تحليل رواية قناديل ملك الجليل (تاريخي درامي)

كتابة:
تحليل رواية قناديل ملك الجليل (تاريخي درامي)

التحليل الموضوعي لرواية قناديل ملك الجليل

تقوم الرواية على أساس رصد حكايات البطل الشعبي، فهي تعرض العمل البطولي لرجل بسيط من عامّة الناس يُسمّى ظاهر العمر الزيداني (شخصية حقيقية)، والذي يبدأ رحلته من ضفاف بحيرة طبريا وجبال عكا والناصرة نحو هدفه الكبير تحرير الأرض والحصول على الاستقلال، ومحاولة إقامة الدولة العربية الفلسطينية.[١]

فهو بذلك يتحدى الحكم الأقوى في زمنه (حكم الدولة العثمانية) والذي كان منبسطًا على قارة آسيا وأوروبا وأفريقيا، تغطي هذه الرواية بطولات القرن الثامن عشر.[١]


التحليل الأسلوبي لرواية قناديل ملك الجليل

لجأ الكاتب إبراهيم نصر الله في أسلوبه الكتابي إلى عدد من الاستراتيجيات أهمها:[٢]


  • استخدام شخصيات حقيقية

اعتمد نصر الله في طرح الرواية على الأشخاص الذين يعكسون التاريخ بشكل حقيقي من خلال استخدام شخصيات حقيقية إلى جانب الشخصيات الخيالية التي أسهمت في إثراء العمل الفني، والهدف من هذا الأمر التغلب على النمطية السرد التاريخي، فهو يظهر الحياة الشعبية والأشخاص العاديين ممّا يرفع منصوب الصدق الفني في العمل.

  • ربط النص الروائي بدولة فلسطين

ربط النص الروائي بالبيئة والأرض والإنسان الفلسطيني، فهو يعتمد نمط الحكاية الشعبية (النمط الذي لا يتساءل فيه القارئ عن صدق المعلومة بقدر ما يستمتع بها).

  • استخدام أسلوب التقديم والتأخير

حيث يقول نصر الله: "أقضي المسار الدرامي للرواية تقديم وتأخير عدد قليل من الأحداث لتكون ملائمة لمنطق السياق الروائي".

  • الإسهاب والسرد التاريخي

حيث أخذ الروائي مساحة أكبر من مساحته في السرد التاريخي، من خلال إظهار كوامن الأحداث وخوفيها، مما يقرب الحدث للقارئ ويوضحه.

  • استخدام أسلوب استقراء الجوانب الشخصية والإنسانية للشخصيات

بحيث يخلص الشخصيات وخاصة الحقيقية منها من الجمود، ويبرز الصفات الإنسانية، ويظهر جوانب القوة والضعف والخطأ.

  • إظهار المشاعر والعواطف

وذلك من خلال استعراض الأسباب التي عملت على تشكل الأحداث التاريخية، والابتعاد عن السرد التاريخي كسرد.

  • الاعتماد على التاريخ في بناء أساس الرواية
  • حيث يقدّم نصر الله رواية لها جانب زمني بعيد ومختلف عن الزمن الذي عاش فيه، وبالتالي فهو يُوجد مناخًا تاريخيًا في كتابته يتميز بالدقة من حيث الوصف والخيال.


تحليل شخصيات رواية قناديل ملك الجليل

استخدم نصر الله في السرد الشخصيات التاريخية ويمكن طرحها بشيء من التفصيل كما يلي:[٣]


الشخصيات التاريخية

تتضمن الرواية خمس شخصيات رئيسة وهي:

  • ظاهر العمر الزيداني

وهي شخصية حقيقة، ولهذه الشخصية الدور القوي والأساسي في الرواية، ظهر بصورة مغايرة للطبيعة الإنسانية الخالصة؛ حيث عزّز نصر الله هذه الشخصية بالملامح الأسطورية عبر ما بثّه من دلالات القوة والشجاعة والصمود وعزة، فأسكن الرواي في هذه الشخصية القوة الخارقة.

  • عبد الله الأيضلني

شخصية ثانوية، كان لها دور فعال في الإضاءة على أفعال الشخصيات الرئيسة في الرواية، حيث قدمّت هذه الشخصية استشراقًا لبؤرة الصراع الدرامي بين ظاهر العمر الزيداني وأعيان الدولة.

  • سليمان باشا العظم

إحدى الشخصيات ذات الأثر القوي في الرواية، من خلال ما لها من دور ضد ظاهر العمر الزيداني.

  • عثمان باشا الكرجي

وهي شخصية واقعية أبرزَها نصر الله ليؤكد على ذروة الصراع، فهذه الشخصية المعادية لظاهر جسدت الحالة النفسية القلقة والمضطربة والحاقدة والمغلة والتي ما لبثت أن استسلمت وخضعت لأوامر الدولة.

  • حسن باشا الجزائري

إحدى الشخصيات الحقيقية التي لعبت دورًا قويًّا في الرواية؛ حيث تمكنت هذه الشخصية من التخلص من حكم ظاهر الذي استمر لسنوات عدة.


الشخصيات الأسطورية

تتضمن الرواية شخصيات خيالية وهي:

  • الفرس البيضاء

وهي شخصية لها حضورها البارز في الرواية لارتباطها الوثيق بظاهر العمر الزيداني؛ حيث إنّها جسدت دور الأم الحقيقية عبر أسطرتها.

  • البريصة (فرس)
  • حملت هذه الشخصية إيحاءات فنية حيث رسخت العلاقة التخيلية التي تجسدت بين ظاهر وقرينه الخيل.


الاستعارة والصور الفنية في رواية قناديل ملك الجليل

تميّز نصر الله بما له من استعارات وصور فنية في هذه الرواية لاعتماده على عدد من التقنيات والاستراتيجيات أهمها:[٤]

  • الاعتماد في الكثير من أحداث الرواية على استعارة التكنكيات الحركية والسنمائية واستخدام الصور المتحركة التي تنبض بالحياة والتي تسببت في تقوية البنية البصرية.
  • اعتماد التصوير الفني على إظهار الأحاسيس والعواطف ونفسيات الشخصيات، فالصورة في هذه الوراية تميزت بالحركة والتشويق، فالرواية ليست حكائية سردية جامدة.
  • استخدام تقنية المونتاج المتناوب عبر الصورة السنمائية في ذكر تفاصيل بعض الأجزاء من الرواية مثل ذكر تفاصيل البيت من الداخل ومن ثم الانتقال للتفاصيل من الخارج.

أمثلة يمكن من خلالها الاستشهاد بما تم الاعتماد عليه في الأسلوب التصوري والاستعارة:[٤]

  • "كان الذراع الخشبي الذي يغلق الباب قد انتزع من مكانه، فتح الباب، حدق في جانبي الطريق، كانت طبرية تنهض في تلك اللحظات، من بعيد يأتي صياح ديكة وأصوات غامضة لكلمات من الصعب فهمها، سمع حوافر دابة فاستدار، كانت امرأة تمتطي حمارًا ممسكة بربطة فجل كبيرة أمامها".
  • "ظل القلق يعتصر بدن نفيسة حتى يعود ظاهر إليها سالمًا".
  • "لم يكن ظاهر مفتونًا بشيء مثلما كان مفتونًا بصيد البط، لكن الساعة من الزمن يقضيها على ضفاف طبرية كانت كافية لغسله من كل ما علق به من غضب أو أحزان".


الحوار والسرد في رواية قناديل ملك الجليل

تقوم رواية قناديل ملك الجليل برصد الأحداث التي وقعت في الفترة الزمنية ما بين (1689م- 1755م)، وبنية السرد التي تشمل المقومات كافة التي أضافها نصر الله على القصة، والتي تشمل التغيير على السياق الزمني والشخصيات.[٥]

واعتمد السرد في هذه الرواية على نقل الأحداث من الإطار التاريخي إلى الإطار التخيلي الذي يعيد تمثيلها وشحنها بكل ما يلزم من العواطف والإنسانية والمشاعر.[٥]

الجدير بالذكر أن الكاتب استخدم الواقعية والموضوعية والحيالية والأسطورية في سرد الأحداث، ممّا يجعل نصّه الروائي يستند إلى قوة الحقيقة وقوة الخيال في اتحادهما في جوهر الأحداث، كما اهتم بعنصرين أساسيين في الرواية والسرد هما: القرائن المدمجة بما تشملها من تفاصيل وأوصاف للأشياء والأحداث.

كما استخدام الروائي العناوين الفرعية في مختلف فصول الرواية، وتميز بالقدرة على إثراء الرواية بمفردات لغوية ذات دلالات خاصة.[٥]


آراء نقدية حول رواية قناديل ملك الجليل

أهم الانتقادات حول رواية قناديل ملك الجليل تتلخص في:[٦]

  • رسم نصر الله أبعاد الشخصية الخارجية بناء على ما لديه من دراية، مع إهمال ما للقارئ من بناء معرفي وهذا قد يكون سببًا في خلق فجوة ما بين الرواية والقارئ.
  • فقدان ثبات سلطة نصر الله في بعض الأحيان على الشخصيات والانسلاخ عن الرواية وإظهار الرأي الشخصي.
  • إثقال كاهل القارئ بعبء استنتاج صفات الشخصيات من خلال حوار الشخصيات الأخرى، ممّا يؤدي إلى تشتيت القراءة وتفكّك الروابط.

رواية قناديل ملك الجليل من أهم الروايات العربية المتخصصة في رصد ملحمة الملهاة الفلسطينة المشروع الذي بدأ فيه نصر الله عام 1985م، تناولت هذه الرواية القصة البطولية لظاهر العمر الزيداني البحاث عن الحرية، استخدم نصر الله في هذه الرواية الأسلوب الواقعيّ المقترن بالأسلوب الخياليّ.

وقدّم الشخصيات الرئيسة والثانوية والاستذكارية والنموذجية بصورة حركية قابلة للعيش والتخيل، على الرغم من عظمة العمل إلا أنه تعرّض لانتقادات أهمّها إظهار الجانب الشخصي التعبيري في الرواية، ممّا جعل نصر الله وكأنّما هو جزء منه.

المراجع

  1. ^ أ ب "The Lanterns of the King of Galilee: A Novel of 18th-Century Palestine", scribd, Retrieved 19/9/2021. Edited.
  2. ابراهيم ابو تحفة، الرواية التاريخية عند ابراهيم نصر الله زمن الخيول البيضاء وقناديل ملك الجليل نموذجًا دراسة نقدية، صفحة 91-107. بتصرّف.
  3. يسرى ققشة، الفضاء الروائي في رواية قناديل ملك الجليل لابراهيم نصر الله، صفحة 121-135. بتصرّف.
  4. ^ أ ب خليل برويني، شهرام دلشاد، آليات السينما في رواية "قناديل ملکالجليل" لإبراهيم نصراالله، صفحة 7-12. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت سامي عبابنة، السرد الروائي والرؤية التاريخية في رواية قناديل ملك الجليل لابراهيم نصر الله، صفحة 3-5. بتصرّف.
  6. عمر عبده، البنية الروائية في روايات ابراهيم نصر الله الملهاة الفلسطينية نموذجًا، صفحة 6-15. بتصرّف.
6124 مشاهدة
للأعلى للسفل
×