يوسف زيدان
كاتب مِصريّ الجنسيّة، كتب في التاريخ والفلسفة والرواية، ومؤلفاته زادت عن الخمسين مؤلَّفًا في المجالات الثلاثة السّابقة، لكنّ الرواية كانت صاحبة الشهرة الأوسع، وبفضلها نال الشهرة الواسعة، فألّف رواية النبطي التي كتبها تحت مظلّة تاريخيّة، وله رواية بعنوان عزازيل، ونالت رواية عزازيل جوائز عربية وأجنبية. وُلد زيدان في صعيد مصر في سوهاج عام 1958، وبسبب خلاف بين أمه وأبيه وانفصالهما لاحقًا، اضطر للسّكن مع عائلة جده لأمه في الإسكندرية، كانت عائلة أمه عائلة مثقّفة انعكس أثرُها إيجابًا عليه، درَسَ يوسف زيدان في مدارس الإسكندرية وجامعاتها، عُرف عنه المثابرة من صغره ولشدة اجتهاده تمّ إعفاؤه من الواجبات المدرسيّة، كما أنه كان شغوفًا مُحبًّا للقراءة، وصاحب ذاكرة قويّة، وفي المرحلة الجامعية درس الفلسفة، ونال درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، له الكثير من الآراء التي سبّبت له موجة انتقادات لاذعة، فكانت آراؤه في صلاح الدين الأيوبي والمسجد الأقصى هي سبب هجوم النقاد عليه، وعُدت محاولة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.[١]
وصف رواية النبطي
استندَت أعمال يوسف زيدان الروائية إلى أحداث تاريخية، كان يطرحها في رواياته وينسج الرواية حول تلك الأحداث، ويُعلّق عليها من خلال أحداث الرّواية، ومن هذه الأعمال رواية النبطي التي صَدَرت في العام 2010، وتُعدّ هذه الرواية من الأعمال الناجحة ليوسف زيدان، ففي هذه الراوية حاول يوسف زيدان إزالة الأوهام التي لم يقتنع بها، هذه الأوهام حسبَ رأيه بأن الأخبار التي تقول أنه تم فتح مصر بأربعة آلاف جندي هي مبالغ فيها، فقدّم رأيه ولكن ليس مباشرة بل غلفه في أحداث الرواية، وقد أحكم يوسف زيدان بالفترة التي تحدث عنها وهي قبيل دخول الفتح الإسلامي لمصر بعشرين عامًا بقيادة عمرو بن العاص، وامتدت الأحداث إلى بعد دخول المسلمين، والإحكام لم يكن بمعرفة تاريخ تلك الفترة والأحداث التي جرت فقط فقط، بل بالإطار الزماني والمكاني لأحداث الرواية الذي حُبك بأسلوب متقن، وحاول يوسف زيدان أن يُعيد بناء تصوّر القارئ عن تلك الفترة التي كانت ومازالت توصف بكلمة واحدة وهي الجاهلية، فأضاء على الثقافة العربية المغمورة من عادات الجاهليين والدين الذي كان يسود مصر.[٢]
كان للمرأة حضور في رواية النبطي، فالأحداث كانت تدور حول فتاة تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، هذه الفتاة عاشت حياة بسيطة مع عائلتها التي كانت تعيش في منطقة يدين أهلها بالدين المسيحي، فقدم يوسف زيدان هذا العمل بأسلوب أدبي متقن، وحبك الأحداث حبكة موفقة، وكانت فلسفة يوسف زيدان الخاصة حاضرة في أحداث الرواية، وفلسفة زيدان في معالجة الأحداث التاريخية تقوم على تقديم العقل على النقل، وقد تمسّك بهذه النظرة في كل أعماله.[٣]
ملخص رواية النبطي
ألّف الكاتب المصري يوسف زيدان الكثير من المؤلفات التي أثْرَت المكتبة العربية، فألف في الفلسفة وفي الرواية وفي التاريخ، إضافة إلى اشتغاله بأرشفة المخطوطات، وكان القالب التاريخيّ هو ما يميز رواياته، لكن الرواية هي التي كانت وراء شهرة يوسف زيدان، وكانت رواية النبطي التي ألفها بعد رواية عزازيل، والجدير بالذكر بأن يوسف زيدان غزير الإنتاج، أمّا أحداث رواية النبطي فقد وقعت قبل دخول الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص لمصر بعشرين عامًا، وتحكي الرواية قصة الفتاة المصرية "مارية" وكانت تعيش ماريا مع عائلتها في قرية مصرية صغيرة، ويتقدم رجل نبطي للزواج من ماريا، وبعد الزواج تسافر مع زوجها إلى قبيلته، ويظهر الكاتب شوقها لمصر، وبعد الانتقال تنخرط مارية مع قبيلة زوجها الذي عمل في التجارة، وعرفت القبيلة في الرواية باسم سلومة نسبة إلى أخ زوج ماريا، وبعد وصول ماريا إلى قبيلة زوجها تحاول خلق حياة جديدة، فتتعرف على ابن أخ زوجها وتستأنس بحديثه.[٤]
ومع تقدم الوقت والأحداث وبحكم أن ماريا تعيش في قبيلة زوجها تقترب من شقيق زوجها سلومة الذي يُعرف في الرواية باسم النبطي، وسلومة يحمل في شخصيته صفات مغايرة لصفات أخيه، تُعجب مارية به وبحكمته وبفلسفته، وأثناء الأحداث يوضّح يوسف زيدان وِجهة نظرة الخاصة بالأحداث التاريخية التي جرت في تلك الفترة، ويتحدّث عن حضارة الأنباط ويصفهم بأنهم من أول الشعوب في العالم، ويصفهم أيضًا بأنهم أهل البلاغة وعُرفوا بهذه الخاصية، وهؤلاء الأنباط تفرقوا في الأرض، وسكنوا الكثير من البلاد، وتضطر القبيلة للخروج من أرضها والذهاب للعيش في مصر، ولكن من دون سلومة النبطي شقيق زوج مارية الذي كان متعلّقًا بأرضه ووطنه، وبسبب هذه الهجرة ينفطر قلب ماريا على فراق سلومة النبطي، وتشعر بالحنين والشوق إليه فيختم يوسف زيدان روايته بقول ماريه "كان النبطي مبتغايَ من المبتدأ وحُلمي الذي لم يكتمل إلى المنتهى، ما لي دومًا مستسلمة لما يأتيني من خارجي، فيستلبن.. أحجرٌ أنا حتى لا يحركني الهوى وتقودني أمنيتي الوحيدة؟ هل أغافلهم وهم أصلًا غافلون، فأعود إليه لأبقى معه ومعًا نموت ثم نولد من جديد هدهدين؟" ومن خلال هذه الخاتمة تظهر وجهة نظر يوسف زيدان الفلسفية.[٥]
وفي مجريات أحداث الرواية يتم الحديث عن الديانات التي سادت أرض مصر قبل دخول الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص، واتهم يوسف زيدان بأنه لم يتوخى الحيادية في معالجة الأحداث التي ذكرها في روايته، سواء عند حديثه عن حضارة الأنباط، أو عند حديثه عن الفتح الإسلامي، وحسب وجهة نظر النقاد فقد تم كتابة الرواية من وجهة نظر استشراقية كأنّ يوسف زيدان مستشرق، وتعمد يوسف زيدان كتابتها لينال رضا الغرب، حيث أن الرواية تُرجمت للعديد من اللغات، فكتبها يوسف زيدان بوجهة نظر غربية للحضارة العربية خاصّة الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، كما واجهت الرواية انتقادًا بأن فيها الكثير من الحشو، ومع كل الآراء السابقة بين مؤيّد للرواية ورافض لها، لا يمكن نكران أن الرواية نالت شهرة واسعة، وتُرجمت إلى العديد من اللغات، وأنّ لها وزنها وقيمتها.[٦]
اقتباسات من رواية النبطي
كتب الكاتب يوسف زيدان رواية النبطي بقالب تاريخي يعود إلى الفترة التي سبقت الفتح الإسلامي لمصر، ومن خلال الحوار والأحداث في رواية النبطي قدم يوسف زيدان وجهة نظره الفلسفية حول الأحداث التاريخية لتلك الفترة، وقد شكك ببعض المعلومات التي تُنقل عن فترة الفتح، فكانت لبعض العبارات في الرواية لخّص وجهة نظره التي كانت صائبة في بعض الأحيان، وفي البعض الآخر لم يُكتب له التوفيق بحسب رأي بعض النقّاد، ومن أهم الاقتباسات المعبرة في الرواية ما يأتي:[٧]
- القصيرات من النسوة مِرحات، لكنّ القصار من الرجال خبثاء.
- كلّ ما يتكرر لا نشعر به، مهما كان شجيًا.
- كانت أمي تقول: الذي يعيش وحيدًا سيموت وحيدًا، وقد لا يجد من يدفنه.
- المكتوم عند الناس مَقبول.
- لعلّ العَيب في الكلام، لا في الفعل. فالأمر مادام مكتومًا لا يُقال.
- إنّ الإنسان منا إذا أحب في حياته، وهام بالعشق ومات على تلك الحال، بُعث من جديد هدهدًا.
- آه، تأخر عن الفرح، حتى تهرأ قلبي مع تقلب الليل فوق النهار، و تعاقب حر الصيف على مطر الشتاء.
- تمرّ أيامي بطيئة وأنا متوحّدة هنا شاحبة.
- الرقص مفرح، يدير الرأس، يسكر. لو عرفه الذين يشربون الخمر ليسْكروا، لسكروا بالرقص بدلًا مما يشربون.
- هذه البلاد ليست بلادي. ولا الذي أراه منذ فجر اليوم بلادي، ولا الأرض التي تصفر تحت خطانا بلادي، كان لي بلد وحيد أخضر، هو حضن أمي.
- لا تملُّ الشمس ذلك الطلوع اليومي المبكر؟
- الصوم يكون عن الاشتهاء، لا عن الأكل والشرب.
- المرأة والرجل وجهان لجوهر الإنسان، وكلاهما يقترب من الآخر في ابتداء العمر، وفي أواخره.
- لا أحد بلا أسرار.
- الجوعى لا ينامون، والخائفون أيضًا لا ينامون.
- الشّمس حنون حين تطلع، قاسية حين تستطع، حزينة حين تغيب.
- لكلّ داء دواء إلا الغباء، ليس منه شفاء.
- أغلقنا بيته فمات من طول الوحدة، لأن المكان لا يحيا من غير السكان.
- ذكور الصراصير تُنادي بالصَّفير ليلًا، وذكور الحمام تُنادي بهديلها نهارًا، والقِمريُّ يطلب أنثاه، بأن ينوح، أنا ما ناداني أحد بأي صوت، ولما نوديت، لم يهدأ الزمان شهرًا واحدًا لأُلبي النداء.
- الحبّ سرٌّ خطير، بل هو أخطر الأسرار، والمحبُّ مُقامر، يُغامر بكلِّ شيءٍ، ويثابر. يَعدُ صادقًا بالوعود الكاذبة، لكنه ينسى مع الأيام وعودَه، ويضيقُ بقُرب محبوبه، وقد يهجره.
- العين مرآة الأسرار.
- استغربتُ المكان مع أن الوجوه مألوفة، منكسرةٌ طيبة.
- لا شيء لا يتبدّد.
- المحضون والحاضن يطمئنان.
- هل أغافلهم، وهم أصلا غافلون، فأعود إليه من جديد، لأبقى معه، ومعًا نموت ثم نولد من جديد هُدْهدين.
المراجع
- ↑ "من هو يوسف زيدان"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
- ↑ "النبطي"، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
- ↑ "مسارات الروية العربية المعاصرة"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
- ↑ "النبطي "، wikipedia، اطّلع عليه بتاريخ 27/02/2021. بتصرّف.
- ↑ "النبطي"، www.kutub-pdf.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
- ↑ "رواية النبطي"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
- ↑ "النبطي"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.