محتويات
تطور مفهوم الأدب
تطوّر الأدب بتطور حياة الأمة العربيَّة، وبمرور تاريخ الأدب العربي من حيث انتقالها من البداوة إلى الحضارة، واختلف العلماء في توضيح معنى الأدب، مما جعل للأدب معانيَ متعددة منها: دعوة الناس إلى مأدبة الطعام، ومنها تعليم النفس وتهذيبها، والسلوك الحسن، والكلام الحكيم الذي يحمل الحكمة والموعظة، فكان الأدب هو كل كلام مألوف سواء كان شعرًا أم نثرًا، والأدب عامة هو كلام إنشائيّ بليغ يقصد به التأثير في عواطف القراء والسامعين، فكانت الكتب التي تحمل في طياتها فِكر الحكمة والموعظة تسمى بكُتب الأدب العربي، ومن ذلك كتاب النباهة والاستحمار للمؤلف علي شريعتي، وفي عنوان الكتاب يظهر أنه يحمل على مقارنة بين متضادين، وفي هذه المقارنة يكمن النصح والإرشاد.[١]
علي شريعتي
علي شريعتي هو أديب ومفكر وعالم اجتماعي، إضافة إلى أنّه ثوري، فارسيّ العِرق، وهو من أكثر المفكرين الإيرانيّين تأثيرًا في القرن العشرين، كان أغلب اهتمامات شريعتي بعِلم اجتماع الأديان، وُلد عام 1933م قُرب مدينة مشهد، تخرج من كلية الآداب عام 1955، وأكمل دراسته في فرنسا عام 1959م، فحصل على شهادتي دكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، وفي سفره إلى لندن اغتيل هناك عام 1977م، على يد مخابرات الشاه، يُعدّ علي شريعتي نموذج فريد من مفكري إيران، ومن جهوده أنه بيَّن آلية المزج في الموروث الشعري الروائي ما بين السلطة الإيرانيَّة الساسانيَّة والنبوة الإسلاميَّة، أما عن آراءه فقد كان شيعيًا متعصبًا، فعمل على صبغ الشعائر والطقوس الحسينية بالصبغة الإيرانيَّة، حيث أدخل الملالي عليها بعض التعديلات في سبيل أن توافق الذوق الشعبي الإيراني، إلا أن لغة هذه الطقوس فهي لغة التصوف وأعمال الدراويش، بيد أنه جعلها موائمة للأعراف والتقاليد المذهبيَّة والوطنيَّة في إيران.[٢]
مؤلفات علي شريعتي
لقد كان علي شريعتي مؤلفًا مشهورًا، وكاتبًا معروفًا بزخامة ما كتب، وله مؤلفات كثيرة حملت فكره وآراءه، وعبرت عن شخصيته وأفكاره، ومدت كل قارئ بما يحتاج من عِلم وفِكر، فكان كتابه مسؤوليَّة مثقف هو من أهم الركائز الأساسيَّة التي ألفها علي شريعتي وانطلق منها، حبث كانت فكرة الكتاب تقارن بين المثقف الأصلي والمثقف المقلد، ويوضح علي شريعتي ضرورة دور المثقف، ومن مؤلفاته أيضًا كتاب التشيع الصفوي والتشيع العلوي، ففي كتابه هذا استخدم علي شريعتي أدواته الفكريَّة والأكاديميَّة والمعرفيَّة في تفنيد ما سماه بالتشيع الصفوي أي التشيع المستعار الذي خدم سلطة الدولة الصفويَّة في مواجهة المد العثماني، ومن مؤلفاته أيضًا كتاب مسؤوليَّة المرأة، وبناء الذات الثوريَّة، والإنسان والإسلام، ودين ضد دين، وكتاب تاريخ ومعرفة الأديان، وكتاب النباهة والاستحمار، والكثير من المؤلفات الأخرى، التي انقسمت لأكثر من جزء، فكانت تلك المؤلفات تتراوح في طولها، كما تتراوح في تناول موضوعاتها.[٣]
مفهوم النباهة والاستحمار
جاء كتاب النباهة والاستحمار بعنوان يحمل نوعًا من المقابلة، أي بين كلمتين متضادتين فلكل منهما معنى عكس الآخر تمامًا وفي توضيح هذه المعاني فكلمة النباهة مأخوذة من نَبَهَ أي شرف واشتهر ويُقال هو نابه ونبيه، ونَبِهَ أي فطن له ووعى، ويقال: أنبَهَه من النوم أي أيقظه، وانتبه للأمر أي فطن له، واستنبه أي صار نبيهًا، والنابه هو الشريف وذوالذكر الحسن، ويُقال رجل منبوه الاسم أي معروف، أما كلمة استحمار فهي من أصل حَمِرَ أي الفرس ونحوه من مثل الحمار والذي هو حيوان داجن يستخدم للحمل والركوب، ومصدر الاستحمار أي صار حمارًا وفي ذلك مشابهة بين متقابلين، فأصبحت الكلمة تعبيرًا عندما يعتقد البعض أن الآخرون حميرًا، وذلك ما يجعلهم يأتون بأفعال ساذجة ويتخلون عن النباهة في التعامل، تلك الأفعال التي تطمح إلى التضليل والخداع ومن هنا جاء تعبير استحمار، أي معاملة الآخر وكأنه حمار.[٤]
نبذة عن كتاب النباهة والاستحمار
كتاب النباهة والاستحمار وهو أشهر مؤلفات علي شريعتي، وهو تعميق لطرحه لبعض القضايا في كتابه مسؤولية مثقف، حيث إنه توسع في القضيَّة الثقافيَّة التي تُطرح بطابع اجتماعي، تلك القضيَّة التي تؤدي إلى تقدم المجتمع وحل مشاكله المستعصيَّة، أو قد تؤدي إلى فقدان الأوليّة والدافع الاجتماعي، وذلك كله يعتمد على طريقة الطرح، ويبرز مصطلح الاستحمار ذلك حيث أنه مضاد للفطنة والنباهة، فالنباهة هي الصفة التي تجعل المجتمع كيانًا مستعصيًا على الاستبداد والاستعمار، وحين تختفي صفة النباهة يظهر الاستحمار والذي هو يُهيئ الطقوس لنشوء الاستبداد ودمار المجتمع، فالاستحمار هو المصطلح الذي يُعبّر عن سياسة أو نمط تاريخي يتم استخدامه لصرف المثقف والذات الثوريّة عن التفاعل مع المجتمع وقضاياه، وينطلق هذا الاستحمار من أرضيَّة أخلاقيَّة، أي أنه يطرح قضايا أخلاقيَّة ودينيَّة ولكنها ليست ذات أولويَّة اجتماعيَّة تلك الدعوة التي تنطوي على شر كامن، وفي ذلك كأنما يقول لك أحدهم قم إلى الصلاة بينما الأرض تهب بالحريق، وبذلك شرح علي الشريعتي في كتاب النباهة والاستحمار تلك القضايا ووضح دور المثقف الصائب في تجنب الاستحمار وفي اكتسابه للنباهة.[٣]
اقتباسات من كتاب النباهة والاستحمار
يعرض كتاب النباهة والاستحمار القضيَّة الثقافيَّة، تلك القضيَّة التي تنهض بالمجتمع وبالدولة ككل، فقارن الكتاب بين المثقف النبيه، والمثقف المستحمر، فقدَّم الأمثلة التي توضح مصير المجتمع الذي يقوده مثقف نبيه، والمجتمع الذي يقوده مثقف مستحمر، ومن الاقتباسات التي جاءت في كتاب النباهة والاستحمار ما يأتي:[٥]
- إن المجتمع الذي يرتبط بهدف عالٍ، بعقيدة وإيمان، يتفوق على كل قدرة حتى ولو كانت القوة التي تسيطر على المنظومة الشمسيَّة، وإن مجتمعًا كهذا ستكون له بعد عشر سنين أو خمس عشرة سنة حضارة، كما ستكون له صناعة.
- لا أريد أن أنصح أخلاقيًا؛ فالإنسان يمضي ليصير إلى الفناء، أما قيمة الإنسانيَّة فتزداد دمارًا بمرور الأيام.
- نحن لا نستقيم إلا بعد ان تعلونا يد قويَّة، أو يظلل علينا بسوطٍ قاسٍ.
- إن الشيء الذي يدفعني إلى نفسي، ويدعوني دائمًا من خارج هذه المشاغل، التي غالبًا ما تجعلني ضحية لها، هو النباهة الفرديَّة، أو النباهة النفسيَّة.
- نحتاج إلى جيل يرفض الشكل القديم للحياة، وينكره، ذي فكر جديد، لكن، بالقدر المعتاد لا أكثر.
المراجع
- ↑ "الأدب العربي"، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "علي شريعتي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "5 كتب للمفكر «علي شريعتي» تفتح لك آفاقًا فكرية جديدة"، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم أنيس- عبد الحليم منتصر- عطية الصوالحي- محمد خلف الله أحمد (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 196- 899، جزء الأول. بتصرّف.
- ↑ علي شريعتي (1984)، النباهة والاستحمار (الطبعة الأولى)، بيروت: الدار العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 10-36. بتصرّف.