القعقاع: أحد قادة التنظيمات دخل إلى المعتقل متأخرًا بعد إعدام القادة الذين كانوا في المهجع فترأس جماعة المتطرفين حتى أعدم.
- الدكتور نسيم: أحد أطبّاء المهجع، والصديق المقرّب للبطل فيما بعد لاشتراكهما في التفكير وبلد الدراسة، انتحر بعد خروجه من السجن.
- أبو سعد: سجين سبعينيّ اعتقل مع ثلاثة من أبنائه الذين أعدموا لاحقًا، وهم: سعد وأسعد وسعيد.
- البراعم: مجموعة من الرجال مفتولي العضلات يُلجَأ إليهم في المهمات التي تحتاج إلى قوة.
- شنيور: كبير الرعيان البدوّ المعتقلين بسبب إكرامهم الضيف بأنْ أوصلوه إلى وجهته المنشودة.
- المساعد أحمد: عسكري مراوغٌ حاول تجنيد البطل جاسوسًا لصالح المخابرات، وكان لزجًا في تعامله مثل البزاق.
- خال البطل: من أعضاء الحزب الشيوعيّ الكبار، وقد عمل لصالح النظام حتى صار وزيرًا، وهو الذي بذل الجهود لإخراج البطل من السجن.
- أبو وجيه: أحد أعضاء الحزب الشيوعيّ، وهو من سجناء السجن الجبليّ.
- أبو لينا: أخو المعتقل، ووالد لينا ابنة أخيه التي كانت مقرّبة منه في طفولتها.
- أنور: زوج لينا ابنة أخيه، وكان معظمًا للبطل بعد خروجه من السجن ينظر إليه مفتخرًا به.
- هشام: أحد الأطبّاء الذين كانوا في المهجع، وقد خرج من السجن مع نسيم، وشهد مع البطل انتحار نسيم.
كما لم تخلُ الرواية من شخصيات ضمنيّة قامت بأدوار مهمّة، مثل: الرئيس حافظ وأخوه ومدراء السجن وحراس الشرّاقة وغيرهم.
مضمون رواية القوقعة
ما ملخص أحداث رواية القوقعة؟
تسلط الرواية الضوء على صراع البقاء الذي عاشه نزلاء سجن تدمر، وقد ابتدأ ذلك بعرض هيكل السجن ووصفه، فهو بناء يتكون من سبعة وثلاثين مهجعًا، وسبع ساحات إضافة إلى الساحة صفر، كما أن فيه زنازين ومهاجع جديدة لم ترقَّم بعدُ، أدار السجن مديرون عدّة على مرّ السنوات كلهم قد تميّز بالغلظة وانتزاع الرحمة من قلبه، وفي السجن كان هنالك البلديّون والضباط وكلّهم قد تناوب على القتل والتنكيل بالمعتقلين[٥].
أما المهاجع وحياة السجناء فيها، فقد عاش البطل في واحد مكتظ بالسجناء، بلغ عدد من فيه ستة وثمانين معتقلًا مما اضطرّهم أن يتناوبوا في النوم لضيق المكان؛ فبعضهم يظل واقفًا، وبعضهم ينام على سيفِه، وبعضهم ينام مقرفصًا، وفي المهجع مرحاضٌ واحدٌ، وصنبور ماء واحد، وتحفُّ المهجع من أعلاه نوافذ صغيرة ملاصقة للسقف، وفي وسط السقف شُرّاقة كبيرة يشرف عليها حارسٌ يحمل بندقيّة، وفي كل مهجع رئيس له لتسهيل التواصل بين السجّان والسجناء[٦].
عاش السجناء حياة قاسية تفوح منها رائحة الموت؛ فمن ينجو من حفلات التعذيب اليوميّة التي تفنّن السجانون في ابتكار أساليبها ربّما يموت جوعًا، أو بالأمراض والأوبئة كالسلّ والسحايا والجرب، أو بالإعدام شنقًا، وقد أدرك السجناء حقيقة ذلك الشعار الذي كان دولة بينهم "الداخل مفقود والخارج مولود"، وفي خضمّ صنوف العذاب لم تخلُ يوميّاتهم من مشاكسة تغلبوا فيها على السجّان كأنْ يصنعوا أحجارَ شطرنج من عجين؛ لتصبحَ أداةً نادرة للتسلية بين براثن الموت[٧].
تقييم رواية القوقعة
ما أشهر النقد الموجَّه لرواية القوقعة؟
تميّزت رواية القوقعة أنّها نتاج تجرِبة شخصية عاشها كاتبها وهذا مما يحسب لها، كما أنّها من الروايات العربيّة القليلة التي تنتمي إلى فئة أدب السجون، ويحسب عليها أنّ المؤلف لم يكنّي في شتائمه أو يحذف أجزاء منها ويترك الإكمال للقارئ، ولم يتورّع صاحبها كذلك من إيراد عبارات تمسّ الثوابت الدينيّة -وإنْ كانت لم ترد على سبيل الإقرار-، ومما وجّه إليها من النقد كذلك عدم انحيازها إلى جنس أدبيّ صريح، على أنّ عنوانها يحمل اسم اليوميّات توسُّعًا[٨].
اقتباسات من رواية القوقعة[٩]
- قوة الكراهِيَةِ كانت تُلْصِقُنِي بالبَطَّانِيَّةِ، وتُلْصِقُ البَطَّانِيَّة بالأرضَ.
- دخلتُ قوقعتي، مسحتُ دموعي من الخارج، تركتُها تسيلُ من الداخلِ.
- السجنُ هو المرأةُ؛ غيابُها الحارقُ.
المراجع
- ↑ "مصطفى خليفة"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2021. بتصرّف.
- ↑ "الأديب مصطفى خليفة: الثورة السورية أكبر من ألف كتاب وألف رواية"، قنطرة، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2021. بتصرّف.
- ↑ بيان صحفي (27/11/2015)، "احتفال تسليم جائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2015 في برلين في أدب السجون لعائشة عودة، مصطفى خليفة وأحمد المرزوقي"، جائزة ابن رشد . بتصرّف.
- ↑ خالد سلامة (27/7/2019)، "الرواية ليست إنجيل الثورة في سوريا"، مركز التنمية البيئيّة والاجتماعيّة . بتصرّف.
- ↑ مصطفى خليفة ، القوقعة: يوميّات متلصّص، صفحة 17 18 19 . بتصرّف.
- ↑ مصطفى خليفة ، القوقعة: يوميّات متلصّص، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ مصطفى خليفة ، القوقعة: يوميّات متلصّص، صفحة 83 88 62.
- ↑ "التعبير الروائي والقصصي عن القمع السياسيّ في سوريّة "، مجلة تبين للدراسات الفكرية والثقافية ، 2013، العدد 6، المجلد 2، صفحة 97. بتصرّف.
- ↑ مصطفى خليفة ، القوقعة: يوميّات متلصّص، صفحة 47 50 51 .