نبذة عن رواية عالم صوفي

كتابة:
نبذة عن رواية عالم صوفي

من هو مؤلف رواية عالم صوفي؟

جوستاين غاردر، وهو كاتب نرويجي شهير، يعدُّ من أشهر الروائيين المعاصريين في العصر الحديث، ولدَ جوستاين غاردر في شهر أغسطس من عام 1952م، درسَ غاردر الفلسفة وبدأ بممارسة مهنة التعليم حتى بعد أن اقتحم عالم الأدب بقوة، فأصبح يمارس التعليم والأدب معًا، يعمل حاليًا أستاذًا في تاريخ الفكر والفلسفة، بدأ مسيرة الشهرة الخاصة به في النرويج من خلال روايته سر الصبر، لكنَّه لم يخرج إلى العالمية ويحصل على شهرته الحالية إلا بعد نشره رواية عالم صوفي التي لاقت قبولًا كبيرًا، من أهم مؤلفاته: مرحبًا هل من أحد هناك، سر الصبر، عالم صوفي، فتاة البرتقال، وحصد جوستاين غاردر العديد من الجوائز الأدبية منها: جائزة بكستيهوده بال في عام 1997م، جائزة ويلي برانت في أوسلو عام 2004م، وسام سانت أولاف من الملكة النرويجية عام 2005م، وقد اشتُهر بموقفه من حرب إسرائيل على لبنان في عام 2006م، فقد أدان بعض جوانب السياسة اليهودية والإسرائيلية في مقال نشرته إحدى صحف النرويج الرئيسة، كما عارض الاعتراف بإسرائيل بشكلها الحالي، وقد أثار هذا الموقف كثير من الجدل حوله.[١]

تعريف حول كتاب عالم صوفي

يُعد "جوستاين غاردر" مؤلّف كتاب "عالم صوفي" من أهم الكتّاب الذينَ أرّقتْهم الأسئلة الفلسفية حول الوجود والعالمِ الذي يعيش فيه الإنسان، فانطلق بتلك التساؤلات إلى رواياتٍ يمكنُ أن يُطلقَ عليها مُصطلح "الرواية الفلسفية"، إذ إنّ نظرية الوجود أثبتَتْ بطريقة أو بأخرى الاستعدادَ الفطريّ عند الإنسان ليكونَ مُتفلسِفًا، وذلك بمعنى أن يكونَ مُتسائِلًا حول قضايا الوجود الكبرى، وقد كان جوستاين غاردر يعبّر عن هذا الاستعداد الفطري بتشبيهِهِ للفلسفة بالأسئلة التي يضعها الأطفال، إذ إنهم يطرحونَ التساؤلات الأوليّة التي يُمكنُ للمرءِ أن يستشفَّ منها ضرورة التأمل أكثر في ماهيّة الكون من حوله، فيُصبحُ السؤال بمحورهِ الشموليّ: "ما هو العالَم؟".[٢]


وُلِد مؤلّف الكتاب "جوستاين غاردر" عام 1952م، وعملَ أستاذًا للفلسفةِ وتاريخِ الفكرِ قبلَ أنْ يأخذ منحى الكتابةِ الروائية، ولكنهُ لم يلفت الأنظارَ بأعمالهِ الأولى، حتّى قدّمَ روايته الثالثة التي سمّيت "سر الصبر" فحاز بها على جائزة النقد الكبرى، ثمّ فُتِحَتْ لهُ أبواب العالمية مع رواية "عالم صوفي" التي نُشرت عام 1991م، والتي طرح فيها عدة قضايا فلسفية تُواجه الباحث عن أسرار العالم، إذ حاول أن تكون مدخلًا سهلًا ومنهجًا جديدًا مختلفًا عن المناهج التقليدية لأم العلوم التي هي الفلسفة، وقد تتبَّع فيها التغييرات التي يُمكن أن تُحدِثها الفلسفة في حياة الإنسان العاديّ، ليصل بذلك إلى فكرة إمكانية فهم هذا العلم من قبل أي إنسان دون أن يكون مقتصرًا على صفوة المفكرين، وقد نالتْ الرواية الصدى الواسع لا سيما في ألمانيا، وتُرجمت إلى 38 لغة منها العربية.[٣]

ملخص كتاب عالم صوفي

تدور أحداث الرواية حول فتاةٍ في الرابعةِ عشر من العمر، تعيشُ في النرويج مع والدتها، ووالدها كثيرُ السفر إذ يعملُ قبطانًا على باخرةٍ لنقل النفط، فلا يظهر في طيّات القصة، تبدأ أحداث قصّتها عندما تتلقى رسالتينِ غامضتين تجدهما في صندوقِ بريدها، كُتِبَ على الأولى "من أنتِ؟"، وعلى الثانية: "من أين جاء العالَم؟"، بالإضافةِ إلى بطاقةٍ بريديةٍ كُتب عليها اسم المُرسِل: "ألبرت كناج" موجهةً إلى "صوفي".[٤]


فيما بعد يتم التواصل بين صوفي وفيلسوف يُدعى "ألبرتوكنوكس" ذو الشخصية الغامضة والمثيرة للاهتمام، وبطريقةٍ ما يُصبحُ أستاذًا لصوفي في الفلسفة، حيثُ يكشف عن شخصيّته فيما بعد شيئًا فشيئًا، ليتبدّى فيما بعد أنّ الرسائل الغامضة التي كانت مجهولة المصدر كانت منهُ، وتبقى الحيرة حول البطاقة البريدية التي لم يُعرَف شيءٌ عن مُرسِلِها بعد.[٤]


يبدأ "ألبرتو كنوكس" بتعليم صوفي دروسًا في الفلسلفة بدءًا من الفلسفة اليونانية التي بدأت قبل القضايا التي طرحها أفلاطون وأرسطو، حتى أنّ بداياتها تعود لما قبل الميلاد، وصولًا إلى الفلسفة الوجودية التي وضع قواعدها "جان بول سارتر"، ثمّ يزودها بمعلومات ععديدة عن فلسفات القرون الوسطى، ومن خلال العديد من الخيوط والأحداث يحاول بمساعدة صوفي أن يكتشف عن غايات "ألبرت كناج" والأسرار المتعلقة به، لا سيما ما يتمتع به من القدرات الخارقة للقوانين الطبيعية.[٤]


تُحاول الرواية دمج التساؤلات الفلسفية مع الأحداث التي تعيشها صوفي في علاقاتها مع والدتها وأصدقائها والحياة اليومية من حولها، ولكن الارتكاز الأكبر في تلك التساؤلات على "ألبرت كناج" والطريقة الخارقة التي يتدخل بها في حياة صوفي، ويأتي بذلك دور "ألبرتو كنوكس" في تدريب صوفي على مقاومة ذلك من خلال فهم المزيد عن الفلسفة والعالم.[٤]

البعد الفلسفي في رواية عالم صوفي

اتّخَذتْ رواية "عالم صوفي" بُعدًا فلسفيًا قائمًا على مضمونها من أفكار وأحداث، فكان المحور الأول الذي دارت حوله هو السعي وراء الفلسفة كوسيلة لترتيب التجربة الإنسانية، فهي تغرس في الفكر أن الفلسفة جزء من الحياة لا يتجزأ، وطالما أنَّ التساؤل موجود في داخل الإنسان فهو فيلسوف يمكن أن يتمتع بالحياة الفكرية الأفضل، وإن لم يعثر على إجاباته فإنَّ كونَهُ متسائلًا باحثًا يمنح نفسهُ البشرية الحقيقية، فالفلسفة تشكّل المطاردة المستمرة لفهم الحياة.[٥]


من جهة أخرى فإنّ المحور الثاني الذي تحاول أحداث الرواية الدوران حوله هو أن الطبيعة يمكن أن تكون خادعة للإرادة البشرية الحرة، وهذا يفسّر عدم قدرة الإنسان على نيل الحرية المطلقة في تكوين حياته، فتكاد صوفي تدرك في نهاية المطاف أن وجودها يرجع إلى خيال "ألبرت كناج"، إذ يمكنه التصرف بحياتها من خلال قدراته التي يمتلكها، ولم يختَر المؤلف بيان مدى حرية "ألبرت كناج" في تصرفاته، ولم يكن واضحًا في نهاية الرواية إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يتحكم بإرادته الحرة، ولكنّ الواضح فيها أنه لا يستطيع أن يكون حرًّا بالمطلق إلا إذا استطاع أن يمتلك قوىً خارقة.[٥]

أهمية رواية عالم صوفي

تعدّ رواية "عالم صوفي" من أهم الروايات التي لاقتْ شهرةً واسعة، لا سيما في ألمانيا التي غلب على قارئيها الجو الفلسفي، فهي تعدّ مزيجًا من الغموض والخيال الذي يوجب الأسئلة الفلسفية الغريبة، وقد تُرجِمَتْ إلى أكثر من ستين لغة مختلفة، وبِيعَ منها أكثر من أربعين مليون نسخة[٦]، ويتّضحُ التشابك بين تاريخ الفلسفة الغربية وبين القصة الغارقة في الخيال والألغاز، وذاك الخيال هو الذي يشكّل جزءًا من عالم صوفي، ولا بد من أجل ذلك من فهم الفلسفة الأوروبية وقضاياها، وهذا ما تمكّن منه الرواية.[٧]


تتأتى أهمية هذه الرواية من تقديم المؤلف مدخلًا سهلًا لعالم الفلسفة الواسع بجميع تجاربه ومؤلفاته، وجعل هذا العالم في متناول الأيدي بالنسبة للعامة، وللقرّاء في شتى اختصاصاتهم، فلم يكن يحاول اقتفاء أثر الفلاسفة الكبار وحسب، بل حاول أن يربط النتائج التي وصلوا إليها والحوارات التي دارت في نظرياتهم بالفنون والعلوم والأدب، فيحاول أن يُنتِج من ذلك الوصول إلى أهمية الفلسفة كعلم في الوصول إلى فهم الحياة والعالم.[٨]

اقتباسات من رواية عالم صوفي

رواية عالم صوفي هي كتاب عظيم في تاريخ الفلسفة، تتناول الفلسفة بإطار واسع جدًّا يحيط بحقب مديدة من عمرها، وتحاول أن تبسِّط مفهوم الفلسفة الغربية منذ العصور اليونانية وصولًا إلى العصر الحديث، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من الرواية:[٩]

  • أكثر أهمية أن يحترم كل واحد معتقدات الاخر، من أن يتساءل لماذا لا يماثله في معتقداته.
  • إن الحيوانات تولد حيوانات، أما الإنسان فلا تلده إنسانًا، بل تربيه ليصبح كذلك.
  • الحياة محبطة ومأساوية، تتركنا ندخل عالمًا رائعًا، نتلاقى، نتعارف، نقطع معًا جزءًا من الطريق، ثم نتوه بعضنا عن بعض، ونختفي بالسرعة ذاتها التي جئنا بها في المرة الأولى.
  • الطفل الصغير لا يجد أية متعة في رؤية قوانين الطبيعة تتحطم لأنه لم يعرفها بعد، إنه لم يصبح بعد عبدًا لذلك الانتظار الذي تضعنا فيه العادة، الطفل لا يحمل أفكارًا مسبقة، وتلك ميزة أساسية من ميزات الفيلسوف الكبير، إنه يرى العالم كما هو بدون الأفكار المسبقة التي تشوه رؤيتنا نحن البالغين.
  • الفيلسوف هو إنسان لم يستطع يومًا أن يتعود على العالم، والعالم يظل بالنسبة له شيئًا غير قابل للتفسير.
  • لو أنَّ مولودًا صغيرًا استطاعَ الكلام، لكانَ عبَّر بالتأكيد عن دهشته من الوقوع في عالمٍ غريب.
  • ألا تقطع إلا جزءًا صغيرًا من الطريق، ليس مشابهًا لأن تضل الطريق.
  • إدراك الإنسان لجهله هو شكل من أشكال المعرفة.

المراجع

  1. "جوستاين جاردر"، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 18/05/2021م. بتصرّف.
  2. "Jostein Gaarder Norwegian writer", britannica, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  3. "Jostein Gaarder Biography", imdb, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث "Sophie s World pdf", noor book, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  5. ^ أ ب "Sophia's World", sparknotes, Retrieved 24/4/2021. Edited.
  6. " Sophie's World: 20th Anniversary Edition", waterstones, Retrieved 24/4/2021. Edited.
  7. "Sophie’s World Jostein Gaarder", osloliteraryagency, Retrieved 24/4/2021.
  8. "Sophie's World: A Novel about the History of Philosophy", publishersweekly, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  9. "عالم صوفي"، مكتبة أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2019م. بتصرّف.
4986 مشاهدة
للأعلى للسفل
×