نبذة عن معن بن أوس

كتابة:
نبذة عن معن بن أوس

من هو معن بن أوس؟

هو معن بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد بن أسحم بن ربيعة بن عداء بن ثعلبة بن عمرو بن أدّ بن إلياس بن مضر، شاعرٌ فحلٌ من المخضرمين أدرك الجاهليّة والإسلام وأسلم وصار من الصحابة الكرام رضي الله عنه وعنهم، له أشعارٌ في مديح الصحابة.

عُمِّرَ طويلًا حتى أدرك الحرب بين الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- ومروان بن الحكم، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة،[١] له أخبارٌ كثيرةٌ مع أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه،

وكان يتردّد كثيرًا على عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنهم- فكانا يبالغان في إكرامه، وقد كُفَّ بصره في آخر أيّامه،[٢] ولم يُوقف على تاريخ ولادته ولكنّه توفي في نحو 64هـ، وسيقف المقال فيما يلي مع حديث على حياة معن بن أوس وشعره.[٣]

كيف كانت حياة معن بن أوس؟

عُرف معن بن أوس بنضوج الرأي فقد كان يُقدِّر الشرف ويُدافع بحماسة عن أسرته وقبيلته، وإذا خاصم يحترم خصمه فلا يهجوه بغير كلمات التهكُّم المرّ، ويمتنع عن كلمات السِّباب في هجائه، وقد كان أيضًا على قدرٍ من الحِلم والكرم والاستقامة وكان شعره مرآةً تعكس أخلاقه.[٤]

امتلك معن بن أوس ضيعةً صغيرةً مليئةً بالنخل ورثها عن أبيه، وقد احتوت -بالإضافة إلى الغنم والمعز- الإبل، وكان يذكرها في شعره في موضع فخره بإيواء الغريب وسداد ديون القريب، ولكنَّه في بعض الأحيان كان يمر بظروف صعبةً وذلك لاغتصاب أقاربه جزءاً من أراضيه عند سفره فكان يُضطرُّ إلى طلب المساعدة من الغرباء لحماية ملكه، وكان في أحيانٍ أخرى يستمتع بثروةٍ كبيرةٍ.[٥]

كيف كانت منزلة معن بن أوس عند أهل الأدب؟

كان أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- يقول إنّ أشعر شعراء الجاهليّة زهير بن أبي سُلمى، وأشعر شعراء الإسلام ابنه كعب بن زهير ومعن بن أوس، كان يرتحل كثيرًا إلى الشام والبصرة، وكان يفِد على معاوية بن أبي سفيان حين كان خليفةً في الشام، فمرة وفد على معاوية -رضي الله عنه- وهو في الشام فطلب منه أن ينشده شيئًا من 7شعره، فأنشده لاميّته التي مطلعها:

فو الله ما أدري وإنّي لأَوجَلُ على أيّنا تغدو المنيةُ أوَّلُ

فقال له أمير المؤمنين: "أنشدنيها عبد الله بن الزبير"، فقال ابن أوس: "اشتركنا فيها يا أمير المؤمنين، عقدت القوافي وحشا فيها الكلام"، فضحك معاوية من جوابه، وحين سافر إلى الشام خلف وراءه ابنته في جوار أم سلمة أم المؤمنين وعاصم بن عمر بن الخطاب وعمر بن أبي سلمة، فلامه بعض أبناء عشيرته فين خلّف بنته، فقال لهم -شِعرًا- فيما معناه إنّه قد خلّفها في جوار خير البشر في ذلك الحين.[٦]

ويُروى أنّ عبد الملك قد قال عنه يومًا إنّه أشعر الشعراء، وقد قدّمه في ذلك المجلس على زهير بن أبي سُلمى والنابغة الذبياني وامرئ القيس وطرفة ولبيد، والأخبار عن حياة معن بن أوس قليلة منثورة في الكتب التي ترجمت له، وتراجمه قصيرة في الكتب.[٦]

أشهر أشعار معن بن أوس

كتب معن بن أوس قصائدَ كثيرةً، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرزها:

قصيدة: لعمرك ما أدري وإني لأوجل

لعَمْرُكَ ما أَدري وَإِنّي لأَوجَلُ

عَلى أَيِّنا تَغدو المَنِيَةِ أَوَّلُ

وَإِنّي أَخوكَ الدائَمُ العَهدِ لَم أَحُلُ

إِنَّ إبزاكَ خَصمٌ أَو نَبابِكَ مَنزِلُ

أُحارِبُ مَن حارَبتَ مِن ذي عَداوَةٍ

وَأِحبِسُ مالي إِن غَرِمتَ فأَعقِلُ

وَإِن سُؤتَني يَوماً صَفَحتُ اِلى غَدٍ

لِيُعقِبَ يَومٌ مِنكَ آخِرُ مُقبِلُ

كَأَنَّكَ تَشفي مِنكَ داءً مَساءَتي

وَسُخطي وَما في رَيبَتي ما تَعَجَّلُ

لَحى اللَهُ مَن ساوى أَخاهُ بِعِرسِهِ

وَخَدَّعَهُ حاشاكَ إِن كُنتَ تَفعَلُ

وَإِنّي عَلى أشياءَ مِنكَ تريبُني

قَديماً لَذو صَفحٍ عَلى ذاكَ مُجمِلُ

سَتَقطَعُ في الدُنيا إِذا ما قَطَعتَني

يَمينكَ فَانظُر أَيَّ كَفٍّ تَبَدَّلُ

إِذا أَنتَ لَم تُنصِف أَخاكَ وَجَدتَهُ

عَلى طَرَفِ الهِجرانِ إِن كانَ يَعقِلُ

وَيَركَبُ حَدَّ السَيفِ مِن أَن تَضيمَهُ

إِذا لَم يَكُن عَن شَفرَةِ السَيفِ مَزحَلُ

وَكُنتُ إِذا ما صاحِبي رامَ ظِنّتي

وَبَدَّلَ سُوءاً بِالَّذي كُنتُ أَفعَلُ

قَلَبتُ لَهُ ظَهرَ المِجَنِّ وَلَم أَدُم

عَلى ذاكَ إِلّا رَيثَ ما أَتَحَوَّل

وَفي الناسِ إِن رَثَّت حِبالُكَ واصِلٌ

وَفي الأَرضِ عَن دارِ القِلى مُتَحَوَّلُ

فَلا تَغضَبنَّ قَد تُستَعارُ ظَعينَةٌ

وَتُرسِلُ أُخرى كُلَ ذَلِكَ يَفعَلُ

إِذا اِنصَرَفَت نَفسي عَن الشَيءِ لَم تَكَد

عَلَيهِ بِوَجهٍ آخِرَ الدَهرِ تُقبِلُ[٧]

قصيدة: باتت قلوصي بالحجاز مناخة

باتَت قَلوصي بِالحِجازِ مُناخَةً

إِذا سَمِعَت صَوتَ المُهَرِّجِ راعَها

إِذا ما حَبَت مِن آخِرِ اللَيلِ حَبوَةً

ضَرَبتُ بِمَلوِيٍّ مِن اخرَى ذِراعَها

وَقَد عَلِمَت نَخلي بِأَحوَسَ أَنَّني

أَقِلُّ وَإِن كانَت تِلادي اِطِّلاعَها

سَأُرضي أَبا بِشرٍ بِها وَاِبنَ مُحجَنٍ

هُما يَعلَمانِ دَرءَها وَرُداعَها

وَما إِن تَحِلُّ لِامرِئٍ ذي قَرابَةٍ

تِلادُ اِبنِ عَمٍّ أَن يَكونَ أَضاعَها

هِيَ المالُ إِلّا قِلَّةَ وَسنطَها

فَمَن ضَنَّ قاساها وَمَن مَلَّ باعَها

وَكانَت متى تَهوى مِنَ الأَرضِ تَلعَةً

عَصَت رَبَّها في أَمرِها وَأَطاعَها[٨]

قصيدة: أعاذل هل يأتي القبائلَ حظُّها

أَعاذِل هَل يَأتي القَبائِلَ حَظُّها

مِنَ المَوتِ أَم أَخلى لَنا المَوتُ وَحدَنا

أَعاذِل مَن يَحتَلُّ فَيفاً وَفَيحَةً

وَثَورًا وَمَن يَحمي المَكابِلَ بَعدَنا

أَعاذِل خَفَّ الحَيُّ مَن أَكَمِ القُرى

وَجَزعُ الصُعَيبِ أَهلُهُ قَد تَظَعَّنا

فَما بَرِحَ المَغرورُ حَتّى اشتَرَيتُها

مَجاليحَ سُكّاً مِن بَهيمٍ وَأَعيَنا

لَها مُورَةٌ عِندَ الشِتاءِ وَسَورَةٌ

تَسُرُّكَ إِن نَوء الذِراعَينِ أَدجَنا

وَلَم تُخلِدِ الكَومُ الكِرامُ مُسافِعاً

وَلَم تَحفِلِ الأُدمُ المُقيمَةُ مِحجَنا

أَعاذِل كانا جُنَّةً يُتَّقى بِها

وَرُمحي طِعانٍ يَمنَعانِ حِمّى لَنا[٩]

قصيدة: وليلى حبيب في بغيض مجاذب

ولَيلى حَبيب في بَغيضٍ مُجاذِبٍ

فَلا أَنتَ نائِيَهُ وَلا أَنتَ نائِلُه

فَدَع عَنكَ لَيلى قَد تَوَّلَت بِنَفعِها

وَمِن أَينَ مَعروفٌ لِمَن أَنتَ قائِلُه

لِآَلِ الشَريدِ إِذ اَصابوا لِقاحَنا

بِبَيضانَ وَالمَعروف يحمَدُ فاعِلُه

تَجُرُّ بِرَوضاتٍ الإشاءَةِ أَرحُلاً

رَمَتها أَنابيشُ السَفا وَنُواصِلُه

أَبَت إِبلي ماءَ الحِياضِ بِأَرضِها

وَما شَنَّها مِن جارِ سَوءٍ تُزايلُه

لَها مَورِدٌ بِالقَريَتَينِ وَمَصدَرٌ

لِفَوتِ فَلاةٍ لا تَزالُ تَنازلُه

عَلَيهِ شَريبٌ ليِّنٌ وَادِعُ العَصا

يُساجِلُها جُمّاتِهِ وَتُساجِلُه[١٠]

قصيدة: تضمّنت بالأحساب ثم كفيتها

تَضَمَّنتُ بِالأَحسابِ ثُمَّ كَفَيتُها

وَهَل تُوكَلُ الأَحسابُ إِلّا إلى مِثلي

وإِن يَجنِ قَومي الحَربَ يَوماً كَفَيتُها

وَما أَنا بِالجاني وَلا هِيَ مِن أَجلي

أُمِرُّ وَأُحلي وَالحَياءُ خَليقَتي

وَلا خَيرَ في مَن لا يُمِرُّ وَلا يُحلي

أَجودُ بِمالي دونَ عِرضي وَمَن يُرِد

رَزِيَّةَ عِرضي يَعتَرِضُ دونَهُ بُخلي

وَما أَنا بِالأَعشى لِيَظلِمَ قَومَهُ

أَخافُ مَليكي أَو سَيَحبِسُني

عَجِبتُ لِأَقوامٍ تَمَنّوا لِيَ الرَدى

بِلا تِرَةٍ كانَت وَدَلاهُمُ خَتلي

فَاِن تُنسِني الآجالُ نَفسي حِمامَها

فَاِنَّ وَرائي أَن يُفَنِّدَني أَهلي

وَأَصبَحَ هادِيَّ العَصا حينَ أَغتَدي

وَيُسلِمُني مِن بَعدِ حِكمَتِهِ عَقلي

وَيَأَمَنُ أَعدائي شَذاتي وَلَم أَكُن

لِأَرأَمَ ذُلاً ما هَدَت قَدَمى نَعلي

وَإِنّي أَخوهُم عِندَ كُلِّ مُلِمَّةٍ

إِذا مِتُّ لَم يَلقوا أَخاً لَهُمُ عِدلي

تَجودُ لَهُم كَفّي بِما مَلَكَت يَدَي

وَقُمتُ بِلا فُحشٍ عَلَيهِمُ وَلا بُخلِ

وَأَورَهَ مِنهُم قَد تَعَدَّيتُ جَهلَهُ

وَلَو شِئتُ جَرَّ الحَبلَ عَن وَجهِهِ حَملي[١١]

المراجع

  1. عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، صفحة 243. بتصرّف.
  2. "معن بن أوس"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-15. بتصرّف.
  3. الخطيب، معجم المؤلفين الشعراء، صفحة 500. بتصرّف.
  4. كمال مصطفى ، معن بن أوس، صفحة 4. بتصرّف.
  5. كمال مصطفى ، معن بن أوس، صفحة 5-6. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 145. بتصرّف.
  7. "لعمرك ما أدري وإني لأوجل"، الديوان .
  8. "باتت قلوصي بالحجاز مناخة"، الديوان .
  9. "أعاذل هل يأتي القبائل حظها"، الديوان.
  10. "وليلى حبيب في بغيض مجاذب"، الديوان .
  11. "تضمنت بالأحساب ثم كفيتها"، الديوان .
6617 مشاهدة
للأعلى للسفل
×