محتويات
علقمة الفحل
الشاعر الجاهلي علقمة الفحل هو من شعراء الطبقة الأولى حسب تصنيفات ابن سلام لطبقات الشعراء، واسمه الكامل علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس، وهو من بني تميم، توفي في سنة 20 قبل الهجرة، 603 للميلاد، ولقد كان علقمة الفحل من المعاصرين للشاعر امرئ القيس، وثمة مساجلات لعلقمة الفحل مع امرئ القيس، ومما يجدر ذكره أن علقمة لُقب بالفحل بسبب تفوقه على الشاعر الفحل امرئ القيس، وذلك في قصة قد تحاكم فيها الشعران إلى زوجة امرئ القيس أم جندب، فبعد ان أنهى امرئ القيس قصيدته في وصف الفرس، أنشد علقمة الفحل قصيدته وتفوق فيها على امرئ القيس وبشهادة زوجة امرئ القيس، فكان أن طلّق امرؤ القيس زوجته وتزوجها علقمة، ومن هنا جاء اللقب، ومما ورد أن علقمة الفحل كان يعيش حياة فيها الترف والراحة، ولقد أدرك الإسلام، إلّا أنّه لم يدخل الإسلام، ولقد ترك ولدين من بعده اسمهما علي وخالد، وكانا مشابهين لوالدهما في نظم الشعر، والتفوق فيه.[١]
حياة علقمة الفحل الأدبية
كثرت الروايات والأخبار عن الشاعر علقمة الفحل، ومنها ما هو صحيح ومقبول، ومنها ما رأى الباحثون أن فيه خلط أو خطأ، وفيما يخص الحياة الأدبية للشاعر علقمة الفحل فإن أبرز ما يُقال إن الأصمعي قد صنفه ضمن الفحول الستة الجاهليين، وروى شعره كله، وابن سلام وصف بعض قصائده بأنه لا يوجد من يمكن أن يسبقه فيها على الإطلاق، ومما يجدر ذكره أن لقب الفحل الذي لُقب به الشاعر علقمة له أكثر من قصة، واحدة منها قصة منافسته لامرئ القيس، وتفوقه عليه، والرواية الأخرى ما ورد عن الأصمعي أن كل من عارض شاعرًا آخرًا وتفوق عليه يُلقّب بالفحل، أما ما ورد عن الجاحظ فهو أن في قبيلة تميم كان هناك شاب اسمه علقمة بن سهل وكان لقبه الخصي، وللتمييز بين علقمة الشاعر وبين علقمة الخصي لُقب علقمة بالفحل، وللشاعر علقمة الفحل ديوان شعري، شرحه وعلق عليه الشنتمري، ومن القصص المشهورة عن شعر علقمة الفحل هو أن الحارث الغساني أسر أخًا لعلقمة الفحل، فما كان من علقمة إلا أن نظم قصيدة يمدح فيها الحارث، وتمكن من خلالها أن يُطلق سراح أخيه، ومما ينبغي الإشارة إليه في هذا المقام هو ما كان يرويه علقمة الفحل في شعره عن نفسه وعن خبراته، فمن خلال شعره تمكن أبو عمرو بن العلاء أن يقول عنه إنه من أعرف أهل عصره بالنساء وطريقة تفكيرهن وكيفية كسب ودهن.[٢]
بنية الخطاب الشعري في ديوان علقمة
إن الخطاب الشعري الذي تركه علقمة الفحل في ديوانه له الكثير من الخصائص والمزايا الأسلوبية التي تحتاج إلى بحث طويل، وجهد في استكشاف خفايا شعره، والمقصود من وراء كل خاصة من هذه الخصائص، ومن أبرز ما يمكن التعليق عليه في بنية الخطاب الشعري لشعر علقمة الفحل هو البحور الشعرية التي استعملها في قصائده، إذ كانت متنوعة ما بين البحور البسيطة؛ ذات التفعلية الواحدة، والمركبة؛ ذات التفعيلتين، والبحر الذي حاز الرتبة الأولى في قصائده هو الطويل، وهذا البحر -حسب رأي الدارسين- له وقع متأنٍ وبطيء على النفس، وما كان ينعم به علقمة الفحل من هدوء وغبطة في حياته جعل هذا البحر هو الغالب على معظم قصائده، إضافة إلى نظمه لقصائد على بحور أخرى تتوافق مع الحالة النفسية للقصيدة وللشاعر مثل البسيط والوافر والرمل.[٣]
وعند الحديث عن بنية الخطاب الشعري لا يمكن نسيان القافية، وذلك لما لها من دور في تحقيق التوازن الصوتي في القصيدة، وإن غالبية القوافي التي اختارها علقمة الفحل في قصائده تدل على حالته النفسية وتعكسها بوضوح، مثل قافية "مشيب، نضوب، المتفقد، نضوب، ناعور" فمن خلال التنويع في هذه القوافي يتبين أن علقمة الفحل كان قادرًا على اختيار القوافي حسب الحالة النفسية، فكانت القوافي تعبر عن ابتعاد علقمة عن فكرة الموت والانكسار، وإقباله على حياة هانئة مستقرة، والذي يؤكد ذلك هو أن القوافي في غالبها مطلقة لا مقيدة.[٣]
أما عن الروي واختيار علقمة الفحل له في قصائده، فلم يغفل الشاعر علقمة الفحل أهمية الروي وارتباطه بتأدية المعاني في القصائد من جهة، ودوره في تحقيق التوازنات الصوتية والإيقاع الموسيقي من جهة أخرى، فكان على سبيل المثال أكثر حروف الروي استخدامًا في قصائده هو حرف الميم، وهو حرف يكثر استعماله في القصائد الجاهلية، ومما يرد عنه في الدراسات أنه يحمل دلالة الوصف والخبر، وهذا ما كان في قصائد علقمة المبنية على روي الميم، فقد كان يصف فيها المحبوبة، وينقل فيها أخبار الحياة الجاهلية.[٣]
مفضلية علقمة الفحل
إنّ المفضليات حظيت بمكانة عظيمة على مدى عصور طويلة، واهتم بها الأدباء والنقاد اهتمامًا كبيرًا، وإحدى هذه المفضليات هي مفضلية علقمة الفحل، والتي كتبها في مدح الحارث بن أبي شمر الغساني عندما أسر أخا علقمة الفحل واسمه شأس، وكانت هذه المفضيلة قد بنيت وفق تسلسل كان مشهورًا في القصائد الجاهلية، إذ بدأها بالنسيب والغزل، واصفًا صاحبته واسمها نعمة، ومن ثم يبدأ باستعراض تجاربه وخبرته بالنساء وحيلهن، وكيفية التعامل معهن، وبعدها يبين مدى إعجابه بالشباب والغنى والجاه والمال، ولما كانت رحلته إلى الحارث على ظهر الناقة كان لا بد من أن يصف الناقة، ويسرد تفاصيل رحلته وما فيها من صعوبات وعثرات، وبعدها يبدأ الحديث عن الحارث وعن عطاءاته، وأنه لا يخيب الرجاء به كغيره من الملوك، ويشيد بمواقفه في الحروب، وما ألحقه من ضرر وهزائم بأعدائه وغلبته عليهم، واصفًا في سبيل ذلك فرس الحارث وسلاحه وجيشه، وبعد كل هذه المقدمات ينتقل إلى غرضه الأساسي وهو إطلاق سراح شأس، وعندما سمع الحارث هذه المفضلية أمر بإطلاق سراح شأس، وكل أسرى بني تميم الموجودين عنده، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على ما يتمتع به علقمة الفحل من قدرة على نظم الشعر بلغة جزلة قوية، يتمكن من خلالها عرض موهبته الشعرية الفذة، وإقناع السامع، والتأثير على عقله بأسلوب مميز وفريد.[٤]
قصائد علقمة الفحل
إن الشاعر علقمة الفحل ترك مجموعة من القصائد التي تُعد من مفاخر الشعر العربي في الجاهلية، وما زالت إلى يوم الناس هذا موضوع دراسة وبحث وقراءة ونقد، وذلك لمختلف الدارسين والباحثين والمؤرخين، ولعل ذلك لما في موضوعاتها من وصف للحياة الجاهلية، وتاريخ الحروب، والملوك وأفعالهم، والمواضيع المختلفة من الفخر والمدح والهجاء والغزل والوصف والرثاء، وكل قصائد علقمة الفحل مجموعة في ديوان واحد، وفي أغلب المصادر يُعثر على قصائد علقمة الفحل معنونةً حسب البيت الأول من القصيدة، والقصائد التي تركها علقمة الفحل هي:[٥]
- طحا بك قلب في الحسان طروب
- هل ما علمت وما استودعت مكتوم
- ذهبت من الهجران في غير مذهب
- دافعت عنه بشعري
- تراءت وأستار من البيت دونها
- ود نفير للمكاور أنهم
- وأخي محافظة طليق وجهه
- ومولى كمولى الزبرقان دملته
- وشامت بي لا تخفى عداوته
- وفي الحي بيضاء العوارض ثوبها
- قديديمة التجريب والحلم
- سماوته أسمال برد محبر
- ودوية لا يهتدى لفلاتها
- ويلم لذات الشباب معيشة
- للماء والنار في قلبي وفي كبدي
- ونحن جلبنا من ضرية خيلنا
- أمسى بنو نهشل نيان دونهم
- كأن ابنة الزيدي يوم لقيتها
- وهل أسوى براقش حين أسوى
- لحى الله دهرا ذعذع المال كله
- يطفو إذا ما تلقته العقاقيل
- وفي ذكرها عند الأنيس خمول
- كأن أعينها فيها الحواجيل
- من رجل أحبوه وناقتي
- فارس ما غادروه ملحما
- بمثلها تقطع الموماة عن عرض
- وفي الشمال من الشريان مطعمة
اقتباسات علقمة الفحل
إن القصائد التي كانت تُنظم في العصر الجاهلي مشهورة بطولها، وكثرة عدد أبياتها، وتنوع الموضوعات في القصيدة الواحدة، إلا أن من كل قصيدة تبقى بعض الأبيات لها طابع خاص، وأثر خاص على النفس، ولعل هذه الأبيات بعينها هي التي تزيد من شهرة القصيدة وقائلها، وإن قصائد علقمة الفحل كلها تزخر بأبيات فريدة بمعانيها وألفاظها ودلالتها، ومن أشهر هذه الأبيات وأكثرها دورانًا على ألسنة الناس:
- يقول علقمة الفحل في مروية له:[٦]
للماءِ والنَّارِ في قَلبي وفي كَبِدي
- من قِسمة الشَّوق ساعورٌ وناعورُ.
- ويقول علقمة الفحل في مروية أخرى له:[٧]
طَحَا بكَ قَلبٌ في الحِسان طروبُ
- بُعيْد الشَّبابِ عصرَ حانَ مشيبُ.
- ويقول علقمة الفحل في مروية له أيضًا:[٧]
تُكلِّفُني ليلَى وَقد شَطَّ ولْيُها
- وعادتْ عوادٍ بينَنا وخُطُوبُ.
- ويقول علقمة الفحل في مروية له كذلك:[٧]
فإنْ تَسألوني بالنِّساء فإنَّني
- بصيرٌ بأدواءِ النِّساء طبيبُ.
- ويقول علقمة الفحل في مروية له:[٧]
إذا شاب رأسُ المَرْءِ أو قَلَّ مالهُ
- فليس له من وُدِّهِنَّ نصيبُ.
- ويقول علقمة الفحل في مروية له:[٨]
حتى تذكّر بيضات وهيّجه
- يوم رذاذ عليه الريح مغيومُ.
المراجع
- ↑ "علقمة الفحل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-13. بتصرّف.
- ↑ إيهاب مجيد محمود جراد، علقمة الفحل بين دارسيه قديما وحديثا، صفحة 17-18. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ابتسام دهينة ، بنية الخطاب الشعري في ديوان علقمة بن عبده الفحل : دراسة بنيوية اسلوبية، صفحة 28-29-30. بتصرّف.
- ↑ "مفضلية علقمة الفحل"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-13. بتصرّف.
- ↑ "علقمة الفحل"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-13. بتصرّف.
- ↑ "علقمة الفحل"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-13.
- ^ أ ب ت ث "علقمة الفحل"، al-hakawati.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-13.
- ↑ "علقمة الفحل"، مجلة الفيصل، 1982-11-01، العدد 67، صفحة 80.